المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قطع لجاج الحائر بذكر الإجماع في الشهادة بالنار على المعين الكافر


كيف حالك ؟

المفرق
06-27-2013, 04:17 AM
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أما بعد:

(قال الله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء:48) وقال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (النساء:116) وقال تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72)
هذا وعد جازم من الله تعالى ألا يدخل مشرك الجنة ، فيجوز لنا الجزم بالنار لمن حرم الله عليه الجنة قطعا .
أخرج ابن ماجه عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ قَالَ فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ : لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ ) قال الهيثمي (رواه البزار والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح) (مجمع الزوائد) 1/ 118.
هذا النص صريح في كون الصحابي كان يبشر المشركين بالنار ، فإذا مر بقبر الكافر فلان بن فلان بشره بالنار وهكذا وهذا فيه تحديد لكل مشركة بعينه .
أجمع الصحابة ومنهم الشيخان ـ رضي الله عنهما ـ على أننا نحكم على من مات على بأنه في النار ، واجماعهم يظهر في قصة قتال قول طليحة الأسدي مارواه طارق بن شهاب قال (جــاء وفـد بُزَاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح، فخيَّرهم بين الحرب المُجْلِيَة والسلم المُخْزِيَة، فقالوا: هذه المُجْلِيَة قد عرفناها فما المخزية؟. قال: تُنْزَع منكم الحَلْقَة والكُرَاع، ونَغْنَم ما أصبنا منكم، وتَرُدُّون علينا ماأصبتم منا، وتَدُون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، وتتركون أقواماً يتبعون أذناب الإبل حتى يرِيَ الله خليفة رسوله والمهاجرين أمراً يعذرونكم به) فعَرَض أبو بكر ماقال على القوم، فقام عمر فقال: قد رأيت رأيا وسنشير عليك، أما ماذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فَنِعْم ماذكرت، وأما ماذكرت أن نغنم ماأصبنا منكم وتردون ماأصبتم منا فنِعْم ماذكرت، وأما ماذكرت تدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، فإن قتلانا قاتلت فقُتِلت على أمر الله أجورها على الله ليس لها ديات) قال: فتتابع القوم على ماقال عمر. أهـ. رواه البرقاني على شرط البخاري. عن (نيل الأوطار) للشوكاني، 8/ 22. وذكره ابن حجر في الفتح ثم قال (قال الحميدي: اختصره البخاري فذكر طرفاً منه وهو قوله لهم «يتبعون أذناب الإبل ــ إلى قوله ــ يعذرونكم به» وأخرجه بطوله البرقاني بالإســناد الذي أخرج البخاري ذلك القدر منه) (فتح الباري) 13/210. وأصـل الحديث بالبخاري في باب (الاستخلاف) بكتاب الأحكام برقم (7221). ووفد بُزَاخة هم قوم طُلَيْحَة بْن خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيَّ , وَكَانَ قَدْ اِدَّعَى النُّبُوَّة بَعْدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطَاعُه قومه لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ فَقَاتَلَهُمْ خَالِد بْن الْوَلِيد بَعْد أَنْ فَرَغَ مِنْ مُسَيْلِمَة بِالْيَمَامَةِ , ، فلما هزمهم بعثوا وفدهم إلى أبي بكر.
وقد ذكر ابن حجر هذا الحديث وقال في شرحه (و «المجلية» بضم الميم وسكون الجيم بعدها لام مكسورة ثم تحتانية من الجلاء بفتح الجيم وتخفيف اللام مع المد ومعناها: الخروج عن جميع المال. و «المخزية» بخاء معجمة وزاي بوزن التي قبلها: مأخوذة من الخزي، ومعناها: القرار على الذل والصغار، و «الحلقة» بفتح المهملة وسكون اللام بعدها قاف: السلاح، و «الكُرَاع» بضم الكاف على الصحيح وبتخفيف الراء: جميع الخيل. وفائدة نزع ذلك منهم أن لايبقى لهم شوكة ليأمن الناس من جهتهم، وقوله «ونغنم ما أصبنا منكم» أي يستمر ذلك لنا غنيمة نقسمها على الفريضة الشرعية ولانرد عليكم من ذلك شيئا، وقوله «وتردون علينا ما أصبتم منا» أي ماانتهبتموه من عسكر المسلمين في حالة المحاربة، وقوله «تدون» بفتح المثناة وتخفيــف الدال المضمومــة: أي تحملــون إلينــا دياتهــم، وقوله «قتلاكم في النار» أي لاديات لهم في الدنيا لأنهم ماتوا على شركهم، فقتلوا بحق فلا دية لهم، وقوله و «تتركون» بضم أوله، و «يتبعون أذناب الإبل» أي في رعايتها لأنهم إذا نزعت منهم آلة الحرب رجعوا أعرابا في البوادي لاعيش لهم إلا مايعود عليهم من منافع إبلهم، قال ابن بطال: كانوا ارتدوا ثم تابوا، فأوفدوا رسلهم إلى أبي بكر يعتذرون إليه فأحب أبو بكر أن لايقضي بينهم إلا بعد المشاورة في أمرهم، فقال لهم: ارجعوا واتبعوا أذناب الإبل في الصحاري، انتهى. والذي يظهر أن المراد بالغاية التي أنظرهم إليها أن تظهر توبتهم وصلاحهم بحُسْن إسلامهم) (فتح الباري) 13/ 210 ــ 211.
والشاهـد من هذا: هو قول أبي بكر للمرتدين التائبين (وتكون قتلاكم في النار) وموافقة عمر وسائر الصحابة رضي الله عنهم له على ذلك، وهذا إجماع منهم على تكفير أنصار أئمة الردة وجنودهم على التعيين، إذ لاخلاف في أن القتلى أشخاص معينون، كما أنه لاخلاف بين أهل السنة في أنه لايشهد لمعيَّن بالنار إلا المقطوع بكفرهوقد قال ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) الحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وبلا ريب أن هذا إجمـع من الصحابـة علـى كفـر أنصـار مسيلمـة المتنبـيء الكـذاب وأنصـار طليحـة الأسدي المتنبـيء الكـذاب، فقد غنموا أموالهم وسَبَواْ نساءهم وشهدوا على قتلاهم بأنهم في النار وهذا تكفير منهم لهم على التعيين.) نقلا من رسالة الهرفي.

ذكر الإمام اللالكائي رحمه الله في كتابه (شرح اعتقاد أصول أهل السنة)؛ اعتقاد جماعة من الأئمة منهم:
الإمام الثوري: قال لشعيب بن حرب: "لا تشهد على أحد من أهل القبلة بجنة، ولا نار".
والإمام علي بن المديني: قال: "ولا يُشهد على أحد من أهل القبلة بعمل عمله بجنة، ولا نار".
و الإمام أحمد بن حنبل: قال: "ولا نشهد على أهل القبلة بعمل يعمله بجنة،؛ ولا نار نرجو للصالح ونخاف عليه، ونخاف على المسيء المذنب ونرجو له رحمة الله".
قلت : كلام أئمة أهل السنة رحمهم الله واضح في أنهم يريدون بقولهم  لا نشهد بجنة و لا نار ) ( أهل القبلة) و ( المسلمين) أما الكافر فلا يدخل في قولهم و أنت ترى أنهم يحكون عقيدة أهل السنة و الجماعة المجمع عليها و منها هذه المسألة التي عليها الإجماع و ليست خلافية و لا إجتهادية و من إدعى الخلاف فليذكر لنا الأئمة الذين سبقوه إلى حكايته.

قال الإمام الطحاوي{(73) ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم.
(74) ولا ننزل أحد منهم جنة ولا ناراً.
(75) ولا نشهد عليهم بكفر ولا شرك ولا بنفاق ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى.}

يقول شارح الطحاوية الإمام ابن أبي العز في شرحه{يُرِيدُ : أَنَّا لَا نَقُولُ عَنْ أَحَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَة إنه مِنْ أَهْلِ الْجَنَّة أَوْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، إِلَّا مَنْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه مِنْ أَهْلِ الْجَنَّة ، كَالْعَشَرَة رضي الله عَنْهُمْ . وَإِنْ كُنَّا نَقُولُ : إنه لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مَنْ يَشَاءُ الله إِدْخَالَه النَّارَ ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا بِشَفَاعَة الشَّافِعِينَ ، وَلَكِنَّا نَقِفُ في الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ ، فَلَا نَشْهَدُ له بِجَنَّة وَلَا نَارٍ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ ؛ لِأَنَّ الحَقِيقة بَاطِنَة ، وَمَا مَاتَ عليه لَا نُحِيطُ به ، لَكِنْ نَرْجُو لِلْمُحْسِنينِ ، وَنَخَافُ على الْمُسِيءِ .}

قال الإمام ابن أبي العز في الطحاوية ص 494: "ولكن ابن عربي وأمثاله منافقون زنادقه اتحادية في الدرك الأسفل من النار" .

وقال الإمام ابن قدامة في اللمعة : ( ولا نحكم لمعين من أهل القبلة)

وقال ابن حزم - وأقره شيخ الإسلام ابن تيمية - : "اتفقوا أن دين الإسلام هو الدين الذي لا دين لله في الأرض سواه، وأنه ناسخ لجميع الاديان قبله، وأنه لا ينسخه دين بعده أبداً وأن من خالفه ممن بلغه؛ كافر مخلد في النار أبداً"اهـ (مراتب الإجماع ص 167-168)
وقد نقل ابن حزم إجماع العلماء على أن : " محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي المبعوث بمكة المهاجر إلى المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جميع الجن والإنس إلى يوم القيامة، وأن دين الإسلام هو الدين الذي لا دين لله في الأرض سواه، وأنه ناسخ لجميع الأديان قبله، وأنه لا ينسخه دين بعده أبدًا، وأن من خالفه ممن بلغه كافر مخلد في النار أبدًا".
مراتب الإجماع ص267.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله عن مانعي الزكاة : ( ... وقد روي أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب ــ وجوب الزكاة ـ ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم واحدة وهي قتل مقاتيلهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم ، والشهادة على قتلاهم بالنار ..)
و ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن اتباع مسيلمة كانوا نحو مائة ألف أو أكثر (منهاج السنة النبوية) 7/217، وقال ـ رحمه الله ـ ( ولأن المرتد لو امتنع ــ بأن يلحق بدار الحرب، أو بأن يكون المرتدون ذوي شوكة يمتنعون بها عن حكم الإسلام ــ فإنه يُقتل قبل الاستتابة بلا تردد) (الصارم المسلــول) صـ 322،
وقال أيضا (على أن الممتنع لايُستتاب، وإنما يُستتاب المقدور عليه) (الصارم المسلول) صـ 325 ــ 326.

و قال الإمام ابن القيم رحمه الله : "وقوله «حيثما مررت بقبر كافر فقل أرسلني إليك محمد»؛ دليل على أن من مات مشركاً فهو في النار، وإن مات قبل البعثة"اهـ (زاد المعاد 3/599)
وقال رحمه الله: "الطبقة السابعة عشرة: طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبعاً لهم يقولون: }إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ{، ولنا أُسوة بهم. ومع هذا فهم متاركون لأهل الإسلام؛ غير محاربين لهم؛ كنساءِ المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لنا نصب له أُولئك أنفسهم من السعي في إطفاءِ نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته؛ بل هم بمنزلة الدواب. وقد اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار، وإن كانوا جهالاً مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم؛ إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاءِ بالنار، وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة، وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم، وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام"اهـ (طريق الهجرتين ص 411)

قلت : فأنظر و تدبر في قول الإمام رحمه الله : (....إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاءِ بالنار، وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة، وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم، وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام) ، حيث ذكر أنه يحكى بصيغة التضعيف هذا المذهب السيئ الغريب و الشاذ وهو عدم الحكم على الكفار المعين بالنار إلا عن بعض أهل البدع و أهل الكلام المحدث في الإسلام و هذا دليل على الإجماع في هذه المسألة فمن إدعى الخلاف فعليه التدليل و إلا فهو كاذب في ذلك.

وقال الإمام بن مفلح : ( قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ الَّذِي قَرَّرَهُ الْخَلَّالُ اللَّعْنُ الْمُطْلَقُ الْعَامُّ لَا الْمُعَيَّنُ كَمَا قُلْنَا فِي نُصُوصِ الْوَعِيدِ وَالْوَعْدِ ، وَكَمَا نَقُولُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَإِنَّا نَشْهَدُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَنَّ الْكَافِرِينَ فِي النَّارِ وَنَشْهَدُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، وَلَا نَشْهَدُ بِذَلِكَ لِمُعَيَّنٍ إلَّا مَنْ شَهِدَ لَهُ النَّصُّ ، أَوْ شَهِدَ لَهُ الِاسْتِفَاضَةُ عَلَى قَوْلٍ )

و قال الإمام الذهبي في تاريخ الاسلام :(عطاء المقنَّع. شيخ لعين، كان يعرف السَّحر والسِّيمياء، فربط الناس بالخوارق والمغنيات، وادَّعى الرُّبوبية من طريق المناسخة، فقال: إنّ الله جلّ
وعزّ تحوّل إلى صورة آدم، ولذلك أمر الملائكة بالسُّجود له، ثم تحوّل إلى صورة نوح، ثم إبراهيم، وغيرهم من الأنبياء والحكماء الفلاسفة، إلى أن حصل في صورة أبي مسلم
الخراسانيّ صاحب الدعوة، ثم بعده انتقل إليّ، فعبده خلائف من الجهلة وقاتلوا دونه مع ما شاهدوا من قبح صورته، وسماجة جهله. كان مشوَّهاً، أعور، قصيراً، ألكن، وكان
لا يكشف وجهه، بل اتخذ له وجهاً من ذهب، ولذلك قيل له المقنَّع. ومما أضلَّهم به من المخاريق قمر يرونه في السّماء مع قمر السماء، فقيل: كان يراه الناس من مسيرة
شهرين، ففي ذلك يتغزّلهبة الله بن سناء الملك من قصيدة:

إليك فما بدر المقنَّع طالعاًبأسحر من ألحاظ بدري المعمَّم ولأبي العلاء
المعرّي: أفق إنّما البدر المعمَّم رأسهضلال وغيٌّ مثل بدر المقنَّع ولمّا استفحل
الشّرّ بعطاء، لعنه الله، تجهّز العسكر لحربه، وقد صدوه وحصروه في قلعته، فلمّا
عرف أنّه مأخوذ، جمع نساءه وسقاهن السُّمَّ فهلكن، ثم تناول سماً فمات، فهو يتحسّاه
في نار جهنّم خالداً مخلداً فيها أبداً، كما ثبت الحديث في ذلك، ثم أخذت القلعة،
وقتل رؤوس أبتاعه، وكان بما وراء النَّهر. هلك في سنةٍ ثلاثٍ وستّين ومائة. )

وقال الإمام محمد بن عبدالوهاب تعلقيا : ( فتأمل كلامه في تكفير المعين ، والشهادة عليه إذا قتل بالنار .. ) انظر الدرر 9/ 418 /
و قال أيضا رحمه الله في أصول الدين، وفي رسالته إلى أهل القصيم: "ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة، ولا نار؛ إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أرجو للمحسن وأخاف على المسيء".

و قال اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
السؤال الخامس من الفتوى رقم ( 6397 ):
س5: أسلمت حديثًا إحدى الشابات البوذيات المثقفات بعد دراسة عميقة للإِسلام استمرت سبع سنوات وهي الآن نشطة في الدعوة للإِسلام ولقد أسلم على يديها بعض الأفراد من رجال ونساء، وفي إحدى جولاتها مع بعض الذين اهتدوا للتعريف بالإِسلام والدعوة إليه في إحدى المناطق النائية وجه إليها أحد البوذيين هذا السؤال: كيف تحكمون بدخول النار لغير المسلم بينما نحن في هذه المنطقة لم نسمع عن الإِسلام إلاَّ الآن فهل آباؤنا في النار وما ذنبهم طالما أنكم معشر المسلمين لم تبلغوا دين الحق إلينا، ولقد اتصلت بنا هذه الأخت المهتدية وتريد منا جوابًا شافيًا على سؤال الرجل والذي دخل في الإِسلام بعد هذا اللقاء؟
ج5 : المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلاَّ بشرط وهو أن يكونوا قد بلغهم القرآن أو بيان معناه من دعاة الإِسلام بلغة المدعوين لقول الله عز وجل: ، وقوله سبحانه:
(الجزء رقم : 3، الصفحة رقم: 497)
، فمن بلغتهم الدعوة الإِسلامية من غير المسلمين وأصر على كفره فهو من أهل النار؛ لما تقدم من الآيتين، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلاَّ كان من أهل النار أخرجه مسلم في صحيحه، والأدلة في هذا المعنى من الآيات والأحاديث كثيرة.
أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم فأمرهم إلى الله عز وجل، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك أنهم يمتحنون يوم القيامة فمن أطاع الأوامر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره؛ لقول الله عز وجل: ، والعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه [ طريق الهجرتين ] في آخره تحت عنوان (طبقات المكلفين) فنرى لك مراجعة الكتابين لمزيد الفائدة.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإِفتاء
عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز

و قال الشيخ العلامة فالح بن نافع الحربي في مقاله الموسوم ( بيان حقيقة منشور على الإنترنت ):

(...وإنما الواقع والذي حدث فعلاً: أنه قيل لي عنه أنه توقف في أمر البابا-عند هلاكه- ولم يحكم له بالنار، وهذه هي الحقيقة ليس كما ادعى، ولست أنا الذي نسبت ذلك إليه، وإنما اتصل بي آنذاك أحدهم –هاتفياً- غير مرة، وسألني عن الحكم في البابا فقلت: هو في النار؛ لأنه كافر وطاغوت من الطواغيت، وقد هلك على ذلك،والله – تعالى - يقول في الكفار إذا ماتوا على كفرهم ] وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ*لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ[، وآيات
كثيرة في كون الكفار إذا ماتوا في النار، ومن ذلك ما ورد في شأن آل فرعون.

وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمثاله بالنار، وذلك فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة: يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار»، وقال صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه:«حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار», والنصوص في ذلك من الكتاب والسنة وأقوال السلف واضحة جلية في كون الكافر إذا مات على كفره يحكم عليه بالخلود في النار.

فقال لي السائل-وكأنه في حيرة بعدما سمع جوابي- لقد سألت الشيخ صالح بن سعد السحيمي فتوقف في الحكم عليه، وأحال إلى المفتي والعلماء، فاستغربت ذلك، ولم أسلم به؛ لا لأنه لا يحال إلى المفتي والعلماء، وإنما مثله من الكفار لا يتوقف فيه مثل الشيخ؛ لوضوح حكمه في الكتاب والسنة، وللتثبت والتبين اتصلت بالشيخ صالح نفسه - هاتفياً - وذكرت له كلام السائل فلم ينفه أو ينكره؛ فتيقنت أن ذلك قد حصل منه، وهو ما يشير إليه قوله: "لا تحملوا كلامي ما لا يحتمل" أنه صدر منه كلام.)

وقال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي في شرحه للطحاوية{وكذلك الشخص المعين الكافر، لا نشهد له بالنار إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر، وقامت عليه الحجة، وليس له شبهة مات يعبد الأصنام، وعلمنا أنه قامت عليه الحجة، وعلم أن هذا وثنا، وأنه لا يجوز، فأصر هذا يحكم عليه بالنار.
يهودي قامت عليه الحجة، عرف أن بعثة الرسول -عليه الصلاة والسلام- ولم يؤمن به، هذا نشهد له، أما إذا لم نعلم نشهد على العموم: كل كافر في النار، كل مؤمن في الجنة.}

وقال الشيخ بكر أبوزيد - رحمه الله -
: " يجب على كل مسلم اعتقاد كفر من لم يدخل في هذا الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم، وتسميته كافراً، وأنه عدو لنا، وأنه من أهل النار... ولهذا: فمن لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر، طرداً لقاعدة الشريعة: من لم يكفر الكافر فهو كافر". ( معجم المناهي اللفظية ، ص 92 ) .

و قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله في شرح العقيدة الطحاوية{يريد: أنا لا نقول عن أحد معين من أهل القبلة: إنه من أهل الجنة أو من أهل النار إلا من أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة، كالعشرة رضي الله عنهم، وإن كنا نقول: إنه لا بد أن يدخل النار من أهل الكبائر من يشاء الله إدخاله النار، ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين، ولكنا نقف في الشخص المعين، فلا نشهد له بجنة ولا نار إلا عن علم؛ لأن حقيقة باطنه وما مات عليه لا نحيط به، لكن نرجو للمحسن ونخاف على المسيئ.}


و قال الشيخ صالح آل الشيخ{أنَّ هذا الحكم ذَكَرَ أنه مختصٌ بأهل القبلة فقال (وَلَا نُنَزِّلُ أَحَدًا مِنْهُمْ) يعني من أهل القبلة (جَنَّةً وَلَا نَارًا)؛ لأنَّ أهل القبلة ظاهرهم الإسلام والله - عز وجل - قد وَعَدَ المسلم بالجنة، وقد تَوَعَّدَ من عصاه من أهل الإسلام بالنار.
فهذا الحكم مختصٌ بأهل القبلة، فمن مات من أهل الإسلام لا يُشْهَدُ عليه بأنه من أهل النار ولا يُشْهَدُ له بالجنة، إلاّ من شَهِدَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي.
وإذا تبيَّنَ هذا فلا يدخل في كلامه من مات على الكفر وقد كان في حياته كافراً؛ كان طول حياته نصرانياً، أو كان طول حياته يهودياً، أو كان طول حياته وثنياً أو مشركاً الشرك الأكبر المعروف؛ يعني من أهل عبادة الأوثان أو ممن لا دين له.
فهؤلاء لا يدخلون في هذه العقيدة؛ بل يُشهَدُ على من مات منهم بأنه من أهل النار؛ لأنه مات على الكفر وهو الأصل.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «حيثما مررت بقبر كفار فبشره بالنار»(1) وهذا عموم وهو الموافق للأصل، وهو أنَّ من مات على الكفر نحكم عليه بالظاهر، ولا نقول قد يكون مات على الإسلام؛ لأنَّ هذا خلاف الأصل.
والقواعد المُقَرَّرَةْ تقضي باتباع واستصحاب الأصل.
لهذا المسلم نستصْحِبُ أصلَه -كما سيأتي- فلا نشهد عليه بشركٍ ولا كفرٍ ولا نفاق إذا مات، كذلك نستصحب الأصل في من مات على الكفر من النصارى واليهود والوثنيين وأشباه هؤلاء.
ومِنْ أهل العلم من أدخَلَ الحكم على المُعَيَّنْ الذي ورد في هذه الجملة الكفار بأنواعهم فقال: حتى الكافر لا نشهد عليه إذا مات لأننا لا ندري لعله أسلم قبل ذلك.
وهذا خلاف الصواب وخلاف ما قرَّرَهُ أهل التوحيد وأئمة الإسلام في عقائدهم، فإنَّ كلامهم كان مُقَيداً بمن مات من أهل القبلة، أما من لم يكن من أهل القبلة فلا يدخل في هذا الكلام}

و قال الشيخ يوسف الغفيص في شرحه للطحاوية{قال: (ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً). أي: لا نشهد لأحد من أهل القبلة بجنة أو نار، إلا لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتقدم أن هذا إجماع، وقال بعض أهل العلم من المتقدمين: يشهد لمن استفاض ذكره، وهذا مرجوح، والراجح أن هذا مقصورٌ على شهادته صلى الله عليه وسلم}

....و هذا الحق ليس به خفاء فدعني من بنيات الطريق

و في هذا القدر كفاية و صلى الله على محمد و على آله و صحبه أجمعين و الله أعلم.

المفرق
07-03-2013, 09:06 PM
بن حمد ليتك تترك السب و الشتم و الفجور في الخصومة مع التهديد في تعليقاتك و تلتزم بالأدب و الأخلاق الحسنة و ترد بردود علمية على الإجماع الذي نقله الأئمة و العلماء .


و لي وقفة صغيرة مع قولك : ( أقل شيء كان المفروض تقول، قول من قال كذا هو الأرجح وأقرب للصواب من خلال مقال الأخ الذي اطلعتَ أنت عليه في موقع صيد الفوائد، على ما ذكر من أدلته ، وهذا هو الذي ينبغي..)

وقولك:( أيها المجهول -حالا وعينا- ليس لي معك كلام لأنك أدخلت أنفك فيما لا يعنيك وتلبس على القراء بما لم تعطى، تنقل وتدلس في اسم صاحب المقال: (الهرفي) للمجهول !!! لماذا لم تذكر الإسم بالكامل ؟، وأن المقال منقول ومصدر النقل ، ومع ذلك تصرفت في موضع الأدلة التي ذكرها صاحب المقال !)

قلت : أنقل للقراء الكرام رسالة : (هل يجوز أن يجزم بخلود من مات على الكفر أنه في النار بعينه )للشيخ عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي) و التي إستللت منها مقدمة مقالي و عزوت ذلك له و هي الرسالة التي يعنيها بن حمد في تعليقاته التي إدعى فيها أن المؤلف يرى أن المسألة خلافية و أن فيها قول راجح و مرجوح هذا بحد زعمه ، و لتعلموا مدى فهم هذا الرجل إليكم الرسالة بكاملها :

المسألة : هل يجوز أن يجزم بخلود من مات على الكفر أنه في النار بعينه


صورة المسألة : مكلف مات وظاهره أنه كافر أصلي أو مرتدا هل نحكم أنه بعينه في النار ؟

• القول الأول : لا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له الشارع الحكيم

1. الأصل عندنا ألا نحكم لمعين بجنة ولا نار إلا من حكم له الله تعالى كأبي لهب وأبي طالب فهما في النار ، وأبو بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ في الجنة ، والحكم على المعين بالنار من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى وقد قال : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59) وقال تعالى : ( عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (المؤمنون:92) ، وهذا من التألي على الله جل وعلا .
2. أننا لا ندري بماذا ختم لهذا المعين فلعله تاب إن كان مرتدا أو اسلم إن كان كافرا كما أسلم الرجل الذي قتله اسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ .
3. قال الطحاوي رحمه الله ــ (ونرى الصلاة خلف كل بَرّ ٍ وفاجر ٍ من أهل القبلة، وعلى من مات منهم، ولانُنْزِلُ أحداً منهم جنة ً ولا ناراً) .
4. أن من مات على الكفر قد يعذر بالجهل أو التأويل أو غيره كمن قال لأبنائه حرقوني وذروني فلو سمعه أحد الناس لحكم عليه بالكفر ولكن الله عذره .
5. أننا نحكم على أطفال الكفار ومجاننهم بالكفر وأمرهم إلى الله تعالى .
6. كما أننا لا نشهد للمسلم بالجنة ونرجوا له ذلك فكذلك لا نشهد للكافر بالنار .
7. لا نعرف أحد من أهل العلم المعتبرين قال بهذا القول .

• القول الثاني : نشهد لمن مات وظاهره أنه مات كافرا بالنار

1. قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء:48) وقال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) (النساء:116) وقال تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72)
هذا وعد جازم من الله تعالى ألا يدخل مشرك الجنة ، فيجوز لنا الجزم بالنار لمن حرم الله عليه الجنة قطعا .
2. أخرج ابن ماجه عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ قَالَ فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ : لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ ) قال الهيثمي (رواه البزار والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح) (مجمع الزوائد) 1/ 118.
هذا النص صريح في كون الصحابي كان يبشر المشركين بالنار ، فإذا مر بقبر الكافر فلان بن فلان بشره بالنار وهكذا وهذا فيه تحديد لكل مشركة بعينه .
3. أجمع الصحابة ومنهم الشيخان ـ رضي الله عنهما ـ على أننا نحكم على من مات على بأنه في النار ، واجماعهم يظهر في قصة قتال قول طليحة الأسدي مارواه طارق بن شهاب قال (جــاء وفـد بُزَاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح، فخيَّرهم بين الحرب المُجْلِيَة والسلم المُخْزِيَة، فقالوا: هذه المُجْلِيَة قد عرفناها فما المخزية؟. قال: تُنْزَع منكم الحَلْقَة والكُرَاع، ونَغْنَم ما أصبنا منكم، وتَرُدُّون علينا ماأصبتم منا، وتَدُون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، وتتركون أقواماً يتبعون أذناب الإبل حتى يرِيَ الله خليفة رسوله والمهاجرين أمراً يعذرونكم به) فعَرَض أبو بكر ماقال على القوم، فقام عمر فقال: قد رأيت رأيا وسنشير عليك، أما ماذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فَنِعْم ماذكرت، وأما ماذكرت أن نغنم ماأصبنا منكم وتردون ماأصبتم منا فنِعْم ماذكرت، وأما ماذكرت تدون قتلانا وتكون قتلاكم في النار، فإن قتلانا قاتلت فقُتِلت على أمر الله أجورها على الله ليس لها ديات) قال: فتتابع القوم على ماقال عمر. أهـ. رواه البرقاني على شرط البخاري. عن (نيل الأوطار) للشوكاني، 8/ 22. وذكره ابن حجر في الفتح ثم قال (قال الحميدي: اختصره البخاري فذكر طرفاً منه وهو قوله لهم «يتبعون أذناب الإبل ــ إلى قوله ــ يعذرونكم به» وأخرجه بطوله البرقاني بالإســناد الذي أخرج البخاري ذلك القدر منه) (فتح الباري) 13/210. وأصـل الحديث بالبخاري في باب (الاستخلاف) بكتاب الأحكام برقم (7221). ووفد بُزَاخة هم قوم طُلَيْحَة بْن خُوَيْلِدٍ الْأَسَدِيَّ , وَكَانَ قَدْ اِدَّعَى النُّبُوَّة بَعْدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطَاعُه قومه لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ فَقَاتَلَهُمْ خَالِد بْن الْوَلِيد بَعْد أَنْ فَرَغَ مِنْ مُسَيْلِمَة بِالْيَمَامَةِ , ، فلما هزمهم بعثوا وفدهم إلى أبي بكر.
وقد ذكر ابن حجر هذا الحديث وقال في شرحه (و «المجلية» بضم الميم وسكون الجيم بعدها لام مكسورة ثم تحتانية من الجلاء بفتح الجيم وتخفيف اللام مع المد ومعناها: الخروج عن جميع المال. و «المخزية» بخاء معجمة وزاي بوزن التي قبلها: مأخوذة من الخزي، ومعناها: القرار على الذل والصغار، و «الحلقة» بفتح المهملة وسكون اللام بعدها قاف: السلاح، و «الكُرَاع» بضم الكاف على الصحيح وبتخفيف الراء: جميع الخيل. وفائدة نزع ذلك منهم أن لايبقى لهم شوكة ليأمن الناس من جهتهم، وقوله «ونغنم ما أصبنا منكم» أي يستمر ذلك لنا غنيمة نقسمها على الفريضة الشرعية ولانرد عليكم من ذلك شيئا، وقوله «وتردون علينا ما أصبتم منا» أي ماانتهبتموه من عسكر المسلمين في حالة المحاربة، وقوله «تدون» بفتح المثناة وتخفيــف الدال المضمومــة: أي تحملــون إلينــا دياتهــم، وقوله «قتلاكم في النار» أي لاديات لهم في الدنيا لأنهم ماتوا على شركهم، فقتلوا بحق فلا دية لهم، وقوله و «تتركون» بضم أوله، و «يتبعون أذناب الإبل» أي في رعايتها لأنهم إذا نزعت منهم آلة الحرب رجعوا أعرابا في البوادي لاعيش لهم إلا مايعود عليهم من منافع إبلهم، قال ابن بطال: كانوا ارتدوا ثم تابوا، فأوفدوا رسلهم إلى أبي بكر يعتذرون إليه فأحب أبو بكر أن لايقضي بينهم إلا بعد المشاورة في أمرهم، فقال لهم: ارجعوا واتبعوا أذناب الإبل في الصحاري، انتهى. والذي يظهر أن المراد بالغاية التي أنظرهم إليها أن تظهر توبتهم وصلاحهم بحُسْن إسلامهم) (فتح الباري) 13/ 210 ــ 211.
والشاهـد من هذا: هو قول أبي بكر للمرتدين التائبين (وتكون قتلاكم في النار) وموافقة عمر وسائر الصحابة رضي الله عنهم له على ذلك، وهذا إجماع منهم على تكفير أنصار أئمة الردة وجنودهم على التعيين، إذ لاخلاف في أن القتلى أشخاص معينون، كما أنه لاخلاف بين أهل السنة في أنه لايشهد لمعيَّن بالنار إلا المقطوع بكفره وقد قال ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) الحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
وبلا ريب أن هذا إجمـع من الصحابـة علـى كفـر أنصـار مسيلمـة المتنبـيء الكـذاب وأنصـار طليحـة الأسدي المتنبـيء الكـذاب، فقد غنموا أموالهم وسَبَواْ نساءهم وشهدوا على قتلاهم بأنهم في النار وهذا تكفير منهم لهم على التعيين، ودليله:
4. أما المسلم مهما كان فاسقاً فاعتقاد أهل السنة ــ هو كما ذكره الطحاوي رحمه الله ــ (ونرى الصلاة خلف كل بَرّ ٍ وفاجر ٍ من أهل القبلة، وعلى من مات منهم، ولانُنْزِلُ أحداً منهم جنة ً ولا ناراً) ، أما من مات كافراً فإنه يُشهد له بالنار وأنه من أهلها كما في قوله صلى الله عليه وسلم (إن أبي وأباك في النار) الحديث رواه مسلم، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم ــ عن عمّه أبى طالب ــ (هو في ضَحْضاح من نار) الحديث رواه البخاري (3883). وقال صلى الله عليه وسلم (حيثما مررت بقبر كافر ٍ فبشِّره بالنار)
5. ذكر ابن تيمية أن اتباع مسيلمة كانوا نحو مائة ألف أو أكثر (منهاج السنة النبوية) 7/217، وقال ـ رحمه الله ـ ( ولأن المرتد لو امتنع ــ بأن يلحق بدار الحرب، أو بأن يكون المرتدون ذوي شوكة يمتنعون بها عن حكم الإسلام ــ فإنه يُقتل قبل الاستتابة بلا تردد) (الصارم المسلــول) صـ 322، وقال أيضا (على أن الممتنع لايُستتاب، وإنما يُستتاب المقدور عليه) (الصارم المسلول) صـ 325 ــ 326.
6. نحن لا نحكم للمسلم بالجنة لأنه قد يدخل النار وإن كنا نرجوا له الجنة ويزداد هذا الرجاء كلما زاد صلاحه ، والله تعالي جزم بدخول المشركين النار ونحن محكم على الظواهر فقط وندع البواطن لله تعالى .
7. أطفال الكفار ومجاننيهم ليسوا معنيين في هذه المسألة .
8. لو حكمنا على معين بالكفر وجزمنا له بالنار ثم ظهر خلاف ذلك لا نأثم ، كقول عمر لحاطب ، وسعد مع سعد في حادثة الإفك ، وهذا مستفيض في الشريعية .
9. عدم العلم بمن قال بهذا القول لا يعني العدم .

الترجيح : لا ريب أن القول الثاني هو الراجح لما تقدم من الأدلة .


وكتبه
عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي)

قلت : فهل بعد قول الشيخ الهرفي : (لا نعرف أحد من أهل العلم المعتبرين قال بهذا القول ) يعني القول الأول :( لا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له الشارع الحكيم) و بعد نقله للإجماع على القول الثاني ( نشهد لمن مات وظاهره أنه مات كافرا بالنار ) يبقى مسكة شك أن المؤلف يرى أن المسألة خلافية ؟!!!

و في المثل : يداك أوكت و فوك نفخ....

نسأل الله العفو و العافية في الدنيا و الآخرة.

المفرق
07-04-2013, 01:02 AM
إضافة بعض النقول :

نقل الشيخ ابن سحمان رحمه الله عن شيخه الشيخ عبد الطيف في منهاج التأسيس ص102-105 قال ولذلك حكم على المعينين من المشركين من جاهلية العرب الأميين لوضوح الأدلة وظهور البراهين وفي حديث بني المنتفق (إذا مررت على قبر دوسي أو قرشي فقل إن محمد يبشرك بالنار ) هذا وهم أهل فترة فكيف بمن نشأ من هذه الأمة وهو يسمع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأحكام الفقهية في إيجاب التوحيد والأمر وتحريم الشرك والنهي عنه اهـ

بو زيد الأثري
07-04-2013, 09:13 AM
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك أخي المفرق على هذا التوضيح ونقلك لكلام أئمة الاعلام

المفرق
07-09-2013, 02:19 PM
و إياكم أخي بوزيد نسأل الله لنا و لكم التوفيق و السداد في القول و العمل

و بارك الله فيك أخي عمر .

و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( الكبر ، بطر الحق و غمط الناس).

المفرق
07-29-2013, 04:04 AM
قال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله في "شرح الشرح والإبانة (الإبانة الصغرى)" :"قال -رحمه الله-: والشهادة بدعة، والبراءة بدعة، والولاية بدعة، والشهادة: أن يشهد لأحدٍ مِمَّن لم يأتِ فيه خبر أنه من أهل الجنة أو النار، والولاية: أن يتولى قوماً ويتبرأ من آخرين، والبراءة: أن يبرأ من قوم هم على دين الإسلام والسنة .
نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. قال المؤلف هنا: "والشهادة بدعة، والبراءة بدعة، والولاية بدعة" هذه من البدع، وفسر الشهادة "بأن يشهد لأحدٍ مِمَن لم يأت فيه خبر أنه من أهل الجنة أو النار".
لا يُشهد لأحد بعينه أنه من أهل الجنة إلا بما شهدت له النصوص: كالعشرة المبشرين بالجنة، والحسن، والحسين، وثابت بن قيس بن شماس، وعكاشة بن محصن، وعبدالله بن سلام، وغيرهم مِن مَن ثبت له في النصوص.
وكذلك في النار لا يُشهد إلا لمن شهدت له النصوص: كأبي لهب وأبي جهل، ومن عُرِف أنه مات على الشرك، وقامت عليه الحجة، وعلى الكفر يُشهَد له بالنار، ويشهد للكفار بالنار عموما: اليهود والنصارى والوثنيين، ويشهد للمؤمنين بالجنة عموماً، لكن المُعيَّن من أهل الجنة لا يُشهَد له إلا بدليل.
والمعين كذلك من الكفار إلا إذا عرف أنه مات على الشرك وعلى الكفر، وقامت عليه الحجة، يشهد له بالكفر، ويشهد عليه بالنار. نسأل الله السلامة والعافية.
"والشهادة: أن يشهد لأحدٍ مِن مَن لم يأت فيه خبر أنه من أهل الجنة أو النار.. والولاية: أن يتولى قوماً ويتبرأ من آخرين، الولاء والحب في الله والبغض في الله، في أن يوالي من والاه الله، ويعادي من عاداه الله.
أما أن يتولى قوما ويتبرأ من آخرين بالهوى والتعصب، أو لأجل الدنيا أو لأجل البدع، أو لأجل مشاركة لهم في البدع فهذا التولي، هذا باطل، لكن التولي والموالاة والولاء والبراء من أوثق عُرَى الإيمان. وهو أن يوالي من والاه الله، ويعادي من عاداه الله، يوالي المؤمنين ولو كانوا بعيدين عن السنن، ويعادي الكفار والفاسقين ولو كانوا من الأقربين.
والبراءة: "أن يبرأ من قوم هم على دين الإسلام والسنة" كذلك تبرأ من قوم هم على دين الإسلام وعلى السنة، هذه من البدع، يقولون: من البدع أن يأخذ السلطان الرجل فيضربه ويعاقبه فيقول: أفعلتَ كذا؟ أصنعتَ كذا؟ حتى يسقطه، يسمى هذا من البدع، هذا من المعاصي، هذا من الظلم أن يأخذ السلطان الرجل ويضربه حتى يسقطه، أو حتى يقر بشيٍء قد أنكره، نعم."

و قال أيضا حفظه الله في "شرح أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل" :
"وقال الإما م أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار نرجو للصالح ونخاف عليه ونخاف على المسيء المذنب ونرجو له رحمة الله.
نعم هذه المسألة وهي الشهادة على أحد من أهل القبلة بالجنة أو النار، هذه المعروفة بالشهادة للمعين، الشهادة للمعين من أهل القبلة، والمراد من أهل القبلة من التزم بأحكام الإسلام واستقبل القبلة في الصلاة، والدعاء والذبح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو مسلم له ما لنا وعليه ما علينا »(1) .
هذا المسلم الذي التزم بأحكام الإسلام في الظاهر، ولم يفعل ناقضا من نواقض الإسلام يحكم عليه بالإسلام في الظاهر، ولا يشهد عليه بجنة ولا نار بعينه، لكن يشهد على العموم، فيقال: كل مؤمن في الجنة، وكل كافر في النار، على العموم، لا يشهد على معين من أهل القبلة بجنة ولا نار، نرجو للصالح ونخاف على المسيء المذنب ونرجو رحمة الله.
هذه عقيدة أهل السنة والجماعة لا يشهدون للمعين بجنة ولا نار، لكن يرجون للمحسن ويخافون على المسيء، من رأيناه مستقيما على طاعة الله، وعمل الطاعات نرجو له الجنة لكن ما نشهد له بالجنة بعينه، ومن رأيناه يعمل المعاصي والمخالفات نخاف عليه من النار، ولكن لا نشهد له بالنار بعينه، ولكن نشهد بالعموم، فنقول: كل مؤمن في الجنة، وكل كافر في النار.
أما المعين فهل يشهد له؟ فيه ثلاثة أقوال لأهل العلم في الشهادة للمعين بالجنة:
القول الأول: أنه لا يشهد للمعين إلا لمن شهدت له النصوص، فمن شهد له بالجنة فإنه يشهد له بالجنة، مثل العشرة المبشرين بالجنة نشهد لهم بالجنة، الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، يُشهد لهم بالجنة، ابن عمر، عكاشة بن محصن، عبد الله بن سلام، وغيرهم، والعشرة المبشرين بالجنة.
هذا هو الصواب وهذا هو الراجح، أنه لا يشهد للمعين بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص كالعشرة المبشرين بالجنة، وكذلك أهل بدر بالعموم، لا يدخل النار أحد، وأهل بيعة الشجرة، لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة، أهل بيعة الرضوان، كذلك شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضا أهل بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم: « قال لعمر: وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم »(2) .
القول الثاني: أنه لا يشهد إلا للأنبياء فقط، لا يشهد إلا للأنبياء.
القول الثالث: أنه يشهد لمن شهدت له النصوص، ولمن شهد له اثنان عدلان، لمن شهد له عدلان، شخصان عدلان إذا شهدا له بالجنة يشهد له بالجنة، ومن ذلك أن أبا ثور كان يشهد للإمام أحمد بالجنة.
دليل هذا القول ما ثبت في الحديث الصحيح: « أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان جالسا فمروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، ثم مرت جنازة أخرى فأثنوا عليها شرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، فقال عمر: يا رسول الله ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض »(3) .
الدليل الثاني: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: « يوشك أن تعلموا أهل الجنة من أهل النار، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بالثناء الحسن، والثناء السيئ »(4) بالثناء الحسن، والثناء السيئ، قالوا: هذا دليل على أنه يشهد بالجنة لمن شهد له أهل الخير وأهل العدل دون الفساق، الفساق ما لهم، الفساق وأهل التفريط ما لهم، لكن من شهد له أهل الخير أهل الصلاح والتقى، شهدوا له بالخير، هذا دليل على أنه من أهل الجنة.
والصواب: القول الأول: إنه لا يشهد بالجنة إلا لمن شهد له النصوص، للأنبياء، ولمن شهد له النصوص، النبي، الأنبياء في الجنة، وكذلك من شهد له النصوص، مثل العشرة المبشرين بالجنة، لا يشهد إلا لمن شهدت له النصوص هذا هو الصواب في المسألة؛ لأنه لو كان يشهد لكل شخص، معناه لم يكن هناك ميزة للمبشرين بالجنة، كل واحد يشهد له اثنان بالجنة وصار مثل المبشرين بالجنة.
وأما الحديث أجيب عنه، أجاب عنه بعض العلماء، قال بعضهم: إنه خاص بالصحابة، بهؤلاء الذين زكاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعدلهم، يعني هذا في مسائل خاصة، فالصواب أنه لا يشهد بالجنة والنار إلا لمن شهدت له النصوص، لا يشهد بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص.
والنار كذلك، من شهد له النصوص كأبي لهب وأبي جهل نشهد له بالنار، وأما عداهم فإذا علمنا أنه إذا مات على الكفر ولم يكن له شبهة قامت عليه الحجة، علمنا أنه مات على الكفر هذا نشهد له بالكفر ونشهد عليه بالنار، إذا علمت خاتمته وليس له شبهة، مثل شخص حضرته الوفاة وهو يفعل الشرك، ونهيته عن الشرك، فقال: لا، أريد الشرك، ومات على ذلك، وتعلم هذا وبلغته الحجة، هذا يشهد له بالكفر ويشهد له بالنار، من شهد بالكفر شهد له بالنار فالنار مثوى الكافرين، نعوذ بالله.
أما ما لم تعلم حاله ما أدري عنه هل هو له شبهة، ما له شبهة، قامت عليه الحجة، يمكن جاهل، يمكن عنده شبهة؟ نقول: اشهد بالعموم يكفيك بالعموم، كل كافر في النار، وكل مؤمن في الجنة، ومن ذلك: « أنه لما مات طفل قالت عائشة: يا رسول الله طوبى له عصفور من عصافير الجنة، قال: وما يدريك يا عائشة إن الله خلق للجنة أقواما خلقهم وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أقواما خلقهم وهم في أصلاب آبائهم »(5) أنكر عليها لأنها شهدت له بعينه، معين، وإن كان يعني النصوص دلت على أن الأطفال في الجنة.
فإذا عقيدة أهل السنة والجماعة لا يشهد على أحد من أهل القبلة، القبلة عرفنا من هم أهل القبلة الذي يستقبل في الصلاة والذبح، والذكر، الحديث: « من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو مسلم، له ما لنا وعليه ما علينا »(1) أهل القبلة، يعني المسلمين، من التزم بأحكام الإسلام لا يشهد عليه بجنة ولا نار إلا من شهدت له النصوص.
أما من فعل ناقضا من نواقض الإسلام فإنه يحكم عليه، يفعل ناقضا من نواقض الإسلام يقال هذا كفر، وأما الشخص فلا يكفر المعين إلا إذا قامت عليه الحجة إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، نعم."

المفرق
07-29-2013, 04:21 AM
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله جاء عنه في فتاوى نور على الدرب رقم (958):
"السؤال: تقول السائلة: ما حكم من يجزم على مسلم بأنه سيكون من أهل النار، مع العلم بأنه ملتزم بالتعاليم الإسلامية؟الجواب: ما يجوز الشهادة لأحد بالنار ولا بالجنة، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم، ما يقول: فلان في الجنة ولا في النار، ولو كان من أهل التقوى ما يقال: من أهل الجنة، ولو كان من أهل المعاصي ما يقال: من أهل النار، ولو كان مشرك ما يقال: إن هذا من أهل النار؛ قد يتوب، لكن يقال: إذا مات على الشرك صار من أهل النار، إذا مات على الإيمان فهو من أهل الجنة، أما أن يقال: فلان بن فلان.. عبد الله بن فلان من أهل الجنة، أو عبد الله بن فلان من أهل النار لا؛ لأن المؤمن.. المسلم قد يرتد.. قد يتغير، والكافر قد يسلم؛ ولهذا أجمع أهل السنة والجماعة على أنه لا يجوز أن يشهد لأحد بجنة أو نار إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم أو دل عليه القرآن، مثل أبي لهب ، دل القرآن على أنه من أهل النار؛ فيشهد له بالنار: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ [المسد:1]^.وهكذا من مات على الكفر، وعرف أنه مات على الكفر؛ نشهد له بالنار مثل: أبي جهل .. أبو طالب .. عثمان بن ربيعة .. شيبة بن ربيعة ، الذين قتلوا يوم بدر على الكفر، هذا معروف أنهم من أهل النار، أو شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة؛ كـالأربعة الخلفاء المشهود لهم بالجنة.. بقية العشرة وهم: عبد الرحمن بن عوف و طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام و سعد بن أبي وقاص و أبو عبيدة بن الجراح و سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل؛ هؤلاء بقية العشرة من أهل الجنة.وهكذا ثابت بن قيس بن شماس .. عكاشة بن محصن شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، عبد الله بن سلام .المقصود: من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة فهو من أهل الجنة، لكن نقول: المؤمنون في الجنة.. المؤمنون جميعاً في الجنة، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم في الجنة، لكن لا نشهد بأن فلان بن فلان أنه من أهل الجنة إلا إذا شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم.ونقول: الكفار إذا ماتوا على الكفر من أهل النار، لكن ما نقول: فلان الحي إنه يموت على الكفر، ما ندري، لكن إن مات على الكفر؛ فهو من أهل النار، نسأل الله العافية.

بو زيد الأثري
07-29-2013, 11:04 AM
جزاك الله خيرا

أبو عبدالله الأثري
08-10-2013, 02:51 PM
تعليق الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله على فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد - الشريط الرابع

السائل : بالنسبه للكافر اليهودي او النصراني اذا مات على الكفر هل يقال في النار ؟

الشيخ ابن باز : من مات على الكفر فهو في النار يهودي والا نصراني والاغيره اذا مات على دينه فهو في النار ...الله توعدهم بالنار ، فالكفار في النار يقيننا والمؤمنون في الجنة يقيننا ، اما الكلام في الواحد المعين فلان ابن فلان هل يشهد له بالتعيين الا من شهد له الرسول صل الله عليه وسلم ...اليهود في النار والنصارى في النار وكل الكفر....كما ان المؤمنين في الجنة قال الله تعالى ( وعد الله المؤمنين والمؤمنات في الجنة تجري من تحتها الانهار ) فهم في الجملة في موعدون بالجنة لكن فلان ابن فلان كون. كونه مؤمن الله الي يعلم مافي قلبه ...الا اذا شهد له المعصوم عليه الصلاة والسلام او شهد له القران مثل ابي لهب (تبت يدا ابي لهب)

السائل : من مات بعينه وهو معروف في كنيسه ؟

الشيخ ابن باز : المقصود يكفيك ان تقول من مات على اليهوديه او النصرانيه او الكفر فهو في النار... اما المعين فالله اعلم الا اذا شاهدته حين مات يكفر بالله فهذا بعينه.

المفرق
08-15-2013, 12:11 AM
جزاكم الله خير و بارك الله فيكم على المشاركة و الإفادة في هذا الموضوع المهم .



(الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد :


أقدم لكم ثلاث فتاوى للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - التي توافق ما عليه معتقد أئمة وعلماء أهل السنة و الجماعة بالإجماع في الحكم على من مات على الكفر أو الشرك الأكبر بالخلود في النار بعينه.

السؤال : فضيلة الشيخ وفقكم الله ، من مات يهوديا أو نصرانيا ولم يدخل في الإسلام ، فهل يقطع أنه من أهل النار ؟

الجواب : بلا شك أنه من مات على النصرانية أو اليهودية بعد بعثة النبي صلى الله عليه و سلم فهو من أهل النار قطعا.

السؤال : هل هناك خلاف بين أهل السنة و الجماعة في ذلك ؟

الجواب : لا خلاف بينهم في ذلك ، من مات على الكفر أو الشرك الأكبر فهو من أهل النار ، نعم .

http://alfawzan.af.org.sa/node/8794

السؤال : أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة يقول: إذا مات المسلم وقد أدى جميع أركان الإسلام ولكنه وقع في الشرك الأكبر كالذبح لغير الله والطواف بالقبور، والسبب أنه جاهل بذلك معتقد أن ذلك من الدين بسبب علماء الضلال في بلده ولم يبلغ بالصواب. هل يحكم عليه بالكفر والخلود في النار؟ نرجو من فضيلتكم التوضيح.

http://www.alfawzan.af.org.sa/node/9462

فضيلة الشيخ وفقكم الله ، هل من يموت على الشرك يخلد في النار ، أو بمجرد أنه أشرك يخلد في النار ولو لم يمت ؟
http://alfawzan.af.org.sa/node/8795)

أين أنت يا بن حمد من هذه الفتاوى الصريحة للشيخ العلامة صالح الفوزان الموافقة لمعتقد أهل السنة و الجماعة بالإجماع في الحكم على من مات على الكفر أو الشرك الأكبر بعينه بأنه مخلد في النار ؟

بو زيد الأثري
08-15-2013, 01:46 PM
الفتوى رقم ( 18152 )

س: هل نقول لليهودي أو النصراني الذي يعيش بين المسلمين، أو الذي قد سمع كثيرًا عن الإسلام والقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم، عندما يموت أنه ذاهب إلى النار، مع أنه مات على يهودية أو نصرانية ولم يبدلها، أو نتورع به كما نتورع في المسلم العاصي المصر على الكبائر ثم مات بعد ذلك أنه تحت مشيئة الله جل وعلا؟ أفتونا مأجورين.

ج: مذهب أهل السنة: أنه لا يحكم على معين بأنه من أهل النار أو من أهل الجنة ، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء، ولا يعلم الخواتيم وعواقب الأمور إلا الله سبحانه وتعالى، مع العلم بأن اليهود والنصارى كفار، وكل من مات على الكفر فهو من أهل النار، كما أن كل من مات على الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فهو من أهل الجنة، كما قال سبحانه: ( وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ) الآية من سورة التوبة، وقال تعالى في شأن الكفار: ( يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ) .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.



اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب الرئيس : عبد العزيز آل الشيخ
عضو : عبد الله بن غديان
عضو : صالح الفوزان
عضو : بكر أبو زيد

المفرق
08-24-2013, 01:07 AM
قال إمام الدعوة النجدية المجدد محمد بن عبد الوهاب في كتابه العظيم ( مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد) بعد نقله لكلام شيخ الإسلام بن تيمية (رحمها الله رحمة واسعة ) :
(وقال أبو العباس أيضاً : في الكلام على كفر مانعي الزكاة والصحابة لم يقولوا هل أنت مقر بوجوبها أو جاحد لها ، وهذا لم يعهد عنه الخلفاء والصحابة ، بل قال الصديق لعمر رضي الله عنهما : ( والله لو منعوني عقالاً ـ أو عناقاً ـ كانوا يؤودنها إلى رسول الله  لقاتلتهم على منعه ) فجعل المبيح للقتال مجرد المنع لا جحد الوجوب . وقد روي أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب لكن بخلوا بها ، ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعهم سيرة واحدة وهي مقاتلتهم وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم ، والشاهدة على قتلاهم بالنار وسموهم جميعهم أهل الردة . وكان من أعظم فضائل الصديق رضي الله عنه عندهم أن ثبته الله على قتالهم ولم يتوقف كما يتوقف غيره فناظرهم حتى رجعوا إلى قوله . وأما قتال المقرين بنبوة مسيلمة ، فهؤلاء لم يقع بينهم نزاع في قتالهم . انتهى .

( الإمام محمد بن عبد الوهاب) : فتأمل كلامه رحمه الله في تكفير المعين والشهادة عليه إذا قتل بالنار وسبي حريمه وأولاده عند منع الزكاة ، فهذا الذي ينسب عنه أعداء الدين عدم تكفير المعين .)( وأنظر أيضا في الدرر السنية 9/ 418 )

و قال الإمام رحمه الله في (أصول الدين)، وفي ( رسالته إلى أهل القصيم): "ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة، ولا نار؛ إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أرجو للمحسن وأخاف على المسيء".

و قال الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في منهاج التأسيس (ص102-105):(ولذلك حكم على المعينين من المشركين من جاهلية العرب الأميين لوضوح الأدلة وظهور البراهين وفي حديث بني المنتفق (إذا مررت على قبر دوسي أو قرشي فقل إن محمد يبشرك بالنار ) هذا وهم أهل فترة فكيف بمن نشأ من هذه الأمة وهو يسمع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأحكام الفقهية في إيجاب التوحيد والأمر وتحريم الشرك والنهي عنه )انتهـى

و يتبع إن شاء الله بمزيد من النقول عن أئمة نجد رحمهم الله .

المفرق
08-25-2013, 01:45 AM
نسأل الله التوفيق و السداد في جمع كلام أهل العلم في هذه المسألة المهمة و الخطيرة.

المفرق
08-25-2013, 01:50 AM
قال الإمام البربهاري رحمه الله : :[ ومن كان من أهل الإسلام فلا تشهد له بعمل خير ولا شر فإنك لا تدري بما يختم له عند الموت، ترجو له رحمة الله وتخاف عليه ذنوبه، ولا تدري ما يسبق له عند الموت إلى الله من الندم، وما أحدث الله في ذلك الوقت إذا مات على الإسلام ترجو له رحمة الله، وتخاف عليه ذنوبه ]

علق الشيخ عبد العزيز الراجحي : (نعم، ومن كان من أهل الإسلام فلا تشهد له بعمل الخير ولا شر، فإنك لا تدري بما يختم له عند الموت، ترجو له الرحمة وتخاف عليه ذنوبه، يعني أن المعين من أهل القبلة لا يشهد له بالجنة ولا يشهد له بالنار.
عقيدة أهل السنة لا نشهد للمعين بالجنة ولا بالنار، لكن نرجو للمحسن ونخاف على المسيء، إذا رأينا الإنسان مستقيما على طاعة الله، نرجو له الخير، ونرجو أن يكون من أهل الجنة، وإذا رأينا الإنسان يفعل المعاصي، نخاف عليه ونخشى عليه من النار، ولا نشهد له بالنار، إذا رأينا المسلم من أهل القبلة مستقيما على طاعة الله نرجو له الخير ونرجو له الجنة، ولا نشهد له بالجنة، وإذا رأينا الإنسان يفعل الشر والمعاصي نخاف عليه من النار، ولا نحكم عليه بالنار، لا نشهد له بالنار إلا لمن شهدت له النصوص، كالعشرة المبشرين بالجنة، نشهد لهم بالجنة: ثابت بن قيس بن شماس الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ابن عمر وجماعة شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم.
من شهدت له النصوص شهدنا له بالجنة، ومن لم تشهد له النصوص نشهد بالجنة في العموم، في العموم كل مؤمن في الجنة وكل كافر في النار، لكن فلان بن فلان نشهد له بالجنة؟ ما نشهد، ما ندري ما يكون، لكن إذا كان فلان بن فلان بعينه مستقيما على طاعة الله نرجو له الخير، ونرجو أن يكون من أهل الجنة ولا نجزم، وفلان بن فلان اللي يفعل المعاصي نشهد له بالنار؟ ما نشهد له بالنار، لكن نخاف عليه، نخاف عليه النار ولا نشهد له بالنار، ولا نشهد لأحد بالنار إلا من عرفنا أنه مات على الكفر، وأنه قامت عليه الحجة، إذا عرفنا أن فلان يعبد الأصنام وقامت عليه الحجة لا شبهة له فهو من أهل النار.
وكذلك اليهود والنصارى نشهد عليهم بالنار والوثنيين، إذن من كان من أهل الإسلام فلا نشهد له بعمل خير ولا شر، فإنك لا تدري بما يختم له عند الموت، ترجو له رحمة الله وتخاف عليه ذنوبه، ولا تدري ما يسبق له عند الموت، لأنك ما تدري ما الخاتمة، ولا تدري ما يسبق له عند الموت إلى الله من الندم، وما أحدث الله في ذلك الوقت إذا مات على الإسلام، إذا مات على الإسلام ترجو له رحمة الله، وتخاف عليه ذنوبه، كما سبق أنه لا يشهد للمعين بالجنة أو بالنار، لكن نرجو له للمحسن ونخاف على المسيء، إلا من شهدت له النصوص، وكذلك من عرفنا أنه مات على الكفر وقامت عليه الحجة نشهد له بالنار، واليهود والنصارى الذين قامت عليهم الحجة يشهد لهم بالنار، نعم.)

(السؤال: ما حكم من بشر أحدا بالجنة؟ شخص بشر آخر بالجنة؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مذهب و معتقد أهل السنة والجماعة أنه ما يُشهد للمعين بالجنة، ما يُشهد إلا لمن شهدت له النصوص، مثل العشرة المبشرين بالجنة، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وبلال شهد له بالجنة، وإلا ما الفائدة من تخصيص هؤلاء بالشهادة لهم بالجنة؟
فمعتقد أهل السنة والجماعة لا يُشهد للمعين بالجنة ولا بالنار من أهل القبلة، ولكن يرجون للمحسن، ويخافون على المسيء، المحسن المستقيم على طاعة الله نرجو له الخير، والذي يجترئ على المعاصي نخاف عليه من النار، لكن ما نشهد لهذا العاصي بأنه من أهل النار، ولا نشهد لهذا المعين بأنه من أهل الجنة، فلان بن فلان، لكن نشهد على العموم، كل مؤمن في الجنة، كل كافر في النار، هذا على العموم، أما فلان بن فلان نشهد له بأنه في الجنة ما نشهد، ما ندري عن حاله، لكن نرجو له الخير إذا كان مستقيما نرجو له، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور العلماء.
بعض العلماء يرى أنه يُشهد لمن اشتهر عنه الخير وشهد له ثقتان من أهل العدول من أهل الخير، يُشهد له بالجنة، واستدلوا بحديث، وهوما جاء عن النبي   مروا عليه بجنازة فأثنوا عليها خيرا، ثم مروا بجنازة أخرى فأثنوا عليها شرا، فقال: وجبت. فسألوا عن ذلك فقال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا وجبت له النار  . لكن الصواب الذي عليه جمهور العلماء أنه لا يُشهد إلا لمن شهدت له النصوص، أما من لم يشهد له فهذا نشهد له بالعموم، كل مؤمن في الجنة بالعموم، كل كافر في النار، أو كافر بعينه إذا قامت عليه الحجة، وعُرف أنه مات على الكفر، هذا لا بأس، أما إذا لم تعلم، قد تكون ما قامت عليه الحجة، تشهد على العموم، كل كافر في النار، كل مؤمن في الجنة، أما فلان ابن فلان ما نشهد له إلا بدليل، نعم)

الشيخ عبد الرحمن البراك معلقا على كلام الإمام الطحاوي رحمه الله :
([لا يشهد لمعين من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا بحجة]
وقوله: (ولا ننزل أحدا منهم جنة ولا نارا، ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق، ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى).
أي: لا نشهد لأحد من أهل القبلة من المسلمين بأنه من أهل الجنة لصلاحه، ولا نشهد على أحد منهم بأنه من أهل النار لمعصية أو بدعة، بل نفوض علمهم إلى الله، فهو تعالى أعلم بمآلهم وبحالهم، ولا نشهد بالجنة إلا لمن شهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم - كالعشرة المبشرين بالجنة، والحسن والحسين، وثابت بن قيس بن شمَّاس، ولجميع أهل بيعة الرضوان، وتقدمت الإشارة إلى هذه المسألة وأن فيها ثلاثة مذاهب، (1) والطحاوي يكرر المعنى الواحد في عدة مواضع.)

المفرق
08-26-2013, 11:48 PM
عن عامر بن سعد عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ أبي كان يصل الرحم وكان وكان؛ فأين هو؟! قال: "في النار"، فكأنَّ الأعرابي وجد من ذلك، فقال: يا رسول الله فأين أبوك؟ قال: "حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار"، قال: فأسلم الأعرابي بعد ذلك، فقال: لقد كلَّفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعباً ما مررتُ بقبر كافر إلا بشرته بالنار.[أخرجه الطبراني]

قال الشيخ الألباني رحمه الله في [السلسلة الصحيحة 1/25 حديث (18)]:( وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون، وطرح ابن معين لمحمد ابن أبي نعيم لا يتلفت إليه بعد توثيق أحمد وأبي حاتم إياه، لاسيما وقد توبع في إسناده).

وقال الشيخ في بيان فقهه: (( وفي هذا الحديث فائدة هامة أغفلتها عامة كتب الفقه؛ ألا وهي مشروعية تبشير الكافر بالنار إذا مر بقبره.
ولا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظ المؤمن وتذكيره بخطورة جرم هذا الكافر؛ حيث ارتكب ذنباً عظيماً تهون ذنوب الدنيا كلها تجاهه ولو اجتمعت، وهو الكفر بالله عز وجل والإشراك به، الذي أبان الله تعالى عن شدة مقته إياه حين استثناه من المغفرة فقال: "إنَّ الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء"، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "أكبر الكبائر أن تجعل لله نداً وقد خلقك" متفق عليه.
وإنَّ الجهل بهذه الفائدة مما أودى ببعض المسلمين إلى الوقوع في خلاف ما أراد الشارع الحكيم منها. فإننا نعلم أنَّ كثيراً من المسلمين يأتون بلاد الكفر لقضاء بعض المصالح الخاصة أو العامة، فلا يكتفون بذلك حتى يقصدوا زيارة بعض قبور من يسمونهم بعظماء الرجال من الكفار ويضعون على قبورهم الأزهار والأكاليل ويقفون أمامها خاشعين محزونين، مما يشعر برضاهم عنهم وعدم مقتهم إياهم، مع أنَّ الأسوة الحسنة بالأنبياء عليهم السلام تقضي خلاف ذلك كما في هذا الحديث الصحيح، واسمع قول الله عز وجل: "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً" الآية، هذا موقفهم منهم وهم أحياء؛ فكيف وهم أموات؟)).

المفرق
08-29-2013, 02:22 AM
.......................

المفرق
08-29-2013, 02:28 AM
قال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في كتابه حيث قال: (ولا يقطعون على أحد من أهل الملة أنه من أهل الجنة أو من أهل النار لأن علم ذلك يغيب عنهم لا يدرون على ماذا الموت؟ أعلى الإسلام أم على الكفر؟ ولكن يقولون: إن من مات على الإسلام مجتنبا للكبائر والأهواء والآثام فهو من أهل الجنة لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالِحَاتِ [البينة: 7]، ولم يذكر عنهم ذنبا أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَناتُ عَدْنٍ [البينة: 7- 8]، ومن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بعينه وصح ذلك عنه فإنهم يشهدون له بذلك اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقا لقوله)
( إعتقاد أئمة أهل الحديث 68/69)

قال الإمام ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: (و أما الشخص المعين، إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد و أنه كافر؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه بل يخلده في النار، فإن هذا حكم الكافر بعد الموت، ولهذا ذكر أبو داود في (سننه) في كتاب: الأدب، باب: النهي عن البغي. وذكر فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: ((كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، و الآخر مجتهد في العبادة فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوماً على ذنب، فقال له أقصر، فقال خليني وربي، أبعثت علي رقيباً؟ فقال: و الله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً؟ أو كنت على ما في يدي قادراً؟ وقال للمذنب اذهب فادخل الجنة برحمتي. وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار. قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده، لتكلم بكلمة أو بقت دنياه وآخرته)) وهو حديث حسن، و لأن الشخص المعين يمكن أن يكون مجتهداً مخطئاً مغفوراً له، ويمكن أن يكون ممن لم يبلغه ما وراء ذلك من النصوص، ويمكن أن يكون له إيمان عظيم وحسنات أوجبت له رحمة الله)( شرح الطحاوية 357/358)


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فقد يكون الفعل أو المقالة كفراً، ويطلق القول بتكفير من قال تلك المقالة، أو فعل ذلك الفعل، ويقال: من قال كذا، فهو كافر، أو من فعل ذلك، فهو كافر. لكن الشخص المعين الذي قال ذلك القول أو فعل ذلك الفعل لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها. وهذا الأمر مطرد في نصوص الوعيد عند أهل السنة والجماعة، فلا يشهد على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار، لجواز أن لا يلحقه، لفوات شرط أو لثبوت مانع)( مجموع الفتاوى 165/35)

قال الشيخ صالح آل الشيخ :
السؤال : ما حكم تكفير الكافر المعين والحكم عليه بالخلود في النار بعد الممات، وما معنى قول أهل السنة ولا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له، إلى آخره ؟

الجواب: أنَّ قول أهل السنة ولا نشهد لأحد بجنة ولا بنار إلا من شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ يعني من هذه الأمة من المنتسبين للقبلة، أما المشرك الأصلي أو الكافر اليهودي أو النصراني فإنه يستصحب الأصل الذي كان عليه؛ فإذا مات على الكفر فإننا نقول هو كافر ومات عليه وهو من أهل النار، والنبي صلى الله عليه وسلم قال لنا (حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار)..أبشر بالنار، هذا لا يدخل في قول أهل السنة لأنَّ المقصود من ذلك أهل القبلة، لا نشهد لمعين بجنة من أهل القبلة ولا لمعين من أهل القبلة بنار، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم في الذين يدخلون الجنة وفي الذي غلّ وفي الذي قتل نفسه؛ وجَعَ نفسه بحديدة ونحو ذلك، من شهد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنار من أهل القبلة فنشهد عليه بالنار وأما المشركون والكفار من أهل الكتاب فلا كرامة لهم فإذا ماتوا شهدنا عليهم بالنار وكفَّرْنَاهم في حياتهم وبعد مماتهم، ولا يقال في حقهم لا نكفر إلا من بلغته الحجة أو لا نشهد عليهم بالنار إلا من قامت عليه الحجة ونحو ذلك، كما بينا ذلك مرة في هذا المسجد حينما رددت على صاحب مقالة كفرية.شرح العقيدة الطحاوية (1 / 105).

المفرق
08-31-2013, 03:33 AM
جاء في كتاب (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء «المجموعة الثانية» ) ما يلي و قد سبق لي نقل هذه الفتوى في مقالي لكن أعيدها عليكم لوضوحها و عنوانها :

المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط

السؤال الخامس من الفتوى رقم ‏(‏6397‏)‏‏:‏

السؤال ‏:‏ أسلمت حديثا إحدى الشابات البوذيات المثقفات بعد دراسة عميقة للإسلام استمرت سبع سنوات، وهي الآن نشطة في الدعوة للإسلام ولقد أسلم على يديها بعض الأفراد من رجال ونساء، وفي إحدى جولاتها مع بعض الذين اهتدوا للتعريف بالإسلام والدعوة إليه في إحدى المناطق النائية وجه إليها أحد البوذيين هذا السؤال‏:‏ كيف تحكمون بدخول النار لغير المسلم بينما نحن في هذه المنطقة لم عن نسمع عن الإسلام إلا الآن فهل آباؤنا في النار، وما ذنبهم طالما أنكم معشر المسلمين لم تبلغوا دين الحق إلينا‏؟‏ ولقد اتصلت بنا هذه الأخت المهتدية وتريد منا جوابا شافيا على سؤال الرجل الذي دخل في الإسلام بعد هذا اللقاء‏.‏

الجواب‏:‏ المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط وهو‏:‏ أن يكونوا قد بلغهم القرآن أو بيان معناه من دعاة الإسلام بلغة المدعوين؛ لقول الله عز وجل‏:‏ سورة الأنعام الآية 19 ‏{‏وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ سورة الإسراء الآية 15 ‏{‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏ فمن بلغتهم الدعوة الإسلامية من غير المسلمين وأصر على كفره فهو من أهل النار لما تقدم من الآيتين، ولقول النبي صلى لله عليه وسلم‏:‏ أحمد ‏(‏2/ 317، 350‏)‏ و‏(‏4/ 396، 398‏)‏، ومسلم برقم ‏(‏153‏)‏، وابن مردويه وسعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني، كما في ‏[‏الدر المنثور‏]‏ ‏(‏2/ 325‏)‏، والحاكم ‏(‏2/ 342‏)‏‏.‏ والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار خرجه مسلم في صحيحه والأدلة في هذا المعنى من الآيات والأحاديث كثيرة‏.‏ أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم فأمرهم إلى الله عز وجل، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك‏:‏ أنهم يمتحنون يوم القيامة فمن أطاع الأوامر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره؛ لقول الله عز وجل‏:‏ سورة الإسراء الآية 15 ‏{‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا‏}‏ والعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه ‏[‏طريق الهجرتين‏]‏ في آخره تحت عنوان ‏(‏طبقات المكلفين‏)‏ فنرى لك مراجعة الكتابين لمزيد الفائدة‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

نائب الرئيس‏:‏ عبد الرزاق عفيفي

عضو‏:‏ عبد الله بن غديان

عضو‏:‏ عبد الله بن قعود

قلت : و كما ترى أخي طالب الحق أن فتوى علماء اللجنة الدائمة -رحم الله الميت و حفظ الله الحي منهم- واضحة فقالوا : ( الملسمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا...إلخ) وهم يتكلمون عن كفار معينين كما جاء في السؤال ، فكلام العلماء يرد مجمله إلى مفصله و لا يضرب بعضه ببعض ، فتدبر و تمعن أخي طالب الحق في هذا تسلم من الزلل وفقنا الله لمرضاته.

المفرق
08-31-2013, 11:51 PM
قال أحد طلبة العلم :(طلع علينا في هذا الزمان بعض من يزعم السلفية: بأنه لا يجوز الحكم على من مات على الشرك بالنار، ولو كان من أئمة الكفر، من النصارى واليهود ونحوهم... فتحيرنا، وحق لنا هذا.
فهم لا يريدون تكفير المعين من المشركين، ولا يريدون تحقيق البراءة منهم، ثم من مات أيضًا على كفره، ولو كان مباينًا لملة المسلمين لا يريدون أن نحكم عليه أيضًا بالنار.
ثم تراهم قد توغلوا بعنف في الحكم على كثير من مناطات الشرك الأكبر بأنه من الشرك الأصغر العملي، الذي لا يخرج صاحبه من الملة.
ويا ليتهم وقفوا عند هذا الحد، بل قاموا بشن الغارة على دعاة التوحيد، ورموهم بالعظائم ونالوا من أعراضهم.
فسبحان الله ما أعظم هذا الإشكال، وما أشد تلك المعضلة.
ولم يدر هؤلاء أنهم يسعون في تهوين أمر الشرك في نفوس العباد شاءوا ذلك أم أبوا، ذاك الذنب الذي حرم الله على أصحابه الجنة، وأوجب لهم به الخلود في النيران، وحجب المولى -جل في علاه- مغفرته العظيمة، وعفوه -الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه- عن أن ينال هذا الذنب الأكبر الأعظم.
واستشهد القوم بقول الإمام الطحاوي في عقيدته: «ولا ننزل أحدًا منهم جنة ولا نارًا».
ولو رجعنا إلى قول الإمام الطحاوي، لوجدناه يتحدث عن أهل القبلة، الذين ماتوا في الظاهر على التوحيد والإيمان، فهل بجرؤ أحد على الحكم على أمثال هؤلاء بأنهم من أهل النار، سبحانك هذا بهتان عظيم.
قال الإمام الطحاوي -رحمه الله تعالى-: «وأهل الكبائر من أمة محمد ، في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين، بعد أن لقوا الله عارفين مؤمنين....ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة، ونصلي على من مات منهم.
ولا ننزل أحدًا منهم جنة ولا نارًا، ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى».

وقال ابن أبي العز الحنفي مبينًا هذا المعنى في شرحه: «يريد: أنا لا نقول عن أحد معين من أهل القبلة إنه من أهل الجنة أو من أهل النار إلا من أخبر الصادق صلى الله عليه و سلم أنه من أهل الجنة، كالعشرة رضي الله عنهم، وإن كنا نقول: إنه لا بد أن يدخل النار من أهل الكبائر من شاء الله إدخاله النار، ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين، ولكنا نقف في الشخص المعين فلا نشهد له بجنة ولا نار إلا عن علم، لأن الحقيقة باطنة، وما مات عليه لا نحيط به، لكن نرجو للمحسنين ونخاف على المسيئين».

فإذا كان هذا في حق من مات من أهل القبلة على التوحيد والإيمان، فلماذا يتوسع هؤلاء -وهذا دأبهم دائمًا في مثل هذه المسائل فانتبه- في جعل هذا الحكم ينطبق على المرتدين، وعلى أئمة الكفر المباينين للملة، فضلاً عن أتباعهم، من المقلدة لهم، والمقتدين لآثارهم.

والرد على هذه الشبهة من وجوه:

الوجه الأول: ما قاله صديق الأمة، أبو بكر الصديق رضي الله عنه في وجوب الشهادة على أعيان القتلى المرتدين بالنار، وكان في محضر من الصحابة، وانقضى عصرهم، ولم يظهر له مخالف في هذا فكان إجماعًا.

وقد ذكرت هذا الوجه أولاً بسبب وروده في متن الرسالة محل الشرح.

الوجه الثاني: قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) [التوبة: 113]، فالآية نص في أن الكافر إذا مات على كفره فقد تبين لنا أنه من أهل النار، وأنه يعين بذلك.
قال الإمام الطبري -رحمه الله تعالى-: «يقول تعالى ذكره: ما كان ينبغي للنبي والذين آمنوا به: أَنْ يَسْتَغْفِرُوا يقول: أن يدعوا بالمغفرة للمشركين، ولو كان المشركون الذين يستغفرون لهم أُولِي قُرْبَى ذوي قرابة لهم مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ يقول: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله، وعبادة الأوثان، وتبين لهم أنهم من أهل النار، لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك، فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله».
وقال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله تعالى-: «ومعنى قوله: مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ أي: من بعد ما بان أنهم ماتوا كفارًا».

والعبرة في هذه المسألة بالخواتيم، فمن مات على الكفر حكمنا به عليه وشهدنا له بالنار في الظاهر، والله يتولى السرائر.

قال الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى- في هذه الآية: «ظاهر حالة المرء عند الموت يحكم عليه بها، فإن مات على الإيمان حكم عليه به، وإن مات على الكفر حكم له به، وربك أعلم بباطن حاله».

وقال أيضًا -رحمه الله تعالى- مؤكدًا على هذا المعنى في أثناء تفسيره لقوله تعالى: وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا [النساء: 94] الآية. بعد عرضه لحديث أسامة بن زيد  لما قتل متأولاً الرجل الذي نطق بالشهادتين بعدما علاه بسيفه.
قال القرطبي: «وفي هذه من الفقه باب عظيم: وهو أن الأحكام تناط بالمظان والظواهر، لا على القطع واطلاع السرائر».

وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في قصة موت أبي طالب: «فهذا شأن من مات على الكفر -أي الخلود في النار- فلو كان مات على التوحيد لنجا من النار أصلا؛ والأحاديث الصحيحية، والأخبار المتكاثرة طافحة بذلك»

الوجه الثالث: عن أنس  أن رجلاً قال: يا رسول الله أين أبي؟

قال: «في النار» فلما قفى دعاه فقال: «إن أبي وأباك في النار» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وبوب الإمام النووي له بابًا: «بيان أن من مات على الكفر فهو في النار»، وقال فيه: «أن من مات على الكفر فهو في النار، ولا تنفعه قرابة المقربين».

الوجه الرابع: جاء أعرابي إلى النبي  فقال يا رسول الله: «إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان. فأين هو؟ قال: «في النار»، قال: فكأنه وجد من ذلك. فقال يا رسول الله فأين أبوك؟ فقال رسول الله : «حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار» قال فأسلم الأعرابي بعد. وقال: لقد كلفني رسول الله  تعبًا، ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار».

وقال الإمام السندي -رحمه الله تعالى- في شرحه لسنن ابن ماجه على هذا الحديث:

والجواب: -أي من النبي صلى الله عليه و سلم - عام في كل مشرك ) اهـ.

وقال العلامة علي القاري الحنفي فيه: «وفي هذا التعميم دلالة واضحة، وإشارة لائحة بأن أهل الجاهلية كلهم كفار، إلا ما خص منهم بالأخبار عن النبي المختار  ».

وقال الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- معلقًا عليه: «وإذا زار قبر الكافر فلا يسلم عليه، ولا يدعو له، بل يبشره بالنار، كذلك أمر رسول الله ».
وكان سلفنا الصالح، وأئمة الهدى إذا حكموا بالكفر على واحد، حكموا له بالخلود في النيران إذا مات عليه، وأجروا عليه أحكام التكفير، لأن باب الحكم بالكفر على معين، والشهادة له بالنار إن مات عليه واحد.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: «والجهمية عند كثير من السلف، مثل عبد الله بن المبارك، ويوسف بن أسباط، وطائفة من أصحاب الإمام احمد، وغيرهم ليسوا من الثنتين والسبعين فرقة التي افترقت عليها هذه الأمة، بل أصول هذه عند هؤلاء هم: الخوارج، والشيعة، والمرجئة، والقدرية.
وهذا المأثور عن أحمد، وهو المأثور عن عامة أئمة السنة والحديث أنهم كانوا يقولون: من قال القرآن مخلوق فهو كافر؛ ومن قال: إن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر؛ ونحو ذلك.

ثم حكى أبو نصر السجزي عنهم في هذا قولين:
أحدها: أنه كفر ينقل عن الملة، قال: وهو قول الأكثرين.
والثاني: أنه كفر لا ينقل. ولذلك قال الخطابي: أن هذا قالوه على سبيل التغليظ.
وكذلك تنازع المتأخرون من أصحابنا في تخليد المكفر من هؤلاء، فأطلق أكثرهم عليه التخليد، كما نقل ذلك عن طائفة من متقدمي علماء الحديث، كأبي حاتم، وأبي زرعة، وغيرهم، وامتنع بعضهم من القول بالتخليد».

وقال الإمام الفقيه ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: «ولا تجوز الصلاة على كافر لقول الله تعالى: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة: 84] وقال الله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى. ومن حكمنا بكفره من أهل البدع لم نصل عليه. قال أحمد: لا أشهد الجهمي ولا الرافضي ويشهدهما من أحب».

وقال الإمام ابن أبي العز مؤكدًا على أن المعين من الكفار إذا مات على كفره فإنه يشهد له بالنار: «وعن أبي يوسف -رحمه الله- أنه قال: ناظرت أبا حنيفة -رحمه الله- مدة حتى اتفق رأيي ورأيه: أن من قال بخلق القرآن فهو كافر.
وأما الشخص المعين إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد، وأنه كافر؟
فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له ولا يرحمه، بل يخلده في النار فإن هذا حكم الكافر بعد الموت».

فهذه بعض من نصوص السلف في أهل البدع المغلظة.
فمن حكم منهم عليهم بالكفر، حكم للميت على هذه البدعة المكفرة بالخلود في النار، وامتنعوا من الصلاة عليه والدعاء له، ومن دفنه في قبور المسلمين، ومن القيام على قبره، إلى غير ذلك من أحكام الكفر الثابتة من الشرع الحكيم.
وقبل الانتقال من هذه المسألة المهمة، نذكر بأن المحذور فيها هو الشهادة على من مات على الكفر بالنار على وجه القطع واليقين، فهذا لا يكون إلا فيمن أخبر الوحي فيه بذلك.

وأما ما دون ذلك فنحن نشهد له بغلبة الظن لظاهر حاله عند موته، ولأن الأحكام كما قدمنا من قبل منوط إجراؤها بالظواهر وغلبة الظن، دون اليقين والقطع، وإلا تعذر العمل بها. وبالله التوفيق، ومنه وحده العون والسداد.)

المفرق
09-01-2013, 01:41 AM
قال الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمه الله :

(ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث أن عواقب العباد مبهمة، لا يدري أحد بما يُختم له ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل النار؛ لأن ذلك مغيَّب عنهم، لا يعرفون على ما يموت عليه الإنسان؛ ولذلك يقولون: إنا مؤمنون إن شاء الله. أي: من المؤمنين الذين يختم لهم بخير إن شاء الله، ويشهدون لمن مات على الإسلام أن عاقبته الجنة.
فإن الذين سبق القضاء عليهم من الله أنهم يعذبون بالنار مدة؛ لذنوبهم التي اكتسبوها ولم يتوبوا منها، فإنهم يُرَدُّون أخيرًا إلى الجنة، ولا يبقى أحد في النار من المسلمين؛ فضلًا من الله ومنَّة، ومن مات -والعياذ بالله- على الكفر فمردُّه إلى النَّار، لا ينجو منها، ولا يكون لمَقامه فيها منتهى.)
شرح هذه الفقرة فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله بما يلي :
(وهذا المسألة، وهي عواقب العباد: مبهمة، لا أحد يدري ما يُختم للإنسان؛ ولهذا فإن أهل السنة والجماعة لا يشهدون لأحد بعينه أنه من الجنة، ولا لأحد بعينه بأنه من أهل النار، إلا من شهدت له النصوص، كالعشرة المبشرين بالجنة، نشهد لهم بالجنة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح هؤلاء العشرة شهد لهم الرسول بالجنة؛ فنشهد لهم بالجنة.
وكذلك الحسن والحسين وابن عمر وعبد الله بن سلام ممن شهد لهم النبي بالجنة، وعكاشة بن محصن وغيرهم، وكذلك أيضًا أهل بيعة الرضوان لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة أي: من شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة نشهد له بالجنة، ومن شهدت له النصوص بالنار نشهد له بالنار: كأبي لهب وأبي جهل ومن لم يُشهد له بالجنة.
فإننا نشهد للمؤمنين بالعموم بأنهم في الجنة، ونشهد للكفار بالعموم بأنهم في النار، أما الشخص المعيَّن من المسلمين فلا نشهد له بعينه بالجنة، لكن نشهد له بالعموم، المؤمنون جميعًا في الجنة، والكفار جميعًا في النار، أما فلان ابن فلان من أهل القبلة لا نشهد له بالجنة إلا إذا شهدت له النصوص، ولا نشهد عليه بالنار إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر، وقامت عليه الحجة: كيهودي قامت عليه الحجة، أو نصراني، أو إنسان يعبد الأصنام والأوثان والحجة قائمة عليه، ومات على ذلك، نشهد له بالكفر، ونشهد له بالنار.
أما من لم تقم عليه الحجة، أو لم نعلم حاله، نشهد عليه بالعموم، كل كافر في النار، وكل يهودي في النار، وكل نصراني في النار، وكل وثنيّ في النار، وكل منافق في النار، أما فلان بن فلان فلا نشهد عليه إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر وقامت عليه الحجة، وكذلك كل مؤمن في الجنة. أما فلان بن فلان فلا نشهد عليه بالجنة، ولا نشهد إلا لمن شهدت له النصوص.
هذه عقيدة أهل السنة والجماعة ؛ ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: "ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث أن عواقب العباد مبهمة"، أي: لا يدري أحد ما يُختم له، هل يُختم له بالخير؟ أو يُختم له بالشر؟ لا يدري أحد بما يُختم له. "ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة"، وينبغي أن نقيد كلام المؤلف، إلا لمن شهدت له النصوص.
"ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل النار، إلا لمن شهدت له النصوص؛ لأن ذلك مغيب عنهم، لا يعرفون على ما يموت عليه الإنسان، أعلى إسلام أم على كفر؟ ولذلك يقولون -يعني المؤمنون-: إنا مؤمنون إن شاء الله "، فالمؤمن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله. أي: من المؤمنين الذي يختِم الله لهم بخير إن شاء الله، وكذلك أيضًا يقول المؤمن: أنا مؤمن إن شاء الله إذا أراد أنه لا يزكِّي نفسه، وأنه لا يدري أنه أدَّى ما عليه؛ لأن شعب الإيمان متعددة، ولا يجزِم بأنه أدى الواجبات، وترك المحرمات، فلا يزكي نفسه، بل يقول: أنا مؤمن إن شاء الله؛ لأنه لا يدري بما يُختم له.
" ويشهدون - أهل السنة والجماعة - لمن مات على الإسلام أن عاقبته الجنة"، يعني: أن هذا على العموم، فكل من مات على الإسلام فهو من أهل الجنة، وكل مؤمن فهو من أهل الجنة، أما شخص بعينه، لا يُشهد له إلا لمن شهدت له بالنصوص.
قال المؤلف: " فإن الذين سبق القضاء عليهم من الله أنهم يُعذبون بالنار مدة؛ لذنوبهم التي اكتسبوها ولم يتوبوا منها، فإنهم يُرَدُّون أخيرًا إلى الجنة، ولا يبقى أحد في النار من المسلمين فضلًا ومنَّة"، يعني من مات على التوحيد، ثم عذب بالنار، فإنه يعذب فيها مدة، ثم يخرج منها -كما سبق- إلى الجنة؛ لأنه مات على التوحيد والإسلام.
ثم قال: "ومن مات -والعياذ بالله- على الكفر، فمرده إلى النار، لا ينجو منها، ولا يكون لمَقامه فيها منتهى". فمن مات على النار لا حيلة فيه، ولا تنفع فيه الشفاعة، ولا يدفع عنه عذاب الله أحد، ولو أتي بملء الأرض ذهبًا لم يدفع عنه عذاب الله، ولو اجتمع الخلق كلهم على أن ينقذوه من عذاب الله لم يستطيعوا.
قال -تعالى-: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ .
قال -سبحانه-: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ .
وقال -سبحانه-: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ .
وقال -سبحانه-: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ .
وقال -سبحانه-: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا .
فمن مات على الكفر الأكبر، أو النفاق الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو الظلم الأكبر - وهو ظلم الكفر -، أو الفسق الأكبر - فسق الكفر -، فلا حيلة فيه، وليس له شفاعة، ولا نصيب له في الرحمة، وهو آيس من رحمة الله.
نسأل الله السلامة والعافية، ونسأله -سبحانه وتعالى- أن يتوفانا على الإسلام وعلى التوحيد والإيمان، غير مغيرين ولا مبدلين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.)

و قال الإمام الصابوني رحمه الله :(فأما الذين شهد لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أصحابه بأعيانهم بأنهم من أهل الجنة، فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك؛ تصديقًا منهم للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما ذكره ووعده لهم، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرَف ذلك، والله -تعالى- أطْلع رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما شاء من غيبه.
وبيان ذلك في قوله -عز وجل-: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ .
وقد بشَّر -صلى الله عليه وسلم- عشرة من أصحابه بالجنة، وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح
وكذلك قال لثابت بن قيس بن شماس -رضي الله عنه-: إنه من أهل الجنة قال أنس بن مالك فلقد كان يمشي بين أظهرنا، ونحن نقول: إنه من أهل الجنة.)

شرح هذه الفقرة فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله :

(فإن عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يشهدون لمن شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، كالعشرة المبشرين بالجنة، وثابت بن قيس بن شماس فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: أنت من أهل الجنة ؛ فقد كان خطيب النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان يرفع صوته في حضرة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه خطيب والخطيب يحتاج إلى رفع الصوت، فلما نزل قوله -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ خاف -رضي الله عنه- وجلس في بيته يبكي، وخاف أن يحبط عمله، فسأل عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فأرسل إليه، فقال للرسول: إنه من أهل النار؛ لأنه يرفع صوته فوق صوت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أخبروه أنه من أهل الجنة، وليس من أهل النار هذه شهادة من النبي -صلى الله عليه وسلم- شهد له بها.
وكذلك: الحسن والحسين شهد لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم سيدا شباب أهل الجنة، وكذلك: عكاشة بن محصن وعبد الله بن عمر وبلال بن رباح وأن النبي سمع خشخشة نعله في الجنة وعبد الله بن سلام وجماعة شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم.
العشرة المبشرون بالجنة الذين عدَّهم المؤلف -رحمه الله- كلهم يُشهد لهم بالجنة، هذه عقيدة أهل السنة والجماعة من شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، نشهد لهم بالجنة.
كذلك: أهل بيعة الرضوان: لا يلج النار أحد بايعني تحت الشجرة وكانوا ألفًا وأربعمائة، أهل بدر كذلك: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: وما يدريك يا عمر لعل الله اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فأني قد غفرت لكم .
أما من لم يشهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة فإنا نشهد له بالعموم، نشهد لجميع المؤمنين بالجنة، لكن لا نشهد بالخصوص إلا لمن شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما العموم: فكل مؤمن في الجنة، وكل كافر في النار، اليهود في النار، والنصارى في النار، والوثنيون في النار، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار.
لكن فلان ابن فلان بعينه لا نشهد له بالجنة إلا لمن شهدت له النصوص، وفلان بن فلان بعينه في النار لا نشهد له بالنار إلا إذا علمنا أنه مات على الكفر، وقامت عليه الحجة، هذا هو عقيدة أهل السنة مثلًا أبو لهب شهدت له النصوص والقرآن بأنه في النار، وأبو جهل في النار، ومع ذلك فإنا نشهد للمؤمنين على العموم بالجنة، ونشهد للكفار بالنار.
لكن أهل السنة والجماعة يرجون للمحسن، ويخافون على المسيء، إذا رأوا إنسان مستقيمًا على طاعة الله، يؤدي ما أوجب الله عليه، وينتهي عمَّا حرَّم الله عليه، يرجون له الخير، ويرجون أنَّ الله يغفر له ويدخله الجنة، لكن لا يشهدون له بالجنة، لأن النصوص لم تشهد له.
والمسيء الذي يعمل المعاصي والكبائر، يخافون عليه من النار، ولا يشهدون عليه بالنار؛ ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: "فأما الذين شهد لهم رسول -صلى الله عليه وسلم- من أصحابه، بأعيانهم، بأنهم من أهل الجنة، فإن أصحاب الحديث يشهدون لهم بذلك؛ تصديقا للرسول -عليه الصلاة والسلام- فيما ذكره ووعده لهم، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يشهد لهم بها إلا بعد أن عرَف ذلك، والله -تعالى أطْلع رسوله على ما شاء من غيبه".
وبيان ذلك في قوله -عز وجل-: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ والنبي -صلى الله عليه وسلم- ينزل عليه الوحي، فإذا شهد لأحد بالجنة فإن هذا من الغيب الذي أطْلعه الله عليه، قال الله -تعالى-: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى .
وقد بشَّر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشرة من أصحابه بالجنة، وهم أبو بكر وعمر عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد ابن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبو عبيدة بن الجراح هؤلاء العشرة يقال لهم: العشرة المبشرون بالجنة، وكذلك -كما سبق- قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لثابت بن قيس بن شماس أنت من أهل الجنة -لما جلس في بيته يبكي- ولست من أهل النار قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: فلقد كان يمشي بين أظهرنا، ونحن نقول: إنه في الجنة، ومن أهل الجنة.)


و قال الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر النجدي التميمي الحنبلي في ( مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى) ( 1 /113 /114):


(وقال في (الباب السبعون) من الكتاب المذكور وقد ذكرنا في أول الكتاب جملة مقالة أهل السنة والحديث التي اجتمعوا عليها كما حكاه الأشعري عنهم، ونحن نحكي مسائله المشهورة هذا مذهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بها المقتدى بهم فيها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائغ عن منهج أهل السنة وسبيل الحق. قال وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن المسيب وغيرهما ممن جالسنا وأخذنا عنهم.... ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا لكبير أتاها إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي ولا بنص الشهادة، ولا نشهد أنه في الجنة بصالح عمله ولا بخير أتاه إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي ولا بنص الشهادة. )

المفرق
09-05-2013, 01:43 AM
سأنزل - إن شاء الله - نسخة مزيدة و منقحة من رسالة : " قطع لجاج الحائر بذكر الإجماع في الشهادة بالنار على المعين الكافر"

و أحتاج إلى إعانة الإخوة و إفادتهم و توجيهاتهم في هذه المسألة ، فهل أترك العنوان على حاله أم أغيره و لعل الإخوان يفيدنا في ذلك حفظهم الله و سدد خطاهم .

المفرق
09-06-2013, 01:09 AM
قال الإمام ابن حزم رحمه الله في "الفصل الملل و الأهواء و النحل"4/52 :
"فَلهَذَا وَجب أَن لَا نقطع على أحد بِعَيْنِه بجنة وَلَا نَار حاشا من جَاءَ النَّص فِيهِ من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم بِأَنَّهُم فِي الْجنَّة وَبِأَن الله علم مَا فِي قُلُوبهم فَأنْزل السكينَة عَلَيْهِم وَأهل بدر وَأهل السوابق فَإنَّا نقطع على هَؤُلَاءِ بِالْجنَّةِ لِأَن الله تَعَالَى أخبرنَا بذلك على لِسَان رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حاشا من مَاتَ مُعْلنا للكفر فَإنَّا نقطع عَلَيْهِ بالنَّار ونقف فِيمَن عدا هَؤُلَاءِ إِلَّا أننا نقطع على الصِّفَات فَنَقُول من مَاتَ مُعْلنا الْكفْر أَو مبطناً لَهُ فَهُوَ فِي النَّار خادلا فِيهَا وَمن لَقِي الله تَعَالَى رَاجِح الْحَسَنَات على السَّيِّئَات والكبائر أَو متساويهما فَهُوَ فِي الْجنَّة لَا يعذب بالنَّار وَمن لقى الله تَعَالَى رَاجِح الْكَبَائِر على الْحَسَنَات فَفِي النَّار وَيخرج مِنْهَا بالشفاعة إِلَى الْجنَّة وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق"إهــ

المفرق
10-14-2013, 02:21 PM
نسأل الله أن يوفقنا لصالح الأعمال و أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه لا لأحد غيره إنه سميع الدعاء.

عمر الاثري
10-18-2013, 09:00 PM
قال معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ - حفظه الله - من شرحه على العقيدة الطحاوية


س/ هل يحكم على اليهودي المعين الذي مات على اليهودية أنه من أهل النار؟

ج/ نعم يحكم على المعين الذي مات على اليهودية أو على النصرانية بأنه من أهل النار، وهذا،
لأنه كافر أصلي
والنبي لما زار الغلام اليهودي وقال له « قل لا إله إلا الله » أو « قل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله »، فجعل الغلام ينظر إلى أبيه ولم يقلها فقال له والده اليهودي: أطع أبا القاسم. فقال الغلام وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم: ( أشهد أن لا إله إلا الله وأنمحمدارسول الله). فقال عليه الصلاة والسلام « الحمدلله الذي أنقضه الله بي من النار »،
وقال عليه الصلاة والسلام « والله لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا أكبه الله في النار »،
وقال أيضا كما في صحيح مسلم « حيث مامررت بقبر كافر فبشره بالنار»
وقال أيضا جل وعلا ((وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ))،
وهذا لا يدخل في قول أهل السنة والجماعة، ولا نشهد لمعين من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله هذا في حق المعين من أهل القبلة،
أما من مات على كفره من اليهود والنصارى أو مات ونحن نعلم أنه يهودي أو نصراني فهذا كافر يشهد عليه بأنه من أهل النار. « حيث ما مررت بقبر كافر فبشره بالنار ».انتهى .والله الموفق.

الشهاب اليماني
06-01-2017, 02:39 PM
الفتوى رقم ( 18152 )
س: هل نقول لليهودي أو النصراني الذي يعيش بين المسلمين، أو الذي قد سمع كثيرًا عن الإسلام والقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم،
عندما يموت أنه ذاهب إلى النار،
مع أنه مات على يهودية أو نصرانية ولم يبدلها،
أو نتورع به كما نتورع في المسلم العاصي المصر على الكبائر ثم مات بعد ذلك أنه تحت مشيئة الله جل وعلا؟
أفتونا مأجورين.
ج: مذهب أهل السنة:
أنه لا يحكم على معين بأنه من أهل النار أو من أهل الجنة ،
إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولكننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء،
ولا يعلم الخواتيم وعواقب الأمور إلا الله سبحانه وتعالى،
مع العلم بأن اليهود والنصارى كفار، وكل من مات على الكفر فهو من أهل النار، كما أن كل من مات على
الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فهو من أهل الجنة، كما قال سبحانه: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ الآية من سورة التوبة، وقال تعالى في شأن الكفار: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله
عضو
الشيخ صالح الفوزان رحمه الله
عضو
الشيخ عبد الله بن غديان رحمه الله
نائب الرئيس
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ رحمه لله

الرئيس
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله

http://www.alifta.net/Search/ResultDetails.aspx?languagename=ar&lang=ar&view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=10782&searchScope=3&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=exact&SearchMoesar=false&bookID=&LeftVal=0&RightVal=0&simple=&SearchCriteria=allwords&PagePath=&siteSection=1&searchkeyword=217132216167032217138216173217131217 13303221618521713221713703221713321618521713821713 40322161682161632171342171350322171332171340322161 63217135217132032216167217132217134216167216177#fi rstKeyWordFound

الشهاب اليماني
06-01-2017, 03:17 PM
أنا آسف يا عمر الأثري أنته تأخذ الحق من صاحب الأوصاف الكثيرة التي أنته من يصفه بالشيخ و المجاهد و إلى آخره فوزي الأثري
أم فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء رحمه الله في علامة ؟
هداك الله يا عمر الأثري

12d8c7a34f47c2e9d3==