المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكم دفع زكاة الفطر نقودا فتوى للإمام عبدالعزيز ابن باز رحمه الله


كيف حالك ؟

قاسم علي
07-29-2013, 09:55 PM
حكم دفع زكاة الفطر نقودا.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: فقد سألني كثير من الإخوان عن حكم دفع زكاة الفطر نقودا .
والجواب: لا يخفى على كل مسلم له أدنى بصيرة أن أهم أركان دين الإسلام الحنيف شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله أن لا يعبد إلا الله وحده، ومقتضى شهادة أن محمدا رسول الله أن لا يعبد الله سبحانه إلا بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وزكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه، الذي قال عنه ربهتبارك وتعالى: { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } (2) { إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } (3) وقال هو في ذلك: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » (4) ، « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » (5) . ، وقد بين هو صلوات الله وسلامه عليه زكاة الفطر بما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة: صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط. فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: « فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة » (6) ، وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: « كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير
أو صاعا من زبيب » (7) ، وفي رواية « أو صاعا من أقط » (8) . متفق على صحته . فهذه سنة محمد صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر، ومعلوم أن وقت هذا التشريع وهذا الإخراج يوجد بيد المسلمين -وخاصة مجتمع المدينة- الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه في زكاة الفطر، فلو كان شيء يجزئ في زكاة الفطر منهما لأبانه صلوات الله وسلامه عليه؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولو فعل ذلك لنقله أصحابه رضي الله عنهم. وما ورد في زكاة السائمة من الجبران المعروف مشروط بعدم وجود ما يجب إخراجه، وخاص بما ورد فيه، كما سبق أن الأصل في العبادات التوقيف، ولا نعلم أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر، وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وسلم وأحرص الناس على العمل بها، ولو وقع منهم شيء من ذلك لنقل كما نقل غيره من أقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالأمور الشرعية، وقد قال الله سبحانه: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } (9) وقال عز وجل: { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (10)

ومما ذكرنا يتضح لصاحب الحق أن إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزئ عمن أخرجه لكونه مخالفا لما ذكر من الأدلة الشرعية، وأسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه والحذر من كل ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الرئيس العام لإدارات البحوث
العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز

__________
(1) صدرت من مكتب سماحته عندما كان رئيسا لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ونشرت في كتاب (فتاوى إسلامية) جمع وترتيب الشيخ محمد المسند ج 2 ص 99، وفي كتاب (مجموع فتاوى سماحة الشيخ) إعداد وتقديم د. عبد الله الطيار والشيخ أحمد الباز ج 5 ص 94.

(2) سورة النجم الآية 3
(3) سورة النجم الآية 4
(4) رواه البخاري في (الصلح) باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم (2697)، ومسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة برقم (1718).
(5) رواه مسلم في (الأقضية) باب نقض الأحكام الباطلة برقم (1718).
(6) سبق تخريجه في ص 197 .

(7) صحيح البخاري الزكاة (1437),صحيح مسلم الزكاة (985),سنن الترمذي الزكاة (673),سنن النسائي الزكاة (2513),سنن أبو داود الزكاة (1616),سنن ابن ماجه الزكاة (1829),مسند أحمد بن حنبل (3/98),موطأ مالك الزكاة (628),سنن الدارمي الزكاة (1664).
(8) رواه البخاري في (الزكاة) باب صدقة الفطر برقم (1506)، ومسلم في (الزكاة) باب زكاة الفطر على المسلمين برقم (985).
(9) سورة الأحزاب الآية 21
(10) سورة التوبة الآية 100

12d8c7a34f47c2e9d3==