البلوشي
07-23-2013, 02:47 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الشفاعة: هي الوساطة في تحصيل المطلوب، وذلك لأن الإنسان قد يعجز في تحصيل مطلوبة من هو عنده فيحتاج إلى من يتوسط له في قضاء حاجته، الناس بحاجة إلى الشفاعة وهي على قسمين:
القسم الأول: الشفاعة عند الله سبحانه وتعالى.
القسم الثاني: والشفاعة عند المخلوقين من الملوك والرؤساء وغيرهم.
أما الشفاعة عند المخلوقين فهي تنقسم إلى:
القسم الأول: شفاعة حسنة.
القسم الثاني: شفاعة سيئة. قال تعالى (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا)، الشفاعة الحسنة عند المخلوقين هي في الأمور النافعة والمباحة وقضاء حوائج الناس المباحة والنافعة لهم هذا فيه خير عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِى اللَّهُ عَلَى لِسَانِه مَا شَاءَ".
من يشفع شفاعة حسنة له نصيب منها لأن هذا من التعاون على البر والتقوى، ومن الإحسان، فالذي يشفع للناس في قضاء حوائجهم عند من هي عنده له أجر عظيم.
وأما شفاعة السيئة: فهي الشفاعة في الأمور المحرمة، كالشفاعة في تعطيل الحدود عندما تبلغ السلطان فلا يجوز الشفاعة التي تمنع إقامة الحدود على من ثبتت عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشفع"، وفي الحديث: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا"، وإيواء المحدث: هو الذي يجب عليه حد من حدود الله فيأتي واحد يتوسط له في منع إقامة الحد عليه، الشفاعة في تحصيل المحرمات كأكل أموال الناس بالباطل، الشفاعة في تغير الأحكام الشرعية لأجل مطامع الناس كل هذه شفاعات سيئة ومحرمة ـ والعياذ بالله ـ.
وأما الشافعة عند الله سبحانه وتعالى فهي أيضا الوساطة عند الله لقضاء حوائج عباده، ولا تصح الشفاعة عند الله إلا بشرطين:
الشرط الأول: أذن الله للشافع أن يشفع، قال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)، (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى)، بخلاف الملوك في الدنيا والمخلوقين فإن الشافع يشفع عندهم ولو لم يرضوا ولو كرهوا ذلك ويرغمون على قبول الشفاعة لأنهم بحاجة إلى هؤلاء الوزراء وإلى هؤلاء الأعوان، يقبلون شفاعتهم من أجل تأليفهم، أما الله جل وعلا فليس بحاجة إلى أحد: (لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ)، فيطلب الشفاعة من الله، ويقول: اللهم شفع فيّ نبيك، شفع فيّ ملائكتك، اللهم شفع فيّ عبادك الصالحين، فيطلبها من الله عز وجل لا من المخلوقين.
الشرط الثاني: أن يكون المشفوع فيه ممن يرضى الله قوله وعمله من أهل الإسلام، مسلم عنده ذنوب أو استحق عقوبة من الله فيأذن الله جل وعلا لمن يشفع له عنده، يأذن له في أن يشفع له عنده ليكرم الشافع ولينفع المشفوع فيه وذلك في أهل التوحيد وأهل الإيمان الذين استوجبوا عقوبة من الله سبحانه أو دخلوا النار بذنوبهم، فالله جل وعلا يأذن لمن يشفع فيهم في أن يرفع الله العذاب عنهم أو يخرجهم من النار، وأما الكفار (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) قال تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ)، (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ) يعني: ما تنفع الكفار (شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) إنما هذا خاص بأهل الإيمان.
فبهذين الشرطين تنفع الشفاعة عند الله جل وعلا إذا أذن الله فيها، وكان المشفوع فيه من المؤمنين لا من الكفار والمشركين.
وأما الشفاعة التي تطلب من الأولياء والصالحين بدون إذن الله سبحانه وتعالى فهي ممنوعة، أن تقول أشفع لي عند الله؛ بل تقول اللهم شفع فيّ فلانا تقبل شفعته فيّ وإذا صحب ذلك أن يتقرب إلى الشافع بأنواع من العبادة فهذه شفاعة المشركين - والعياذ بالله - الذين يتقربون إلى الأولياء والصالحين والأضرحة لتشفع لهم عند الله قال تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) هذه شفاعة شركية تخرجه من الملة، فمن طلب من مخلوق أن يشفع له عند الله وذبح له أو نذر له أو استغاث به، استغاث بالأموات استغاث بالأصنام فهذه شفاعة باطله وهي شرك بالله عز وجل: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) يقولون: نحن أصحاب ذنوب وهؤلاء صالحون ولهم مكانه عند الله ونريد أن يتوسطوا لنا عند الله شبهوا الله جل وعلا بالملوك الظلمة، تعالى الله عن ذلك، الله قريب ومجيب لا يحتاج إلى هذا، أدعوا الله تضرع إلى الله، أطلب حاجتك من الله مباشرة ولا تجعل بينك وبين الله واسطة هذا فعل المشركين والمبتدعة.
الله فتح بابه للسائلين يقول: "مَنْ يَسْأَلنِي فَأَسْتَجِيب لَهُ"، "من يدعوني فأستجيب له" "مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَ له مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ"، "يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ اللَّيْلِ"، فأبوابه مفتوحة سبحانه وتعالى، أدعوا الله مباشرة وأطلب منه مباشرة، ولا تجعل بينك وبينه وسائط من المخلوقين هذا من فعل المشركين ومن فعل المبتدعة.
فهذا هو التفصيل في أمر الشفاعة التي ضل فيها كثير من الناس لأنهم لم يرجعوا إلى الأصول وإلى الكتاب والسنة فيعرفوا الشفاعة الثابتة، والشفاعة المنفية ولم يعلموا ما تجوز فيه الشفاعة وما لا تجوز فيه الشفاعة، وهذا من آفات الجهل.
فيجب على المسلم أن يتعلم عقيدته حتى لا يقع في مثل هذا، ومن ذلك أن يعرف الشفاعة الثابتة وشروطها، ويعرف الشفاعة المنفية حتى لا يقع فيما وقع فيه المشركون والمبتدعة، ويكون عمله (هَبَاءً مَنْثُوراً)، مع أن المسلم يجب عليه أن يدعوا الله مباشرة، والله فتح بابه للتائبين للسائلين في الليل والنهار، الله يقبل التوبة عن عبادة و يعفوا عن سيئات: "مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ" فليس بحاجة أنك تلوذ من هناك وتجيب شافع وواسطة وولي يشفعلك، هذا إنما هو عند المخلوقين، أما الله جل وعلا فإنه بابه مفتوح هو قريب ومجيب وهو سميع الدعاء سبحانه وتعالى، أمدد يديك إلى الله ودعه ليلاً ونهاراً، فالله قريب ومجيب لا يرد سائلاً؛ بل يجيب السائلين ويزيدهم من فضله، ويعطيهم ما لم يطلبوا وما لم تدركهم أمنياتهم فضلاً منه سبحانه وتعالى.
فلا يجوز قياس الخالق بالمخلوق؛ بل يجب معرفة حق الله، وعظمة الله عز وجل، وكرم الله وفضله وإحسانه، يعرف أن الله غني حميد، المخلوق ضعيف مسكين ويكره من يطلب منه شيئا، أما الله فإنه يغضب على من لم يسأله، المخلوق يغضب على من سأله:
اللهُ يَغْضبُ إن تركْتَ سُؤَالهُ *** وَبُنيُّ آدمَ حين يُسألُ يَغْضَبُ
فالخالق جل وعلا قريب مجيب في الليل والنهار، يسمع ويرى ويبصر ويعطي سبحانه ولا ينقص ذلك مما عند الله شيئا، وهو يحب من يسأله، ويحب من يطلب منه، فلماذا تتقاصر أفكار بعض الناس أو كثير من الناس عن أدراك عظمة الله وفضله وغناه سبحانه وتعالى، ويروح إلى مخلوقين إلى قبور وإلى الأضرحة إلى إلى... فيتعب المسكين ويضيع دينه ودنياه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا نتيجة الجهل، ونتيجة التقليد الأعمى الآفتين اللتين ضلا بهما كثير من الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الشفاعة: هي الوساطة في تحصيل المطلوب، وذلك لأن الإنسان قد يعجز في تحصيل مطلوبة من هو عنده فيحتاج إلى من يتوسط له في قضاء حاجته، الناس بحاجة إلى الشفاعة وهي على قسمين:
القسم الأول: الشفاعة عند الله سبحانه وتعالى.
القسم الثاني: والشفاعة عند المخلوقين من الملوك والرؤساء وغيرهم.
أما الشفاعة عند المخلوقين فهي تنقسم إلى:
القسم الأول: شفاعة حسنة.
القسم الثاني: شفاعة سيئة. قال تعالى (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا)، الشفاعة الحسنة عند المخلوقين هي في الأمور النافعة والمباحة وقضاء حوائج الناس المباحة والنافعة لهم هذا فيه خير عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِى اللَّهُ عَلَى لِسَانِه مَا شَاءَ".
من يشفع شفاعة حسنة له نصيب منها لأن هذا من التعاون على البر والتقوى، ومن الإحسان، فالذي يشفع للناس في قضاء حوائجهم عند من هي عنده له أجر عظيم.
وأما شفاعة السيئة: فهي الشفاعة في الأمور المحرمة، كالشفاعة في تعطيل الحدود عندما تبلغ السلطان فلا يجوز الشفاعة التي تمنع إقامة الحدود على من ثبتت عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشفع"، وفي الحديث: "لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا"، وإيواء المحدث: هو الذي يجب عليه حد من حدود الله فيأتي واحد يتوسط له في منع إقامة الحد عليه، الشفاعة في تحصيل المحرمات كأكل أموال الناس بالباطل، الشفاعة في تغير الأحكام الشرعية لأجل مطامع الناس كل هذه شفاعات سيئة ومحرمة ـ والعياذ بالله ـ.
وأما الشافعة عند الله سبحانه وتعالى فهي أيضا الوساطة عند الله لقضاء حوائج عباده، ولا تصح الشفاعة عند الله إلا بشرطين:
الشرط الأول: أذن الله للشافع أن يشفع، قال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ)، (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى)، بخلاف الملوك في الدنيا والمخلوقين فإن الشافع يشفع عندهم ولو لم يرضوا ولو كرهوا ذلك ويرغمون على قبول الشفاعة لأنهم بحاجة إلى هؤلاء الوزراء وإلى هؤلاء الأعوان، يقبلون شفاعتهم من أجل تأليفهم، أما الله جل وعلا فليس بحاجة إلى أحد: (لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ)، فيطلب الشفاعة من الله، ويقول: اللهم شفع فيّ نبيك، شفع فيّ ملائكتك، اللهم شفع فيّ عبادك الصالحين، فيطلبها من الله عز وجل لا من المخلوقين.
الشرط الثاني: أن يكون المشفوع فيه ممن يرضى الله قوله وعمله من أهل الإسلام، مسلم عنده ذنوب أو استحق عقوبة من الله فيأذن الله جل وعلا لمن يشفع له عنده، يأذن له في أن يشفع له عنده ليكرم الشافع ولينفع المشفوع فيه وذلك في أهل التوحيد وأهل الإيمان الذين استوجبوا عقوبة من الله سبحانه أو دخلوا النار بذنوبهم، فالله جل وعلا يأذن لمن يشفع فيهم في أن يرفع الله العذاب عنهم أو يخرجهم من النار، وأما الكفار (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) قال تعالى: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ)، (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ) يعني: ما تنفع الكفار (شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) إنما هذا خاص بأهل الإيمان.
فبهذين الشرطين تنفع الشفاعة عند الله جل وعلا إذا أذن الله فيها، وكان المشفوع فيه من المؤمنين لا من الكفار والمشركين.
وأما الشفاعة التي تطلب من الأولياء والصالحين بدون إذن الله سبحانه وتعالى فهي ممنوعة، أن تقول أشفع لي عند الله؛ بل تقول اللهم شفع فيّ فلانا تقبل شفعته فيّ وإذا صحب ذلك أن يتقرب إلى الشافع بأنواع من العبادة فهذه شفاعة المشركين - والعياذ بالله - الذين يتقربون إلى الأولياء والصالحين والأضرحة لتشفع لهم عند الله قال تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) هذه شفاعة شركية تخرجه من الملة، فمن طلب من مخلوق أن يشفع له عند الله وذبح له أو نذر له أو استغاث به، استغاث بالأموات استغاث بالأصنام فهذه شفاعة باطله وهي شرك بالله عز وجل: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) يقولون: نحن أصحاب ذنوب وهؤلاء صالحون ولهم مكانه عند الله ونريد أن يتوسطوا لنا عند الله شبهوا الله جل وعلا بالملوك الظلمة، تعالى الله عن ذلك، الله قريب ومجيب لا يحتاج إلى هذا، أدعوا الله تضرع إلى الله، أطلب حاجتك من الله مباشرة ولا تجعل بينك وبين الله واسطة هذا فعل المشركين والمبتدعة.
الله فتح بابه للسائلين يقول: "مَنْ يَسْأَلنِي فَأَسْتَجِيب لَهُ"، "من يدعوني فأستجيب له" "مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَ له مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ"، "يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ اللَّيْلِ"، فأبوابه مفتوحة سبحانه وتعالى، أدعوا الله مباشرة وأطلب منه مباشرة، ولا تجعل بينك وبينه وسائط من المخلوقين هذا من فعل المشركين ومن فعل المبتدعة.
فهذا هو التفصيل في أمر الشفاعة التي ضل فيها كثير من الناس لأنهم لم يرجعوا إلى الأصول وإلى الكتاب والسنة فيعرفوا الشفاعة الثابتة، والشفاعة المنفية ولم يعلموا ما تجوز فيه الشفاعة وما لا تجوز فيه الشفاعة، وهذا من آفات الجهل.
فيجب على المسلم أن يتعلم عقيدته حتى لا يقع في مثل هذا، ومن ذلك أن يعرف الشفاعة الثابتة وشروطها، ويعرف الشفاعة المنفية حتى لا يقع فيما وقع فيه المشركون والمبتدعة، ويكون عمله (هَبَاءً مَنْثُوراً)، مع أن المسلم يجب عليه أن يدعوا الله مباشرة، والله فتح بابه للتائبين للسائلين في الليل والنهار، الله يقبل التوبة عن عبادة و يعفوا عن سيئات: "مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ" فليس بحاجة أنك تلوذ من هناك وتجيب شافع وواسطة وولي يشفعلك، هذا إنما هو عند المخلوقين، أما الله جل وعلا فإنه بابه مفتوح هو قريب ومجيب وهو سميع الدعاء سبحانه وتعالى، أمدد يديك إلى الله ودعه ليلاً ونهاراً، فالله قريب ومجيب لا يرد سائلاً؛ بل يجيب السائلين ويزيدهم من فضله، ويعطيهم ما لم يطلبوا وما لم تدركهم أمنياتهم فضلاً منه سبحانه وتعالى.
فلا يجوز قياس الخالق بالمخلوق؛ بل يجب معرفة حق الله، وعظمة الله عز وجل، وكرم الله وفضله وإحسانه، يعرف أن الله غني حميد، المخلوق ضعيف مسكين ويكره من يطلب منه شيئا، أما الله فإنه يغضب على من لم يسأله، المخلوق يغضب على من سأله:
اللهُ يَغْضبُ إن تركْتَ سُؤَالهُ *** وَبُنيُّ آدمَ حين يُسألُ يَغْضَبُ
فالخالق جل وعلا قريب مجيب في الليل والنهار، يسمع ويرى ويبصر ويعطي سبحانه ولا ينقص ذلك مما عند الله شيئا، وهو يحب من يسأله، ويحب من يطلب منه، فلماذا تتقاصر أفكار بعض الناس أو كثير من الناس عن أدراك عظمة الله وفضله وغناه سبحانه وتعالى، ويروح إلى مخلوقين إلى قبور وإلى الأضرحة إلى إلى... فيتعب المسكين ويضيع دينه ودنياه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذا نتيجة الجهل، ونتيجة التقليد الأعمى الآفتين اللتين ضلا بهما كثير من الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.