المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باب الأسماء والأحكام - من شرح العلامة بن عثيمين للعقيدة الواسطية


كيف حالك ؟

بن حمد الأثري
08-31-2011, 12:59 AM
* يقول الشيخ رحمه الله شارحا قول بن تيمية رحمه الله عن وسطية أهل السنة والجماعة بين الفرق الضالة طرفي النقيض *


((( الأصل الثالث : الوعيد )))

* وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم .....................................


المرجئة: أسم فاعل من أرجَأ ؛ بمعنى: أخر، ومنه قوله تعالى (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهَُ) (الأعراف:111)، وفي قراءة: (أرجئه) ؛ أي: آخره وأخر أمره، وسموا مرجئه: إما من الرجاء؛ لتغليبهم أدلة الرجاء على أدلة الوعيد، وإما من الإرجاء؛ بمعنى التأخير ؛ لتأخيرهم الأعمال عن مسمى الإيمان.

ولهذا يقولون: الأعمال ليست من الإيمان، والإيمان هو الاعتراف بالقلب فقط.

ولهذا يقولون: إن فاعل الكبيرة كالزاني والسارق وشارب الخمر وقاطع الطريق لا يستحق دخول النار لا دخولاً مؤبداً ولا مؤقتاً؛ فلا يضر مع الإيمان معصية؛ مهما كانت صغيرة أم كبيرة؛ إذا لم تصل إلى حد الكفر.

وأما الوعيدية؛ فقابلوهم، وغلبوا جانب الوعيد، وقالوا: أي كبيرة يفعلها الإنسان ولم يتب منها، فإنه مخلد في النار بها : إن سرق؛ فهو من أهل النار خالداً مخلداً، وإن شرب الخمر؛ فهو في النار خالداً مخلداً… وهكذا.

والوعيدية يشمل طائفتين: المعتزلة، والخوارج. ولهذا قال المؤلف: " من القدرية وغيرهم" ؛ فيشمل المعتزلة- والمعتزلة قدرية؛ يرون أن الإنسان مستقل بعلمه، وهم وعيدية- ويشمل الخوارج.

فاتفقت الطائفتان على أن فاعل الكبيرة مخلد في النار، لا يخرج منها أبداً، وأن من شرب الخمر مرة؛ كمن عبد الصنم ألف سنة؛ كلهم مخلدون في النار؛ لكن يختلفون في الأسم؛ مما سيأتي إن شاء الله في الباب الثاني.

وأما أهل السنة والجماعة؛ فيقولون: لا نغلب جانب الوعيد كما فعل المعتزلة والخوارج، ولا جانب الوعد كما فعل المرجئة، ونقول: فاعل الكبيرة مستحق للعذاب ، وإن عذب؛ لا يخلد في النار.

وسبب الخلاف بين الوعيدية وبين المرجئة: أن كل واحد منهما نظر إلى النصوص بعين عوراء؛ ينظر من جانب واحد.

هؤلاء نظروا نصوص الوعد، فأدخلوا الإنسان في الرجاء ، وقالوا نأخذ بها ، وندع ما سواها ،وحملوا نصوص الوعيد على الكفار.

والوعيدية بالعكس؛ نظروا إلى نصوص الوعيد، فأخذوا بها ، وغفلوا عن نصوص الوعد.

فلهذا اختل توازنهم لما نظروا من جانب واحد.

وأهل السنة والجماعة أخذوا بهذا وهذا، وقالوا: نصوص الوعيد محكمة ؛ فنأخذ بها ، ونصوص الوعد محكمة؛ فنأخذ هبا ، فأخذوا من نصوص الوعد ما ردوا به على الوعيدية، ومن نصوص الوعيد ما ردوا به على المرجئة، وقالوا: فاعل الكبيرة مستحق لدخول النار؛ لئلا نهدر نصوص الوعيد؛ غير مخلد فيها لئلا نهدر نصوص الوعد.

فأخذوا بالدليلين ونظروا بالعينين.





((( الأصل الرابع: أسماء الإيمان والدين )))

* وفي باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة، وبين المرجئة والجهمية


هذا في باب الأسماء والدين، وهو غير باب الأحكام الذي هو الوعد والوعيد؛ ففاعل الكبيرة ماذا نسميه؟! مؤمن أم كافر؟!

وأهل السنة وسط فيه بين طائفتين: الحرورية والمعتزلة من وجه، والمرجئة الجهمية من وجه:

فالحرورية والمعتزلة أخرجوه من الإيمان، لكن الحرورية قالوا: إنه كافر يحل دمه وماله، ولهذا خرجوا على الأئمة، وكفروا بالناس.

وأما المرجئة الجهمية، فخالفوا هؤلاء، وقالوا: هو مؤمن كامل الإيمان!! يسرق ويزني ويشرب الخمر ويقتل النفس ويقطع الطريق ؛ ونقول له : أنت مؤمن كامل الإيمان!! كرجل فعل الواجبات والمستحبات وتجنب المحرمات!! أنت وهو في الإيمان واحد!!

فهؤلاء وأولئك على الضد في الاسم وفي الحكم.

وأما المعتزلة؛ فقالوا: فاعل الكبيرة خرج من الإيمان، ولم يدخل في الكفر؛ فهو في منزلة بين منزلتين؛ لا نتجاسر أن نقول: إنه كافر! وليس لنا أن نقول: إنه مؤمن؛ وهو يفعل الكبيرة؛ يزني ويسرق ويشرب الخمر! وقالوا: نحن أسعد الناس بالحق!

حقيقة أنهم إذا قالوا: إن هذا لا يتساوى مع مؤمن عابد؛ فقد صدقوا.

لكن كونهم يخرجونه من الإيمان ثم يحدثون منزلة بين منزلتين: بدعة ما جاءت لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله، كل النصوص تدل على أنه لا يوجد منزلة بين منزلتين: كقوله تعالى( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(سـبأ: من الآية24).

وقوله: ( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ )(يونس: من الآية32). وقوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) (التغابن:2) وفي الحديث : "القرآن حدة لك أو عليك".

فأين المنزلة بين المنزلتين؟!

هم يقولون: في منزلة بين منزلتين!! وفي باب الوعيد ينفذون عليه الوعيد، فيوافقون الخوارج في أن فاعل الكبيرة مخلد في النار، أما في الدنيا؛ فقالوا: تجرى عليه أحكام الإسلام؛ لأنه هو الأصل ؛ فهو عندهم في الدنيا بمنزلة الفاسق العاصي.

فيا سبحان الله ! كيف نصلي عليه ، ونقول : اللهم افر له وهو مخلّد في النار؟!

فيجب عليهم أن يقولوا في أحكام الدنيا: إنه يتوقف فيه! لا نقول: مسلم ، ولا: كافر، ولا نعطيه أحكام الإسلام، ولا أحكام الكفر!! إذا مات ؛ لا نصلي عليه ، ولا نكفنه، ولا نغسله، ولا يدفن مع المسلمين، ولا ندفنه مع الكفار ؛ إذاً ؛ نبحث له عن مقبرة بين مقبرتين !!

وأما أهل السنة والجماعة؛ فكانوا وسطاً بين هذه الطوائف ؛ فقالوا: نسمي المؤمن الذي يفعل الكبيرة مؤمناً ناقص الإيمان، أو نقول : مؤمن بإيمانه ، فاسق بكبيرته، وهذا هو العدل ؛ فلا يعطى الاسم المطلق، ولا يسلب مطلق الاسم.

ويترتَّب على هذا : أن الفاسق لا يجوز لنا أن نكرهه كرهاً مطلقاً، ولا أن نحبه حباً مطلقاً ، بل نحبه على ما معه من الإيمان، ونكرهه على ما معه من المعصية.



******

http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_17955.shtml

12d8c7a34f47c2e9d3==