المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف يستطيع العمال في معاملهم أن يصوموا رمضان


كيف حالك ؟

قاسم علي
07-28-2013, 01:17 AM
كيف يستطيع العمال في معاملهم أن يصوموا رمضان ؟ للشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله


قالت سيدة: كيف يستطيع العمال في معاملهم أن يصوموا رمضان منالفجر إلى الغروب، إذا صاموا يتعطل العمل؟
الجواب: فقلت لها: قبل أن أجيب عن سؤلك أرجو أن تسمعي قصة أقصها عليك، كنت في «بن» بألمانيا سنة 1938، وكنت آكل في(بانسيون) يدعى صاحبه (هر شميت) فلما قرب دخول رمضان قلت له أرجو من فضلك أن تؤخرغذائي من الزوال إلى الساعة السادسة بعد الغروب لمدة ثلاثين يوما، فقال: ولماذا؟قلت له: قد أقبل رمضان، وهو شهر الصيام يصوم فيه المسلمون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فقال لي: لا تأكل شيئا أصلا؟ فقلت: لا، فقال لي: إذن تموت، فقل لا أموت إنشاء الله، فقال لي: اعلم أن بلادنا باردة يحتاج فيها الإنسان إلى أكثر مما يحتاج في بلادكم، فقلت له: اجبني عن تأخير الغذاء، فقال لي وزوجته إلى جانبه: نستطيع أن نحضرلك غذاءك في الساعة السادسة كما طلبت إلا في يوم الأحد، فإن الخدام لا يشتغلون،وزوجتي هي التي تحضر العشاء، فلابد أن تنتظر إلى الساعة الثامنة، فقلت: قبلت: وكنت في ذلك الوقت مصابا بقرحة المعدة وقد اتفق الأطباء على أن المصاب بها يجب أن يأكلفي كل ساعتين أو ثلاث ساعات قليلا من الطعام، فعصيت أمرهم.
وقبل أن أبدأ في الصيام وزنت في الميزان الذي يسجل الوزن من تلقاء نفسه (أوتوماتيك) وحفظت البطاقة التي فيها مقدار وزني، فلما انتهى رمضان وزنت نفسي فألفيتني قد زاد وزني أربعة أرطال، وأخذت البطاقتين إلى (الهر شميت) وفيها تاريخ الوزن فلما قرأهما تعجب كثيرا و قال لي: مادام الإنسان في الحياة لا تزال تنكشف له أمور كان يجهلها، والآن أجيبك عنسؤالك:
اعلمي أن الإنسان مركب من روح وجسم، والسلطان للروح لا للجسم، والعبادة غذاء الروح، فإذا قوي الروح أعطى الجسم قوة خارقة للعبادة، ونحن المسلمين منذ ألف وأربعمائة سنة نصوم رمضان، وأشغالنا ماضية لم تتعطل، وعلى سبيل التنزل والافتراض نقول: إن العامل المسلم لا يشتغل في رمضان إلا أربع ساعات بدلا من ثماني ساعات، فكم يخسر؟
الجواب: يخسر مائة وعشرين ساعة في السنة لأن العمل عندنا جائز في جميع الأيام لا يجب علينا تركه في أي يوم من أيام الأسبوع، وأنتم تجبرون على ترك العمل نصف يوم السبت ويوم الأحد بتمامه فتخسرون اثنتي عشرة ساعة في كل أسبوع، زيادة على أيام الأعياد الكثيرة، كعيد الميلاد وعيد الصفح وغيرهما، فإذا ضربنا اثنتي عشرة ساعة في اثنين وخمسين عدد الأسابيع السنة يكون الخارج ستمائة وأربعا وعشرين ساعة (624).
فكيف ترين النسبة بين ما يخسر المسلمون بسبب الصيام، على فرض أنهم يخسرون، وبين ما يخسره المسيحيون؟ فما أعظم الفرق بين مائة وعشرين ساعة وستمائة وأربع وعشرين ساعة، فتعجب السامعون وأبدوا إعجابهم بهذا الجواب المسكت.
وقلت لها: إن اليهود يحرم عليهم أن يشتغلوا يوم السبت هم وخدامهم ودوابهم وسياراتهم وسائر آلاتهم بالقياس على الدولب من مساء يوم الجمعة إلى آخر يوم السبت بالإضافة إلى أعيادهم الكثيرة، وإذا كانوا مساكنيين للمسيحيين كيهود أوربا وأمريكا يلزمهم تعطيل يومين في كل أسبوع، فهل تعطلت أشغالهم وتأخرت أعمالهم؟

12d8c7a34f47c2e9d3==