المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعاون الأخوان معه الرافضة واليهود


كيف حالك ؟

قاسم علي
04-13-2013, 05:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تعاون الأخوان المسلمين معه الرافضة واليهود

للشيخ سليمان الحربي

ومن مخالفات وفتن الأخوان المسلمين (خوارج العصر) - دعواهم - الانتصار للرسول، تلك الفتن العظيمة في هذا الزمان، وهم بهذا قد أساءوا للإسلام والمسلمين - من حيث لا يشعرون - بدعوى الانتصار للرسول صلى الله عليه وسلم، ألا يعلم هؤلاء أن الله - تعالى - قد أخبرنا في محكم كتابه بأننا سنسمع من أهل الكتاب: اليهود والنصارى، ومن الذين أشركوا: وهم سائر الطوائف الكفرية من غير أهل الكتاب أذى كثيراً حيث قال:وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا، ثم أرشد الله – عز وجل – عباده المؤمنين إلى الصبر والتقوى وأخبرهم أن ذلك من عزم الأمور فقال:وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ.
وقال - تعالى - :  وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ، فأمر الله بالعفو والصفح حتى يأتي أمره - عز وجل -، وكما قال الله – عز وجل - خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ، وهذا عام.
ثم هل اقتصر أذى الكفار على الرسل فقط؟!، الجواب: إنه لم يقتصر أذى اليهود والنصارى والذين أشركوا على الرسل، بل تعرضوا لذات الله، فقد قالوا عن الله - سبحانه – أنه فقير وأنهم أغنياء، وقالوا يد الله مغلولة.
وقد قال الله - عز وجل -: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ، وقال – تعالى - وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ.
وقد أمر الله رسوله بقوله:  وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ،  وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا.
وقد أجمع الأنبياء على رد أذى أقوامهم بالصبر  وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ .
فمن قرأ القرآن وتأمله يرى أن الخالق - عز وجل - لم يسلم من آذاهم فكيف برسل الله؟، فأين هؤلاء يا ترى عن تدبر القرآن وامتثاله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا.
فمن قرأ القرآن وتدبره يرى أن الأنبياء عليهم السلام تعرضوا لأشد الأذى فصبروا امتثالاً لأمر الله – عز وجل – وما سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم عنا ببعيد، فقد تعرض لأشد الاذى من قومه ومع ذلك صبر وامتثل لأمر الله – عز وجل – ولم يعاملهم بالمثل مع أن الله قال: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ، فأخذ صلى الله عليه وسلم بما هو خير وهو الصبر، فقد قال الله في آخر الآية  لَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ، وغير ذلك من الآيات التي أمر الله فيها بالصبر.
ومنها قوله - تعالى -: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ، وقال: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها عندما سألته هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ « لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ قَالَ فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَىَّ. ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِى رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِى بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ ». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا».
فيتبين للمؤمنين بعد هذه الأدلة أن الإخوان المسلمين أصحاب فتنة وأهل سعي للدنيا حتى ولو أهلكوا الحرث والنسل، فلا يهمهم مخالفة الكتاب والسنة وإن ادعوا ذلك، فالإخوان المسلمون لا ولاء ولا براء عندهم، ومنهم من نقض شهادة أن لا إله إلا الله.
فتأمل أخي المسلم المؤمن إلى الجبري في حواره مع الشيعة إذ يقول:دور الإخوان المسلمين ومراكزهم مفتوحة لكل أصحاب المذاهب وما يسمى بالفرق, الكل يعمل للإسلام المضيع, والحرية المسلوبة من المسلمين؛ الإباضي والزيدي والسني, وغيرهم من علماء الهند وباكستان وإيران والعراق والشام وشمال وأواسط أفريقيا, وشعارهم: (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)، ومن ثم فقد كانت مواضع الخلاف لا تثار بحال, فكل أخ يحرص على مشاعر أخيه.
وسالم البهنساوي يقول: منذ تكونت جماعة التقريب بين المذاهب والتي ساهم فيها الإمام البنا والإمام القمي والتعاون قائم بين الإخوان المسلمين، والشيعة وقد أدى ذلك إلى زيارة الإمام نواب صفوي سنة 1954 للقاهرة.
ويقول عمر التلمساني المرشد العام للإخوان المسلمين: وبلغ من حرص حسن البنا على توحيد كلمة المسلمين أنه: كان يرمي إلى مؤتمر يجمع الفرق الإسلامية لعل الله يهديهم إلى الإجماع على أمر يحول بينهم وبين تكفير بعضهم خاصة وأن قرآننا واحد وديننا واحد ورسولنا صلى الله عليه وسلم واحد وإلهنا واحد ولقد استضاف لهذا الغرض فضيلة الشيخ محمد القمي أحد الكبار علماء الشيعة وزعمائهم في المركز العام فترة ليست بالقصيرة. كما أنه من المعروف أن الإمام البنا
قد قابل المرجع الشيعي آية الله الكاشاني أثناء الحج عام 1948 وحدث بينهما تفاهم .
وقد جاء في مجلة المجتمع الكويتية العدد 434 بتاريخ 25/2/1979م): بيان من الإخوان المسلمين (بسم الله الرحمن الرحيم.. بيان: دعا التنظيم الدولي للإخوان المسلمين قيادات الحركات الإسلامية – في كل من تركيا، باكستان، الهند، إندونيسيا، أفغانستان، ماليزيا، الفلبين، بالإضافة إلى تنظيمات الإخوان المسلمين المحلية في العالم العربي وأوربا وأمريكا – إلى اجتماع أسفر عن تكوين وفد توجه إلى طهران على طائرة خاصة، وقابل الإمام آية الله الخميني لتأكيد تضامن الحركات الإسلامية الممثلة في الوفد كافة، ....، وقد أكد الوفد من جانبه للإمام الخميني على أن الحركات الإسلامية ستظل على عهدها في خدمة الثورة الإسلامية في إيران وفي كل مكان، بكل طاقاتها البشرية والعلمية والمادية.. .، ثم زار الوفد رئيس الحكومة د. (مهدي بازركان) في مقابلة خاصة، ثم أعلن الوفد في مقابلة تلفزيونية مؤثرة، الدعوة إلى يوم تضامن مع الثورة الإيرانية في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وخارجه حيثما توجد الجاليات والتجمعات الإسلامية...الخ.
وذهب المراقب العام للإخوان رياض الشقفة، إلى حد التأكيد على أنهم لا يعارضون وصول أي امرأة أو رجل مهما كان دينه إلى موقع الرئاسة، (طالما أن الشعب اختاره)...، وأكد أن الإخوان المسلمين مستعدون للاحتكام إلى العملية الديمقراطية والقبول بنتائجها مهما كانت.
وقال البنا في مؤتمر عقد لأجل فلسطين، وهجرة اليهود إليها: أقرر أن خصومتنا لليهود ليست دينية؛ لأن القرآن الكريم حض على مصافاتهم ومصادقتهم!، والإسلام شريعة إنسانية قبل أن يكون شريعة قومية، وقد أثنى عليهم وجعل بيننا وبينهم اتفاقاً!"، إلى أن قال: " ونحن حين نعارض بكل قوة الهجرة اليهودية نعارضها؛ لأنها تنطوي على خطر سياسي اقتصادي!، وحقنا أن تكون فلسطين عربية!.
قلت: فما يحدث من قتل للمعاهدين من أهل الذمة، وإتلاف الأموال وإحراق الممتلكات، والمقاطعات الفردية؛ بحجة الانتصار للرسول صلى الله عليه وسلم كل ذلك من فتنتهم، وكل ذلك حرب على الإسلام، وأهله.
قال الله - تعالى -وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلً.
وقال رسول الله صلى عليه وسلم « من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين خريفاً»، وقوله: « من قتل معاهداً في غير كنهه حرم الله عليه الجنة».
وقد قدمت من الأدلة الكثيرة التي تبين وجوب الصبر عند الإبتلاء والامتحان، وما يقع من ظلم سواء أكان من الكافرين أو من المسلمين.
فما تقدم من النصوص والبراهين فيه تنوير لقلب كل مؤمن يدين بالطاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يخالف في ذلك إلا من ران على قلبه الهوى والضلال، ومنهم من انغمس فى النفاق والزندقة والإلحاد ومذهب الخوارج المارقة، ومعلوم أن كل شيء تولد منه فتنة وفرقة لا يكون من الدين، بل ذلك من الفساد في الأرض.
قال ابن تيمية - رحمه الله - (في الاستقامة 1/37): "كل ما أوجب فتنة وفرقة فليس من الدين، سواء كان قولاً أو فعلاً، ولكن المصيب العادل عليه أن يصبر على الفتنة، ويصبر على جهل الجهول وظلمه إن كان غير متأول، وأما إن كان ذاك - أيضاً - متأولاً فخطؤه مغفور له، وهو فيما يصيب به من أذى بقوله أو فعله له أجر على اجتهاده، وخطؤه مغفور له وذلك محنة وابتلاء في حق ذلك المظلوم؛ فإذا صبر على ذلك واتقى الله كانت العاقبة له، كما قال – تعالى - وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا، وقال – تعالى - لتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ.
فأمر – سبحانه - بالصبر على أذى المشركين وأهل الكتاب مع التقوى، وذلك تنبيه على الصبر على أذى المؤمنين بعضهم لبعض متأولين كانوا أو غير متأولين، وقد قال – سبحانه - وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، فنهى أن يحمل المؤمنين بغضهم للكفار على ألا يعدلوا عليهم، فكيف إذا كان البغض لفاسق أو مبتدع متأول من أهل الإيمان؟ فهو أولى أن يجب عليه ألا يحمله ذلك على ألا يعدل على مؤمن، وإن كان ظالماً له فهذا موضع عظيم المنفعة في الدين والدنيا؛ فإن الشيطان موكل ببني آدم، وهو يعرض للجميع ولا يسلم أحد من مثل هذه الأمور - دع ما سواها -من نوع تقصير في مأمور أو فعل محظور باجتهاد أو غير اجتهاد، وإن كان هو الحق، وقال – سبحانه - لنبيه فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ، فأمره بالصبر وأخبره أن وعد الله حق، وأمره أن يستغفر لذنبه ولا تقع فتنة إلا من ترك ما أمر الله به، فإنه – سبحانه - أمر بالحق وأمر بالصبر فالفتنة، إما من ترك الحق، وإما من ترك الصبر، فالمظلوم المحق الذي لا يقصر في علمه يؤمر بالصبر، فإذا لم يصبر فقد ترك المأمور.
وإن كان مجتهداً في معرفة الحق ولم يصبر، فليس هذا بوجه الحق مطلقاً، لكن هذا وجه نوع حق فيما أصابه فينبغي أن يصبر عليه.
وإن كان مقصراً في معرفة الحق فصارت ثلاثة ذنوب: أنه لم يجتهد في معرفة الحق، وأنه لم يصبه، وأنه لم يصبر، وقد يكون مصيباً فيما عرفه من الحق فيما يتعلق بنفسه، ولم يكن مصيباً في معرفة حكم الله في غيره، وذلك بأن يكون قد علم الحق في أصل يختلف فيه بسماع وخبر أو بقياس ونظر أو بمعرفة وبصر، ويظن مع ذلك أن ذلك الغير التارك للإقرار بذلك الحق عاص أو فاسق أو كافر ولا يكون الأمر كذلك؛ لأن ذلك الغير يكون مجتهداً قد استفرغ وسعه ولا يقدر على معرفة الأول لعدم المقتضى ووجود المانع، وأمور القلوب لها أسباب كثيرة، ولا يعرف كل أحد حال غيره من ايذاء له بقول أو فعل، قد يحسب المؤذى إذا كان مظلوماً لا ريب فيه أن ذلك المؤذى محض باغ عليه، ويحسب أنه يدفع ظلمه بكل ممكن ويكون مخطئاً في هذين الأصلين؛ إذ قد يكون المؤذى متأولاً مخطئاً وإن كان ظالماً لا تأويل له، فلا يحل دفع ظلمه بما فيه فتنة بين الأمة، وبما فيه شر أعظم من ظلمه، بل يؤمر المظلوم ها هنا بالصبر؛ فإن ذلك في حقه محنة وفتنة، وإنما يقع المظلوم في هذا لجزعه وضعف صبره أو لقلة علمه وضعف رأيه؛ فإنه قد يحجب أن القتال ونحوه من الفتن يدفع الظلم عنه، ولا يعلم أنه يضاعف الشر كما هو الواقع وقد يكون جزعه يمنعه من الصبر ، والله - سبحانه -وصف الأئمة بالصبر واليقين، فقال: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ، وقال: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ، وذلك أن المظلوم وإن كان مأذوناً له في دفع الظلم عنه بقوله - تعالى - وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍالآية، فذلك مشروط بشرطين:
أحدهما: القدرة على ذلك. والثاني: ألا يعتدي.
فإذا كان عاجزاً أو كان الانتصار يفضى إلى عدوان زائد لم يجز، وهذا هو أصل النهى عن الفتنة، فكان إذا كان المنتصر عاجزاً وانتصاره فيه عدوان، فهذا هذا.
ومع ذلك فيجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب إظهار السنة والشريعة والنهي عن البدعة والضلالة بحسب الإمكان كما دل على وجوب ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة. وكثير من الناس قد يرى تعارض الشريعة في ذلك فيرى أن الأمر والنهي لا يقوم إلا بفتنة، فإما أن يؤمر بهما جميعاً، أو ينهى عنهما جميعاً، وليس كذلك، بل يؤمر وينهى ويصبر عن الفتنة، كما قال – تعالى -:  وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ وقال عبادة «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله وأن نقوم أو نقول بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم». فأمرهم بالطاعة ونهاهم عن منازعة الأمر أهله، وأمرهم بالقيام بالحق. ولأجل ما يظن من تعارض هذين تعرض الحيرة في ذلك لطوائف من الناس. والحائر الذي لا يدري لعدم ظهور الحق، وتميز المفعول من المتروك _ ما يفعل؛ إما لخفاء الحق عليه، أو لخفاء ما يناسب هواه عليه.
والبدعة مقرونة بالفرقة، كما أن السنة مقرونة بالجماعة؛ فيقال أهل السنة والجماعة، كما يقال: أهل البدعة والفرقة. وقد بسطنا هذا كله في غير هذا الموضع.
وإنما المقصود هنا التنبيه على وجه تلازمهما: موالاة المفترقين، وإن كان كلاهما فيه بدعة وفرقة، أو كانوا مؤمنين فيوالون بإيمانهم، ويترك ما ليس من الإيمان من بدعة وفرقة. فإن البدعة ما لم يشرعه الله من الدين. فكل من دان بشئ لم يشرعه الله فذاك بدعة وإن كان متأولا فيه.
وهذا موجود من جميع أهل التأويل المفترقين من الأولين والآخرين، فإنهم إذا رأوا ما فعلوا مأموراً به ولم يكن كذلك، فليس ما فعلوه سنة، بل هو بدعة متأولة مجتهد فيها من المنافقين، سواء كانت في الدنيا أو في الدين.
كما قال – تعالى -: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ، وقال: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ.
وتجد أئمة أهل العلم من أهل البدعة والفرقة من أهل الإيمان والنفاق يصنفون لأهل السيف والمال من الملوك والوزراء في ذلك؛ ويتقربون إليهم بالتصنيف فيما يوافقهم، كما صنف كتاب "تحليل النبيذ" لبعض الأمراء وهو الكرخى، وقد صنف الجاحظ قبله كتابا لكن أظنه مطلقاً، وكما صنف ابن فورك كتاباً في مذهب ابن كلاب الرئيسي....."
قلت: وكلام ابن تيمية – رحمه الله- عام وفيه فوائد جمة، وهو دليل لكل فصل من فصول كتابنا هذا، ولكن اقتصرنا إلى اراد بعضه في الكتاب مختصراً، وذكرناه كاملاً ها هنا نسأل الله أن ينتفع به من اطلع عليه.

الأدلةُ البيَّناتُ في تحريم الخروج على الولاة ومنه المظاهرات

12d8c7a34f47c2e9d3==