المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدفاع عن أهل الاتباع و ثبوت ما ورد عن الصحابة من الإجماع على كفر تارك الصلاة


كيف حالك ؟

ماجد الدوسري
11-27-2012, 05:59 PM
الدفاع عن أهل الاتباع و ثبوت ما ورد عن الصحابة من الإجماع على كفر تارك الصلاة


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد و على آله و صحبه و من اتبعهم إلى يوم الدين ،أما بعد :

فقد طالعنا الشيخ ربيع بصرنا الله و إياه بالحق ،و أيدنا و إياه بالعدل و الصدق بمقالته الأخيرة في الرد على الشيخ الغامدي ،و ما أحسن الرد و النقض إذا كان عن تحقيق و دراية فهذا مما يستفيد منه طلاب العلم ،و لكن :

((كل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم؛ فإنه يكون خطأ)) اهـ مجموع الفتاوى 21/291 و الله المستعان .

و قد عزمت في هذه الكتابة على ذكر ما يؤيد أثر عبد الله بن شقيق في التنصيص على إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة ،و هو إجماع صحيح صريح لا مطعن عليه احتج به و جزم بثبوته أئمة أعلام من فحول الرجال و هو مذهب جمهور أهل الحديث و قد اقتصرت في بحثي على تكملة ما لم يذكر عن الصحابة في هذا الباب سائلا المولى جل و علا التوفيق و السداد و أن يتقبل مني هذا العمل يوم التناد و لا حول و لا قوة إلا بالله العظيم .

فأما ثبوت الإجماع فقد ورد من جهتين :

الأولى : النص و المنطوق من رواية عبد الله بن شقيق و كذا جابر رضي الله عنه

ففي أثر جابر رضي الله عنه عن مجاهد أنه سأل جابراً : ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : الصلاة". وهذا صريح في مذهبهم و اتفاقهم .

و الجهة الثانية : من قول عمر رضي الله عنه –كما سيأتي- :( لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ) و قوله :( لا إسلام لمن ترك الصلاة ) بمحضر الصحابة و انتشا ر قوله مع عدم المخالف .


فنبدأ و نقول :

أما أثر جابر رضي الله عنه فأخرجه :الخلال في السنة ط الراية (ج4/1379) :

((1379- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَبِي الْحَجَّاجِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا كَانَ فَرْقُ بَيْنِ الْكُفْرِ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ عِنْدَكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: الصَّلَاة ))

قلت :في إسناده محمد بن إسحاق مدلس و قد صرح بالسماع و ذكر الواسطة بينه و بين مجاهد فالأثر حسن و الله أعلم .

و محمد بن نصر (تعظيم قدر الصلاة ط مكتبة العلم 947) :

(( 947- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَكُنْتُمْ تَعُدُّونَ الذَّنْبَ فِيكُمْ شِرْكًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَسُئِلَ مَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ قَالَ: تَرْكُ الصَّلَاةِ .))

فيه أبو الزبير مدلس و قد صرح بالسماع .

و أخرجه اللالكائي (2/827) من طريق زهير أبي خيثمة به .

و أخرجه ابن بطة في الإبانة (ج1/ص 274 ط دار الكتب العلمية) :

((876-
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاذِيُّ , قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: نا يَعْقُوبُ , قَالَ: نا أَبِي , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , قَالَ: نا أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ , عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَبِي الْحَجَّاجِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ , قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا كَانَ " يُفَرِّقُ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ عِنْدَكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: الصَّلَاة ))

و بالجملة فهذا الأثر يرتقي للحجية و هو ظاهر في بيان مذهب الصحابة في كفر تارك الصلاة و اجتماعهم على هذا القول .


2- أثر عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ( أَنَّهُ لا حَظَّ لأَحَدٍ فِي الإِسْلامِ أَضَاعَ الصَّلاةَ ) و في لفظ (لَا إِسْلَامَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ) بمحضر جمع من الصحابة و لا يعرف له مخالف و في رواية قاله على المنبر .

أخرجه ابن أبي شيبة بسنده عن عمر الإيمان (103) و « الْمُصَنَّفِ » (6/164/30361) .

((حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهُمَا دَخَلا عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ طُعِنَ ، فَقَالَ : الصَّلاةَ ، فَقَالَ : أَنَّهُ لا حَظَّ لأَحَدٍ فِي الإِسْلامِ أَضَاعَ الصَّلاةَ ، فَصَلَّى وَجُرْحُهُ يَثْعُبُ دَمَاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ .))

قال الشيخ الألباني :صحيح الإسناد على شرط الشيخين

قلت أبو مصعب:

و أخرجه :الخلال في السنة ط الراية ج4/ 1371-1381-1388) و الآجري في الشريعة (ج1/ أثر 294-295 ط مؤسسة قرطبة ت الوليد النصر) و ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج1/ص 273 رقم 871-827-873 ط دار الكتب العلمية ) :

(( 872 -حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْمَحَامِلِيُّ , قَالَ: نا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ , قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: نا أَيُّوبُ , عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ , عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ , أَنَّ عُمَرَ , لَمَّا أُصِيبَ جَعَلَ يُغْمَى عَلَيْهِ , فَقَالُوا: " إِنَّكُمْ لَنْ تُفْزِعُوهُ بِشَيْءٍ مِثْلِ الصَّلَاةِ , إِنْ كَانَتْ بِهِ حَيَاةٌ , فَقَالُوا: الصَّلَاةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ صُلِّيَتْ، قَالَ: فَانْتَبَهَ , فَقَالَ: الصَّلَاةُ هَا اللَّهِ إِذًا , وَلَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ، قَالَ: فَصَلَّى , وَإِنَّ جُرْحَهُ لَيَثْعَبُ دَمًا ))

و فيها أن قوله هذا كان بحضور جمع من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين .

و كذا المروزي في (تعظيم قدر الصلاة ط مكتبة العلم ( 923-924-925-926-927-928-928 ) قال :

((حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ طُعِنَ دَخَلَ عَلَيْهِ هُوَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَلَمَّا أَصْبَحَ مِنْ غَدٍ فَزَّعُوهُ فَقَالُوا: الصَّلَاةَ فَفَزِعَ فَقَالَ: «نَعَمْ لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى وَالْجُرْحُ يَثْعَبُ دَمًا ))

و بلفظ آخر (930-931) قال :

930 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: «لَا إِسْلَامَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ» قِيلَ لِشَرِيكٍ: عَلَى الْمِنْبَرِ؟ قَالَ: نَعَمْ .
931- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَا إِسْلَامَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ»))

و هو حسن لغيره إذ في الإسناد الأول شريك بن عبد الله النخعي ((وثقه بن معين وقال غيره سئ الحفظ )) قاله في الكاشف وقد توبع بالثاني فيرتقي للحسن إن شاء الله .

و هذا الأثر الثابت الصريح عن عمر رضي الله عنه كان :

1- بمحضر جمع من الصحابة رضي الله عنهم

2- و لا يعلم عن أحد إنكار قوله مع علمهم بقوله

3-توارد آثار عن غيره من الصحابة قالوا بقوله في تكفير تارك الصلاة،مع الأحاديث الثابتة في ذلك

4-انتشار قول الصحابي و علم الآخرين مع إقرارهم و عدم المخالفة إجماع سكوتي و حجة معتبرة ، و مع رواية عبد الله بن شقيق يتأكد هذا القول و اتفاق الصحابة عليه ،فتبطل دعوى الشيخ ربيع في عدم صحة هذا الإجماع و الله الموفق .

3-قلت و في الباب عن جملة من الصحابة : ابن مسعود و علي و أبي الدرداء و حذيفة وغيرهم رضي الله عنهم ...و إن كانت هذه الآثار أو بعضها ضعيفا فهي تذكر للاعتضاد لا للاعتماد مع أن الغالب عليها الصحة أو الحسن و الاعتماد عليها خير من الإحداث و التفرد بالآراء و الاحتمالات !!

أخرج ابن أبي شيبة بسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه في الإيمان (47) و « الْمُصَنَّفِ »(6/167/30397)

((حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ : من لَمْ يُصَلِ فَلا دِينَ لَهُ .))

و أخرج محمد بن نصر (تعظيم قدر الصلاة 938) :

(( 938 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جُلُوسًا إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ دَرَجَاتِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «الصَّلَاةُ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا دِينَ لَه ))

و أخرج العدني في الإيمان (167 الدار السلفية) :

(( باب اطلاق الكفر على من ترك الصلاة

63 - أخبرنا محمد قال أخبرنا أبو أحمد قال حدثنا محمد قال حدثنا المقريء عن
المسعودي عن القاسم قال قال عبدالله الكفر ترك الصلاة ))

و ساق ابن أبي شيبة بسنده عن علي رضي الله عنه في الإيمان (47) و « الْمُصَنَّفِ » (6/171/30436) .

((حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْمَاعِيلَ عَنْ مَعْقَلٍ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ : أَتَى عَلِيَّاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَجُلٌ وَهُوَ فِي الرَّحَبَةِ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؛ مَا تَرَى فِي الْمَرْأَةِ لا تُصَلِّي ؟ ، فَقَالَ : مَنْ لَمْ يُصَلِ فَهُوَ كَافِرٌ .)) فيه معقل الخثعمي مجهول

و قال الإمام عبد الله في السنة (ت القحطاني ) :

(( 772 - حدثنا أبي رحمه الله نا وكيع وعبد الرحمن عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال من لم يصل فلا دين له .
773 - حدثنا أبي نا وكيع نا المسعودي عن القاسم والحسن بن سعد قالا قال عبدالله تركها كفر )) اهـ

و في السنة للخلال ج4/ ص 142 و ما بعدها :

(( 1384- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَكَرِيَّا، أَنَّ أُمَّ الدَّرْدَاءِ حَدَّثَتْهُ، أَنَّهَا سَمِعَتْ أَبَا الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ: لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَه .))

قلت :أثر أبي الدرداء صحيح

و أخرج ابن نصر( تعظيم قدر الصلاة 940) :

(( 940- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَبْوَابِ كِنْدَةَ، فَقَامَ يُصَلِّي فَلَمْ يُتِمَّ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ فَلَمَّا صَلَّى قَالَ حُذَيْفَةُ: «مُنْذُ كَمْ هَذِهِ صَلَاتُكَ؟» قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، قَالَ: «مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَوْ مُتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))»

و لله در الإمام ابن ابن بطة إذ يقول عقب ما ذكره :

(( قَالَ الشَّيْخُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ: فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ وَالسُّنَنُ عَنِ النَّبِيِّ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كُلُّهَا تَدُلُّ الْعُقَلَاءَ وَمَنْ كَانَ بِقَلْبِهِ أَدْنَى حَيَاءٍ عَلَى تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ , وَجَاحِدِ الْفَرَائِضِ , وَإِخْرَاجِهِ مِنَ الْمِلَّةِ , وَحَسْبُكَ مِنْ ذَلِكَ مَا نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 31]. ثُمَّ وَصَفَ الْحُنَفَاءَ وَالَّذِينَ هُمْ غَيْرُ مُشْرِكِينَ بِهِ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: [ص: 684] {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]. فَأَخْبَرَنَا جَلُّ ثَنَاؤُهُ , وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ أَنَّ الْحَنِيفَ الْمُسْلِمَ هُوَ عَلَى الدِّينِ الْقَيِّمِ , وَأَنَّ الدِّينَ الْقَيِّمَ هُوَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ , وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]. وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]. فَأَيُّ بَيَانٍ رَحِمَكُمُ اللَّهُ يَكُونُ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا , وَأَيُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ , وَأَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ يَكُونُ أَدَلَّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ , وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ , وَفُقَهَائِهِمُ الَّذِينَ لَا تَسْتَوْحِشُ الْقُلُوبُ مِنْ ذِكْرِهِمْ , بَلْ تَطْمَئِنُّ إِلَى اتِّبَاعِهِمْ , وَاقْتِفَاءِ آثَارِهِمْ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ , وَجَعَلْنَا مِنْ إِخْوَانِهِمْ )) اهـ

قلت : نسأل الله أن يزقنا الحياء و الإنصاف و موافقة الأسلاف رضي الله عنهم .

و قال ابن القيم رحمه الله في (الصلاة و حكم تاركها )

(( فصل في الاستدلال بإجماع الصحابة

إجماع الصحابة فقال ابن زنجويه : حدثنا عمر بن الربيع حدثنا يحيى بن أيوب عن يونس عن ابن شهاب قال حدثني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة ان عبدالله بن عباس اخبره انه جاء عمر بن الخطاب حين طعن في المسجد قال فاحتملته انا ورهط كانوا معي في المسجد حتى ادخلناه بيته قال فأمر عبدالرحمن بن عوف ان يصلي بالناس قال فلما دخلنا على عمر بيته غشي عليه من الموت فلم يزل في غشيته حتى اسفر ثم افاق فقال هل صلى الناس قال فقلنا نعم فقال لا إسلام لمن ترك الصلاة وفي سياق آخر لا حظ في الاسلام لمن ترك الصلاة ثم دعا بوضوء فتوضأ وصلى وذكر القصة
فقال هذا بمحضر من الصحابة ولم ينكروه عليه وقد تقدم مثل ذلك عن معاذ بن جبل وعبدالرحمن بن عوف وابي هريرة ولا يعلم عن صحابي خلافهم
وقال الحافظ عبدالحق الاشبيلي رحمه الله في كتابه في الصلاة :

ذهب جملة من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم إلى تكفير تارك الصلاة متعمدا لتركها حتى يخرج جميع وقتها منهم عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وعبدالله بن مسعود وابن عباس وجابر وابو الدرداء وكذلك روي عن علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه هؤلاء من الصحابة ومن غيرهم أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وعبدالله بن المبارك وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي وابو بكر ابن أبي شيبة وابو خيثمة زهير بن حرب.)) اهـ

و قال الحافظ ابن رجب :(فتح الباري ج1/ ص 20-24 )

((فصل
خرج البخاري من حديث :
عكرمة بن خالد عن ابن عمر ، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " بني الإسلام على خمس : شهادة ألا إله إلا الله ، و أن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان " . وهذا الحديث دل على أن الإسلام مبني على خمس أركان ، وهذا يدل على أن البخاري يرى أن الإيمان والإسلام مترادفان .
ومعنى قوله صلي الله عليه وسلم " بني الإسلام على خمس " : أن الإسلام مثله كبنيان ، وهذه الخمس : دعائم البنيان وأركانه التي يثبت عليها البنيان . وقد روي في لفظ : " بني الإسلام على خمس دعائم " . خرجه محمد بن نصر المروزي .
وإذا كانت هذه دعائم البنيان وأركانه ، فبقية خصال الإسلام كبقية البنيان ، فإذا فقد شيء من بقية الخصال الداخلة في مسمى الإسلام الواجب نقص البنيان ولم يسقط بفقده . وأما هذه الخمس ، فإذا زالت كلها سقط البنيان ولم يثبت بعد زوالها وكذلك ( إن ) زال منها الركن الأعظم وهو الشهادتان ، وزوالهما يكون بالإتيان بما يضادهما ولا يجتمع معهما . وأما زوال الأربع البواقي : فاختلف العلماء هل يزول الاسم بزوالها أو بزوال واحد منها ؟ أم لا يزول بذلك ؟ أم يفرق بين الصلاة وغيرها فيزول بترك
الصلاة دون غيرها ؟ أم يختص زوال الإسلام بترك الصلاة والزكاة خاصة .
وفي ذلك اختلاف مشهور ، وهذه الأقوال كلها محكية عن الإمام أحمد وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة .

وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا منهم حتى إنه جعل قول من قال : لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقوال المرجئة . وكذلك قال سفيان بن عيينه : المرجئة سموا ترك الفرائض ذنبا بمنزلة ركوب المحارم ، وليسا سواء ، لأن ركوب المحارم متعمدا من غير استحلال : معصية ، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر : هو كفر . وبيان ذلك في أمر آدم وإبليس وعلماء اليهود الذين أقروا ببعث النبي صلي الله عليه وسلم ولم يعملوا بشرائعه . وروي عن عطاء ونافع مولى ابن عمر أنهما سئلا عمن قال : الصلاة فريضة ولا أصلي ، فقالا : هو كافر . وكذا قال الإمام أحمد .
ونقل حرب عن إسحاق قال : غلت المرجئة حتى صار من قولهم : إن قوما يقولون : من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود لها لا نكفره ، يرجى أمره إلى الله بعد ، إذ هو مقر ، فهؤلاء الذين لا شك فيهم - يعني في أنهم مرجئة . وظاهر هذا : أنه يكفر بترك هذه الفرائض . ))


(( وأكثر أهل الحديث على أن ترك الصلاة كفر دون غيرها من الأركان كذلك حكاه محمد بن نصر المروزي وغيره عنهم . وممن قال بذلك : ابن المبارك ، وأحمد - في المشهور عنه - ، وإسحاق ، وحكى عليه إجماع أهل العلم - كما سبق - وقال أيوب : ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه . وقال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة .
خرجه الترمذي.
وقد روي عن علي وسعد وابن مسعود وغيرهم قالوا : من ترك الصلاة فقد كفر . وقال عمر : لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
وفي صحيح مسلم " عن جابر عن النبي صلي الله عليه وسلم قال " " بين الرجل وبين الشرك والكفر : ترك الصلاة".
وخرج النسائي والترمذي وابن ماجه من حديث بريدة ، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال " العهد الذي بيننا وبينهم : الصلاة ، فمن تركها فقد كفر ". وصححه الترمذي وغيره ))

و بناء على ما سبق يثبت إجماع الصحابة :

1- من قول عمر رضي الله عنه الآنف :"لا إسلام لمن ترك الصلاة" وفي لفظ "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة" ، و قد عده ابن القيم(الصلاة وحكم تاركها) إجماعاً من الصحابة على كفر تارك الصلاة حين قال عن عمر:"فقال هذا بمحضر من الصحابة ولم ينكروه عليه ، وقد تقدم مثلُ ذلك عن معاذ بن جبل وعبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة ، ولا يعلم عن صحابي خلافهم".

2- قول جابر رضي الله عنه الآنف أن مجاهد سأله رضي الله عنه : ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : "الصلاة". وهذا دليل على الإجماع و مذهب الصحابة ،

3- أثر عبد الله بن شقيق التابعي الجليل الذي لقي كبار الصحابة :"كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة"، وهو صحيح الإسناد ؛ صححه الحاكم والنووي و ابن رجب و ابن حجر و الهيثمي و ابن علان و الألباني رحمهم الله ، ولا يضره سعيد بن إياس الجُرَيري الذي لأن الراوي عنه بشر بن المُفضَّل روى عنه قبل الاختلاط ،

قال ابن رجب في شرح العلل: (2/180): " وممن سمع منه قبل أن يختلط الثوري وابن علية وبشر بن المفضل " ،
وقال ابن حجر في هدي الساري (1/405): "..وما أخرج البخاري من حديثه –أي: الجريري- إلا عن عبد الأعلى وعبد الوارث وبشر بن المفضل ، وهؤلاءسمعوا منه قبل الاختلاط "

4- و نقل الإجماع الإمام إسحاق بن راهوية ؛ قال المروزي(تعظيم قدر الصلاة(2/929):"سمعت إسحاق يقول : قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر ، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا : أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر".

5- وقال ابن نصر المروزي(تعظيم قدر الصلاة(2/925) :

"ذكرنا الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم في إكفار تاركها ، وإخراجه إياه من الملة ، وإباحة قتال من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك ، ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك".

6- قال ابن حزم(المحلى:2/242) :

"ما نعلم لمن ذكرنا من الصحابة رضي الله عنهم مخالفاً منهم ، وهم يشنعون بخلاف الصاحب إذا وافق أهواءهم وقد جاء عن عمر ومعاذ وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل(كذا) وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم : أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمداً حتى يخرج وقتها ، فهو كافر مرتد".

7- قال عبد الحق الأشبيلي في كتابه "الصلاة" (كما نقله ابن القيم عنه في كتاب الصلاة وحكم تاركها:67):" ذهب جملةٌ من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم إلى تكفير تارك الصلاة متعمداً لتركها ، حتى يخرجَ جَميعُ وقتِها ، منهم : عمر بن الخطاب ، ومعاذ بن جبل ، وعبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، وجابر ، و أبو الدرداء ، وكذلك روي عن علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه ، هؤلاء من الصحابة".

8- و ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله(شرح العمدة:2/81)

(( الكفر الوارد في الصلاة هو الكفر الأعظم لوجوه :
(الرابع) : أن قوله "ليس بين العبد و بين الكفر إلا ترك الصلاة" ، و قوله "كان أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة" ، لا يجوز أن يراد به إلا الكفر الأعظم ؛ لأن بينه و بين غير ذلك مما يسمى كفراً أشياء كثيرة ، و لا يقال فقد يخرج عن الملة بأشياء غير الصلاة ، لأنا نقول هذا ذكر في سياق ما كان من الأعمال المفروضة ، وعلى العموم يوجب تركه الكفر ، وما سوى ذلك من الاعتقادات فإنه ليس من الأعمال الظاهرة.)) اهـ

إلى قوله رحمه الله :

(( وفي هذه الوجوه يبطل قول من حملها على من تركها جاحداً ، وأيضاً قوله :"كانوا لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر" ، وقوله :"ليس بين العبد وبين الكفر" ، وغير ذلك مما يوجب اختصاص الصلاة بذلك ، وترك الجحود لا فرق فيه بين الصلاة وغيرها ، ولأن الجحود نفسه هو الكفر من غير ترك ، حتى لو فعلها مع ذلك لم ينفعه ، فكيف يعلق الحكم على ما لم يذكر ؟ ولأن المذكور هو الترك ، وهو عام في من تركها جحوداً أو تكاسلاً ، ولأن هذا عدول عن حقيقة الكلام من غير موجب فلا يلتفت إليه")) أ.هـ. (و انظر أقوال ذوي العرفان بتقديم الشيخ صالح الفوزان )

و قد تبين للمنصف بما لا يدع شكا ثبوت إجماع الصحابة الصريح في المسألة و عليه فما ذهب إليه الشيخ ربيع في رده الأخير ظاهر البطلان واهي الأركان :

و لي بعض الوقفات مع ما كتبه :

فأما قوله : ( الحدادية تتسقط الآثار الواهية ...) ففي هذا العنوان مجازفات :

دعواه بأن المحتجين بهذه الآثار هم الحدادية و الأولى أن نقول من يظنهم حدادية،فهي مكابرة واضحة لأن هذه الآثار احتج بها جمهور أهل الحديث و من بعدهم على صحة ما ذهبوا إليه و ما أخذوا به من الصحابة و على رأس هؤلاء :

الإمام إسحاق بن راهويه الذي يعدل بأحمد ،و الإمام أحمد و الحافظ ابن رجب ،و الإمام ابن تيمية و غيرهم كثير !

ثانيها :قوله (الآثار الواهية ) إذا قلنا بأن أل للاستغراق فيكون هذا حكما من الشيخ ربيع على جملة كل هذه الآثار و لا يصدر هذا الحكم إلا ممن سبرها و ميز صالحها من سقيمها ،و هذا خلاف الواقع و الحقيقة أن الأثر الذي وهنه لم يوفق في تضعيفه و لا سلف له في توهينه فكيف بالأخرى !! .

ثالثها :قوله ( و الأصول الفاسدة ) إذا كان عطف الأصول الفاسدة على الآثار السلفية من باب عطف الخاص على العام فيكون معنى كلام الشيخ أن هذه الآثار تضمنت أصولا فاسدة (!)

و إذا كان للمغايرة فهلا بين لنا الشيخ ماهي ؟ و هل الأخذ بأقوال صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و تقديمها على أقوال من جاء بعدهم ،من الأصول الفاسدة عند الشيخ ؟؟

رابعها : (وهدفها من ذلك تضليل أهل السنة السابقين واللاحقين ) فما أدرى الشيخ بهذا خاصة و هو لم يسمع منهم ما يشير إلى هذا لا من قريب و لا من بعيد ،إلا أن يكون مذهب الشيخ أن من خالفه خالف أهل السنة السابقين واللاحقين !، و حتى لو فهم الشيخ هذا من لازم قولهم فلازم القو ل غير ملزم ،لأن أهل السنة يعتذرون عمن خالف في هذا و يعرفون لهم قدرهم و أنهم لن يبغوا بهذه الآثار بدلا لو تقررت عندهم إحسانا بهم الظن ،و لأنهم و إن لم يكفروا تارك الصلاة فهم مجمعون على أن الإيمان قول و عمل و نية فلا يجزئ أحد عن الآخر ...و يشنعون على المرجئة و يضللونهم لأن قصدهم التوصل –بفهمهم السقيم- إلى إثبات إيمان تارك الأعمال بالكلية أو ادعاء الخلاف في هذا .

و أما قوله :

(وحاشا الصحابة والتابعين من هذا التناقض المزعوم. وقد أسلفتُ في البحث السابق([2]) في هذا الموضوع (ص21) أن الإمام البخاري لم يرو عن بشر بن المفضل عن الجريري إلا حديثاً واحداً؛ لأن له متابعاً، وهو إسماعيل بن علية، كرر البخاري هذا الحديث في ثلاثة مواضع، يذكر في موضعين منها متابعة إسماعيل بن علية لِبشر، ولم يرو مسلم بهذا الإسناد إلا حديثاً واحداً لبشر له فيه متابعات، والظاهر أن هذا العمل منهما ما كان إلا بسبب اعتقادهما أن بشراً غير أهل للاحتجاج به فيما يرويه عن الجريري؛ لأنه لم يرو عنه إلا بعد الاختلاط)

و قوله :
(
ويحتمل أن القائل واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو من التابعين، فإن عبد الله بن شقيق قد روى عن بعض التابعين، راجع "تهذيب الكمال" (15/90). )

(وأن بشر بن المفضل لم يسمع من الجريري إلا بعد الاختلاط، فإن صحَّ أنه سمع منه قبل الاختلاط، فيحتمل أنه سمع هذا الأثر بعد الاختلاط احتمالاً قوياً، أو يكون قد وهم فيه .)

فأقول : قد حاول الشيخ أن يوهن أثر عبد الله بن شقيق بدعوى اختلاط الجريري و مخالفة رواية إسماعيل بن علية ،و عند التحقيق فإن الجريري أقل ما يقال في مروياته و لو بعد الاختلاط إنها صالحة للاعتضاد .

قال الإمام الحافظ ابن حبان في (الثقات ج3ط دار الفكر ) :

8059 - سعيد بن إياس الجريري كنيته أبو مسعود من أهل البصرة من ولد جرير بن عباد أخو الحارث بن عباد وقد قيل إنه مولى قيس بن ثعلبة بن بكر بن وائل يروى عن أبى العلاء وأبى نضرة روى عنه الثوري وشعبة وأهل بلده مات سنة أربع وأربعين ومائة وكان قد اختلط قبل أن يموت بثلاث سنين وقد رآه يحيى بن سعيد القطان وهو مختلط ولم يكن اختلاطا فاحشا فلذلك أدخلناه في الثقات ))

و هذا على فرض رواية بشر المفضل عنه بعد اختلاطه –و الصواب أنه قول مردود- فاختلاطه ليس بالفاحش هذا من جهة .

و من جهة أخرى الاحتمالات التي ذكرها الشيخ و افتراضاته مردودة بما سبق من الآثار الثابتة الأخرى و قد رد الشيخ أبو عاصم جزاه الله خيرا ،شبهة رواية بشر بعد الاختلاط و ذكر قول الحافظين :

(( قال ابن رجب في شرح العلل: (2/180): " وممن سمع منه قبل أن يختلط الثوري وابن علية وبشر بن المفضل " ،

وقال ابن حجر في هدي الساري (1/405): "..وما أخرج البخاري من حديثه –أي: الجريري- إلا عن عبد الأعلى وعبد الوارث وبشر بن المفضل ، وهؤلاءسمعوا منه قبل الاختلاط ))

قلت :و المثبت مقدم على النافي ،و هذا إذا تساوى القولان أو القائلان فكيف بإثبات حافظين و نفي الشيخ ربيع !!

و عليه فاحتملات الشيخ مردودة لقول الحافظين من جهة ،و لاحتجاج الشيخين –البخاري و مسلم - برواية بشر المفضل عن الجريري و لأنهما ثقتان ثبتان :

فبشر المفضل ثقة حجة :

( 594- بشر بن المفضل بن لاحق الامام أبو إسماعيل عن سهيل ويحيى بن سعيد وحميد وعنه
أحمد وإسحاق وأمم وكان حجة قال بن المديني كان يصلي كل يوم أربعمائة ركعة ويصوم يوما ويوما مات 187 ع ) أ.هـ

الكاشف للذهبي ط دار القبلة للثقافة الاسلامية مؤسسة علوم القرآن ت عوامة و النمر

و سعيد بن إياس الجريري : قال الذهبي :

(1855- سعيد بن إياس أبو مسعود الجريري عن أبي الطفيل ويزيد بن الشخير وعنه شعبة ويزيد بن هارون قال أحمد كان محدث البصرة وقال أبو حاتم تغير حفظه قبل موته وهو حسن الحديث توفي 144 ع ) أ.هـ.

وزاد الحافظ في التقريب: قبل ثلاث سنين من موته – أي اختلط-

و قال الشيخ ربيع :

( أقول: قد بيّنا في البحث السابق في هذا الموضوع
أن عبد الله بن شقيق ما روى إلا عن عدد قليل من الصحابة، مما يبطل دعوى الإجماع )

أقول :بل روايته صحيحة كما تقدم ،و روايته عن القليل من الصحابة لا تنافي ما ورد عن الآخرين ،و تقريرهم لقول أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في تكفير تارك الصلاة،و بضميمة عدم المخالف بل ورود الآثار عنهم بمثل قوله ، يتقرر الإجماع من جهتين كما قدمت آنفا:

الأولى : النص و المنطوق من رواية عبد الله بن شقيق و كذا جابر رضي الله عنه
ففي أثر جابر رضي الله عنه عن مجاهد أنه سأل جابراً : ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : الصلاة". وهذا صريح في مذهبهم و اتفاقهم .

و الجهة الثانية : من قول عمر رضي الله عنه –كما سبق- :( لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ) و قوله :( لا إسلام لمن ترك الصلاة ) بمحضر الصحابة و انتشا ر قوله مع عدم المخالف .

وَمَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ الصَّحَابَةُ حُجَّةٌ * * * وَتِلْكَ سَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ لِمَنْ سَبَرْ

وَمَـا لَمْ يَكُـنْ فِـي عَصْـرِهِمْ مُتَعَـارَفاً * * * وَجَـاءَ بِـهِ مَـنْ بَعْدَهُمْ رُدَّ بَـلْ زُجِـرْ

فَفِي الأَخْذِ بِالإِجْمَاعِ فَاعْلَمْ سَعَادَةٌ * * * كَمَا فِـي شُذُوذِ الْقَوْلِ نَـوْعٌ مِنَ الْخَطَرْ

وَمُعْتَرِضٌ أُتْرُكْ اعْتِمَادَ مَقَالِهِ * * * يُفَارِقُ قَوْلَ التَّابِعِينَ وَمَنْ غَبَرْ

وَأَمْثَلُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِينَا طَرِيقَةً * * * وَأَغْزَرُهُمْ عِلْماً مُقِيمٌ عَلَى الأَثَرْ

وَأَجْهَـلُ مَـنْ تَلْقَـى مِـنَ النَّاسِ مُعْجَبٌ * * * بِخَاطِـرِهِ يُصْغِـي إِلَـى كُـلِّ مَـنْ هَدَرْ

فَـدَعْ عَنْكَ قَـوْلَ النَّاسِ فِيمَـا كُفِيتَـهُ * * * فَمَا فِي اسْتِمَاعِ الزَّيْغِ شَيْءٌ سِوَى الضَّرَرْ

منقول

12d8c7a34f47c2e9d3==