المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد إقامة العقوبات الشرعية للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله


كيف حالك ؟

هادي بن علي
05-22-2013, 02:46 PM
فوائد إقامة العقوبات الشرعية رفع العقوبات القدرية أو تخفيفها كما أوضحه الإمام ابن القيم في " الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي " حيث قال ص 10 : " عقوبات الذنوب نوعان شرعية وقدرية ، فإذا أقيمت الشرعية رفعت العقوبات القدرية أو خففتها ، ولا يكاد الرب تعالى يجمع على عبده بين العقوبتين إلا إذا لم تف إحداهما برفع موجب الذنب ، ولم يكن فيه زوال دائه ، وإذا عطلت العقوبات الشرعية استحالت قدرية ، وربما كانت أشد من الشرعية وربما كانت دونها ، ولكنها تعم والشرعية تمضي ؛ فإن الرب تبارك وتعالى لا يعاقب شرعا إلا من باشر الجناية أو تسبب إليها ، وأما العقوبة القدرية فإنها تقع عامة وخاصة ؛ فإن المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها ،

وإذا أعلنت ضرت الخاصة والعامة ، وإن رأى الناس المنكر فاشتركوا في ترك إنكاره أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه " .
وقد أجاد ابن القيم في كتابه المذكور الكلام على العقوبات القدرية ، وعلى العقوبات الشرعية ، وعلى الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ، وأتى في ذلك بما لا يستغنى عنه لولا الإطالة .
هذا وفي نهاية هذا المقال لا يفوتنا إيراد كلمة قيمة للتاج ابن السبكي في كتابه " معيد النعم ومبيد النقم " في إيجاب العمل بالشرع على من يفصل في القضايا لأهميتها فنقول : قال التاج ص 40 - 42 " عليه - أي على على من يفصل في القضايا - رفع الأمور إلى الشرع ، وأن يعتقد أن السياسة - أي غير الشرعية - لا تنفع شيئا بل تضر البلاد والرعايا وتوجب الهرج والمرج ، ومصلحة الخلق فيما شرعه الخالق الذي هو أعلم بمصالحهم ومفاسدهم ، وشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم متكفلة بجميع مصالح الخلق في معاشهم ومعادهم ، ولا يأتي الفساد إلا من الخروج عنها ، ومن لزمها صلحت أيامه واطمأنت ، ولم يقضي رسول الله صلى الله عليه وسلم نحبه حتى أكمل الله لنا ديننا " .
قال التاج : " وقد اعتبرت - ولاينبئك مثل خبير - فما وجدت ولا رأيت ولا سمعت بسلطان ولا نائب سلطان ولا أمير ولا حاجب ولا صاحب شرطة يلقي الأمور إلى الشرع إلا وينجو بنفسه من مصائب هذه الدنيا ، وتكون مصيبته أبدا أخف من مصيبة غيره ، وأيامه أصلح وأكثر أمنا وطمأنينة وأقل مفاسد ، وأنت إذا شئت فانظر تواريخ الملوك والآمراء العادلين والظالمين ، وانظر أي الدولتين أكثر طمأنينة وأطول أياما ، وكذلك اعتبرت فلم أر ولم أجد من يظن أنه يعلم الدنيا بعقله ويدبر البلاد برأيه وسياسته ، ويتعدى حدود الله وزواجره إلا كانت عاقبته وخيمة ، وأيامه منغصة منكدة وعيشه قلقا ، وتفتح عليه أبواب الشرور ويتسع الخرق على الراقع ، فلا يسد ثلمة إلا وتنفتح ثلامات ، ولا يرقع فتنة إلا وينشأ بعدها فتن كثيرة وعلى مثله يصدق قول الشاعر :

نـــــرقع دنيانـــــا بتمـــــزيق ديننـــــا فلا ديننـــــا يبقــــى ولا مــــا نــــرقع

وبهذا ينتهي البحث والله ولي التوفيق


للشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله

مجلة البحوث الإسلامية العدد الثالث والعشرون - الإصدار : من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1408هـ 1409هـ

12d8c7a34f47c2e9d3==