المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصيام والقيام


كيف حالك ؟

هادي بن علي
10-26-2005, 07:24 PM
أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من مواسم الخير والبركات وما حباكم به من الفضائل والكرامات، واعرفوا قدر هذه المواسم بعمارتها بالطاعات وترك المحرمات.

عباد الله لقد أظلكم شهر مبارك كريم وموسم رابح عظيم، شهر تضاعف فيه الحسنات وتعظم فيه السيئات، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، شهر أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيام نهاره وفريضة، وقيام ليله تطوعا، من فطّر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتقا له من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء، أُعْطِيت فيه هذه الأمة خمس خصال لم تُعْطَهنّ أمة من الأمم قبلهم: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله كل يوم جنته فيقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون إلى ما كان يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة منه.

إنه شهر رمضان، من صامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، من أتى فيه بعمرة كان في الأجر كمن حج، فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران.

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي قال: ((قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصوم جنة)) (يعني وقاية من الإثم والنار) فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه)).

أما فرحه عند فطر فيفرح بنعمتين: نعمة الله عليه بالصيام، ونعمته عليه بإباحة الأكل والشراب والنكاح، وأما فرحة عند لقاء ربه فيفرح بما يجده من النعيم المقيم في دار السلام. وفي صحيح البخاري عن النبي أنه قال: ((إن في الجنة بابا يقال له: الريان يدخل منه الصائمون لا يدخله غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق ولم يفتح لغيرهم)).

وقال النبي : ((ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر، والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)).

عباد الله: اغتنموا شهر رمضان بكثرة العبادة والصلاة والقراءة والإحسان إلى الخلق بالمال والبدن والعفو عنهم، واستكثروا فيه من أربع خصال: اثنتان ترضون بهما ربكم، واثنتان لا غنى لكم عنهما فأما اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله والاستغفار، وأما اللتان لا غنى لكم عنهما فتسألون الله الجنة وتستعيذون به من النار.

عباد الله: احفظوا صيامكم عن النواقص والنواقض. احفظوه عن اللغو والرفث وقول الزور وهو كل قول محرم وعمل الزور، وهو كل عمل محرم، فمن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، فرب صائم ليس له إلا الجوع والظمأ.

اجتنبوا الكذب والفحش والغش والخيانة. اجتنبوا الغيبة والنميمة. اجتنبوا الأغاني المحرمة واللهو المحرم فعلا وسماعا، فإن كل هذه من منقصات الصيام.

قوموا بما أوجب الله عليكم من الصلاة في أقواتها وأدائها مع الجماعة، قوموا بالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن الحكمة من الصيام التقوى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون [البقرة:183].

عباد الله: قوموا شهر رمضان، فإن من قامه إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه، واعلموا أن صلاة التراويح هي قيام رمضان، ولكن سميت تراويح لأن الصحابة كانوا كلما صلوا أربع ركعات استراحوا قليلا.

صلوا هذه التراويح بطمأنينة بخشوع وحضور قلب، فإنها صلاة لا مجرد حركات، والمقصود منها التعبد لا سرد ركعات.

وإن كثيرا من الناس يتهاون بهذه التراويح من الأئمة وغير الأئمة، أما الأئمة فكثير من يسرع بها إسراعا مخلا لكثير من السنن، بل ربما يخل بالأركان، وأما غير الأئمة فيفرطون فيها بالترك وعدم الصبر مع الإمام وقد قال النبي : ((من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)) فقوموا مع الإمام حتى ينصرف من الوتر، وإذا قمتم من آخر الليل وأحببتم الصلاة فصلوا ركعتين بدون وتر لأن الوتر لا يعاد مرة ثانية.

واعلموا أن أفضل عدد تصلى به التراويح ما ثبت عن النبي وهو إحدى عشر ركعة أو ثلاثة عشر ركعة ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشر ركعة)). وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ((كان النبي يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة)) [رواه مسلم]. وصح عن عمر بن الخطاب أنه أمر أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة [رواه مالك في الموطأ عن محمد بن يوسف وهو ثقة ثبت عن السائب بن يزيد وهو صحابي].

فهذا العدد جاءت به سنة النبي واتبعه فيها عمر، ومع ذلك لو صلاها الإنسان ثلاثا وعشرين أو تسعا وثلاثين كما كان الناس عليه زمن عمر بن عبد العزيز أو أقل من هذا فلا ينكر عليه لأنه روى عن السلف في ذلك اختلاف، ولكن الذي ينكر على بعض الناس هو الإسراع المفرط الذي تذهب به الطمأنينة وتفوت به مكملات الصلاة وربما واجباتها.

واجتهدوا أيها المسلمون في قراءة القرآن فإنه كلام ربكم فلكم الشرف في تلاوته والأجر، ولكم بالعمل به الحياة الطيبة وطيب الذكر، ولكم بكل حرف منه عشر حسنات، وإذا مررتم بآية سجدة فاسجدوا في أية ساعة من ليل أو نهار، كبروا عند السجود وقولوا في السجود: سبحان ربي الأعلى. وادعوا.

وإذا سجدتم للتلاوة في الصلاة فكبروا عند السجود وعند الرفع منه .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: آلر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً أولئك في ضلال بعيد [إبراهيم:1-3].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . .
الشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

قاسم علي
10-27-2005, 05:27 PM
رحم الله شيخ بن العثيمين

12d8c7a34f47c2e9d3==