البلوشي
07-23-2013, 02:44 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فإن فضائل الصيام كثيرة مضى ذكر بعضها، ومنها في الحديث: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ":
"فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ" فإنه يفرح بالأكل والشرب بعدما كان ممنوعا منه طيلة النهار، فإذا أباحه الله له رجع إليه فإن نفسه تفرح بذلك، وهذا فرح طبيعي؛ ولكن إذا كان معه نية لله عز وجل أنه ترك طعامه وشرابه طاعة لله ثم عاد إليه طاعة لله، فهو في كلا الحالين مطيع لله عز وجل، مع أنه يتناول شهوته وما تحبه نفسه ولكن كونه عاد إليه طاعة لله يثاب على ذلك، فيحصل له فرح النفس ويحصل له الثواب والأجر عند فطره، فإن أحب العباد إلى الله أعجلهم فطرا، هو امتثل أمر الله في تركه وامتثل أمر الله في فعله فهو مطيع لله في الحالين فينال الثواب عند فطره.
وأما الفرحة الكبرى وهي الفرحة الثانية حينما يلقى الله سبحانه وتعالى في الدار الآخرة، فيلقى جزيل الثواب فإن الله خصص للصائمين بابا من أبواب الجنة يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، يقال لهم: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ)، لأنكم تركتم الأكل والشرب في الدنيا وأنتم تشتهون ذلك طاعة لله فالآن كلوا واشربوا من الجنَّة، (بِمَا أَسْلَفْتُمْ) يعني: بما أسبقتم من الصيام في الدنيا الآن أفطروا على رضوان الله سبحانه وجنته، وهذه فرحة لا تنقطع، فرحة دائمة، هذه الفرحة عند لقاء ربه عز وجل.
ومن فضائل الصيام: أن آثار الصيام محبوبة إلى الله الجوع والعطش هذا أثر من آثار العبادة، وهو إن كان يؤلم النفس فإنه محبوب إلى الله عز وجل، فهو النفس قد تتألم منه ولكن الله يحبه، إذا جوع نفسه لله وأظمأ نفسه لله فإن الله يحب منه ذلك، ولذلك يكون نفسه وما فيه من رائحة الصيام أحب إلى الله من ريح المسك، لأن نفس الصائم يكون فيه رائحة تكرهها مشام الناس فيها نتنة ورائحة تكرهها مشام الناس في الدنيا؛ ولكن الله يحبها لأنها ناشئة عن طاعة الله عز وجل، "وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ" يعني: رائحة فم الصائم "أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"، فلذلك وجد من الصائمين بعد موته رائحة المسك تفوح من قبره رائحة الصيام في الدنيا وجدوها في قبور بعض الصالحين علامة وشاهد لهذا الحديث الشريف: "أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"، كذلك مثل غبار المجاهد في سبيل الله، الغبار مكروه للنفوس ولكنه ذريرة أهل الجنَّة، طيب أهل الجنة يكون من غبار الجهاد في سبيل الله يتحول هذا الغبار إلى طيب في الجنَّة، يتطيب به أهل الجنة، وكذلك دم الشهيد في سبيل الله، الشهيد يأتي يوم القيامة يثعب دماً كما طعن في الدنيا في سبيل الله يأتي على صورته يوم القيامة يثعب دماً لونه لون الدم ورائحته رائحة المسك لأنه ناشئ عن طاعة الله عز وجل فهذا مثل رائحة الصيام، فكل أثر ينشأ عن طاعة الله وإن كان مستكرها عند الناس فإنه محبوب عند الله سبحانه وتعالى، آثار العبادات محبوبة عند الله سبحانه وتعالى ويكون لها رائحة في الجنَّة تمتاز على غيرها، والجنَّة طيبة ورائحتها طيب؛ ولكن فيها هذا النوع من الطيب من آثار الأعمال الصالحة في الدنيا.
فهذا يدل على فضل الصيام لاسيما صيام رمضان الفريضة، وكذلك صيام التطوع فإنه يوجد فيه هذا الفضل، وهذا الأثر المحبوب لله عز وجل.
فالصيام عبادة عظيمة، وفضائلها كثيرة ولذلك فرضه الله على هذه الأمة كما فرضه على الأمم السابقة لأنه سبحانه يحبه ويحب أهله، فهذا مما يطمأن المسلم يطمئنه على هذا الصيام ويسهله عليه وهذا مصداق لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، الصيام يسبب التقوى لله عز وجل لأنه يمنع النفس مما لا فائدة فيه أو فيه مضرة على العبد، فتجد الصائم مقتصرا على طاعة الله، وعلى ذكر الله، وعلى الصلاة، وعلى قراءة القرآن، تجده يرغب الجلوس في المسجد.
فالصائمون يجدون راحة في هذا الصيام، ويتلذذون به لأن الله جل وعلا فتح لهم أبواب الجنة وأغلق عنهم أبواب النيران، وصفد عنهم الشيطان، فزالت العوائق كلها عن الصائمين - ولله الحمد -، فلذلك تجدون للصيام ميزة على غيره، تجدون لشهر رمضان المبارك ميزة على غيره من الشهور لما فيه من هذه العبادة العظيمة وهي فريضة الصيام.
ولهذا جعل الله صيام رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة، لأنه جل وعلا يريد الخير لعباده، وهذا الصيام هو من أعظم أنواع الخير الذي يتقربون به إلى الله ويهذبون به نفوسهم ويعودنها على طاعة الله، ربما يتوب المسلم من الذنوب ويستمر على التوبة إلى أن يموت، ربما يكون الإنسان غافلا فيتنبه في هذا الشهر ويستمر على تنبهه وإقباله على الله سبحانه وتعالى، ربما يكون كسلان عن صلاة الليل فيعوده رمضان على قيام الليل فيستمر عليه ويتلذذ به.
فهذا الصيام منطلق إلى الخير ومربا على الطاعة، فلذلك اختصه الله لنفسه من بين سائر الأعمال فقال: "الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ"، وقال: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي: كتبناه عليكم (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الله جل وعلا، فهذا الصيام يسبب لكم التقوى، ويسبب لكم حب الخير ويربيكم على الطاعة فلله الحمد والمنة.
وصلى الله وسلم على تبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمَّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فإن فضائل الصيام كثيرة مضى ذكر بعضها، ومنها في الحديث: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ":
"فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ" فإنه يفرح بالأكل والشرب بعدما كان ممنوعا منه طيلة النهار، فإذا أباحه الله له رجع إليه فإن نفسه تفرح بذلك، وهذا فرح طبيعي؛ ولكن إذا كان معه نية لله عز وجل أنه ترك طعامه وشرابه طاعة لله ثم عاد إليه طاعة لله، فهو في كلا الحالين مطيع لله عز وجل، مع أنه يتناول شهوته وما تحبه نفسه ولكن كونه عاد إليه طاعة لله يثاب على ذلك، فيحصل له فرح النفس ويحصل له الثواب والأجر عند فطره، فإن أحب العباد إلى الله أعجلهم فطرا، هو امتثل أمر الله في تركه وامتثل أمر الله في فعله فهو مطيع لله في الحالين فينال الثواب عند فطره.
وأما الفرحة الكبرى وهي الفرحة الثانية حينما يلقى الله سبحانه وتعالى في الدار الآخرة، فيلقى جزيل الثواب فإن الله خصص للصائمين بابا من أبواب الجنة يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، يقال لهم: (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ)، لأنكم تركتم الأكل والشرب في الدنيا وأنتم تشتهون ذلك طاعة لله فالآن كلوا واشربوا من الجنَّة، (بِمَا أَسْلَفْتُمْ) يعني: بما أسبقتم من الصيام في الدنيا الآن أفطروا على رضوان الله سبحانه وجنته، وهذه فرحة لا تنقطع، فرحة دائمة، هذه الفرحة عند لقاء ربه عز وجل.
ومن فضائل الصيام: أن آثار الصيام محبوبة إلى الله الجوع والعطش هذا أثر من آثار العبادة، وهو إن كان يؤلم النفس فإنه محبوب إلى الله عز وجل، فهو النفس قد تتألم منه ولكن الله يحبه، إذا جوع نفسه لله وأظمأ نفسه لله فإن الله يحب منه ذلك، ولذلك يكون نفسه وما فيه من رائحة الصيام أحب إلى الله من ريح المسك، لأن نفس الصائم يكون فيه رائحة تكرهها مشام الناس فيها نتنة ورائحة تكرهها مشام الناس في الدنيا؛ ولكن الله يحبها لأنها ناشئة عن طاعة الله عز وجل، "وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ" يعني: رائحة فم الصائم "أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"، فلذلك وجد من الصائمين بعد موته رائحة المسك تفوح من قبره رائحة الصيام في الدنيا وجدوها في قبور بعض الصالحين علامة وشاهد لهذا الحديث الشريف: "أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ"، كذلك مثل غبار المجاهد في سبيل الله، الغبار مكروه للنفوس ولكنه ذريرة أهل الجنَّة، طيب أهل الجنة يكون من غبار الجهاد في سبيل الله يتحول هذا الغبار إلى طيب في الجنَّة، يتطيب به أهل الجنة، وكذلك دم الشهيد في سبيل الله، الشهيد يأتي يوم القيامة يثعب دماً كما طعن في الدنيا في سبيل الله يأتي على صورته يوم القيامة يثعب دماً لونه لون الدم ورائحته رائحة المسك لأنه ناشئ عن طاعة الله عز وجل فهذا مثل رائحة الصيام، فكل أثر ينشأ عن طاعة الله وإن كان مستكرها عند الناس فإنه محبوب عند الله سبحانه وتعالى، آثار العبادات محبوبة عند الله سبحانه وتعالى ويكون لها رائحة في الجنَّة تمتاز على غيرها، والجنَّة طيبة ورائحتها طيب؛ ولكن فيها هذا النوع من الطيب من آثار الأعمال الصالحة في الدنيا.
فهذا يدل على فضل الصيام لاسيما صيام رمضان الفريضة، وكذلك صيام التطوع فإنه يوجد فيه هذا الفضل، وهذا الأثر المحبوب لله عز وجل.
فالصيام عبادة عظيمة، وفضائلها كثيرة ولذلك فرضه الله على هذه الأمة كما فرضه على الأمم السابقة لأنه سبحانه يحبه ويحب أهله، فهذا مما يطمأن المسلم يطمئنه على هذا الصيام ويسهله عليه وهذا مصداق لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، الصيام يسبب التقوى لله عز وجل لأنه يمنع النفس مما لا فائدة فيه أو فيه مضرة على العبد، فتجد الصائم مقتصرا على طاعة الله، وعلى ذكر الله، وعلى الصلاة، وعلى قراءة القرآن، تجده يرغب الجلوس في المسجد.
فالصائمون يجدون راحة في هذا الصيام، ويتلذذون به لأن الله جل وعلا فتح لهم أبواب الجنة وأغلق عنهم أبواب النيران، وصفد عنهم الشيطان، فزالت العوائق كلها عن الصائمين - ولله الحمد -، فلذلك تجدون للصيام ميزة على غيره، تجدون لشهر رمضان المبارك ميزة على غيره من الشهور لما فيه من هذه العبادة العظيمة وهي فريضة الصيام.
ولهذا جعل الله صيام رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة، لأنه جل وعلا يريد الخير لعباده، وهذا الصيام هو من أعظم أنواع الخير الذي يتقربون به إلى الله ويهذبون به نفوسهم ويعودنها على طاعة الله، ربما يتوب المسلم من الذنوب ويستمر على التوبة إلى أن يموت، ربما يكون الإنسان غافلا فيتنبه في هذا الشهر ويستمر على تنبهه وإقباله على الله سبحانه وتعالى، ربما يكون كسلان عن صلاة الليل فيعوده رمضان على قيام الليل فيستمر عليه ويتلذذ به.
فهذا الصيام منطلق إلى الخير ومربا على الطاعة، فلذلك اختصه الله لنفسه من بين سائر الأعمال فقال: "الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ"، وقال: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي: كتبناه عليكم (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الله جل وعلا، فهذا الصيام يسبب لكم التقوى، ويسبب لكم حب الخير ويربيكم على الطاعة فلله الحمد والمنة.
وصلى الله وسلم على تبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.