البلوشي
09-03-2008, 10:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الصيام بنية واحدة لجميع الشهر وأقوال السلف في ذلك
وتعتبر النية لكل يوم وبهذا قال أبو حنيفة, والشافعي وابن المنذر وعن أحمد أنه تجزئه نية واحدة لجميع الشهر إذا نوى صوم جميعه وهذا مذهب مالك, وإسحاق لأنه نوى في زمن يصلح جنسه لنية الصوم فجاز كما لو نوى كل يوم في ليلته ولنا أنه صوم واجب, فوجب أن ينوي كل يوم من ليلته كالقضاء ولأن هذه الأيام عبادات لا يفسد بعضها بفساد بعض ويتخللها ما ينافيها, فأشبهت القضاء وبهذا فارقت اليوم الأول وعلى قياس رمضان إذا نذر صوم شهر بعينه فيخرج فيه مثل ما ذكرناه في رمضان .
فصل:
ومعنى النية القصد, وهو اعتقاد القلب فعل شيء وعزمه عليه من غير تردد, فمتى خطر بقلبه في الليل أن غدا من رمضان وأنه صائم فيه فقد نوى وإن شك في أنه من رمضان ولم يكن له أصل يبني عليه, مثل أن يكون ليلة الثلاثين من شعبان ولم يحل دون مطلع الهلال غيم ولا قتر فعزم أن يصوم غدا من رمضان, لم تصح النية ولا يجزئه صيام ذلك اليوم لأن النية قصد تتبع العلم, وما لا يعلمه ولا دليل على وجوده ولا هو على ثقة من اعتقاده لا يصح قصده وبهذا قال حماد وربيعة ومالك, وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وابن المنذر وقال الثوري, والأوزاعي: يصح إذا نواه من الليل لأنه نوى الصيام من الليل فصح كاليوم الثاني وعن الشافعي كالمذهبين ولنا أنه لم يجزم النية بصومه من رمضان, فلم يصح كما لو لم يعلم إلا بعد خروجه وكذلك لو بنى على قول المنجمين وأهل المعرفة بالحساب فوافق الصواب, لم يصح صومه وإن كثرت إصابتهم لأنه ليس بدليل شرعي يجوز البناء عليه, ولا العمل به فكان وجوده كعدمه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته, وأفطروا لرؤيته) وفي رواية: (لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه) فأما ليلة الثلاثين من رمضان فتصح نيته, وإن احتمل أن يكون من شوال لأن الأصل بقاء رمضان وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بصومه بقوله: (ولا تفطروا حتى تروه) لكن إن قال: إن كان غدا من رمضان فأنا صائم, وإن كان من شوال فأنا مفطر فقال ابن عقيل لا يصح صومه: لأنه لم يجزم بنية الصيام والنية اعتقاد جازم ويحتمل أن يصح لأن هذا شرط واقع والأصل بقاء رمضان .
فصل:
ويجب تعيين النية في كل صوم واجب, وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان أو من قضائه أو من كفارته, أو نذره نص عليه أحمد في رواية الأثرم فإنه قال: قلت لأبي عبد الله: أسير صام في أرض الروم شهر رمضان, ولا يعلم أنه رمضان ينوي التطوع؟ قال: لا يجزئه إلا بعزيمة أنه من رمضان ولا يجزئه في يوم الشك إذا أصبح صائما وإن كان من رمضان إلا بعزيمة من الليل أنه من رمضان وبهذا قال مالك, والشافعي وعن أحمد رواية أخرى أنه لا يجب تعيين النية لرمضان فإن المروذي روى عن أحمد, أنه قال: يكون يوم الشك يوم غيم إذا أجمعنا على أننا نصبح صياما يجزئنا من رمضان وإن لم نعتقد أنه من رمضان؟ قال: نعم قلت فقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات) أليس يريد أن ينوي أنه من رمضان؟ قال: لا إذا نوى من الليل أنه صائم أجزأه وحكى أبو حفص العكبري, عن بعض أصحابنا أنه قال: ولو نوى نفلا وقع عنه رمضان وصح صومه وهذا قول أبي حنيفة وقال بعض أصحابنا: ولو نوى أن يصوم تطوعا ليلة الثلاثين من رمضان فوافق رمضان أجزأه قال القاضي: وجدت هذا الكلام اختيارا لأبي القاسم, ذكره في "شرحه" وقال أبو حفص: لا يجزئه إلا أن يعتقد من الليل بلا شك ولا تلوم فعلى القول الثاني: لو نوى في رمضان الصوم مطلقا أو نوى نفلا, وقع عن رمضان وصح صومه وهذا قول أبي حنيفة إذا كان مقميا لأنه فرض مستحق في زمن بعينه فلا يجب تعيين النية له, كطواف الزيارة ولنا أنه صوم واجب فوجب تعيين النية له كالقضاء وطواف الزيارة, كمسألتنا في افتقاره إلى التعيين فلو طاف ينوي به الوداع أو طاف بنية الطواف مطلقا, لم يجزئه عن طواف الزيارة ثم الحج مخالف للصوم ولهذا ينعقد مطلقا وينصرف إلى الفرض ولو حج عن غيره, ولم يكن حج عن نفسه وقع عن نفسه ولو نوى الإحرام بمثل ما أحرم به فلان صح, وينعقد فاسدا بخلاف الصوم.
فصل:
ولو نوى ليلة الشك إن كان غدا من رمضان فأنا صائم, فرضا وإلا فهو نفل لم يجزئه على الرواية الأولى لأنه لم يعين الصوم من رمضان جزما, ويجزئه على الأخرى لأنه قد نوى الصوم ولو كان عليه صوم من سنة خمس فنوى أنه يصوم عن سنة ست أو نوى الصوم عن يوم الأحد, وكان الاثنين أو ظن أن غدا الأحد فنواه, وكان الاثنين صح صومه لأن نية الصوم لم تختل وإنما أخطأ في الوقت.
فصل:
وإذا عين النية عن صوم رمضان, أو قضائه أو كفارة أو نذر لم يحتج أن ينوي كونه فرضا وقال ابن حامد: يجب ذلك وقد مر بيان ذلك في الصلاة.
منقول من كتاب العظيم المغني موفق الدين أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي الحنبلي
الصيام بنية واحدة لجميع الشهر وأقوال السلف في ذلك
وتعتبر النية لكل يوم وبهذا قال أبو حنيفة, والشافعي وابن المنذر وعن أحمد أنه تجزئه نية واحدة لجميع الشهر إذا نوى صوم جميعه وهذا مذهب مالك, وإسحاق لأنه نوى في زمن يصلح جنسه لنية الصوم فجاز كما لو نوى كل يوم في ليلته ولنا أنه صوم واجب, فوجب أن ينوي كل يوم من ليلته كالقضاء ولأن هذه الأيام عبادات لا يفسد بعضها بفساد بعض ويتخللها ما ينافيها, فأشبهت القضاء وبهذا فارقت اليوم الأول وعلى قياس رمضان إذا نذر صوم شهر بعينه فيخرج فيه مثل ما ذكرناه في رمضان .
فصل:
ومعنى النية القصد, وهو اعتقاد القلب فعل شيء وعزمه عليه من غير تردد, فمتى خطر بقلبه في الليل أن غدا من رمضان وأنه صائم فيه فقد نوى وإن شك في أنه من رمضان ولم يكن له أصل يبني عليه, مثل أن يكون ليلة الثلاثين من شعبان ولم يحل دون مطلع الهلال غيم ولا قتر فعزم أن يصوم غدا من رمضان, لم تصح النية ولا يجزئه صيام ذلك اليوم لأن النية قصد تتبع العلم, وما لا يعلمه ولا دليل على وجوده ولا هو على ثقة من اعتقاده لا يصح قصده وبهذا قال حماد وربيعة ومالك, وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وابن المنذر وقال الثوري, والأوزاعي: يصح إذا نواه من الليل لأنه نوى الصيام من الليل فصح كاليوم الثاني وعن الشافعي كالمذهبين ولنا أنه لم يجزم النية بصومه من رمضان, فلم يصح كما لو لم يعلم إلا بعد خروجه وكذلك لو بنى على قول المنجمين وأهل المعرفة بالحساب فوافق الصواب, لم يصح صومه وإن كثرت إصابتهم لأنه ليس بدليل شرعي يجوز البناء عليه, ولا العمل به فكان وجوده كعدمه قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صوموا لرؤيته, وأفطروا لرؤيته) وفي رواية: (لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه) فأما ليلة الثلاثين من رمضان فتصح نيته, وإن احتمل أن يكون من شوال لأن الأصل بقاء رمضان وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بصومه بقوله: (ولا تفطروا حتى تروه) لكن إن قال: إن كان غدا من رمضان فأنا صائم, وإن كان من شوال فأنا مفطر فقال ابن عقيل لا يصح صومه: لأنه لم يجزم بنية الصيام والنية اعتقاد جازم ويحتمل أن يصح لأن هذا شرط واقع والأصل بقاء رمضان .
فصل:
ويجب تعيين النية في كل صوم واجب, وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان أو من قضائه أو من كفارته, أو نذره نص عليه أحمد في رواية الأثرم فإنه قال: قلت لأبي عبد الله: أسير صام في أرض الروم شهر رمضان, ولا يعلم أنه رمضان ينوي التطوع؟ قال: لا يجزئه إلا بعزيمة أنه من رمضان ولا يجزئه في يوم الشك إذا أصبح صائما وإن كان من رمضان إلا بعزيمة من الليل أنه من رمضان وبهذا قال مالك, والشافعي وعن أحمد رواية أخرى أنه لا يجب تعيين النية لرمضان فإن المروذي روى عن أحمد, أنه قال: يكون يوم الشك يوم غيم إذا أجمعنا على أننا نصبح صياما يجزئنا من رمضان وإن لم نعتقد أنه من رمضان؟ قال: نعم قلت فقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات) أليس يريد أن ينوي أنه من رمضان؟ قال: لا إذا نوى من الليل أنه صائم أجزأه وحكى أبو حفص العكبري, عن بعض أصحابنا أنه قال: ولو نوى نفلا وقع عنه رمضان وصح صومه وهذا قول أبي حنيفة وقال بعض أصحابنا: ولو نوى أن يصوم تطوعا ليلة الثلاثين من رمضان فوافق رمضان أجزأه قال القاضي: وجدت هذا الكلام اختيارا لأبي القاسم, ذكره في "شرحه" وقال أبو حفص: لا يجزئه إلا أن يعتقد من الليل بلا شك ولا تلوم فعلى القول الثاني: لو نوى في رمضان الصوم مطلقا أو نوى نفلا, وقع عن رمضان وصح صومه وهذا قول أبي حنيفة إذا كان مقميا لأنه فرض مستحق في زمن بعينه فلا يجب تعيين النية له, كطواف الزيارة ولنا أنه صوم واجب فوجب تعيين النية له كالقضاء وطواف الزيارة, كمسألتنا في افتقاره إلى التعيين فلو طاف ينوي به الوداع أو طاف بنية الطواف مطلقا, لم يجزئه عن طواف الزيارة ثم الحج مخالف للصوم ولهذا ينعقد مطلقا وينصرف إلى الفرض ولو حج عن غيره, ولم يكن حج عن نفسه وقع عن نفسه ولو نوى الإحرام بمثل ما أحرم به فلان صح, وينعقد فاسدا بخلاف الصوم.
فصل:
ولو نوى ليلة الشك إن كان غدا من رمضان فأنا صائم, فرضا وإلا فهو نفل لم يجزئه على الرواية الأولى لأنه لم يعين الصوم من رمضان جزما, ويجزئه على الأخرى لأنه قد نوى الصوم ولو كان عليه صوم من سنة خمس فنوى أنه يصوم عن سنة ست أو نوى الصوم عن يوم الأحد, وكان الاثنين أو ظن أن غدا الأحد فنواه, وكان الاثنين صح صومه لأن نية الصوم لم تختل وإنما أخطأ في الوقت.
فصل:
وإذا عين النية عن صوم رمضان, أو قضائه أو كفارة أو نذر لم يحتج أن ينوي كونه فرضا وقال ابن حامد: يجب ذلك وقد مر بيان ذلك في الصلاة.
منقول من كتاب العظيم المغني موفق الدين أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي الحنبلي