المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( التـحذير من مذهب الإرجاء وتحقيق النقل عن شيخ الإسلام فيه ) لجنة الدائمة


كيف حالك ؟

بو زيد الأثري
12-01-2012, 09:49 PM
( فتوى اللجنة الدائمة في التـحذير من مذهب الإرجاء وتحقيق النقل عن شيخ الإسلام فيه )



فتوى رقم (21436) وتاريخ 8 / 4 / 1421هـ .

الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده ..
وبعد :
فقد اطَّلَعَت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (5411) وتاريخ 7/11/1420هـ . ورقم (1026) وتاريخ 17/2/1421هـ . ورقم (1016) وتاريخ 7/2/1421هـ. ورقم (1395) وتاريخ 8/3/1421هـ . ورقم (1650) وتاريخ 17/3/1421هـ . ورقم (1893) وتاريخ 25/3/1421هـ . ورقم (2106) وتاريخ 7/4/1421هـ .

وقد سأل المستفتون أسئلة كثيرة مضمونها :
( ظهرت في الآونة الأخيرة فكرة الإرجاء بشكل مخيف ، وانبرى لترويـجها عدد كثير من الكتَّاب ، يعتمدون على نقولات مبتورة من كلام شيخ الإسلام بن تيمية ، مما سبب ارتباكاً عند كثير من الناس في مسمِّى الإيمان ، حيث يـحاول هؤلاء الذين ينشرون هذه الفكرة أن يُخْرِجُوا العمل عن مُسمَّى الإيمان ، ويرون نــجاة من ترك جميع الأعمال . وذلك مما يُسَهِّل على الناس الوقوع في المنكرات وأمور الشرك وأمور الردة ، إذا علموا أن الإيمان متـحقق لهم ولو لم يؤدوا الواجبات ويتجنبوا المحرمات ولو لم يعملوا بشرائع الدين بناء على هذا المذهب .
ولا شك أن هذا المذهب له خطورته على المجتمعات الإسلامية وأمور العقيدة والعبادة
فالرجاء من سماحتكم بيان حقيقة هذا المذهب ، وآثاره السيئة ، وبيان الحق المبني على الكتاب والسُّنة ، وتـحقيق النقل عن شيخ الإسلام بن تيمية ، حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه. وفقكم الله وسدد خطاكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته )) .

وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي :
هذه المقالة المذكورة هي : مقالة المرجئة الذين يُخْرِجُون الأعمال عن مسمى الإيمان ، ويقولون : الإيمان هو التصديق بالقلب ، أو التصديق بالقلب والنطق باللسان فقط ، وأما الأعمال فإنها عندهم شرط كمال فيه فقط ، وليست منه ، فمن صدَّق بقلبه ونطق بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان عندهم ، ولو فعل ما فعل من ترك الواجبات وفعل المحرمات ، ويستـحق دخول الجنة ولو لم يعمل خيراً قط ، ولزم على ذلك الضلال لوازم باطلة ، منها : حصر الكفر بكفر التكذيب والاستـحلال القلبي .

* ولا شك أن هذا قولٌ باطلٌ وضلالٌ مبينٌ مخالفٌ للكتاب والسنة ، وما عليه أهل السنة والجماعة سلفاً وخلفاً ، وأن هذا يفتـح باباً لأهل الشر والفساد ، للانـحلال من الدين ، وعدم التقيد بالأوامر والنواهي والخوف والخشية من الله سبحانه ، ويعطل جانب الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويسوي بين الصالح والطالح ، والمطيع والعاصي ، والمستقيم على دين الله ، والفاسق المتـحلل من أوامر الدين ونواهيه ، مادام أن أعمالهم هذه لا تخلّ بالإيمان كما يقولون .
ولذلك اهتم أئمة الإسلام - قديماً وحديثاً - ببيان بطلان هذا المذهب ، والرد على أصحابه وجعلوا لهذه المسألة باباً خاصاً في كتب العقائد ، بل ألفوا فيها مؤلفات مستقلة ، كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - وغيره .

* قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في العقيدة الواسطية : ( ومن أصول أهل السنة والجماعة : أن الدين والإيمان قول وعمل ، قول القلب واللسان ، وعمل القلب واللسان والجوارح ، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) .

* وقال في كتاب الإيمان : ( ومن هذا الباب أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان ، فتارة يقولون : هو قول وعمل ، وتارة يقولون : هو قول وعمل ونية ، وتارة يقولون : هو قول وعمل ونية واتباع سنة ، وتارة يقولون : قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح ، وكل هذا صحيـح ) .

* وقال رحمه الله : ( والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة لمَّا أخرجوا العمل من الإيمان ، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ ، بل لا يتساوى الناس في التصديق ولا في الحب ولا في الخشية ولا في العلم ، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة ) .

* وقال رحمه الله : ( وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، واعتمدوا على رأيهم وعلى ما تأولوه بفهمهم للغة ، وهذا طريق أهل البدع ) . انتهى .

* ومن الأدلة على أن الأعمال داخلة في حقيقة الإيمان وعلى زيادته ونقصانه بها ، قوله تعالى :

(( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا )) [الأنفال 2- 4] .
وقوله تعالى : (( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يـحافِظُونَ )) [ المؤمنون 1- 9] .

وقوله الرسول صلى الله عليه وسلم (( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان )) .

* قال شيخ الإسلام - رحمه الله – في كتاب الإيمان أيضاً : ( وأصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله ، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد . وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح ، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه . ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه ، وهي تصديق لما في القلب ودليل عليه وشاهد له ، وهي شعبة من الإيمان المطلق وبعض ُُله ) .

* وقال أيضاً : ( بل كل مَنْ تأمل ما تقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان ، علم بالاضطرار أنه مُخالف للرسول ، ويعلم بالاضطرار أن طاعة الله ورسوله من تمام الإيمان ، وأنه لم يكن يـجعل كل من أذنب ذنباً كافراً . ويعلم أنه لو قُدِّرَ أن قوماً قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : نـحن نُؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك ونُقر بألسنتنا بالشهادتين ، إلا أنا لا نُطيعك في شيء مما أمرت به ونهيت عنه ، فلا نصلي ولا نـحج ولا نصدق الحديث ولا نؤدي الأمانة ولا نفي بالعهد ولا نصل الرحم ولا نفعل شيئاً من الخير الذي أمرت به . ونشرب الخمر وننكح ذوات المحارم بالزنا الظاهر ، ونقتل مَنْ قدرنا عليه مِنْ أصحابك وأمتك ونأخذ أموالهم ، بل نقتلك أيضاً ونُقاتلك مع أعدائك . هل كان يتوهم عاقل أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم : أنتم مؤمنون كاملوا الإيمان ، وأنتم أهل شفاعتي يوم القيامة ، ويرجى لكم أن لا يدخل أحد منكم النار . بل كل مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم : أنتم أكفر الناس بما جئت به ، ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من ذلك ) انتهى .

* وقال أيضاً : ( فلفظ الإيمان إذا أُطلق في القرآن والسنة يُراد به ما يراد بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلفظ الدين كما تقدم . فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، فكان كل ما يـحبه الله يدخل في اسم الإيمان . وكذلك لفظ البر يدخل فيه جميع ذلك إذا أُطلق ، وكذلك لفظ التقوى ، وكذلك الدين أو الإسلام . وكذلك رُوي أنهم سألوا عن الإيمان ، فأنزل الله هذه الآية : (( ليس البر أن تولوا وجوهكم )) [ البقرة 177 ] . إلى أن قال : ( والمقصود هنا أنه لم يثبت المدح إلا إيمان معه عمل ، لا على إيمان خال عن عمل ) .
فهذا كلام شيخ الإسلام في الإيمان ، ومن نقل غير ذلك فهو كاذب عليه .

* وأما ما جاء في الحديث : أن قوماً يدخلون الجنة لم يعملوا خيراً قط ، فليس هو عاماً لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه . إنما هو خاص بأولئك لعُذر منعهم من العمل ، أو لغير ذلك من المعاني التي تلائم النصوص المحكمة ، وما أجمع عليه السلف الصالح في هذا الباب .

* هذا واللجنة الدائمة إذ تبيِّن ذلك فإنها تنهى وتـحذر من الجدال في أصول العقيدة ، لما يترتب على ذلك من المحاذير العظيمة ، وتوصي بالرجوع في ذلك إلى كتب السلف الصالح وأئمة الدين، المبنية على الكتاب والسنة وأقوال السلف ، وتـحذر من الرجوع إلى المخالفة لذلك ، وإلى الكتب الحديثة الصادرة عن أناس متعالمين ، لم يأخذوا العلم عن أهله ومصادره الأصيلة . وقد اقتـحموا القول في هذا الأصل العظيم من أصول الاعتقاد ، وتبنوا مذهب المرجئة ونسبوه ظلماً إلى أهل السنة والجماعة ، ولبَّسوا بذلك على الناس ، وعززوه عدواناً بالنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وغيره من أئمة السلف بالنقول المبتورة ، وبمتشابه القول وعدم رده إلى المُحْكم من كلامهم . وإنا ننصحهم أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يثوبوا إلى رشدهم ولا يصدعوا الصف بهذا المذهب الضال ، واللجنة - أيضاً - تـحذر المسلمين من الاغترار والوقوع في شراك المخالفين لما عليه جماعة المسلمين أهل السنة والجماعة .
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح ، والفقه في الدين .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .



اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
عضو : عبد الله بن عبد الرحمن الغديان
عضو : صالح بن فوزان الفوزان
عضو : بكر بن عبد الله أبو زيد

قاسم الشهرستاني
12-01-2012, 10:46 PM
جزيتم خيرا أخانا أبا زيد

12d8c7a34f47c2e9d3==