المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على مقال( لا يوصف الله تعالى إلا بما في كتابه المبين...) لربيع المدخلي


كيف حالك ؟

عامي
01-28-2013, 07:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و صاللاة و السلام على رسول الله و بعد :

قال ربيع:

"المنهج الحدادي يحتفي أهله بالأحاديث الواهية، والمنكرة؛ ليشغبوا بها على جمهور أهل السنة السابقين واللاحقين؛ بل ليطعنوا فيهم".

قلت:

نحن الآن أمام منهجين:

منهج السلف الصالح: الذي يُسميه ربيع بـ (المنهج الحدادي)، ويُسمي أتباعه بـ (الحدادية).

ومنهج الخلف الطالح: الذي يمثله (المداخلة) نسبة لزعيمهم (ربيع المدخلي)؛ الذي تفرغ مؤخراً للطعن في المنهج السلفي، وتشويهه، ورمي أتباعه بالتهم بالباطلة، ومنها هذه التهمة.

وقد علم الناس - ومنهم المدخلي - أن السلفيين سابقاً - الحدادية حالياً - لا يقبلون الأحاديث الواهية والمنكرة؛ فضلاً عن الاحتفاء بها، ولا يشغبون على أهل السنة؛ فضلاً عن الطعن فيهم؛ فهي فرية بلا مرية.

وإذ ذلك كذلك؛ فما الذي حمل المدخلي عليها؟!

الذي حمله عليها؛ هو ما قرأه للمحققيْن (مسلط رحمه الله، وعادل حفظه الله)؛ حيث قالا في معرض كلامهما عن حديث الأطيط:

"تنبيه: اعلم أن أغلب من أعلَّ هذا الحديث من أهل السنة - وهم قليل - إنما أعلوه من جهة إسناده لا متنه؛ أما الكلام عن متنه، وما دل عليه من إثبات جلوس الرب تعالى؛ فلم يتعرض له فيما أعلم؛ إلا الجهمية أعداء السنة والتوحيد. وإن من المؤسف أن يتوارد معهم على هذه التهمة من ينسب نفسه للسنة والحديث؛ فيحكم على الحديث بأنه: (منكر)!! ثم لا يذكر من سبقه إلى هذا الطعن من أهل السنة؛ مع كثرة من خرجه منهم في مصنفاتهم؛ فهل فطن إلى ما لم يفطن إليه الأولون من أئمة السنة والتوحيد؛ على كثرة من رواه منهم فيما صنفوه من التوحيد، والرد على الجهمية؟!". (إثبات الحد لله ص 154)

فعَلِم ربيع أنهما يريدان بكلامهما هذا؛ الشيخ الألباني القائل في ضعيفته (866): "هو حديث منكر عندي"؟!

والمدخلي: يشق عليه جداً؛و لتعصبه الشديد، الكلام في شيخه في الإرجاء والتجهم؛ فمن ها هنا قال ما قال، وافترى ما افترى.

حديث الأطيط:

قال المدخلي:

"ولفظ ]الأطيط[؛ لم يرد في أي حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، والآثار التي يذكر فيها هذا اللفظ؛ أعتقد أن أصلها هذا الأثر ونحوه من روايات كعب الأحبار، والحمل فيه على كعب أكثر من الحمل على رواته .. فائدتان: الأولى: قال الذهبي رحمه الله في كتاب العلو (1/414-416) معلقاً على كلمة الأطيط: (والأطيط الواقع بذات العرش من جنس الأطيط الحاصل في الرحل؛ فذاك صفة للرحل وللعرش، ومعاذ الله أن نعدّه صفة لله؛ ثم لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت - انتبه لقول الذهبي هذا في لفظ الأطيط - وقولنا في هذه الأحاديث: إننا نؤمن بما صح منها، وبما اتفق السلف على إمراره وإقراره؛ فأما ما في إسناده مقال، أو اختلف العلماء في قبوله وتأويله؛ فإننا لا نتعرض له بتقرير؛ بل نرويه في الجملة ونبين حاله، وهذا الحديث إنما سقناه لما فيه مما تواتر من علو الله فوق عرشه مما يوافق آيات الكتاب".

قلت:

أولاً:"احتج أهل السنة بحديث الأطيط، وساقوه في مصنفاتهم في السنة والاعتقاد؛ مساق القبول والاحتجاج.

وممن احتج بهذا الحديث، وقَبِلَهُ، أو صرح بصحته من أهل العلم:

1- البخاري.

2- الدارمي.

3- أبو داود.

4- ابن خزيمة.

5- أبو عوانة.

6- ابن بطة.

7- ابن منده.

8- السجزي.

9- البغوي.

10- ابن الزاغوني.

11- الدشتي.

12- ابن تيمية.

13- ابن القيم.

14- الهيثمي.

15- محمد بن عبدالوهاب".

قال الدشتي: "قد أخرج هذا الحديث عامة العلماء من أئمة المسلمين في كتبهم التي قصدوا فيها نقل الأخبار الصحيحة، وتكلموا على توثقة رجاله، وتصحيح طرقه. وممن رواه: الإمام أحمد بن حنبل، وأبو بكر الخلال، وصاحبه أبو بكر عبدالعزيز، وأبو عبدالله بن بطة، وقد رواه أبو محمد الخلال في كتاب الصفات له، ورواه الدارقطني في كتاب الصفات الذي جمعه، وضبط طرقه، وحفظ عدالة رواته .. وأخرجه أبو الحسن بن الزاغوني في كتاب له .. وقد أخرجه شيخنا أبو عبدالله المقدسي في كتاب المسند الصحيح، ورواه غيرهم من الأئمة والحفاظ، وأني لأورده إن شاء الله تعالى في كتاب غير هذا بطرقه وأسانيده وكلام الأئمة في ثقة رجاله، وصحة رواته؛ على وجه لا سبيل إلى دفعه ورده إلا بطريق العناد، ولا طعن في صحته إلا بطريق المكابرة". (بتصرف من إثبات الحد لله ص 149-158)

فالحديث صحيح ثابت؛ احتج به جبال العلم والسنة؛ قال أبو داود بعد أن أورد الحديث في باب الرد على الجهمية والمعتزلة! عن عبدالأعلى بن حماد، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وأحمد بن سعيد الرباطي؛ عن وهب بن جرير؛ بإسناد أبي الأزهر ومعناه؛ قال: "والحديث بإسناد أحمد بن سعيد؛ هو الصحيح؛ وافقه عليه جماعة منهم: يحيى بن معين، وعلي بن المديني. ورواه جماعة عن ابن إسحاق؛ كما قال أحمد أيضاً، وكان سماع عبدالأعلى، وابن المثنى، وابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني".

ثانياً:من أعلَّ (من أهل السنة) هذا الحديث؛ أعلَّه من جهة إسناده؛ لا متنه، وإلا فالجميع متفقون على قبول معناه!

قال البغوي: "الواجب فيه وفي أمثاله: الإيمان بما جاء في الحديث، والتسليم، وترك التصرف فيه بالعقل". (شرح السنة 1/177)

وقال ابن بطة: "ثم الإيمان والقبول والتصديق بكل ما روته العلماء ونقله الثقات أهل الآثار؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويلقاها بالقبول ولا ترد بالمعاريض؛ ولا يقال: لم وكيف؟ ولا تحمل على المعقول، ولا تضرب لها المقاييس، ولا يعمل لها التفاسير إلا ما فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو رجل من علماء الأمة؛ ممن قوله شفاء وحجة؛ مثل: أحاديث الصفات والرؤية، ومثل ما روي أن الله عز وجل يضع السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، وأن الله عز وجل يضع قدمه في النار فتقول: قط قط. وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، وأن الله عز وجل على العرش، وللعرش أطيط كأطيط الرحل الجديد، وأن الله عز وجل أخذ الذرية من ظهر آدم بيده اليمنى وكلتا يديه يمين مباركة؛ فقال: هذه لهذه، ولا أبالي. ولا يقبح الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت ربي في صورة كذا. قد روى هذه الأحاديث؛ الثقات من الصحابة والسادات من العلماء من بعدهم؛ مثل: ابن عمر، وعائشة، وأبي هريرة، وابن عباس، وجرير بن عبدالله، وأنس بن مالك، وغيرهم. وأن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا؛ لا يقال لهذا كله: كيف ولا لم؟ بل تسليمها للقدرة، وإيماناً بالغيب؛ كل ما عجزت العقول عن معرفته؛ فالعلم به وعين الهداية؛ فيه الإيمان به، والتسليم له، وتصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قاله؛ هو أصل العلم، وعين الهداية؛ لا تضرب لهذه الأحاديث وما شاكلها؛ المقاييس، ولا تعارض بالأمثال، والنظائر". (الشرح والإبانة ص142-143)

وقال ابن تيمية: "وهذا الحديث قد يطعن فيه بعض المشتغلين بالحديث انتصاراً للجهمية، وإن كان لا يفقه حقيقة قولهم وما فيه من التعطيل، أو استبشاعاً لما فيه من ذكر الأطيط؛ كما فعل أبو القاسم المؤرخ. ويحتجون بأنه تفرد به محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن جبير؛ ثم يقول بعضهم: ولم يقل ابن إسحاق حدثني؛ فيحتمل أن يكون منقطعاً, وبعضهم يتعلل بكلام بعضهم في ابن إسحاق؛ مع إن هذا الحديث وأمثاله, وفيما يشبهه في اللفظ والمعنى؛ لم يزل متداولاً بين أهل العلم خالفاً عن سالف, ولم يزل سلف الأمة وأئمتها يروون ذلك رواية مصدق به راد به على من خالفه من الجهمية متلقين لذلك بالقبول؛ حتى قد رواه الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتابه في التوحيد الذي اشترط فيه أنه لا يحتج فيه إلا بأحاديث الثقات المتصلة الإسناد؛ رواه عن بندار كما رواه الدرامي وأبو داود سواء، وكذلك رواه عن أبي موسى محمد بن المثنى بهذا الإسناد مثله سواء؛ فقال: حدثنا محمد بن بشار؛ ثنا وهب يعني بن جرير؛ ثنا أبي: سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن يعقوب بن عتبة، وعن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده؛ قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي؛ فقال: يا رسول الله جُهِدت الأنفس وجاعت العيال ونُهِكَت الأموال وهَلَكَت الأنعام فاستسق لنا؛ فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويحك أتدري ما تقول؟! فسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما زال يسبح حتى عُرف ذلك في وجوه أصحابه؛ ثم قال: (ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد من جميع خلقه؛ شأن الله أعظم من ذلك؛ ويحك أتدري ما الله؟ إن الله على عرشه، وعرشه على سمواته، وسمواته على أرضه هكذا، وقال بأصابعه مثل القبة، وأنه لَيَئِط به أَطِيطَ الرَّحْل بالرَّاكب). قال ابن خزيمة قرئ على أبو موسى وأنا أسمع؛ أن وهباً حدثهم بهذا الإسناد مثله سواء. وممن احتج به الحافظ أبو محمد بن حزم في مسألة استدارة الأفلاك؛ مع أن أبا محمد هذا من أعلم الناس؛ لا يقلد غيره، ولا يحتج إلا بما تثبت عنده صحته، وليس هذا الموضع. وهؤلاء يحتجون في معارضة ذلك من الحديث بما هو عند أهله من الرأي السخيف الفاسد الذي يحتج به قياسوا الجهمية؛ كاحتجاج أبي القاسم المؤرخ في حديث أملاه في التنزيه؛ بحديث أسنده عن عوسجة، وهذا الحديث مما يعلم صبيان أهل الحديث أنه كَذِب مختلق، وأنه مفترى، وأنه لم يروه قط عالم من علماء المسلمين المقتدى بهم في الحديث، ولا دونوه في شيء من دواوين الإسلام، ولا يستجيز أهل العلم والعدل منهم أن يورد مثل ذلك إلا على بيان أنه كذب؛ كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: (من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين). فمن رد تلك الأحاديث المتلقاة بالقبول، واحتج في نقضها بمثل هذه الموضوعات؛ فإنما سلك سبيل من لا عقل له ولا دين، وكان في ذلك ممن يتبع الظن وما تهوى النفس، وهو من المقلدين لقوم لا علم لهم بحقيقة حالهم؛ كما قال تعالى: }وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ{، وروى أيضاً عثمان بن سعيد؛ قال: ثنا عبدالله بن رجاء؛ ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبدالله بن خليفة؛ قال: أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة. فعظَّم الرب، وقال: (إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع، ومد أصابعه الأربعة، وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركبه من يثقله). وقال أيضاً موسى بن إسماعيل: ثنا حماد، وهو ابن سلمة؛ عن الزبير أبي عبدالسلام؛ عن أيوب بن عبدالله الفهري؛ أن ابن مسعود؛ قال: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار؛ نور السموات من نور وجهه، وإن مقدار كل يوم من أيامكم عنده ثنتا عشرة ساعة؛ فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار؛ فينظر فيها ثلاث ساعات؛ فيطلع فيها على ما يكره؛ فيغضبه ذلك؛ فأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش؛ يجدونه يثقل عليهم؛ فيسبحه الذين يحملون العرش، وسرادقات العرش والملائكة. وأصحاب هذا القول؛ فيستشهدون بما روي عن طائفة في تفسير قوله تعالى: }تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ{. قال عثمان بن سعيد في رده على الجهمية: حدثنا عبدالله بن صالح المصري؛ قال: حدثني الليث، وهو ابن سعد؛ حدثني خالد بن يزيد؛ عن سعيد بن أبي هلال؛ أن زيد بن أسلم؛ حدثه عن عطاء بن يسار؛ قال: أتى رجل كعباً، وهو في نفر؛ فقال: يا أبا إسحاق: حدثني عن الجبار. فأعظم القوم قوله؛ فقال كعب: دعوا الرجل؛ فإن كان جاهلاً تعلم، وإن كان عالماً ازداد علماً؛ ثم قال كعب: أخبرك أن الله خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن؛ ثم جعل ما بين كل سمائين كما بين السماء الدنيا والأرض، وكثفهن مثل ذلك وجعل بين كل أرضين كما بين السماء الدنيا والأرض، وكثفهن مثل ذلك؛ ثم رفع العرش فاستوى عليه فما في السموات سماء إلا لها أطيط كأطيط الرحل العلا في أول ما يرتحل من ثقل الجبار فوقهن. وهذا الأثر، وإن كان هو رواية كعب؛ فيحتمل أن يكون من علوم أهل الكتاب، ويحتمل أن يكون مما تلقاه عن الصحابة, ورواية أهل الكتاب التي ليس عندنا شاهد هو لا دافعها؛ لا يصدقها ولا يكذبها؛ فهؤلاء الأئمة المذكورة في إسناده؛ هم من أجل الأئمة, وقد حدثوا به هم وغيرهم، ولم ينكروا ما فيه من قوله من ثقل الجبار فوقهن؛ فلو كان هذا القول منكراً في دين الإسلام عندهم؛ لم يحدثوا به على هذا الوجه. وقد ذكر ذلك القاضي أبو يعلى الأزجي فيما خرجه من أحاديث الصفات, وقد ذكره من طريق السنة عبدالله بن أحمد بن حنبل؛ حدثني أبي ثنا أبو المغيرة؛ حدثتنا عبدة بنت خالد بن معدان؛ عن أبيها خالد بن معدان؛ أنه كان يقول: إن الرحمن سبحانه ليثقل على حملة العرش من أول النهار إذا قام المشركون؛ حتى إذا قام المسبحون خفف عن حملة العرش. قال القاضي: وذكر أبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه بإسناده؛ حدثنا عن ابن مسعود، وذكر فيه: (فإن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا عشرة ساعة؛ فتعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار اليوم؛ فينظر فيه ثلاث ساعات؛ فيطلع منها على ما يكره؛ فيغضبه ذلك؛ فأول من يعلم بغضبه الذي يحملون العرش يجدونه يثقل عليهم فيسبحه الذين يحملون العرش). وذكر الخبر. اعلم أنه غير ممتنع حمل الخبر على ظاهره, وأن ثقله يحصل بذات الرحمن؛ إذ ليس في ذلك ما يحيل صفاته. قال - على طريقته في مثل ذلك - لأنا لا نثبت ثقلاً من جهة المماسة والاعتماد والوزن؛ لأن ذلك من صفات الأجسام ويتعالى عن ذلك, وإنما نثبت ذلك صفة لذاته؛ لا على وجه المماسة كما قال الجميع: إنه عال على الأشياء؛ لا على وجه التغطية لها، وإن كان في حكم الشاهد؛ بأن العالي على الشيء يوجب تغطيته. قال: وقيل أنه تتجدد له صفة يثقل بها على العرش، ويزول في حال كما تتجدد له صفة الإدراك عند خلق المدركات، وتزول عند عدم المدركات. فإن قيل: ذلك محمول على ثقل عظمته وهيبته في قلوبهم وما يتجدد لهم في بعض الأحوال من ذكر عظمته وعزته كما يقال: الحق ثقيل مر، وليس المراد به ثقل الأجسام، وقال سبحانه إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً؛ قال القاضي: قيل: هذا غلط؛ لأن الهيبة والتعظيم مصاحب لهم في جميع أحوالهم، ولا يجوز مفارقتها لهم، ولهذا قال سبحانه: }يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ{, وما ذكره من قول القائل: الحق ثقيل وكلام فلان ثقيل؛ فإنما لم يحمل على ثقل ذات لأنها معاني والمعاني لا توصف بالثقل والخفة وليس كذلك هنا؛ لأن الذات ليست معاني ولا أعراضاً؛ فجاز وصفها بالثقل. وأما قوله تعالى {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}؛ فقد فسره أهل النقل: أن المراد به ثقل الحكم, ولأن الكلام ليس بذات. قال: فإن قيل يحمل على إنه يخلق في العرش ثقلاً على كواهلهم, وجعل لذلك إمارة لهم في بعض الأحوال إذا قام المشركون. قيل: هذا غلط؛ لأنه يفضي أن يثقل عليهم بكفر المشركين, ويخفف عنهم بطاعة المطيعين, وهذا لا يجوز لما فيه من المؤاخذة بفعل الغير, وليس كذلك إذا حملناه على ثقل الذات؛ لأنه لا يفضي إلى ذلك؛ لأن ثقل ذاته عليهم تكليف لهم، وله أن يثقل عليهم في التكليف ويخفف. قلت المقصود هنا: التنبيه على أصل كلام الناس في ذلك". (بيان تلبيس الجهمية 3/254-274)

وقال: عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ: "وهذا الحديث لا يستطيع سماعه الجهمي، ولا يؤمن به إلا أهل السنة والجماعة الذين عرفوا الله بصفات كماله، وعرفوا عظمته، وأنه لا يليق به غير ما وصف به نفسه من استوائه على عرشه، ونزهوه أن يستوي على ما لا يليق بكماله وقدسه من سائر مخلوقاته". (عيون المسائل 2/546)

فالأمر كما أشار المحققيْن (مسلط، وعادل)؛ أنه لا أحد من أهل السنة؛ سبق - الألباني وربيع - إلى الطعن في هذا الحديث، فهل فطن - الألباني وربيع - إلى ما لم يفطن إليه الأولون من أئمة السنة والتوحيد؛ على كثرة من رواه منهم فيما صنفوه من التوحيد، والرد على الجهمية؟!


منقول مع تصرف يسير في المقال

يتبع..

12d8c7a34f47c2e9d3==