أبي التياح الضبعي
10-10-2004, 05:45 PM
مجلة البيان . العدد 109 . رمضان 1417هـ . بقلم : عمر بن عبدالله المقبل .
قال كاتب المقال عمر المقبل :
هذا بحث مختصر حول " حكم التهنئة بدخول شهر رمضان " حاولت أن أجمع أطرافه ، ملتمسا في ذلك طلب الحق – إن شاء الله تعالى -.
قبل البدء بذكر حكم المسألة لابد من تأصيل موضوع " التهنئة " .
فيقال : التهاني - من حيث الأصل – من باب العادات ، والتي الأصل فيها الإباحة ، حتى يأتي دليل يخصها ، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر .
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي – رحمه الله – في منظومة القواعد :
والأصل في عاداتنا الإباحة ***حتى يجيء صارف الإباحة
وليس مشروعا من الأمور *** غير الذي في شرعنا مذكور
ثم قال – رحمه الله معلقا على ذلك :
وهذان الأصلان العظيمان ذكرهما شيخ الإسلام – رحمه الله – في كتبه ، وذكر أن الأصل الذي بنى عليه الإمام أحمد مذهبه : أن العادات الأصل فيها الإباحة ، فلا يحرم منها إلا ما ورد تحريمه… إلى أن قال : فالعادات هي ما اعتاده الناس من المآكل والمشارب ، وأصناف الملابس والذهاب والمجيء ، وسائر التصرفات المعتادة ، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله ، إما نصا صريحا ، أو يدخل في عموم ، أو قياس صحيح ، وإلا فسائر العادات حلال ، والدليل على حلها قوله تعالى : " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا " (البقرة : 29) فهذا يدل على أنه خلق لنا ما في الأرض جميعه لننتفع به على أي وجه من وجوه الانتفاع .
(المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبدالر حمن بن سعدي 1/143)
وإذا كانت التهاني من باب العادات ، فلا ينكر منها إلا ما أنكره الشرع ، ولذا مرر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب ، بل رغب في بعضها ، وحرم بعضها ، كالسجود للتحية .
حكم التهنئة بدخول الشهر الكريم :
روى ابن خزيمة في صحيحه (3/191) عن سلمان – رضي الله عنه – قال : خطبنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في آخر يوم من شعبان ، فقال : أيها الناس ، قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ن شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ……الحديث .
قال ابن رجب – رحمه الله – في لطائف المعارف (ص279) : هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا في شهر رمضان .
وإنما تأخر الاستدلال به على مسألتنا لأنه لم يثبت ، بل هو حديث منكر كما قال الإمام أبو حاتم الرازي في العلل (1/249) ، ولذا بوب عليه الإمام ابن خزيمة في صحيحه بقوله : باب فضائل شهر رمضان ، إن صح الخبر .
وفي سنده علي بن زيد بن جُدعان وهو ضعيف .
وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها ، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها ، وفي أربع روايات عن الإمام أحمد – رحمه الله – ذكرها ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/219) ، وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه .
وقال الإمام أحمد – رحمه الله - : ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد تقبل الله منا ومنك .
وقال حرب : سئل أحمد عن قول الناس : تقبل الله منا ومنكم ؟ قال : لا بأس ، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة ، قيل وواثلة بن الأسقع ؟ قال : نعم قيل فلا تكره أن يقال : هذا يوم العيد ؟ . قال : لا . (المغني لابن قدامة 3/294) .
فيقال : إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها ، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسم من أعظم مواسم الطاعات ، وتنزل الرحمات ومضاعفة الحسنات والتجارة مع الله .. من باب أولى ، والله أعلم .
ثم نقل كاتب المقال عمر المقبل أقوال العلماء في قصة كعب بن مالك – رضي الله عنه – ومنهم ابن القيم والحافظ ابن حجر .
ثم قال :
خلاصة المسألة :
وبعد هذا العرض الموجز يظهر أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر ، لا يُمنع منها ، ولا ينكر على من تركها والله أعلم .
هذا وقد سألت : شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين عن التهنئة بدخول شهر رمضان ، فقال : طيبة جدا . وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ حال بحثي في هذه المسألة ، والتي أسأل الله عزوجل أن أكون قد وفقت فيها للصواب فإن كان كذلك فمن الله وحده ، وإن كان ما قلته خطأ فأنا أهل له ، والله ورسوله منه بريئان ، واستغفر الله العظيم .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . ا.هـ.
كلام صاحب المقال بتصرف .
فجزى الله كاتب المقال خير الجزاء .
وأما حديث سلمان الآنف فقد كتبت هذا البحث عنه :
عن سلمان قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال : يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ، و قيام ليله تطوعا ، و من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، و من أدى فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، و هو شهر الصبر و الصبر ثوابه الجنة ، و شهر المواساة ، و شهر يزاد فيه رزق المؤمن ، و من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه ، و عتق رقبته من النار ، و كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء قالوا : يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم ، قال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن ، أو تمرة ، أو شربة من ماء ، و من أشبع صائما سقاه الله من الحوض شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ، و هو شهر أوله رحمة و وسطه مغفرة و آخره عتق من النار ، فاستكثروا فيه من أربع خصال ، خصلتان ترضون بهما ربكم ، و خصلتان لاغنى بكم منهما ، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله ، و تستغفرونه ، و أما الخصلتان اللتان لاغنى بكم عنهما، فتسألون الجنة و تعوذون من النار .
أخرجه ابن خزيمة (1887) في صحيحه ، وبوب عليه : باب فضائل شهر رمضان إن صح الخبر .
وقال العقيلي في " الضعفاء " (1/35) :
" ... وذكر حديثا طويلا في فضل شهر رمضان قد رُوي من غير وجه ليس له طريق ثَبْتٌ بيِّن .ا.هـ.
وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1/249) :
" سألت أبي عن حديث حدثناه الحسن بن عرفة عن عبد الله ابن بكر السهمي قال حدثني اياس عن علي بن زيد بن جذعان عن سعيد بن المسيب ان سلمان الفارسي قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال يا أيها الناس انه قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر فرض الله صيامه وجعل قيامه تطوعا وذكر له الحديث ، فقال : هذا حديث منكر غلط فيه عبد الله بن بكر انماهو أبان بن ابي عياش فجعل عبد الله بن بكر ابان اياس .ا.هـ.
والحديث في سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف .
وقال العلامة الألباني في الضعيفة (871) : مـنـكـر ... قلت : وهذا سند ضعيف من أجل علي بن زيد بن جدعان ، فإنه ضعيف كما قال أحمد وغيره ، وبين السبب الإمام ابن خزيمة فقال : " لا أحتج به لسوء حفظه " . ولذلك لما روى الحديث في صحيحه قرنه بقوله : " إن صح الخبر " . وأقره المنذري في " الترغيب " وقال : إن البيهقي رواه من طريقه " ...ا.هـ.
وللشيخ تعليق على هذا الحديث فليُرجع إليه .
قال كاتب المقال عمر المقبل :
هذا بحث مختصر حول " حكم التهنئة بدخول شهر رمضان " حاولت أن أجمع أطرافه ، ملتمسا في ذلك طلب الحق – إن شاء الله تعالى -.
قبل البدء بذكر حكم المسألة لابد من تأصيل موضوع " التهنئة " .
فيقال : التهاني - من حيث الأصل – من باب العادات ، والتي الأصل فيها الإباحة ، حتى يأتي دليل يخصها ، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر .
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي – رحمه الله – في منظومة القواعد :
والأصل في عاداتنا الإباحة ***حتى يجيء صارف الإباحة
وليس مشروعا من الأمور *** غير الذي في شرعنا مذكور
ثم قال – رحمه الله معلقا على ذلك :
وهذان الأصلان العظيمان ذكرهما شيخ الإسلام – رحمه الله – في كتبه ، وذكر أن الأصل الذي بنى عليه الإمام أحمد مذهبه : أن العادات الأصل فيها الإباحة ، فلا يحرم منها إلا ما ورد تحريمه… إلى أن قال : فالعادات هي ما اعتاده الناس من المآكل والمشارب ، وأصناف الملابس والذهاب والمجيء ، وسائر التصرفات المعتادة ، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله ، إما نصا صريحا ، أو يدخل في عموم ، أو قياس صحيح ، وإلا فسائر العادات حلال ، والدليل على حلها قوله تعالى : " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا " (البقرة : 29) فهذا يدل على أنه خلق لنا ما في الأرض جميعه لننتفع به على أي وجه من وجوه الانتفاع .
(المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبدالر حمن بن سعدي 1/143)
وإذا كانت التهاني من باب العادات ، فلا ينكر منها إلا ما أنكره الشرع ، ولذا مرر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب ، بل رغب في بعضها ، وحرم بعضها ، كالسجود للتحية .
حكم التهنئة بدخول الشهر الكريم :
روى ابن خزيمة في صحيحه (3/191) عن سلمان – رضي الله عنه – قال : خطبنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في آخر يوم من شعبان ، فقال : أيها الناس ، قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ن شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ……الحديث .
قال ابن رجب – رحمه الله – في لطائف المعارف (ص279) : هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا في شهر رمضان .
وإنما تأخر الاستدلال به على مسألتنا لأنه لم يثبت ، بل هو حديث منكر كما قال الإمام أبو حاتم الرازي في العلل (1/249) ، ولذا بوب عليه الإمام ابن خزيمة في صحيحه بقوله : باب فضائل شهر رمضان ، إن صح الخبر .
وفي سنده علي بن زيد بن جُدعان وهو ضعيف .
وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها ، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها ، وفي أربع روايات عن الإمام أحمد – رحمه الله – ذكرها ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/219) ، وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه .
وقال الإمام أحمد – رحمه الله - : ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد تقبل الله منا ومنك .
وقال حرب : سئل أحمد عن قول الناس : تقبل الله منا ومنكم ؟ قال : لا بأس ، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة ، قيل وواثلة بن الأسقع ؟ قال : نعم قيل فلا تكره أن يقال : هذا يوم العيد ؟ . قال : لا . (المغني لابن قدامة 3/294) .
فيقال : إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها ، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسم من أعظم مواسم الطاعات ، وتنزل الرحمات ومضاعفة الحسنات والتجارة مع الله .. من باب أولى ، والله أعلم .
ثم نقل كاتب المقال عمر المقبل أقوال العلماء في قصة كعب بن مالك – رضي الله عنه – ومنهم ابن القيم والحافظ ابن حجر .
ثم قال :
خلاصة المسألة :
وبعد هذا العرض الموجز يظهر أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر ، لا يُمنع منها ، ولا ينكر على من تركها والله أعلم .
هذا وقد سألت : شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين عن التهنئة بدخول شهر رمضان ، فقال : طيبة جدا . وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ حال بحثي في هذه المسألة ، والتي أسأل الله عزوجل أن أكون قد وفقت فيها للصواب فإن كان كذلك فمن الله وحده ، وإن كان ما قلته خطأ فأنا أهل له ، والله ورسوله منه بريئان ، واستغفر الله العظيم .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . ا.هـ.
كلام صاحب المقال بتصرف .
فجزى الله كاتب المقال خير الجزاء .
وأما حديث سلمان الآنف فقد كتبت هذا البحث عنه :
عن سلمان قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال : يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ، و قيام ليله تطوعا ، و من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، و من أدى فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، و هو شهر الصبر و الصبر ثوابه الجنة ، و شهر المواساة ، و شهر يزاد فيه رزق المؤمن ، و من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه ، و عتق رقبته من النار ، و كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء قالوا : يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم ، قال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن ، أو تمرة ، أو شربة من ماء ، و من أشبع صائما سقاه الله من الحوض شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة ، و هو شهر أوله رحمة و وسطه مغفرة و آخره عتق من النار ، فاستكثروا فيه من أربع خصال ، خصلتان ترضون بهما ربكم ، و خصلتان لاغنى بكم منهما ، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله ، و تستغفرونه ، و أما الخصلتان اللتان لاغنى بكم عنهما، فتسألون الجنة و تعوذون من النار .
أخرجه ابن خزيمة (1887) في صحيحه ، وبوب عليه : باب فضائل شهر رمضان إن صح الخبر .
وقال العقيلي في " الضعفاء " (1/35) :
" ... وذكر حديثا طويلا في فضل شهر رمضان قد رُوي من غير وجه ليس له طريق ثَبْتٌ بيِّن .ا.هـ.
وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1/249) :
" سألت أبي عن حديث حدثناه الحسن بن عرفة عن عبد الله ابن بكر السهمي قال حدثني اياس عن علي بن زيد بن جذعان عن سعيد بن المسيب ان سلمان الفارسي قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان فقال يا أيها الناس انه قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك فيه ليلة خير من ألف شهر فرض الله صيامه وجعل قيامه تطوعا وذكر له الحديث ، فقال : هذا حديث منكر غلط فيه عبد الله بن بكر انماهو أبان بن ابي عياش فجعل عبد الله بن بكر ابان اياس .ا.هـ.
والحديث في سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف .
وقال العلامة الألباني في الضعيفة (871) : مـنـكـر ... قلت : وهذا سند ضعيف من أجل علي بن زيد بن جدعان ، فإنه ضعيف كما قال أحمد وغيره ، وبين السبب الإمام ابن خزيمة فقال : " لا أحتج به لسوء حفظه " . ولذلك لما روى الحديث في صحيحه قرنه بقوله : " إن صح الخبر " . وأقره المنذري في " الترغيب " وقال : إن البيهقي رواه من طريقه " ...ا.هـ.
وللشيخ تعليق على هذا الحديث فليُرجع إليه .