المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به


كيف حالك ؟

قاسم علي
04-28-2012, 03:52 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا))(النّساء 83)
قال العلامة عبد الرحمن بن السعدي رحمه الله: هذا تأديب من الله لعباده ، عن فعلهم هذا ، غير اللائق .( أي إذا عة الأخبار)

وأنه ينبغي لهم ، إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة ، والمصالح العامة ، ما يتعلق بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم ، أن يتثبتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر .

بل يردونه إلى الرسول ، وإلى أولي الأمر منهم ، أهل الرأي ، والعلم والنصح ، والعقل ، والرزانة ، الذين يعرفون الأمور ، ويعرفون المصالح وضدها .

فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين ، وسرورا لهم ، وتحرزا من أعدائهم ، فعلوا ذلك .
وإن رأوا ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ، ولكن مضرته تزيد على مصلحته ، لم يذيعوه .
ولهذا قال : ((لعلمه الذين يستنبطونه منهم))
أي : يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ، وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية ، وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ، ينبغي أن يولي من هو أهل لذلك ، ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ .

وفيه النهي عن العجلة والتسرع ، لنشر الأمور ، من حين سماعها .
والأمر بالتأمل قبل الكلام ، والنظر فيه ، هل هو مصلحة ، فيقدم عليه الإنسان ، أم لا ؟ فيحجم عنه ؟

ثم قال تعالى : ((ولولا فضل الله عليكم ورحمته))
أي : في توفيقكم ، وتأديبكم ، وتعليمكم ما لم تكونوا تعلمون . ((لاتبعتم الشيطان إلا قليلا))
لأن الإنسان بطبعه ، ظالم جاهل ، فلا تأمره نفسه إلا بالشر .
فإذا لجأ إلى ربه ، واعتصم به ، واجتهد في ذلك ، لطف به ربه ، ووفقه لكل خير ، وعصمه من الشيطان الرجيم . اهـ كلامه عليه رحمة الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وفي الجملة فالبحثُ في هذه الدّقائق من وظيفة خواصّ أهل العلم))
وجاء في تفسير الإمام ابن أبي زمنين رحمه الله الذي هو مختصر لتفسير يحي بن سلام رحمه الله:
((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به)) قال قتادة: ((إذا جاءهم أمر من الأمن)) أي من أن إخوانهم آمنون ظاهرون ((أو الخوف)) يعني القتل والهزيمة ((أذاعوا به)) أي أفشوه ((ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم)) أولي العلم منهم ((لعلمه الذين يستنبطونه منهم)) الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك.
يقول إذا كانوا أعلم بموضع الشكر في النصر والأمن وأعلم بالمكيدة في الحرب.

((ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا)) فضل الله الإسلام ورحمته القرآن.

قال يحيى قوله ((لااتبعتم الشيطان إلا قليلا)) فيه تقديم وتأخير يقول ((لعلمه الذين يستنبطونه منهم)) إلا قليلا ((ولولا فضل الله عليكم ورحمته لااتبعتم الشيطان إلا قليلا)).

وقال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله:
((وقوله: ((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به)) إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها, وقد لا يكون لها صحة.

وقد قال مسلم في مقدمة صحيحه: عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: ((كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع))... وفي الصحيحين, عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, نهى عن قيل وقال.

أي: الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت, ولا تدبر, ولا تبيّن. اهـ بتصرّف.


وقال الإمام القرطبي رحمه الله: ((والمعنى أنهم إذا سمعوا شيئا من الأمور فيه أمن نحو ظفر المسلمين وقتل عدوهم ((أو الخوف)) وهو ضد هذا ((أذاعوا به)) أي أفشوه وأظهروه وتحدثوا به قبل أن يقفوا على حقيقته)). اهـ

12d8c7a34f47c2e9d3==