المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صلاة الاستسقاء وصفاتها


كيف حالك ؟

قاسم علي
02-17-2012, 06:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

صلاة الاستسقاء وصفاتها للعلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله



الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا هو اللقاء المتمم للستين من اللقاءات الشهرية التي تتم في الجامع الكبيرة في عنيزة ، وهذه الليلة هي ليلة التاسع عشر من شهر رجب عام (1419هـ). أسأل الله تعالى أن يجعل لقاءاتنا خيراً وعاقبتها خيراً؛ إنه على كل شيء قدير. وقبل أن نشرع في موضوع هذا اللقاء نتكلم عن صلاة الاستسقاء.. صلاة الاستسقاء سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، والاستسقاء يعني: طلب السقيا، ومن المعلوم أن الذي ينـزل الغيث هو الرب عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ [لقمان:34] وقال الله عز وجل: أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ [الواقعة:68-69]. الجواب: أنت يا ربنا، أنت الذي أنزلته وجعلته مباركاً تنبت به من كل زوج بهيج. هذا المطر يصرفه الله تبارك وتعالى حيث شاء كيف شاء على قدر ما شاء عز وجل، ولذلك تجد بعض البلاد يكون فيها أمطار كثيرة، وبعض البلاد تكون قاحلة، وبعض البلاد تكون بين هذا وهذا، واستمع إلى قول الله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً [الفرقان:50]. ......


استسقاء الخطيب يوم الجمعة

الاستسقاء له صفات متعددة: منها: أن يستسقي الخطيب يوم الجمعة في خطبة الجمعة، ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس بن مالك رضي الله: (أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل -فبدأ رضي الله عنه بسبب السؤال قبل السؤال- قال: هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ورفع الناس أيديهم معه، وقال: اللهم أغثنا -ثلاث مرات- قال أنس -وهو راوي الحديث- فوالله ما في السماء من سحاب ولا قزعة -القزعة: قطعة من السحاب إذاً: السماء صحو تماماً- وما بيننا وبين سلع -وهو جبل معروف في المدينة إلى الآن بهذا الاسم- من بيت ولا دار -وإنما ذكر ذلك لأن السحاب تأتي من جهة هذا الجبل- يقول: فخرجت من ورائه سحابة مثل الترس -والترس: ما يتوقى به المجاهد من الرماح، وهو يشبه التبس- فارتفعت في السماء، فلما توسطت انتشرت ورعدت وبرقت، فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته) لا إله إلا الله! أمطرت وخر السقف من المسجد، وساح على رأس الرسول عليه الصلاة والسلام، وجعل المطر يتحادر على لحيته، والمدة قصيرة؛ لأن الله تعالى يقول: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] ويقول تعالى: وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [القمر:50] وبدأ المطر ينـزل أسبوعاً كاملاً ما رأوا الشمس ليلاً ونهاراً، فلما كانت الجمعة الأخرى دخل رجل أو الرجل الأول وقال: (يا رسول الله! تهدم البناء وغرق المال فادع الله يمسكها عنا) تهدم البناء من كثرة الأمطار، وغرق المال من كثرة الأمطار، فادع الله يمسكها عنا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يدع أن يمسكها الله إنما دعا بدعاء نافع غير ضار، قال: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر) وجعل يشير هكذا بيده، يقول أنس: (فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت) بأمر من؟ بأمر الله عز وجل، ليس بأمر الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما يقول: حوالينا ويتفرق السحاب، نقول بأمر الله، ومن المعلوم أنه يمكن أن تكون بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ويكون الله سخر له الغمام كما سخر الريح لسليمان، سليمان سخر الله له الريح؛ يضع البساط ويجلس هو وحاشيته، ثم يأمر الريح فتهب عاصفة قوية لكن بدون قلق: فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ [ص:36] حيث أراد .. غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ [سبأ:12] لكن محمد عليه الصلاة والسلام لم يقل للسحاب: تفرقي؛ حتى نقول: إن هذا بأمره، إنما دعا الله وقال: (حوالينا ولا علينا) فالذي فرقها هو الذي جمعها وهو الله عز وجل، وخرج الناس يمشون في الشمس -تعالى الله- وسال الوادي (قناة) شهراً، وقناة واد في المدينة بهذا الاسم إلى اليوم، سال شهراً كاملاً من الأمطار، فسبحان الله عز وجل!


الدعاء في أي مكان يحصل فيه الدعاء


ومن أنواع الاستسقاء: أن يدعو الإنسان في أي مكان يمكن فيه الدعاء .. في المسجد أو في البيت، وعلى أي حال .. في السجود، في التشهد، بين الأذان والإقامة، يدعو الله تعالى بالغيث، ولقد استسقى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ ودعا الله أن ينـزل المطر حتى يقوم فلان فيسد ثعلب حائطه بردائه، والثعلب: هو الشق في الجدار تدخل منه السيول، فنزل المطر ونزل المطر وخاف الناس من الغرق، وقالوا للرجل: لا يمكن أن تمسك السماء حتى تقوم أنت وتسد ثعلب حائطك بردائك، فقام الرجل وسد الثعب وهو: الشق في الجدار الذي يدخل السيل إلى الحائط، فلما سده بردائه أمسك المطر .. سبحان الله! آية من آيات الله، وآية من آيات الرسول عليه الصلاة والسلام.

الخروج إلى المصلى


ومن ذلك: أن يخرج الناس إلى مصلى العيد، ويصلي الإمام صلاة الاستسقاء كما يصلي في العيد، ويخطب خطبة واحدة، وإن شاء قدم الخطبة على الصلاة؛ لأن كلا الأمرين ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو بالدعاء المناسب. وفي هذا الأسبوع ستقام -إن شاء الله- صلاة الاستسقاء بعد غدٍ بأمر ولي الأمر، وتعلمون أن بلادنا واسعة الأرجاء، حتى لو فرض أننا في وسط المملكة لم يكن هناك حاجة إلى المطر؛ لأن موسم المطر بدأ قريباً، لكن هناك أماكن شاسعة تحتاج إلى مطر، والعلماء يقولون: يستسقي ولو كان القحط في غير أرضه، فالأمر واضح والحمد لله، فينبغي لنا أن نخرج مع المسلمين في هذا اليوم؛ لدعاء الله عز وجل والتقرب إليه بالصلاة، وليعلم الناس أنه لا ملجأ لهم عند الشدائد إلا الله عز وجل القادر على إزالتها تبارك وتعالى. هذا ما أردنا أن نقدمه بين يدي موضوع اللقاء الذي ابتدأناه في الشهر الماضي.

( اللقاء الشهري [60] )

12d8c7a34f47c2e9d3==