المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أحكام الصيام و مفسدات الصومِ /الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي


كيف حالك ؟

هادي بن علي
09-17-2007, 09:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

حكم الصِّيَام وَحكمته
- مَا حُكمُ اَلصِّيَام وَمَا حِكمَتُه ؟
الجوابُ : وباللَّهِ التَّوفِيقُ .
أمَّا حِكمَة الصِّيَامِ : فَقَد ذَكَرَ اللَّه في ذَلِكَ معنى جامعًا فَقَالَ :
﴿ يَا أيهَا الذِينَ آمْنُوَا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ على الذِينَ مِن قَبْلِكُم ْ لَعَلَّكُمْ تَتَّفُّونَ ﴾ [ البقرة : 183 ] يَجمَعُ جَميعَ مَا قَالَهُ النَّاسُ في حِكمَةِ اَلصِّيَام ، فإنَّ التَّقوى اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ ما يَحِبهِ اللَّهُ وَيُرِضَّاهُ مِنَ المحبُوبَاتِ وتَركِ المنهِيَّاتِ .
فالصِّيَامُ الطَّرِيقُ الأَعظَمُ للوصُولِ إِلَى هَذِهِ الغَايَةِ الَّتِي هِيَ غَايَةُ سَعَادَةِ العَبدِ في دينه ودُنيَاهُ وآخِرَتِهِ .
فَالصَّائمُ يَتقرَّبُ إِلَى اللَّه بتَركِ المشتَهيَاتِ ؛ تقديمًا لمحبتهِ على محبَّةِ النَّفسِ ، وَلِهَذَا اختصَّهُ اللَّه مِن بين الأَعمَالِ حَيْثُ أَضَافَهُ إِلى نَفسه في اَلْحَدِيث الصَّحيحِ.
وَهُوَ مِن أُصُولِ التَّقوَى ، إِذِ الإسْلامُ لا يتمُّ بِدُونِه .
وفِيهِ مِن زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَحُصُول الصَّبرِ والتَّمرُّنِ على المشَقاتِ اَلْمُقَرّبَة إلَى رَبِّ السَّمواتِ .
وأَنَّه سَبَب لكثرَةِ الحسَنَاتِ مِن صَلاةٍ وقرَاءَة وذِكرٍ وصَدَقَةٍ ما يحقِّقُ التَّقوَى.
وفِيهِ مِن رَدعِ النَّفسِ عَنِ الأُمُورِ المحرَّمَةِ مِنَ اَلأَفْعَال المحرّمَةِ والكَلامِ المحرَّمِ مَا هُوَ عِمَادُ التَّقوَى .
وفي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ : ﴿ مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ بِه ؛ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ﴾.
فيتقرَّبُ العَبدُ إِلَى اللَّهِ بِتَركِ المحرَّمَاتِ مُطلقًا ، وهِيَ :
•قَولُ الزُّورِ ، وَهُوَ كُلُّ كَلامٍ محرَّمٍ .
•والعَمَل بالزَّورِ ، وَهُوَ كُلُّ فِعْلٍ محرَّمٍ .
•وبتَركِ المحرَّمَاتِ لِعَارضِ الصَّوم وَهِيَ المفطِرَاتُ
ولما كَانَ فِيهِ مِنَ المصَالِحِ والفَوَائِدِ وتَحصِيلِ الخيرَاتِ والأُجُورِ مَا يقتَضِي شَرعُهُ في جَميعِ الأوقَاتِ ؛ أخبرَ تَعَالى أنه كَتَبَه عَلَينَا كما كَتَبَهُ على الَّذِين مِن قَبلِنَا ، وهَذَا شَأنه تَعَالَى في شَرَائِعهِ العَامَّةِ للمصَالح .
وأَمَّا أَحْكَامهُ فتجرِي فِيهِ جَميعُ الأَحْكَامِ التكليفيَّةِ بحسَبِ اَلأَسْبَاب .
أَمَّا الوَاجِبُ والفَرْضُ : فَهُو صِيَامُ شَهر رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ مسلِمٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ ، وَكَذَلِكَ : صَومُ النَّذْرِ والكَفارَةِ .
وأَمَّا المحرمُ : فَصَومُ أيام العِيدِ ، وأَيامِ التَّشْرِيقِ إِلا لمتمتِّعٍ وقَارِنٍ عدم الهدي وَلَم يَصُمْ قَبْلَ يَومِ النَّحرِ .
ومِنَ الصَّومِ المحرَّمِ : صَومُ الحَائضِ وَالنُّفَسَاء ، والمرِيضِ الَّذِي يخافُ التَّلَفَ .
وكذَلِكَ يَجِبُ الفِطرُ عَلَى من يَحتَاجُه لإِنقَاذِ مَعصُومٍ مِن هَلكَةٍ .
وأَمَّا الصَّومُ المسنُونُ : فَهُوَ صَومُ اَلتَّطَوُّع المقيَّدِ وَالْمُطْلَق.
وأَمَّا المكرُوهُ : فَهُوَ صَومُ اَلْمَرِيض الَّذِي عَلَيهِ مشقَّة .
وأَمَّا الجَائزُ : فَهُوَ صَومُ المسَافِرِ يجوزُ أَن يَصُومَ ، وأن يُفطِرَ خُصُوصًا إِذَا سَافَرَ في يومِ ابتداء صَومه في الحَضَرِ .
مفسدات الصَّوم
- مَا هِي مفسِدَاتُ الصَّومِ ؟الجواب : هِيَ :
•الأَكْلُ بجمِيعِ أنواعِهِ .
•والشَّربُ كَذَلِكَ .
•والجماعُ .
فَهَذِهِ مُفطِرَاتٌ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ والإِجمَاعِ .
وهَذَا المفصُودُ اَلأَعْظَم في الإِمسَاكِ عَنهَا .
•وكَذَلِكَ مِنَ المفطِرَاتِ : أَنْ يُبَاشِرَ بِلذةٍ فَيُمني أَو يمذي عَلَى المذهَبِ والقَولُ اَلأَخر : أَنَّه لا فِطرَ إِلا بالإِمنَاءِ .
وَهُوَ الصَّحِيحُ لكن تَحرُمُ المباشَرَةُ بلذةٍ للصَّائِمِ والمصَلِّي والمعتَكِفِ والمحرِمِ بِحَجّ أَو غمرَةٍ وتَنقضُ الوضُوءَ .
•وكَذَلِكَ : القَيءُ عَمدًا لا يُفطِرُ إِن ذَرَعَهُ القَيءُ .
•وكذَلِكَ الحجَامَةُ حَاجمًا كَانَ أَو محجومًا .
•وأمَّا الاكتِحالُ والتَّداوِي والاحتِقَانُ ومداوَاةُ الجروحِ إِذا وصَلَ ذَلِكَ إِلى حَلقِهِ أَو جَوفِهِ ، فالمذهَبُ فِطرُه بِذَلِكَ .
واختار الشَّيخُ تقي الدِّينِ لا فِطرَ بذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لأَنَّه لم يَرِد فِيهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ ، وَلا هُوَ في حُكمِ ألأَكْلِ والشَّربِ .
•أَمَّا إيصَالُ الأَغذِيَة بالإِبرَةِ إِلَى جَوفِهِ مِن طَعَامٍ أو شَرَابٍ فَلا يُشَكُّ في فطرِهِ بِه ؛ لأَنَّه فِي مَعنَى الأَكلِ والشُّربِ مِن غيرِ فَرقٍ .
فإِنْ فَعلَ شيئًا من المفطِرَاتِ ناسيًا لم يفطر إِلا في الجماعِ عَلَى المذهَبِ .
وعَلَى الصَّحِيحِ : حُكمُه كالأَكْلِ والشُّربِ .
وكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ : الجَاهِلِ كالنَّاسِي ، واللَّهُ أعلَمُ .
حكم من مَات قَبلَ أن يَصُومَ الوَاجِبَ عَليهِ
- مَن مَاتَ قَبلَ أَن يَصُومَ الوَاجِبَ عَلَيهِ مَا حُكمهُ ؟
الجواب : إِذا مَاتَ فَبَلْ أَن يَصُومَ الوَاجِبَ عَلَيهِ مِن رمضَانَ أَو غيرِه فَلا يَخلُو : إِمَّا أَن يَكُونَ قد تمكَّنَ مِن أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيهِ مِن غَيرِ عُذرِ مَرضٍ وَلا سَفَرٍ وَلا عَجزٍ ، أَو لا يَكُون قد تَمكَّنَ .
فإن كَانَ قَد تَمكَّنَ مِن صِيَامِهِ ، وَلَم يَكُن عُذرٌ يمنَعُه مِن أدائه :
فَهَذَا لا يَخلُو إما أَنْ يَكُونَ صِيَامُهُ نَذرًا مُوجبًا له على نفسه ، أو كَانَ وَاجِبًا عَلَيهِ بأَصلِ الشَّرعِ كَالقَضَاءِ لرمضَان والكفارَةِ .
•فإِن كَانَ نَذرًا : صَامَ عَنهُ وَلِيُّه استِحبَابًا .
•وإن كَانَ قَد خَلَّفَ تَرِكَةً : وَجَبَ أنْ يُصَامَ عَنْهُ .
وكذَلِكَ جَميعُ الوَاجِبَاتِ بِالنَّذْرِ كُلُّها تُفعَلُ عَنِ الميِّتِ ؛ لأَنّ اَلنِّيَابَة دَخَلَتْ فِيهَا لخفتِهَا ؛ لِكَونِهَا أقل مَرْتَبَة مِنَ الواجِبَةِ بأَصْلِ الشَّرعِ .
•وإِنْ كَانَ وَاجِبًا بأَصْلِ الشَّرعِ ، كَمن مَاتَ وَعَلَيهِ قَضَاءُ رَمَضَان ، وقد عُوفِيَ وَلَم يَصُمه : فإِنه يَجِبُ أَنْ يُطْعَمَ عَنهُ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينٌ ، بعَدَدِ مَاعِلِيهِ .
وعِندَ الشَّيخ تَقِيُ الدِّين : إنْ صِيمَ عَنْهُ أيضًا أَجزَأَ ، أَوْ هُوَ قوي المأخَذِ .
الحالُ الثَّالي : أنْ يَمُوتَ قَبلَ أَنْ يتمكَّنَ مِنْ أَدَاءِ مَا عَلَيهِ:
مثل أَن يَمرَضَ في رَمَضَانَ وَيموتَ في أَثنَائِه ، وقد أفطَرَ لِذَلِكَ المرضِ أو يَستَمِرّ به المرَضُ حَتَّى يَمُوتَ وَلَو بَعدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ : فَهَذَا لا يُكَفرُ عَنهُ لعَدَمِ تفريطِه ؛ وَلأَنه لم يَترُك ذَلِكَ إلا لعُذرٍ . وإن كَانَ كفارة فكَذَلِكَ .
وإن كَانَ نَذْرًا :
•فإن عَيَّن لَهُ وقتًا ، ومَاتَ قَبلَ ذَلِكَ الوَقتِ كَأَنْ عَينَ مثلاً عَشر ذي الحجَّةِ ، ومَاتَ في ذِي القعدَةِ : لم يَكُن عَلَيهِ شَيء فَلا يَقضِي ؛ لِعَدَمِ إِدرَاكِ ما يتعلَّقُ به الوُجُوبُ .
•وإِن لم يعيِّن وَقتًا أو عَيّنَ وقتًا وفَرَّط وَلَم يَصُمْه : وَجَبَ أن يُقضَى عَنهُ وإن لم يُفَرّطْ بل صَادَفَهُ الوَقتُ مَرِيضًا ونحوه فيُقضَى أيضًا عَلَى المذهَبِ ؛ لأَنَّه أَدرَكَهُ وَقتَ الوُجُوبِ .
والصَّحِيحُ : أَنَّ حُكمَهُ حُكمُ الوَاجِبِ بأَصْلِ الشَّرعِ وَهُوَ أَحَدُ اَلْقولَيْنِ في المذهَبِ وَهُوَ الموافِقُ لقاعِدَةِ المذهَبِ .
فإِنَّ القَاعِدَةَ : أَنَّ الوَاجِبَ بالنَّذرِ أَنَّه يُحذَى به حَذوَ الوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرعِ . فنِهَايَةُ اَلأَمْر يُلحَقُ به إِلحاقًا .
وأَمَّا كَونُه يَكُونُ أَقوَى مِنهُ فبَعِيدٌ جدًّا ، واللَّهُ أعلَمُ .
منقول من كتاب نيل الفقه بأقرب الطرق وأيسر الأسباب

بن حمد الأثري
09-29-2007, 06:36 PM
للرفــــــــع

هادي بن علي
09-30-2007, 03:29 PM
بارك الله فيك

البلوشي
08-13-2010, 02:34 PM
بارك الله فيكم

12d8c7a34f47c2e9d3==