المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان زلة للشيخ محمد أمان الجامي - رحمه الله - في مسألة الإيمان


كيف حالك ؟

عبد المنّان
09-20-2013, 03:28 AM
” إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .
أما بعد :

قال الأوزاعي ” من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام“
وقال خالد بن الحارث قال لي سليمان التيمي ” لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله“
وعلق الإمام ابن عبد البر رحمه الله على قول التيمي ” هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً ” كما في جامع بيان العلم وفضله (2/91) .

قال الإمام البربهاري : ( اعلم أن الخروج من الطريق على وجهين؛ أما أحدهما: فرجل زل عن الطريق، وهو لا يريد إلا الخير، فلا يُقتدى بزلته،فإنه هالك.
وآخر عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين، فهو ضال مضل، شيطان مريد في هذه الأمة، حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه، ويبين لهم قصته؛ لئلا يقع أحد في بدعته فيهلك ) [ شرح السنة صفحة (3 ]

و قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (29/43-45) : ” سبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء مع وجود الاختلاف في قول كل منهما أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله وإن لم يكن مطابقاً لكن اعتقاداً ليس بيقيني …
فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق وقد سلك طريقه
وأما متبع الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويعاند عنه .
وثم قسم آخر وهو غالب الناس وهو أن يكون له هوى فيه شبهة فتجتمع الشهوة والشبهة.
فالمجتهد المحض مغفور له ومأجور
وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب
وأما المجتهد الاجتهاد المركب من شبهة وهوى فهو مسيء وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب وبحسب الحسنات الماحية وأكثر المتأخرين من المنتسبين إلى فقه أو تصوف مبتلون بذلك“
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا : ( فطريقة السلف و الأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع و العقل ويراعون أيضاً الألفاظ الشرعية فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا ومن تكلم فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه . ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة أيضاً ، وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة ورد باطلاً بباطل ) [ درء التعارض (1/254) ]


وقال الإمام ابن قيم الجوزية في إعلام الموقعين (2/192) : … مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَخُوفَ في زَلَّةِ الْعَالِمِ تَقْلِيدُهُ فيها إذْ لَوْلَا التَّقْلِيدُ لم يَخَفْ من زَلَّةِ الْعَالِمِ على غَيْرِهِ .
فإذا عَرَفَ أنها زَلَّةً لم يَجُزْ له أَنْ يَتْبَعَهُ فيها بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ فإنه اتِّبَاعٌ لِلْخَطَأِ على عَمْدٍ وَمَنْ لم يَعْرِفْ أنها زَلَّةٌ فَهُوَ أَعْذَرُ منه وَكِلَاهُمَا مُفْرِطٌ فِيمَا أُمِرَ بِهِ“

قال الإمام ابن رجب رحمه الله : ( رد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه ، فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية فلو فرض أن أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته. وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. وأما بيان خطأ من أخطأ من العلماء قبله إذا تأدب في الخطاب وأحسن في الرد والجواب فلا حرج عليه ولا لوم يتوجه إليه وإن صدر منه الاغترار بمقالته فلا حرج عليه وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول: (كذب فلان) ومن هذا «قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” كذب أبو السنابل “[4] لما بلغه أنه أفتى أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً لا تحل بوضع الحمل حتى يمضى عليها أربعة أشهر وعشر» . وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردِّها أبلغ الردِّ كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره مقالات ضعيفة تفردوا بها ويبالغ في ردها عليهم هذا كله حكم الظاهر.
وأما في باطن الأمر: فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق ولئلا يغتر الناس بقالات من أخطأ في مقالاته فلا ريب أنه مثاب على قصده ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم. وسواء كان الذي بين الخطأ صغيراً أو كبيراً فله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها وأُنكرت عليه من العماء مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك.
ومن ردَّ على سعيد بن المسيِّب قوله في إباحته المطلقة ثلاثاً بمجرد العقد وغير ذلك مما يخالف السنة الصريحة، وعلى الحسن في قوله في ترك الإحداد على المتوفى عنها زوجها، وعلى عطاء في إباحته إعادة الفروج، وعلى طاووس قوله في مسائل متعددة شذَّ بها عن العلماء، وعلى غير هؤلاء ممن أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ومحبتهم والثناء عليهم. ولم يعد أحد منهم مخالفيه في هذه المسائل ونحوها طعناً في هؤلاء الأئمة ولا عيباً لهم، وقد امتلأت كتب أئمة المسلمين من السلف والخلف بتبيين هذه المقالات وما أشبهها مثل كتب الشافعي وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث وغيرهما ممن ادعوا هذه المقالات ما كان بمثابتها شيء كثير ولو ذكرنا ذلك بحروفه لطال الأمر جداً.
وأما إذا كان مرادُ الرادِّ بذلك إظهارَ عيب من ردَّ عليه وتنقصَه وتبيينَ جهله وقصوره في العلم ونحو ذلك كان محرماً سواء كان ردُّه لذلك في وجه من ردِّ عليه أو في غيبته وسواء كان في حياته أو بعد موته وهذا داخل فيما ذمَّه الله تعالى في كتابه وتوعد عليه في الهمز واللمز وداخل أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته» [5] . وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين فأما أهل البدع والضلالة ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم. وليس كلامنا الآن في هذا القبيل والله أعلم ) [ من رسالته الفرق بين النصيحة و التعيير (405 إلى 407 ) من المجلد الثاني في مجموع رسائله ]

فممن أخطأ و للأسف في مسألة الإيمان ، هذه المسألة العظيمة التي زلت فيها أقدام و في الحقيقة هي فتنة العصر ، الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله و غفر الله فقال في (شرح الأربعين نووية الشريط الثاني) : (الإسلام الذي هو الإستسلام والإنقياد والقيام بأعمال الجوارح، عملا وتركا الإيمان الذي يشمل تصديق القلب وقول اللسان وعمل الجوارح على أصح قولي أهل العلم أي عند الجمهور وقول بعضهم إن الإيمان هو التصديق فقط قول ضعيف ترده أدلة من الكتاب والسنة، التصديق كما تقدم من ادعى أنه مؤمن بقلبه أي بالتصديق ولكنه يرفض التلفظ بالشهادتين ليس بمسلم ولا مؤمن، وإن تلفظ بالشهادتين وترك الأعمال إتكالا على نطقه بالشهادتين وعلى ما يزعُم من التصديق ليس بمؤمن، إما أنه ليس بمؤمن أصلا أو ليس بمؤمن إيمانا كاملا، هذا التحفظ سببه ما نسب إلى بعض الأئمة كالإمام أبي حنيفة وأتباعه وأصحابه بأن الإيمان هو التصديق وفي رواية عنه التصديق والتلفظ بالشهادتين،
القول بأن الإيمان هو التصديق، هو الذي عليه الأشاعرة، من هنا تعتبر الأشاعرة من المرجئة لأن الإرجاء معناه التأخير، أخروا الأعمال عن الدخول في مسمى الإيمان وهذا الإرجاء ليس كإرجاء مرجئة أهل الكلام ويسمى إرجاء الفقهاء، إرجاء علماء أهل الكلام أخطر وربما يؤدي إلى الكفر وهو القول بأن الذنب لا يؤثر مع وجود الإيمان وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وأن إيمان جبرائيل وإيماننا بدرجة واحدة، إيمان أبي بكر وإيمان النبي، الإيمان كله بدرجة واحدة لا يزيد ولا ينقص،
ليس هذا هو قول الإمام أبي حنيفة فليذكر طلاب العلم إذا رمي الإمام أبوحنيفة بالإرجاء، إرجاءه غير علماء الكلام ويسمى إرجاء الفقهاء أي إن الأعمال وإن لم تكن داخلة في مسمى الإيمان ولكن لابد منها، بل الأعمال شرط في صحة الإيمان عند الإمام أبي حنيفة وأصحابه لذلك هذا القول لا يخرج الإمام أبا حنيفة والأشاعرة معا، لا يخرجهم من كونهم على السنة إذا سلِموا من المخالفات الأخرى وأما الإمام فقد سَلِم من المخالفات الأخرى وهو من أئمة أهل السنة والجماعة وأما الأشاعرة فقد ارتكبوا مخالفات كثيرة تنقلهم من دائرة أهل السنة والجماعة إلى دائرة المبتدعة ولكنهم مبتدعة ليسوا بكافرين بل يعتبرون مبتدعة من أهل البدع من أهل الكلام لأن الكلام كله بدع)إهـ.

و قد بين علماء السلف بالإجماع أن من ترك أعمال الجوارح بالكلية مع تلفظه بالشهادتين و إعتقاده بقلبه أنه كافر و ليس بمؤمن أصلا و بينوا أن من أثبت أن تارك أعمال الجوارح ليس بمؤمن إيمانا كاملا بمعنى : ( مؤمن ناقص الإيمان) أنه لا يعد هذا القول من أقوال أهل السنة و لا من جمهورهم كما أثبت ذلك الشيخ الجامي في كلامه السابق نقله بل بينوا أنه من أقوال المرجئة الجهمية.............(يتبع في حلقات)

12d8c7a34f47c2e9d3==