المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحوث في الصيام ينبغي إلالمام بها


كيف حالك ؟

قاسم علي
08-03-2011, 06:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

بحوث في الصيام ينبغي إلالمام بها للعلامة الشيخ الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله



حكم تعليق النية في الصوم


البحث الأول: رجل نام -أو امرأة- نام ليلة الثلاثين من شعبان قبل أن يثبت الشهر فقال بقلبه: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، ولم يقم إلا بعد طلوع الفجر، وإذا الناس قد صاموا، فهل يجزئه صوم ذلك اليوم أو لا؟ الجواب: يجزئه؛ لأنه نوى شيئاً محتملاً، يعني: ليلة الثلاثين من شعبان يمكن أن تكون هي أول يوم من رمضان، أليس كذلك؟ وقد استثنى: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم فصار غداً من رمضان، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) هذا الرجل له ما نوى أو لا؟ نعم. له ما نوى، وقد نوى إن كان غداً من رمضان فهو صائم. فإذا قال إنسان: هذا شرط في العبادة، والشرط في العبادة ليس بصحيح، فلابد من الجزم بالعبادة. قلنا: بل الشرط في العبادة صحيح، الدليل: أن ضباعة بنت الزبير أرادت الحج فأتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: (يا رسول الله! إني أريد الحج وأنا شاكية -أي: مريضة- فقال لها: حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيت) الله أكبر! حجي واشترطي، ما دمت مريضة تخشين ألا تكملين النسك فاشترطي، قولي: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ثم قال: إن لك على ربك ما استثنيت).


حكم من أكل وشرب ظاناً بقاء الليل أو دخوله ثم تبين خطؤه



ثانياً: رجل قام في ليلة من ليالي رمضان ونظر إلى الساعة فأخطأ في نظره وظن أنه في ليل فجعل يأكل ويشرب، وإذا بالإقامة تقام للصلاة فأمسك، من حين ما سمع الإقامة أمسك، لكن الإقامة أولَّها شك هل هي إقامة أو أذان؟ فلما قال: قد قامت الصلاة عرف أنها إقامة فأمسك، أيصح صومه؟ يصح صومه، نعم يصح صومه وإن كان قد أكل في النهار؛ لأنه أكل جاهلاً، لا يدري أنه في النهار، بل يظن أنه في ليل، فصومه صحيح. فإذا قال قائل: ما هو الدليل على أن صومه صحيح؟ قلنا: لأنه أخذ برخصة الله، وقد قال الله تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ [البقرة:187] إذاً هو أكل برخصة من الله؛ لأنه ما تبين له، فليس عليه قضاء وصيامه صحيح، والدليل هذه الآية: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187]. أيضاً دليل آخر: قال الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ماذا قال الرب عز وجل؟ قال: قد فعلت. أي: لن أؤاخذكم إن نسيتم أو أخطأتم، وهذا الرجل مخطئ أو متعمد؟ مخطئ، فليس عليه شيء رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] هذا مخطئ وقد قال الله عز وجل: قد فعلت فالحمد لله. أيضاً: رجل سمع المؤذن يؤذن للمغرب وهو صائم، سمع المؤذن يؤذن والدنيا مظلمة فأكل وشرب، ثم تبين أن المؤذن أخطأ، الساعة مقدمة والشمس لم تغرب، هل يلزمه القضاء أو لا يلزمه والصوم صحيح؟ الصوم صحيح يا إخواني، كيف يكون صحيحاً وقد تبين أنه أكل قبل أن تغرب الشمس؟ نقول: نعم. هذا الرجل هل هو متعمد أن يأكل قبل أن تغيب الشمس أو مخطئ؟ مخطئ، فإذا كان مخطئاً فهذا كلام الله عز وجل: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله: قد فعلت. وقال جل و علا: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5] الحمد لله، فهو كريم تكرم على العباد جل وعلا، أفلا يليق بنا أن نقبل كرمه؟ بلى والله، نقبل كرمه. ثم نقول: هذه المسألة بعينها وقعت في زمن البشير النذير محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: [أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم طلعت الشمس] أفطروا في يوم غيم بناءً أن الشمس غربت، ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقضاء مع أنهم أكلوا قبل غروب الشمس، ولو كان القضاء واجباً عليهم لبلغهم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأنه إذا كان القضاء واجباً كان من شرع الله، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم مأمور أن يبلغ شرع الله، وإذا بلغه فلا بد أن ينقل إلينا؛ لأن الشرع إلى يوم القيامة، فلما لم ينقل إلينا أنهم قضوا يومه، علمنا أن الرسول لم يأمرهم بذلك وأن صيامهم صحيح.


حكم من أكل أو شرب في نهار رمضان ناسياً



رجل صائم نسي فشرب فنجاناً من القهوة، ثم ذكر بعدما شرب الفنجان، ماذا نقول له؟ صيامه صحيح أو عليه الإعادة؟ صيامه صحيح، الدليل: قول الله تبارك وتعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] وهذه يا إخواني قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام: رفع الإثم والجناح عن كل مخطئ أو ناسي، والذي قالها الله عز وجل، ما قالها فلان وفلان حتى نقول يمكن يخطئ، قالها الرب عز وجل: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]. إذاً ليس عليه القضاء؟ نعم. فيه دليل خاص في الموضوع وهو قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) الفعل ليس فعله في الواقع، لأنه ناسٍ، فكأنه لم يفعل، ولهذا قال: فإنما أطعمه الله وسقاه.

حكم من جامع أهله في رمضان بعد أذان الفجر ظناً منه أنه لم يؤذن



إنسان حديث عهد بالزواج، وأتى أهله في آخر الليل ظناً منه أن الليل باق، وإذا بالإقامة تقام فما تقولون؟ هل عليه شيء؟ الجواب: لا. ما عليه شيء، لا إثم، ولا كفارة، ولا قضاء؛ لأن الله تعالى قال: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ [البقرة:187] أي: النساء وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187] فالثلاثة كلها سواء: مباشرة النساء والأكل والشرب، ولا دليل على التفريق بينها، كلها من محظورات الصيام، وإذا وقعت على وجه الجهل أو النسيان فلا شيء. هذا الرجل الذي هو حديث عهد بعرس يقول: إنه يعلم أنه حرام، لكن لا يدري أن عليه هذه الكفارة المغلظة، ولو علم أن عليه هذه الكفارة المغلظة ما فعل -والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم يجد سقطت- وهو يعلم أنه حرام لكن لم يعلم أن عليه هذه الكفارة، ولو علم ما فعل، فهل نلزمه بالكفارة أو لا؟ الجواب: نعم. نلزمه بالكفارة، ولدينا على ذلك دليل وتعليل، الدليل: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (يا رسول الله! هلكت هلكت، قال: ما الذي أهلكك؟ قال: أتيت أهلي في رمضان وأنا صائم) الرجل يعلم أنه حرام ولهذا قال: إنه هلك، قال: (أتيت أهلي في رمضان وأنا صائم، قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اعتق رقبة، قال: لا أجد. قال: صم شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع. قال: أطعم ستين مسكيناً، قال: لا أجد) كم الخصال الآن؟ الخصال ثلاث، عتق، فإن لم يجد فصيام، فإن لم يستطع فإطعام، لكن ما عنده شيء (فبينما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جالس إذ جيء إليه بزنبيل فيه تمر، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهذا الرجل: خذ هذا فتصدق به قال: يا رسول الله! أعلى أفقر منا؟ والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا) سبحان الله! رجل قد أتى خائفاً هالكاً وطمع هذا الطمع، قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أطعمه أهلك) فرجع إلى زوجته بتمر يكفيهم إلى ما شاء الله. فلم يعذره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بجهله في وجوب الكفارة؛ لأنه عالم. التعليل: هو أن هذا الذي يعلم التحريم قد انتهك حرمة الزمن وحرمة الصيام فلا عذر له؛ لأنه انتهك الحرمة.


حكم من سافر في نهار رمضان صائماً ثم أراد أن يفطر



رجل صام في بلده، ثم سافر في أثناء النهار، فهل يجوز له أن يفطر وقد صام ونوى الفرض، فهل يجوز أن يفطر أو لا؟ قال بعض أهل العلم: لا يجوز؛ لأنه لما تلبس بالفرض صار إتمامه واجباً، والقاعدة الفقهية: أن من دخل في فرض لزمه إتمامه. فلا يجوز أن يفطر. وقال بعض العلماء: بل يجوز أن يفطر، وهذا القول هو الصحيح، أن من سافر في أثناء اليوم وهو صائم فله أن يفطر سواء شق عليه الصيام أم لم يشق، الدليل: لأن التعليل الذي ذكره المانعون تعليل قوي، دخل في فرض ولا يمكن أن يخرج منه إلا لضرورة، لكن نقول لدينا دليل: وهو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أفطر في السفر وكان صائماً. ولا شك أن لنا في رسول الله أسوة حسنة -عليه الصلاة والسلام- فعليه: إذا سافر في أثناء اليوم وهو صائم فله أن يفطر ولا حرج عليه. لو قدرنا أن معه أهله هل يجامع أو لا؟ نعم يجامع؛ لأنه متى جاز الأكل والشرب جاز الجماع، هما قرينان في القرآن الكريم: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187] ولذلك لو دخل وقت الصلاة وأنت في بلدك ثم سافرت قبل أن تصلي، فهل تصلي أربعاً أو ركعتين؟ تصلي ركعتين؛ لأنك الآن مسافر، فلو قال قائل: هذا وجبت عليه الصلاة أربعاً؛ لأنه أذن وهو في البلد، قلنا: نعم. وجبت عليه أربعاً؛ لكن الآن هو في سفر، وقد قال الله تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ [النساء:101] فيصلي ركعتين. كما لو أنه كان بالعكس، لو قدم من السفر وقد دخل عليه وقت الصلاة وهو في السفر ثم وصل بلده كم يصلي؟ يصلي أربعاً، العبرة بفعل الصلاة. لو سألنا سائل: الصائم الذي سافر للعمرة هل الأفضل أن يؤدي العمرة في النهار ولكنه لا يستطيع إلا أن يفطر ويتقوى على الأكل والشرب، أو الأفضل إذا وصل إلى مكة أن يبقى إلى آخر النهار فإذا أفطر وتقوى أتى بالعمرة؟ أيهما أفضل؟ الأول أفضل، نقول: أفطر وأد العمرة منذ أن تصل إلى مكة؛ لأن المعتمر لا ينبغي أن يقدم شيئاً على العمرة من حين أن يصل إلى مكة، حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان ينيخ راحلته عند المسجد قبل أن يذهب إلى رحله ويؤدي العمرة، فنقول: هذا أفضل. هذا المثال الذي ذكرته الآن قد لا نحتاج إليه اليوم؛ لأن اليوم النهار بارد ويمكن للإنسان أن يأتي بعمرته من حين أن يصل بدون مشقة، لكن قبل سنوات كان الإنسان يشق عليه جداً أن يؤدي العمرة وهو صائم، والأمر والحمد لله واسع.



التفصيل في مسألة ضرب الإبر في رمضان



رجل احتاج إلى إبرة لأنه مريض، وقال الأطباء: لا بد من الإبرة وهو صائم، فهل يمكنهم من ذلك أو لا؟ الجواب: يمكنهم من ذلك، ويضرب الإبرة سواء في العضلات أو في الوريد، وسواء وجد طعمها في حلقه أم لم يجد؛ لأن الإبرة ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، والأصل أن هذا الصيام صحيح ولا يحل لنا أن نبطل عبادة عباد الله إلا ببرهان من الله، رجل متلبس بعبادة الله نأتي ونقول: والله عبادتك فسدت؟! حرام علينا إلا بدليل (برهان واضح). نعم. لو فرض أنه ضرب إبرة تغني عن الطعام والشراب ويتغذى عليها الإنسان فهذا نقول: إنه يفطر لكنه لا يحتاج إليها غالباً إلا لمرض ونقول: أفطر من أجل المرض، الأمر واسع -والحمد لله- ومن ذلك من يصابون بالفشل الكلوي يحتاجون إلى إبر تخرج الدم وينظف ثم يعود، هؤلاء نقول: أفطروا والأمر واسع، أفطروا وأجروا هذه العملية، وإن كان المرض مستمراً لا يرجى برؤه فأطعموا عن كل يوم مسكيناً، وإن كان يرجى برؤه فانتظروا حتى يعافيكم الله وتقضون لقوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185].


قيام رمضان



وننتقل الآن من الصيام إلى القيام، قيام رمضان مندوب إليه ولا ينبغي للإنسان أن يفرط فيه لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) والتراويح الآن تعتبر من قيام رمضان لا شك، فالذي ينبغي هو ألا نفرط فيه، وأن نبقى مع الإمام من صلاة العشاء إلى أن ينتهي؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قالوا له: (يا رسول الله! قم بنا بقية ليلتنا -نود أن نبقى إلى الفجر- قال: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) اللهم لك الحمد، تقوم مع الإمام لمدة ساعة أو ساعة ونصف ويكتب لك قيام ليلة كاملة، فلا ينبغي للإنسان أن يفرط في هذه التراويح. بالنسبة للأئمة يجب عليهم أن يتقوا الله فيمن وراءهم، وأن يؤدوا الصلاة على وجه يطمئن الناس فيه، ويتمكنون من الدعاء في الركوع والسجود، والدعاء في السجود أوكد من الدعاء في الركوع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن -أي: حري- أن يستجاب لكم) فليعط المأمومين فرصة للدعاء والتسبيح والثناء على الله عز وجل، ولا يكن همه أن يخرج مبكراً؛ لأن بعض الأئمة يلاحظ هذا، يسرع في التراويح لأجل أن يخرج هو الأول، ولا يغره أن الناس يكثرون وراءه؛ لأن الناس يحبون العجلة، لا يغره هذا، ليكن أكبر همه أن يؤديها على الوجه المطلوب، هذا هو المهم. والتراويح اختلف فيها السلف ، بعضهم يقول: ثلاثة وعشرون، وبعضهم يقول: إحدى عشرة، وبعضهم يقول: ثلاث عشرة، وبعضهم يقول: تسع عشرة، اختلفوا فيها على أقوال كثيرة، فمن أتى بوجه من الوجوه الواردة عن السلف فلا لوم عليه أبداً حتى لو أتى بثلاثة وعشرين فإنه لا لوم عليه، ولذلك نرى أن من الغلط ما يفعله بعض المجتهدين إذا صلوا وراء إمام يكمل ثلاثة وعشرين وصلوا معه عشر ركعات تركوه وانصرفوا، هؤلاء مساكين حرموا أنفسهم أنهم يقومون مع الإمام حتى ينصرف فضاعت عليهم الليلة، ثم خالفوا الجماعة ويد الله مع الجماعة، ثم إن بعضهم ولا سيما في المسجد الحرام يجلس يشرب القهوة والناس يصلون، أو يتحدث والناس يصلون، وهذا من الغلط الذي يغلط فيه كثير من الناشئين في العلم. وكذلك -أيضاً- بلغنا أن بعض الأئمة يوتر بالناس التسع، والتسعة إذا أوتر الإنسان بها لا يسلم إلا في آخرها، السنة إذا أوترت بالتسع ألا تسلم إلا في آخرها، تجلس في الثامنة وتقرأ التحيات وتقوم وتأتي بالتاسعة، سمعنا أن بعض الأئمة يفعل ذلك، وهذا من الغلط، هل جاءهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يصلي بالناس تسع ركعات؟ إذا جاء عن الرسول فعلى العين والرأس، وإذا لم يأت عن الرسول فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أيكم أم الناس فليوجز، فإن من ورائه الضعيف والمريض وذا الحاجة) وهل هذا إيجاز أنه يبقى يصلي بالناس لمدة ساعة أو ساعة ونصف لا ينصرفون؟ قد يكون بعضهم محصور في بول أو غائط أو ريح أو للشغل. ثم الذين يدخلون المسجد يجدونه يصلي التراويح يصلي هذا الوتر، ماذا ينوون؟ يريدون نية التهجد فتختلط عليهم النية، فلا يدرون ما ينوون، يقول بعض الذين يصنعون هذا: إننا نريد أن نبين السنة. فنقول: أثابكم الله على هذه النية، وتؤجرون عليها، لكن لا بالفعل، وبينوا للناس السنة بالمقال، قولوا: إذا أوترتم بالثلاث فإن شئتم اجمعوها وإن شئتم صلوا ركعتين ثم سلموا، وفي الخمس اجمعوها، وفي السبع اجمعوها... وهلم جرا، أما أن تشقوا على الناس فهذا خلاف ما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: (أيكم أم الناس فليخفف، ومن صلى بنفسه فليصلي كيف شاء).


الزكاة



ننتقل بعد ذلك إلى شيء من الزكاة: رجل له أخ فقير وهو غني، هل يجوز أن يعطي أخاه من زكاته؟ الجواب: نعم. وإعطاء أخيه من زكاته أفضل من إعطاء البعيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (الصدقة على القريب صدقة وصلة) ولما أمر بالصدقة وكانت زينب امرأة عبد الله بن مسعود تريد أن تتصدق، فقال لها زوجها عبد الله بن مسعود: تصدقي علي أنا وأولادي -لأنه قليل ذات اليد- فقالت: أنت زوجي وهؤلاء أولادي، كيف أتصدق عليك؟ قال: نحن أحق من الأباعد، قالت: أبداً لا أتصدق عليك حتى أسأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فسألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: (نعم. زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه) فإذا كان لك أقارب فقراء من أهل الزكاة فأعطهم من زكاتك وهم أفضل من الأباعد. كذلك لو كان لك أب عليه دين، وأنت قد أغناك الله وعندك مال كثير، هل يجوز أن تقضي دين والدك من زكاتك؟ نعم. يجوز، أليس والدي غارماً؟ وقد قال الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ [التوبة:60]. لك ولد له سيارة صدمت وأصلحها بدراهم، هل تقضي دينه إذا لم يجد ما يوفي به؟ نعم. يجوز، إلا إذا استدان للنفقة الواجبة عليك فهنا لا يجوز أن تعطيه من زكاتك؛ لأنك إذا أعطيته من زكاتك مع وجوب الإنفاق عليه وفرت مالك، لكن شيء يلزم الولد وهو لا يجب على الوالد فله أن يقضيه من زكاته (يوفي عنه من الزكاة). وإنني أبين للإخوان أن الأوصاف الثمانية التي ذكر الله الأصل أن الزكاة تصرف فيهم على أي حال كانوا إلا بدليل، اقرأ الآية، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60]. هذه الأوصاف الثمانية إذا وجدت في أي أحد من الناس فهو من أهل الزكاة إلا بدليل. رجل عنده خادم مسلمة وزوجها كذلك، ولهما أولاد في بلادهما، وهما فقيران (الخادم والخادمة) أيجوز أن يعطيهما من زكاته؟ الجواب: نعم. يجوز أن يعطيهما من زكاته؛ لأنهم فقراء والله تعالى يقول: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ [التوبة:60]. رجل عنده عامل لكنه غير مسلم، هل يجوز أن يعطيه من زكاته؟ الجواب: لا يجوز أن يعطيه حتى وإن كان فقيراً إلا إذا كان يشعر أن هذا الرجل له اتجاه إسلامي، يحب الإسلام ويرى أنه إذا أعطاه من الزكاة تألفه وقبل الإسلام، فهنا يعطيه على أنه من المؤلفة قلوبهم. رجل عنده سيارة مرسيدس كبيرة، يكدها ويتعيش عليها، هل فيها زكاة؟ الجواب: لا. ما فيها زكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) فليس فيها زكاة. وأجرتها؟ أجرتها إن تمت الحول عنده يزكيها؛ وإن كانت الأجرة يصرفها على السيارة وعلى أولاده فلا زكاة فيها؛ لأن من شرط الزكاة تمام الحول، وهذا الرجل لا يبقى عنده المال إلى سنة، فهو يصرفه في مصالح السيارة وكذلك في أهله فليس عليه زكاة. ولعلنا نقتصر على هذا القدر لنجيب بما تيسر على الأسئلة إن شاء الله تعالى، ونسأل الله التوفيق للصواب، لكنني أحث نفسي وإياكم على الجد والنشاط في الأعمال الصالحة لا سيما في شهر رمضان المبارك. ......


( اللقاء الشهري [52] )

abou_anes
08-04-2011, 03:34 AM
بارك الله فيك و أحسن إليك

أبوعكاشة الأثري
08-04-2011, 03:42 PM
جزاك الله خير

12d8c7a34f47c2e9d3==