البلوشي
02-17-2013, 05:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الأدلة على بطلان الاشتراكية للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله
الحمد لله الحكيم في قدره وشرعه
الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد هو الرحمن الرحيم
فلاأرحم بخلقه منه العليم الذي وسع علمه ورحمته كل شئ
الحكيم الذي وضع كل شئ موضعه اللائق به ( وربك يخلق مايشاء ويختار ) ( القصص 68)
وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد ان محمداً عبده ورسوله المبعوث بالهدى والرحمة
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم أفضل الأمة علماً وورعاً وسياسة ورعاية
وعلى التابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً .
أما بعد :
فإن الله تعالى ابتلى المسلمين في عام 1381هـ بظهور قانون ظالم جائرخارج على أحكام الله وحكمه
مبني على ظلم العباد وإلقاء العداوة بينهم وظهور البطالة في صفوفهم.
والقضاء على مواهيهم الكسبية والعاطفية والعقلية
ذلك النظام هو مايسمونه بالاشتراكية التعاونية وهو مبني على تحديد الملكية الفردية
وإذابة الطبقات التميزية ليكون الناس سواء في الفقروالعبودية والذل تحت نظام هذا القانون الفاسد الطاغي.
ومن المؤسف حقاً أن يحاول معتنقوه ومن ساعدهم إدخاله في أحكام الإسلام المبنية على العدل والرحمة وإعطاء كل ذي حق حقه
ويأتوا على ذلك بآيات وآحاديث متشابهة ويدعوا النصوص المحكمة الصريحة ليكونوا ممن قال الله فيهم
( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) ( آل عمران 7)
وهكذا حال هؤلاء الذين اتبعوا ماتشابه منه ليفتنوا الناس ويصدوهم عن دينهم
نسأل الله تعالى أن يحمي المسلمين من فتنتهم إما بهدايتهم إلى الصراط المستقيم وإما بهلاكهم عن قريب وإبدالهم بمن ينصر الإسلام وينصح له
إنه هو السميع العليم .
ولما كان الواجب على كل مسلم أن يبلغ دين الله إلى أمته وان يدعو إلى الله على بصيرة وأن يدفع الشبه التي يتشبث بها المبطلون
( ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة ) ( الانفال 42)
رأيت من الجدير أن أكتب في هذا مايمن الله به وأسأل الله أن يجعل عملي خالصاً لوجهه
وأن يعينني على ماقصدت ولايكلني إلى نفسي ولا إلى غيره طرفة عين .
فأقول وبالله التوفيق :
هذا المذهب الاشتراكي الذي يزعمونه تعاونياً قد دل الدليل على بطلانه وفساده ومناقضته لشريعة الإسلام أعظم مناقضة وذلك من وجوه :
الوجه الأول :
أن هذا المذهب الاشتراكي لم يكن موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفائه الراشدين ولافي في من بعدهم من الممالك الإسلامية
وحينئذ فإما أن يكون الحق فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ومن بعدهم من ولاة المسلمين وأئمتهم
او فيما كان عليه هؤلاء الاشتراكيون
والثاني باطل قطعاً وإلا لزم ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وأئمة المسلمين من بعدهم كانوا على ضلال وجور وهضم للشعوب حقوقها
حتى يأتي أفراخ الشيوعية وبعد مضي ثلاثة عشر قرناً وأكثر من ثلا ثة أرباع القرن
فيسيروا في عباد الله السيرة التي يرضاها الله السيرة المبنية على العدل والرحمة
وإيصال حقوق الشعوب إليها بسلب الشعوب ونهبها
وسومها سوء العذاب وقتل مواهبها وإلقاء العداوة والبغضاء بينها
هذا هو العدل !
وهذه هي الرحمة !
وهذا هو إيصال الحقوق إلى أهلها !
وهذا هو الصراط المستقيم الذي خفي على محمد بن عبد الله رسول رب العالمين
وأعدل الخلق وأورعهم صلى الله عليه وسلم
وخفي على خلفائه ومن بعدهم من أئمة المسلمين وولاتهم !
او كان معلوماً عندهم ولكن عدلوا بالخلق عنه ظلماً وعدواناً وخيانة وغشاً !!!
الوجه الثاني :
إجماع المسلمين على تحريم أخذ المال بغير حق
وهو مما علم من بالضرورة من دين الإسلام فهو إجماع قطعي صحيح مستند إلى الكتاب والسنة .
الوجه الثالث :
قوله تعالى ( ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ) ( البقرة 188)
وأي باطل أبطل من أن يؤخذ المال من بين يدي من اكتسبه وحصله بعرق جبينه وكدح جوارحه وأتعب أعصابه وتفكيره ثم يعطى لرجل عاطل عالة على المجتمع
ليس له في تحصيله أدنى يد ؟!
هذا إن أعطيه ولكن من نظر إلى سيرة هؤلاء الاشتراكيين -إخوان الشيوعيين - وجد أن هذين الصنوين إنما يعطون الشعب النزر القليل
والباقي يصرفونه في الدعاية لأنفسهم وبث العيون والدسائس وتقوية الدفاع الذي لايقصد به إلا حماية سلطانهم وسيطرتهم على الشعوب ومقدراتها
والله من ورائهم محيط .
وتأمل قوله تعالى ( وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ) ( البقرة 188)
تجد أنه حرم أكل الأموال سواء أكان ذلك مباشرة وصراحة كالنهب والسرقة
أم كان ذلك بواسطة الحكام وسلطتهم حتى ولو كان على وجه ظاهره الحق
كما يدل عليه الوجه الرابع ...
الوجه الرابع :
قوله صلى الله عليه وسلم ( إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض
فأقضي بنحو مماأسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلايأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار ) رواه الجماعة من حديث أم سلمة رضي الله عنها
فإن الخصمين إذا أدلى كل واحد بحجته وكان أحدهما أفصح وأغلب في ظاهر كلامه قضي له بحسب ظاهر كلامه وسلط على مايدعيه على خصمه
ولكن هذا القضاء والتسليط وإن كان من قبل الحاكم لايبيح له أخذ مايدعيه إذا كان يعلم انه لاحق له فيه .
وفي هذه الآية والحديث دليل على انه لايجوز للشعب ان يستبيح مال الغير بحجة أن الحكومة أباحته له
بل يجب عليه أن ينكر هذا الحكم
وأن يراقب الله تعالى وأن يكون أمر الله وشرعه أعظم في قلبه من كل أمر ومن كل تشريع وقانون
وليعلم أنه إذا عظم أمر الله وقام في وجه من خالفه طلباً لمرضاة الله ونصرة دينه
فإن الله سوف ينصره ويظهره على خصمه ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) ( الحج: 40)
( وماالنصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم ) ( الأنفال: 10)
الوجه الخامس :
أن النظام الاشتراكي يتضمن مضادة الله في قدره وقضائه وحكمته
فإن الله قضى بحكمته ورحمته أن يقسم الرزق بين الناس وأن يميز بينهم ويرفع بعضهم فوق بعض درجات لحكم وأسرار عظيمة :
منها : تسخير بعضهم لبعض بحيث يعمل كل منهم بمايلائم حاله هذا بالتجارة وهذا بالصناعة وهذا بالحرفة وهذا بالجيش إلى غير ذلك من المصالح المختلفة التي لاتقوم القيام التام إلا باختلاف طبقات الناس .
ومنها :أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالغنى فيقوم بالشكر والفقير يعرف قدر ابتلاء الله له بالفقر فيقوم بالصبر .
ومنها : التفكر في هذا التفاضل الحاصل في الدنيا بين الناس في الغنى فيعتبر الإنسان البصير من هذا التفاضل والتفاوت إلى التفاضل و التفاوت في الآخرة فيلتفت إليها ويزداد طلباً لها كما قال الله تعالى ( أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاًَ )
ومنها : بيان مقتضيات الربوبية التامة وأن الرب سبحانه بيده أزمة الأمور ومقاليد السماوات والأرض ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم )
ومنها : قيام العبادات التي لاتكون إلا بين غني وفقير كالزكاة والصدقات والكفارات والنفقات ونحوها .
ومنها : انتظام الخلق وجريانه على سنة واحدة فإن الله سبحانه بحكمته أجرى التفاوت بين خلقه في الذوات والصفات والبقاء والعدم فانظر إلى الدارين الأولى والأخرى تجد التفاوت العظيم بينهما وانظر إلى ما في هذه الدنيا من العالم العلوي والسفلي تجد التفاوت بين أجناسه وأنواعه وأفراده
وانظر إلى بني آدم تجد التفاوت بينهم في الدين والعقل والأخلاق والعلوم والآجال فقدر الله بينهم كذلك في الأرزاق قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم )
( رواه أحمد في المسند رقم 3672) .
فهذه من الحكم التي رتبها الله على تفاوت الناس وتفاضلهم في الرزق
فجاء دعاة الاشتراكية ومذيبوا الطبقات فضادوا الله في قضائه وحكمته وقالوا : نحن نرى أن هذا جور وظلم وتصرف لايصلح به العباد
وإنما العدل والحق هو إذابة الطبقات وتسوية الناس في الفقر والذلة
وأبطلوا الحكم التي تترتب على تفضيل الناس بعضهم على بعض في الرزق والله المستعان .
الوجه السادس :
أن في النظام الاشتراكي مضادة لله في شرعه
فإن الله تعالى رتب على تفاضل الناس في الرزق أحكاماً شرعية كالزكاة والكفارة والنفقة وهذه الأحكام لاتتأتى إلا بوجود محل لها : محل لوجوبها ومحل لمصرفها فإذا تساوى الناس في الرزق لم يكن بينهم فرق بحيث يكون بعضهم محلاً للوجوب وبعضهم محلاً للمصرف فممن نأخذ الزكاة وإلى من نصرفها ؟
ومن الذي تجب عليه الكفارة ؟ وإلى من يعطيها ؟
وهكذا النفقة .
وهذه جناية عظيمة على الإسلام بتعطيل بعض أحكامه وجناية على المسلمين بتعطيل أجورهم وثوابهم على هذه النفقات .
الوجه السابع :
قوله تعالى (ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ( النساء 29)
فاشترط الله في التجارة أن تكون صادرة عن تراض من الطرفين فإن لم تكن صادرة عن تراض فهي من أكل المال بالباطل المنهي عنه بقوله
( لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)
وتأمل قوله ( إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ )
تجد أنها صريحة في أنه يشترط الرضى حتى فيما يكون فيه معاوضة لإن التجارة معاوضة من الطرفين وبذلك ينسد الباب على دعاة الاشتراكية الذين يقولون نحن نعوض عما أخذنا قهراً ولسنا نأخذه مصادرة بلاعوض
وفي كلمة ( تراض ) دليل على أنه يشترط الرضى من الجانبين أيضاً .
أما دعاة الاشتراكية فقالوا :
لن نقبل هذا الحكم ولانرضى به وإنما نأخذ من الناس أموالهم قهراً ومن العجب أنهم يجبرون الناس على الرضى بأحكامهم وعلى سلب أموالهم ولايجبرون أنفسهم على الرضى بأحكام ربهم العليم الحكيم الرحيم وهو خالقهم .
وتامل قوله تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) حيث قرن النهي عن قتل النفس بالنهي عن أكل المال بالباطل فدل على أن الاعتداء على المال قرين الاعتداء على النفس في كتاب الله وحكمه .
أما هؤلاء الاشتراكيون ففرقوا بينهما غاية التفريق فانتهكوا حرمة المال وأباحوه في حال احترامه وتحريم الله له وامتنعوا عن استحلال النفس حين يحلها الله فمنعوا القصاص ومنعوا الرجم ومنعوا قطع اليد في السرقة وقطع الأيدي والأرجل من خلاف في المحاربين لله ورسوله الساعين في الأرض بالفساد فتأمل هذه المناقضة التامة لأحكام الله وشرعه .
وفي قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) دليل على أن النهي عن أكل المال بالباطل وعن قتل النفس من مقتضيات رحمة أرحم الراحمين الذي هو أرحم بعباده منهم بأنفسهم وهو أعلم بمايصلحهم ويدفع الضرر عنهم
وعلى أن تسلط هؤلاء الاشتراكيون على أكل أموال الناس بالباطل مناف للرحمة وإن ادعوا أنهم بذلك مصلحون وراحمون للخلق وزخرفوا لذلك القول فإنهم مفسدون وظالمون للخلق
( يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9)فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ )
الأدلة على بطلان الاشتراكية للشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله
الحمد لله الحكيم في قدره وشرعه
الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد هو الرحمن الرحيم
فلاأرحم بخلقه منه العليم الذي وسع علمه ورحمته كل شئ
الحكيم الذي وضع كل شئ موضعه اللائق به ( وربك يخلق مايشاء ويختار ) ( القصص 68)
وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد ان محمداً عبده ورسوله المبعوث بالهدى والرحمة
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم أفضل الأمة علماً وورعاً وسياسة ورعاية
وعلى التابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً .
أما بعد :
فإن الله تعالى ابتلى المسلمين في عام 1381هـ بظهور قانون ظالم جائرخارج على أحكام الله وحكمه
مبني على ظلم العباد وإلقاء العداوة بينهم وظهور البطالة في صفوفهم.
والقضاء على مواهيهم الكسبية والعاطفية والعقلية
ذلك النظام هو مايسمونه بالاشتراكية التعاونية وهو مبني على تحديد الملكية الفردية
وإذابة الطبقات التميزية ليكون الناس سواء في الفقروالعبودية والذل تحت نظام هذا القانون الفاسد الطاغي.
ومن المؤسف حقاً أن يحاول معتنقوه ومن ساعدهم إدخاله في أحكام الإسلام المبنية على العدل والرحمة وإعطاء كل ذي حق حقه
ويأتوا على ذلك بآيات وآحاديث متشابهة ويدعوا النصوص المحكمة الصريحة ليكونوا ممن قال الله فيهم
( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) ( آل عمران 7)
وهكذا حال هؤلاء الذين اتبعوا ماتشابه منه ليفتنوا الناس ويصدوهم عن دينهم
نسأل الله تعالى أن يحمي المسلمين من فتنتهم إما بهدايتهم إلى الصراط المستقيم وإما بهلاكهم عن قريب وإبدالهم بمن ينصر الإسلام وينصح له
إنه هو السميع العليم .
ولما كان الواجب على كل مسلم أن يبلغ دين الله إلى أمته وان يدعو إلى الله على بصيرة وأن يدفع الشبه التي يتشبث بها المبطلون
( ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة ) ( الانفال 42)
رأيت من الجدير أن أكتب في هذا مايمن الله به وأسأل الله أن يجعل عملي خالصاً لوجهه
وأن يعينني على ماقصدت ولايكلني إلى نفسي ولا إلى غيره طرفة عين .
فأقول وبالله التوفيق :
هذا المذهب الاشتراكي الذي يزعمونه تعاونياً قد دل الدليل على بطلانه وفساده ومناقضته لشريعة الإسلام أعظم مناقضة وذلك من وجوه :
الوجه الأول :
أن هذا المذهب الاشتراكي لم يكن موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد خلفائه الراشدين ولافي في من بعدهم من الممالك الإسلامية
وحينئذ فإما أن يكون الحق فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ومن بعدهم من ولاة المسلمين وأئمتهم
او فيما كان عليه هؤلاء الاشتراكيون
والثاني باطل قطعاً وإلا لزم ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وأئمة المسلمين من بعدهم كانوا على ضلال وجور وهضم للشعوب حقوقها
حتى يأتي أفراخ الشيوعية وبعد مضي ثلاثة عشر قرناً وأكثر من ثلا ثة أرباع القرن
فيسيروا في عباد الله السيرة التي يرضاها الله السيرة المبنية على العدل والرحمة
وإيصال حقوق الشعوب إليها بسلب الشعوب ونهبها
وسومها سوء العذاب وقتل مواهبها وإلقاء العداوة والبغضاء بينها
هذا هو العدل !
وهذه هي الرحمة !
وهذا هو إيصال الحقوق إلى أهلها !
وهذا هو الصراط المستقيم الذي خفي على محمد بن عبد الله رسول رب العالمين
وأعدل الخلق وأورعهم صلى الله عليه وسلم
وخفي على خلفائه ومن بعدهم من أئمة المسلمين وولاتهم !
او كان معلوماً عندهم ولكن عدلوا بالخلق عنه ظلماً وعدواناً وخيانة وغشاً !!!
الوجه الثاني :
إجماع المسلمين على تحريم أخذ المال بغير حق
وهو مما علم من بالضرورة من دين الإسلام فهو إجماع قطعي صحيح مستند إلى الكتاب والسنة .
الوجه الثالث :
قوله تعالى ( ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ) ( البقرة 188)
وأي باطل أبطل من أن يؤخذ المال من بين يدي من اكتسبه وحصله بعرق جبينه وكدح جوارحه وأتعب أعصابه وتفكيره ثم يعطى لرجل عاطل عالة على المجتمع
ليس له في تحصيله أدنى يد ؟!
هذا إن أعطيه ولكن من نظر إلى سيرة هؤلاء الاشتراكيين -إخوان الشيوعيين - وجد أن هذين الصنوين إنما يعطون الشعب النزر القليل
والباقي يصرفونه في الدعاية لأنفسهم وبث العيون والدسائس وتقوية الدفاع الذي لايقصد به إلا حماية سلطانهم وسيطرتهم على الشعوب ومقدراتها
والله من ورائهم محيط .
وتأمل قوله تعالى ( وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ) ( البقرة 188)
تجد أنه حرم أكل الأموال سواء أكان ذلك مباشرة وصراحة كالنهب والسرقة
أم كان ذلك بواسطة الحكام وسلطتهم حتى ولو كان على وجه ظاهره الحق
كما يدل عليه الوجه الرابع ...
الوجه الرابع :
قوله صلى الله عليه وسلم ( إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض
فأقضي بنحو مماأسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلايأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار ) رواه الجماعة من حديث أم سلمة رضي الله عنها
فإن الخصمين إذا أدلى كل واحد بحجته وكان أحدهما أفصح وأغلب في ظاهر كلامه قضي له بحسب ظاهر كلامه وسلط على مايدعيه على خصمه
ولكن هذا القضاء والتسليط وإن كان من قبل الحاكم لايبيح له أخذ مايدعيه إذا كان يعلم انه لاحق له فيه .
وفي هذه الآية والحديث دليل على انه لايجوز للشعب ان يستبيح مال الغير بحجة أن الحكومة أباحته له
بل يجب عليه أن ينكر هذا الحكم
وأن يراقب الله تعالى وأن يكون أمر الله وشرعه أعظم في قلبه من كل أمر ومن كل تشريع وقانون
وليعلم أنه إذا عظم أمر الله وقام في وجه من خالفه طلباً لمرضاة الله ونصرة دينه
فإن الله سوف ينصره ويظهره على خصمه ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) ( الحج: 40)
( وماالنصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم ) ( الأنفال: 10)
الوجه الخامس :
أن النظام الاشتراكي يتضمن مضادة الله في قدره وقضائه وحكمته
فإن الله قضى بحكمته ورحمته أن يقسم الرزق بين الناس وأن يميز بينهم ويرفع بعضهم فوق بعض درجات لحكم وأسرار عظيمة :
منها : تسخير بعضهم لبعض بحيث يعمل كل منهم بمايلائم حاله هذا بالتجارة وهذا بالصناعة وهذا بالحرفة وهذا بالجيش إلى غير ذلك من المصالح المختلفة التي لاتقوم القيام التام إلا باختلاف طبقات الناس .
ومنها :أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بالغنى فيقوم بالشكر والفقير يعرف قدر ابتلاء الله له بالفقر فيقوم بالصبر .
ومنها : التفكر في هذا التفاضل الحاصل في الدنيا بين الناس في الغنى فيعتبر الإنسان البصير من هذا التفاضل والتفاوت إلى التفاضل و التفاوت في الآخرة فيلتفت إليها ويزداد طلباً لها كما قال الله تعالى ( أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاًَ )
ومنها : بيان مقتضيات الربوبية التامة وأن الرب سبحانه بيده أزمة الأمور ومقاليد السماوات والأرض ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شئ عليم )
ومنها : قيام العبادات التي لاتكون إلا بين غني وفقير كالزكاة والصدقات والكفارات والنفقات ونحوها .
ومنها : انتظام الخلق وجريانه على سنة واحدة فإن الله سبحانه بحكمته أجرى التفاوت بين خلقه في الذوات والصفات والبقاء والعدم فانظر إلى الدارين الأولى والأخرى تجد التفاوت العظيم بينهما وانظر إلى ما في هذه الدنيا من العالم العلوي والسفلي تجد التفاوت بين أجناسه وأنواعه وأفراده
وانظر إلى بني آدم تجد التفاوت بينهم في الدين والعقل والأخلاق والعلوم والآجال فقدر الله بينهم كذلك في الأرزاق قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم )
( رواه أحمد في المسند رقم 3672) .
فهذه من الحكم التي رتبها الله على تفاوت الناس وتفاضلهم في الرزق
فجاء دعاة الاشتراكية ومذيبوا الطبقات فضادوا الله في قضائه وحكمته وقالوا : نحن نرى أن هذا جور وظلم وتصرف لايصلح به العباد
وإنما العدل والحق هو إذابة الطبقات وتسوية الناس في الفقر والذلة
وأبطلوا الحكم التي تترتب على تفضيل الناس بعضهم على بعض في الرزق والله المستعان .
الوجه السادس :
أن في النظام الاشتراكي مضادة لله في شرعه
فإن الله تعالى رتب على تفاضل الناس في الرزق أحكاماً شرعية كالزكاة والكفارة والنفقة وهذه الأحكام لاتتأتى إلا بوجود محل لها : محل لوجوبها ومحل لمصرفها فإذا تساوى الناس في الرزق لم يكن بينهم فرق بحيث يكون بعضهم محلاً للوجوب وبعضهم محلاً للمصرف فممن نأخذ الزكاة وإلى من نصرفها ؟
ومن الذي تجب عليه الكفارة ؟ وإلى من يعطيها ؟
وهكذا النفقة .
وهذه جناية عظيمة على الإسلام بتعطيل بعض أحكامه وجناية على المسلمين بتعطيل أجورهم وثوابهم على هذه النفقات .
الوجه السابع :
قوله تعالى (ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) ( النساء 29)
فاشترط الله في التجارة أن تكون صادرة عن تراض من الطرفين فإن لم تكن صادرة عن تراض فهي من أكل المال بالباطل المنهي عنه بقوله
( لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)
وتأمل قوله ( إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ )
تجد أنها صريحة في أنه يشترط الرضى حتى فيما يكون فيه معاوضة لإن التجارة معاوضة من الطرفين وبذلك ينسد الباب على دعاة الاشتراكية الذين يقولون نحن نعوض عما أخذنا قهراً ولسنا نأخذه مصادرة بلاعوض
وفي كلمة ( تراض ) دليل على أنه يشترط الرضى من الجانبين أيضاً .
أما دعاة الاشتراكية فقالوا :
لن نقبل هذا الحكم ولانرضى به وإنما نأخذ من الناس أموالهم قهراً ومن العجب أنهم يجبرون الناس على الرضى بأحكامهم وعلى سلب أموالهم ولايجبرون أنفسهم على الرضى بأحكام ربهم العليم الحكيم الرحيم وهو خالقهم .
وتامل قوله تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) حيث قرن النهي عن قتل النفس بالنهي عن أكل المال بالباطل فدل على أن الاعتداء على المال قرين الاعتداء على النفس في كتاب الله وحكمه .
أما هؤلاء الاشتراكيون ففرقوا بينهما غاية التفريق فانتهكوا حرمة المال وأباحوه في حال احترامه وتحريم الله له وامتنعوا عن استحلال النفس حين يحلها الله فمنعوا القصاص ومنعوا الرجم ومنعوا قطع اليد في السرقة وقطع الأيدي والأرجل من خلاف في المحاربين لله ورسوله الساعين في الأرض بالفساد فتأمل هذه المناقضة التامة لأحكام الله وشرعه .
وفي قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) دليل على أن النهي عن أكل المال بالباطل وعن قتل النفس من مقتضيات رحمة أرحم الراحمين الذي هو أرحم بعباده منهم بأنفسهم وهو أعلم بمايصلحهم ويدفع الضرر عنهم
وعلى أن تسلط هؤلاء الاشتراكيون على أكل أموال الناس بالباطل مناف للرحمة وإن ادعوا أنهم بذلك مصلحون وراحمون للخلق وزخرفوا لذلك القول فإنهم مفسدون وظالمون للخلق
( يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9)فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ )