البلوشي
11-27-2013, 01:19 AM
تلبيس إبليس على الخوارج
يقول ابن الجوزي رحمه الله ذاما الخوارج ومحذرا من طريقتهم : أول الخوارج وأقبحهم حالة ذو الخويصرة، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : بعث علي رضي الله عنه من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذهبة في أديم مقروظ لم تخلص من ترابها ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة . . . بين زيد الخيل والأقرع وحابس وعينية بن حصن وعلقمة بن علاثة أو عامر بن الطفيل - شك الرواي - فوجد من ذلك بعض اصحابه والأنصار وغيرهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء )) ، ثم أتاه رجل غائر العينمين ، مشرف الوجنيتين ، ناتئ الجبهة ، كث اللحية ، مشمر الأزار ، محلوق الرأس ، فقال : ( اتق الله يا رسول الله ! ) ، فرفع راسه إليه ، فقال : (( ويحك أليس أحق الناس أن يتقي الله أنا )) ثم ادبر ، فقال خالد رضي الله عنه : ( يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فلعله يكون يصلي )) فقال : ( رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم )) ، ثم نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقف ، فقال : (( انه سيخرج من ضئضئ هذا قوم يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية )) .
هذا الرجل يقال له ذو الخويصرة التميمي ، وفي لفظ أنه قال له : ( إعدل ) فقال صلى الله عليه وسلم : (( ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل )) . فهذا أول خارجي في الإسلام ، وآفته انه رضي برأي نفسه ، ولو وقف لعلم انه لا رأي فوق رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأتباع هذا الرجل هم الذين قاتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وذلك انه لما طالت الحرب بين معاوية وعلي رضي الله عنهما ، رفع اصحاب معاوية رضي الله عنه المصاحف ، ودعوا علي رضي الله عنه إلى ما فيها ، وقال : ( تبعثون رجلا منكم ونبعث رجلا منا ، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله عز وجل ) ، فقال الناس : قد رضينا ، فبعثوا عمروا بن العاص رضي الله عنه ، فقال أصحاب علي : ابعث أبا موسى رضي الله عنه ، فقال علي : ( لا أرى أن أولي أبا موسى ، هذا ابن عباس ) ، قالوا : لا نريد رجلا منك ، فبعث أبا موسى رضي الله عنه ، وأخر القضاء إلى رمضان ، فقال عروة بن اذينة : ( تحكمون في أمر الله الرجال ، لا حكم إلا لله ) ، ورجع علي من صفين فدخل الكوفة ، ولم تدخل معه الخوارج ، فأتوا حروراء ، فنزل بها منهم إثنا عشر ألفا ، وقالوا : لا حكم إلا لله - وكان ذلك أول ظهورهم - ونادى مناديهم : أن أمير القتال شبيب بن ربعي التميمي ، وأمير الصلاة عبد الله بن الكوا اليشكري .
وكانت الخوارج تتعبد ، إلا أن إعتقادهم أنهم أعلم من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهذا مرض صعب .
وعن سماك بن رميل، قال : قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : إنه لما اعتزلت الخوارج ودخلوا دارا وهم ستة آلاف ، وأجمعوا على أن يخرجوا على علي ابن ابي طالب ، فكان لا يزال يجيء إنسان فيقول : يا أمير المؤمنين إن القوم خارجون عليك ، فيقول : ( دعوهم ، فاني لا أقاتلهم حتى يقاتلوني ، وسوف يفعلون ) ، فلما كان ذات يوم أتيته قبل صلاة الظهر فقلت له : ( يا أمير المؤمنين ابرد بالصلاة ، لعلي أدخل على هؤلاء القوم فاكلمهم ) ، فقال : ( إني أخاف عليك ) ، فقلت : ( كلا ) - وكنت رجلا حسن الخلق لا أؤذي أحدا - فأذن لي ، فلبست حلة من أحسن ما يكون من اليمن ، وترجلت ، فدخلت عليهم نصف النهار ، فدخلت على قوم لم أر قط اشد منهم اجتهادا ، جباههم قرحة من السجود ، وأيديهم كأنها ثفن الإبل ، وعليهم قمص مرحضة، مشمرين، مسهمة وجوههم من السهر ، فسلمت عليهم ، فقالوا : مرحبا بابن عباس ، ما جاء بك ؟ فقلت : ( أتيتكم من عند المهاجرين والأنصار ، ومن عند صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأويله منكم ) ، فقالت طائفة منهم : لا تخاصموا قريشا فان الله عز وجل يقول : { بل هم قوم خصمون } ، فقال إثنان أو ثلاثه لنكلمنه، فقلت : ( هاتوا ما نقمتم على صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ، وعليهم نزل وليس فيكم منهم أحد ، وهم اعلم بتأويله ) ، قالوا : ثلاثا ، قلت : ( هاتوا ) ، قالوا : أما أحداهن فانه حكم الرجال في أمر الله ، وقد قال الله عز وجل : { إن الحكم إلا لله } فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عز وجل ؟ فقلت : ( هذه واحدة ، وماذا ؟ ) قالوا : وأما الثانية ، فانه قاتل وقتل ولم يسب ولم يغنم ، فإن كانوا مؤمنين فلم حل لنا قتالهم ولم يحل لنا سبيهم ؟ ، قلت : ( وما الثالثة ؟ ) ، قالوا : فانه محا عن نفسه أمير المؤمنين ، فإنه إن لم يكن أمير المؤمنين فانه لأمير الكافرين ) ، قلت : ( هل عندكم غير هذا ؟ ) قالوا : كفانا هذا ، قالت لهم : ( أما قولكم حكم الرجال في أمر الله ، أنا أقرأ عليكم في كتاب الله ما ينقض هذا ، فإذا نقض قولكم أترجعون ؟ ) ، قالوا : نعم ، قلت : ( فان الله قد صير من حكمه إلى الرجال في ربع درهم ثمن أرنب - وتلى هذه الآية : { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم . . . إلى آخر الآية } ، وفي المرأة وزوجها { وأن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها . . . إلى آخر الآية } - فنا شدتكم بالله هل تعلمون حكم الرجال في إصلاح ذات بينهم وفي حقن دماءهم أفضل أم حكمهم في أرنب وبضع امرأة ، فأيهما ترون أفضل ؟ ) ، قالوا : بل هذه ، قلت : ( خرجت من هذه ؟ ) ، قالوا : نعم ، قلت : ( وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فتسبون امكم عائشة رضي الله تعالى عنها ؟! فوالله لئن قلتم لنسبينها ونستحل منها ما نستحل من غيرها لقد خرجتم من الإسلام ، فأنتم بين ضلالتين ، لأن الله عز وجل قال : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } ، أخرجت من هذه ؟ ) ، قالوا : نعم ، قلت : ( وأما قولكم محا عن نفسه أمير المؤمنين ، فأنا آتيكم بمن ترضون ، ان النبي صلى الله عليه وسلم يو الحديبية صالح المشركين أبا سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو ، فقال لعلي رضي الله عنه : (( أكتب لهم كتابا )) ، فكتب لهم علي : هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله ، فقال المشركون : والله ما نعلم انك رسول الله ، لو نعلم انك رسول الله ما قاتلناك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم : (( انك تعلم أني رسول الله ، امح يا علي ، اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله )) ، فوالله لرسول اللله خير من علي، وقد محا نفسه ) ، فرجع منهم ألفان . . . وخرج سائرهم فقتلوا .
وعن جندب الأزدي ، قال : ( لما عدنا إلى الخوارج ونحن مع علي بن أبي طالب ، فانتهينا إلى معسكرهم ، فإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن ) .
وفي رواية أخرى : ان عليا رضي الله عنه لما حكم ، أتاه من الخوارج زرعة بن البرج الطائي وحرقوص بن زهير السعدي ، فدخلا عليه فقالا له : ( لا حكم إلا لله ) ، فقال علي : ( لا حكم إلا لله ) ، فقال له حرقوص : ( تب من خطيئتك وارجع عن قضيتنا ، واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقي ربنا ، ولئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله عز وجل لأقاتلنك أطلب بذلك وجه الله ) ، واجتمعت الخوارج في بيت عبد الله بن وهب الراسبي ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( ما ينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن وينسبون إلى حكم القرآن أن تكون هذه الدنيا التي إيثارها عناء آثر عنده من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول الحق ، فاخرجوا بنا ) … وكتبوا إلى علي رضي الله عنه : ( إنك لم تغضب لربك ، وإنما غضبت لنفسك ، فإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة ، نظرنا فيما بيننا وبينك ، وإلا فقد نابذناك على سواء ، والسلام ) ، ولقي الخوارج في طريقهم عبد الله بن خباب ، فقالوا : ( هل سمعت من أبيك حديثا تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ) قال : ( نعم ، سمعت أبي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، فإن أدركت فكن عبد الله المقتول ) ، قالوا : ( أنت سمعت هذا من أبيك تحدثه عن رسول الله ؟ ) ، قال : ( نعم ) ، فقدموه إلى شفير النهر ، فضربوا عنقه ، فسال دمه كأنه شراك نعل ، وبقروا بطن أم ولده عما في بطنها - وكانت حبلى - ونزلوا تحت نخل مواقير بنهروان ، فسقطت رطبة فأخذها أحدهم فقذف بها في فيه ، فقال أحدهم : ( أخذتها بغير حقها وبغير ثمنها ؟! ) فلفظها من فيه ، واخترط أحدهم سيفه فاخذ يهزه ، فمر به خنزير لأهل الذمة فضربه به يجربه ، فقالوا : ( هذا فساد في الأرض ) ، فلقي صاحب الخنزير فأرضاه في ثمنه ، فبعث إليهم علي رضي الله عنهم : ( اخرجوا إلينا قاتل عبد الله بن خباب ) ، فقالوا : ( كلنا قتله ) ، فناداهم ثلاثا ، كل ذلك يقولون هذا القول ، فقال علي رضي الله عنه لأصحابه : ( دونكم القوم ) ، فما لبثوا أن قتلوهم ، وكان وقت القتال يقول بعضهم لبعض : ( تهيأ للقاء الرب ، الرواح الرواح إلى الجنة ! ) ، وخرج على علي رضي الله عنه بعدهم جماعة منهم ، فبعث إليهم من قاتلهم ، ثم اجتمع عبد الرحمن بن ملجم بأصحابه وذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم ، وقالوا : ( والله ما قنعنا بالبقاء في الدنيا شيء بعد إخواننا الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم ، فلوا أنا شرينا أنفسنا لله ، والتمسنا غير هؤلاء الأئمة الضلال ، فثأرنا بهم إخواننا ، وأرحنا منهم العباد ) .
وروى محمد بن سعد عن أشياخ له : انتدب ثلاثة نفر من الخوارج - عبد الرحمن بن ملجم والبراك بن عبد الله وعمرو ابن بكر التميمي - فاجتمعوا بمكة وتعاهدوا وتعاقدوا لنقتلن الثلاثة - عليا ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم - ونريح العباد منهم ، فقال ابن ملجم : ( أنا لكم بعلي ) ، وقال البراك : ( انا لكم بمعاوية ) ، وقال عمرو : ( وأنا لكم بعمرو ) ، فتواثقوا ألا ينقض رجل منهم رجلا عن صاحبه ، فقدم ابن ملجم الكوفة ، فلما كانت الليلة التي عزم على قتل علي رضي الله عنه فيها خرج علي رضي الله عنه لصلاة الصبح ، فضربه فاصاب جبهته إلى قرنه ، ووصل إلى دماغه ، فقال علي : ( لا يفوتنكم الرجل ) ، فأخذ ، فقالت أم كلثوم : ( يا عدو الله قتلت امير المؤمنين باس ) ، قال : ( فلم تبكين إذن ؟ ) ، ثم قال : ( والله لقد سممته فإن أخلفني فأبعده الله وأسحقه ) ، فلما مات علي رضي الله عنه ، اخرج ابن ملجم ليقتل ، فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه ، فلم يجزع ولم يتكلم ، فكحل عينيه بسمار محمي ، فلم يجزع ، وجعل يقرأ : { اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق . . . حتى ختمها } وإن عينيه لتسيلان ، فعولج على قطع لسانه فجزع ، فقيل له : ( لم تجزع ؟ ) ، فقال : ( أكره أن أكون في الدنيا مواتا لا أذكر الله ) ، وكان رجلا أسمر في جبهته أثر السجود لعنة الله عليه .
ولما أراد الحسن رضي الله عنه أن يصالح معاوية رضي الله عنه ، خرج عليه من الخوارج الجراح بن سنان ، وقال : ( أشركت كما أشرك أبوك ) ، ثم طعنه في أصل فخذه .
وما زالت الخوارج تخرج على الأمراء ، ولهم مذاهب مختلفة .
وكان أصحاب نافع بن الأزرق يقولون : ( نحن مشركون ما دمنا في دار الشرك ، فإذا خرجنا فنحن مسلمون ! ) .
قالوا : ومخالفونا في المذهب مشركون ، ومرتكبوا الكبائر مشركون ، والقاعدون عن موافقتنا في القتال كفرة ، وأباح هؤلاء قتل النساء والصبيان من المسلمين ، وحكموا عليهم بالشرك .
وكان تجدة بن عامر الثقفي من القوم ، فخالف نافع بن الأزرق ، وقال بتحريم دماء المسلمين واموالهم ، وزعم أن أصحاب الذنوب من موافقيه يعذبون في غير نار جهنم ، وان جهنم لا يعذب بها إلا مخالفوه في مذهبه . وكان بعضهم يقول : لو أكل رجلا من مال يتيم فلسين وجبت له النار ، لأن الله عز وجل أوعد على ذلك النار .
ولهم قصص تطول ، ومذاهب عجيبة ، لم أر التطويل بذكرها ، ولكن المقصود النظر في حيل إبليس وتلبيسه على هؤلاء الحمقى الذين عملوا بواقعتهم ، واعتقدوا أن علي بن أبي طالب على خطأ والمهاجرين والأنصار على خطأ ، وأنهم على صواب ، واستحلوا دماء الأطفال ، ولم يستحلوا أكل ثمرة بغير ثمنها ، وتعبوا في العبادات وسهروا وجاعوا ! ، وجزع أبن ملجم عند قطع لسانه من فوات الذكر ، واستحل قتل علي رضي الله عنه ، ثم شهروا سيوفهم على المسلمين ! ، ولا أعجب من اقتناع هؤلاء بعلمهم واعتقادهم أنهم أعلم من علي رضي الله عنه ، فقد قال ذو الخويصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اعدل فما عدلت ! ) ، وما كان إبليس ليهتدي إلى هذه المخازي ، نعوذ بالله من الخذلان .
وعن محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، وأعمالكم مع أعمالهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية )) ، أخرجاه في الصحيحين .
وعن عبد بن أبي أوفى ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الخوارج كلاب أهل النار )) .
فصل :
ومن رأي الخوارج أنه لا تختص الإمامة بشخص إلا أن يجتمع فيه العلم والزهد ، فإذا اجتمعا كان إماما نبطيا .
ومن رأي هؤلاء أحدث المعتزلة في التحسين والتقبيح إلى العقل ، وإن العدل ما يقتضيه .
ثم حدث القدرية في زمن الصحابة ، وصار معبد الجهمي وغيلان الدمشقي والجعد بن درهم إلى القول بالقدر .
ونسج على منوال معبد الجهمي واصل بن عطاء ، وانضم إليه عمرو بن عبيد .
وفي ذلك الزمان حدثت سنة المرجئة ، حين قالوا : ( لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ) .
ثم طالعت المعتزلة - مثل أبي هذيل العلاف والجاحظ - كتب الفلاسفة في زمان المأمون ، واستخرجوا منها ما خلطوه بأوضاع الشرع مثل لفظ الجوهر والعرض والزمان والمكان والكون ، وأول مسالة اظهروها القول بخلق القرآن ، وحينئذ سمي هذا الفصل " علم الكلام " ، وتلت هذه مسائل الصفات مثل العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر . . .
يقول ابن الجوزي رحمه الله ذاما الخوارج ومحذرا من طريقتهم : أول الخوارج وأقبحهم حالة ذو الخويصرة، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : بعث علي رضي الله عنه من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذهبة في أديم مقروظ لم تخلص من ترابها ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة . . . بين زيد الخيل والأقرع وحابس وعينية بن حصن وعلقمة بن علاثة أو عامر بن الطفيل - شك الرواي - فوجد من ذلك بعض اصحابه والأنصار وغيرهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء )) ، ثم أتاه رجل غائر العينمين ، مشرف الوجنيتين ، ناتئ الجبهة ، كث اللحية ، مشمر الأزار ، محلوق الرأس ، فقال : ( اتق الله يا رسول الله ! ) ، فرفع راسه إليه ، فقال : (( ويحك أليس أحق الناس أن يتقي الله أنا )) ثم ادبر ، فقال خالد رضي الله عنه : ( يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فلعله يكون يصلي )) فقال : ( رب مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم )) ، ثم نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مقف ، فقال : (( انه سيخرج من ضئضئ هذا قوم يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية )) .
هذا الرجل يقال له ذو الخويصرة التميمي ، وفي لفظ أنه قال له : ( إعدل ) فقال صلى الله عليه وسلم : (( ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل )) . فهذا أول خارجي في الإسلام ، وآفته انه رضي برأي نفسه ، ولو وقف لعلم انه لا رأي فوق رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأتباع هذا الرجل هم الذين قاتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وذلك انه لما طالت الحرب بين معاوية وعلي رضي الله عنهما ، رفع اصحاب معاوية رضي الله عنه المصاحف ، ودعوا علي رضي الله عنه إلى ما فيها ، وقال : ( تبعثون رجلا منكم ونبعث رجلا منا ، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله عز وجل ) ، فقال الناس : قد رضينا ، فبعثوا عمروا بن العاص رضي الله عنه ، فقال أصحاب علي : ابعث أبا موسى رضي الله عنه ، فقال علي : ( لا أرى أن أولي أبا موسى ، هذا ابن عباس ) ، قالوا : لا نريد رجلا منك ، فبعث أبا موسى رضي الله عنه ، وأخر القضاء إلى رمضان ، فقال عروة بن اذينة : ( تحكمون في أمر الله الرجال ، لا حكم إلا لله ) ، ورجع علي من صفين فدخل الكوفة ، ولم تدخل معه الخوارج ، فأتوا حروراء ، فنزل بها منهم إثنا عشر ألفا ، وقالوا : لا حكم إلا لله - وكان ذلك أول ظهورهم - ونادى مناديهم : أن أمير القتال شبيب بن ربعي التميمي ، وأمير الصلاة عبد الله بن الكوا اليشكري .
وكانت الخوارج تتعبد ، إلا أن إعتقادهم أنهم أعلم من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهذا مرض صعب .
وعن سماك بن رميل، قال : قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : إنه لما اعتزلت الخوارج ودخلوا دارا وهم ستة آلاف ، وأجمعوا على أن يخرجوا على علي ابن ابي طالب ، فكان لا يزال يجيء إنسان فيقول : يا أمير المؤمنين إن القوم خارجون عليك ، فيقول : ( دعوهم ، فاني لا أقاتلهم حتى يقاتلوني ، وسوف يفعلون ) ، فلما كان ذات يوم أتيته قبل صلاة الظهر فقلت له : ( يا أمير المؤمنين ابرد بالصلاة ، لعلي أدخل على هؤلاء القوم فاكلمهم ) ، فقال : ( إني أخاف عليك ) ، فقلت : ( كلا ) - وكنت رجلا حسن الخلق لا أؤذي أحدا - فأذن لي ، فلبست حلة من أحسن ما يكون من اليمن ، وترجلت ، فدخلت عليهم نصف النهار ، فدخلت على قوم لم أر قط اشد منهم اجتهادا ، جباههم قرحة من السجود ، وأيديهم كأنها ثفن الإبل ، وعليهم قمص مرحضة، مشمرين، مسهمة وجوههم من السهر ، فسلمت عليهم ، فقالوا : مرحبا بابن عباس ، ما جاء بك ؟ فقلت : ( أتيتكم من عند المهاجرين والأنصار ، ومن عند صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأويله منكم ) ، فقالت طائفة منهم : لا تخاصموا قريشا فان الله عز وجل يقول : { بل هم قوم خصمون } ، فقال إثنان أو ثلاثه لنكلمنه، فقلت : ( هاتوا ما نقمتم على صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ، وعليهم نزل وليس فيكم منهم أحد ، وهم اعلم بتأويله ) ، قالوا : ثلاثا ، قلت : ( هاتوا ) ، قالوا : أما أحداهن فانه حكم الرجال في أمر الله ، وقد قال الله عز وجل : { إن الحكم إلا لله } فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عز وجل ؟ فقلت : ( هذه واحدة ، وماذا ؟ ) قالوا : وأما الثانية ، فانه قاتل وقتل ولم يسب ولم يغنم ، فإن كانوا مؤمنين فلم حل لنا قتالهم ولم يحل لنا سبيهم ؟ ، قلت : ( وما الثالثة ؟ ) ، قالوا : فانه محا عن نفسه أمير المؤمنين ، فإنه إن لم يكن أمير المؤمنين فانه لأمير الكافرين ) ، قلت : ( هل عندكم غير هذا ؟ ) قالوا : كفانا هذا ، قالت لهم : ( أما قولكم حكم الرجال في أمر الله ، أنا أقرأ عليكم في كتاب الله ما ينقض هذا ، فإذا نقض قولكم أترجعون ؟ ) ، قالوا : نعم ، قلت : ( فان الله قد صير من حكمه إلى الرجال في ربع درهم ثمن أرنب - وتلى هذه الآية : { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم . . . إلى آخر الآية } ، وفي المرأة وزوجها { وأن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها . . . إلى آخر الآية } - فنا شدتكم بالله هل تعلمون حكم الرجال في إصلاح ذات بينهم وفي حقن دماءهم أفضل أم حكمهم في أرنب وبضع امرأة ، فأيهما ترون أفضل ؟ ) ، قالوا : بل هذه ، قلت : ( خرجت من هذه ؟ ) ، قالوا : نعم ، قلت : ( وأما قولكم قاتل ولم يسب ولم يغنم ، فتسبون امكم عائشة رضي الله تعالى عنها ؟! فوالله لئن قلتم لنسبينها ونستحل منها ما نستحل من غيرها لقد خرجتم من الإسلام ، فأنتم بين ضلالتين ، لأن الله عز وجل قال : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } ، أخرجت من هذه ؟ ) ، قالوا : نعم ، قلت : ( وأما قولكم محا عن نفسه أمير المؤمنين ، فأنا آتيكم بمن ترضون ، ان النبي صلى الله عليه وسلم يو الحديبية صالح المشركين أبا سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو ، فقال لعلي رضي الله عنه : (( أكتب لهم كتابا )) ، فكتب لهم علي : هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله ، فقال المشركون : والله ما نعلم انك رسول الله ، لو نعلم انك رسول الله ما قاتلناك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم : (( انك تعلم أني رسول الله ، امح يا علي ، اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله )) ، فوالله لرسول اللله خير من علي، وقد محا نفسه ) ، فرجع منهم ألفان . . . وخرج سائرهم فقتلوا .
وعن جندب الأزدي ، قال : ( لما عدنا إلى الخوارج ونحن مع علي بن أبي طالب ، فانتهينا إلى معسكرهم ، فإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن ) .
وفي رواية أخرى : ان عليا رضي الله عنه لما حكم ، أتاه من الخوارج زرعة بن البرج الطائي وحرقوص بن زهير السعدي ، فدخلا عليه فقالا له : ( لا حكم إلا لله ) ، فقال علي : ( لا حكم إلا لله ) ، فقال له حرقوص : ( تب من خطيئتك وارجع عن قضيتنا ، واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقي ربنا ، ولئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله عز وجل لأقاتلنك أطلب بذلك وجه الله ) ، واجتمعت الخوارج في بيت عبد الله بن وهب الراسبي ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( ما ينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن وينسبون إلى حكم القرآن أن تكون هذه الدنيا التي إيثارها عناء آثر عنده من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقول الحق ، فاخرجوا بنا ) … وكتبوا إلى علي رضي الله عنه : ( إنك لم تغضب لربك ، وإنما غضبت لنفسك ، فإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة ، نظرنا فيما بيننا وبينك ، وإلا فقد نابذناك على سواء ، والسلام ) ، ولقي الخوارج في طريقهم عبد الله بن خباب ، فقالوا : ( هل سمعت من أبيك حديثا تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ) قال : ( نعم ، سمعت أبي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، فإن أدركت فكن عبد الله المقتول ) ، قالوا : ( أنت سمعت هذا من أبيك تحدثه عن رسول الله ؟ ) ، قال : ( نعم ) ، فقدموه إلى شفير النهر ، فضربوا عنقه ، فسال دمه كأنه شراك نعل ، وبقروا بطن أم ولده عما في بطنها - وكانت حبلى - ونزلوا تحت نخل مواقير بنهروان ، فسقطت رطبة فأخذها أحدهم فقذف بها في فيه ، فقال أحدهم : ( أخذتها بغير حقها وبغير ثمنها ؟! ) فلفظها من فيه ، واخترط أحدهم سيفه فاخذ يهزه ، فمر به خنزير لأهل الذمة فضربه به يجربه ، فقالوا : ( هذا فساد في الأرض ) ، فلقي صاحب الخنزير فأرضاه في ثمنه ، فبعث إليهم علي رضي الله عنهم : ( اخرجوا إلينا قاتل عبد الله بن خباب ) ، فقالوا : ( كلنا قتله ) ، فناداهم ثلاثا ، كل ذلك يقولون هذا القول ، فقال علي رضي الله عنه لأصحابه : ( دونكم القوم ) ، فما لبثوا أن قتلوهم ، وكان وقت القتال يقول بعضهم لبعض : ( تهيأ للقاء الرب ، الرواح الرواح إلى الجنة ! ) ، وخرج على علي رضي الله عنه بعدهم جماعة منهم ، فبعث إليهم من قاتلهم ، ثم اجتمع عبد الرحمن بن ملجم بأصحابه وذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم ، وقالوا : ( والله ما قنعنا بالبقاء في الدنيا شيء بعد إخواننا الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم ، فلوا أنا شرينا أنفسنا لله ، والتمسنا غير هؤلاء الأئمة الضلال ، فثأرنا بهم إخواننا ، وأرحنا منهم العباد ) .
وروى محمد بن سعد عن أشياخ له : انتدب ثلاثة نفر من الخوارج - عبد الرحمن بن ملجم والبراك بن عبد الله وعمرو ابن بكر التميمي - فاجتمعوا بمكة وتعاهدوا وتعاقدوا لنقتلن الثلاثة - عليا ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم - ونريح العباد منهم ، فقال ابن ملجم : ( أنا لكم بعلي ) ، وقال البراك : ( انا لكم بمعاوية ) ، وقال عمرو : ( وأنا لكم بعمرو ) ، فتواثقوا ألا ينقض رجل منهم رجلا عن صاحبه ، فقدم ابن ملجم الكوفة ، فلما كانت الليلة التي عزم على قتل علي رضي الله عنه فيها خرج علي رضي الله عنه لصلاة الصبح ، فضربه فاصاب جبهته إلى قرنه ، ووصل إلى دماغه ، فقال علي : ( لا يفوتنكم الرجل ) ، فأخذ ، فقالت أم كلثوم : ( يا عدو الله قتلت امير المؤمنين باس ) ، قال : ( فلم تبكين إذن ؟ ) ، ثم قال : ( والله لقد سممته فإن أخلفني فأبعده الله وأسحقه ) ، فلما مات علي رضي الله عنه ، اخرج ابن ملجم ليقتل ، فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه ، فلم يجزع ولم يتكلم ، فكحل عينيه بسمار محمي ، فلم يجزع ، وجعل يقرأ : { اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق . . . حتى ختمها } وإن عينيه لتسيلان ، فعولج على قطع لسانه فجزع ، فقيل له : ( لم تجزع ؟ ) ، فقال : ( أكره أن أكون في الدنيا مواتا لا أذكر الله ) ، وكان رجلا أسمر في جبهته أثر السجود لعنة الله عليه .
ولما أراد الحسن رضي الله عنه أن يصالح معاوية رضي الله عنه ، خرج عليه من الخوارج الجراح بن سنان ، وقال : ( أشركت كما أشرك أبوك ) ، ثم طعنه في أصل فخذه .
وما زالت الخوارج تخرج على الأمراء ، ولهم مذاهب مختلفة .
وكان أصحاب نافع بن الأزرق يقولون : ( نحن مشركون ما دمنا في دار الشرك ، فإذا خرجنا فنحن مسلمون ! ) .
قالوا : ومخالفونا في المذهب مشركون ، ومرتكبوا الكبائر مشركون ، والقاعدون عن موافقتنا في القتال كفرة ، وأباح هؤلاء قتل النساء والصبيان من المسلمين ، وحكموا عليهم بالشرك .
وكان تجدة بن عامر الثقفي من القوم ، فخالف نافع بن الأزرق ، وقال بتحريم دماء المسلمين واموالهم ، وزعم أن أصحاب الذنوب من موافقيه يعذبون في غير نار جهنم ، وان جهنم لا يعذب بها إلا مخالفوه في مذهبه . وكان بعضهم يقول : لو أكل رجلا من مال يتيم فلسين وجبت له النار ، لأن الله عز وجل أوعد على ذلك النار .
ولهم قصص تطول ، ومذاهب عجيبة ، لم أر التطويل بذكرها ، ولكن المقصود النظر في حيل إبليس وتلبيسه على هؤلاء الحمقى الذين عملوا بواقعتهم ، واعتقدوا أن علي بن أبي طالب على خطأ والمهاجرين والأنصار على خطأ ، وأنهم على صواب ، واستحلوا دماء الأطفال ، ولم يستحلوا أكل ثمرة بغير ثمنها ، وتعبوا في العبادات وسهروا وجاعوا ! ، وجزع أبن ملجم عند قطع لسانه من فوات الذكر ، واستحل قتل علي رضي الله عنه ، ثم شهروا سيوفهم على المسلمين ! ، ولا أعجب من اقتناع هؤلاء بعلمهم واعتقادهم أنهم أعلم من علي رضي الله عنه ، فقد قال ذو الخويصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اعدل فما عدلت ! ) ، وما كان إبليس ليهتدي إلى هذه المخازي ، نعوذ بالله من الخذلان .
وعن محمد بن إبراهيم ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، وأعمالكم مع أعمالهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية )) ، أخرجاه في الصحيحين .
وعن عبد بن أبي أوفى ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( الخوارج كلاب أهل النار )) .
فصل :
ومن رأي الخوارج أنه لا تختص الإمامة بشخص إلا أن يجتمع فيه العلم والزهد ، فإذا اجتمعا كان إماما نبطيا .
ومن رأي هؤلاء أحدث المعتزلة في التحسين والتقبيح إلى العقل ، وإن العدل ما يقتضيه .
ثم حدث القدرية في زمن الصحابة ، وصار معبد الجهمي وغيلان الدمشقي والجعد بن درهم إلى القول بالقدر .
ونسج على منوال معبد الجهمي واصل بن عطاء ، وانضم إليه عمرو بن عبيد .
وفي ذلك الزمان حدثت سنة المرجئة ، حين قالوا : ( لا يضر مع الإيمان معصية ، كما لا ينفع مع الكفر طاعة ) .
ثم طالعت المعتزلة - مثل أبي هذيل العلاف والجاحظ - كتب الفلاسفة في زمان المأمون ، واستخرجوا منها ما خلطوه بأوضاع الشرع مثل لفظ الجوهر والعرض والزمان والمكان والكون ، وأول مسالة اظهروها القول بخلق القرآن ، وحينئذ سمي هذا الفصل " علم الكلام " ، وتلت هذه مسائل الصفات مثل العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر . . .