المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تكون دعوة عوام إلى السنة


كيف حالك ؟

هادي بن علي
07-06-2011, 04:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


فمثلاً لو أراد الإنسان أن يطبق سنة يستنكرها العامة، فإن هذا الاستنكار لا يمنع الإنسان من أن يقوم بهذه السنة، ولنضرب لهذا مثلاً: تسوية الصفوف في صلاة الجماعة؛ أكثر العوام يستنكر إذا قال الإمام استووا، وجعل ينظر إليهم، ويقول : تقدم يا فلان، تأخر يا فلان، أو تأخر الإمام عن الدخول في الصلاة حتى تستوي الصفوف، يستنكرون هذا ، ويغضبون منه، حتى إن بعضهم قيل له مرة من المرات: يا فلان تأخر إنك متقدم ، فقال من شدة الغضب: إن شئت خرجت من المسجد كله وتركته لك، نعوذ بالله، فمثل هذا الإمام لا ينبغي له أن تأخذه لومة لائم في الله، بل يصبر ويمرن الناس على السنة، والناس إذا تمرنوا على السنة أخذوا عليها وهانت عليهم، لكن إذا رأي أن هؤلاء العوام جفاة جداً، ففي هذه الحال ينبغي أن يعلمهم أولاً ، حتى تستقر نفوسهم ، وتألف السنة إذا طبقت، فيحصل بذلك الخير .
ومن ذلك أيضاً: أن العامة يستنكرون سجود السهو بعد السلام، ومعلوم أن السنة وردت به إذا كان السهو عن زيادة، أو عن شك مترجح به أحد الطرفين ، فإنه يُسجد بعد السلام لا قبل السلام ، هذه هي السنة حتى إن شيخ الإسلام ابن تيميه- رحمه الله- قال : إنه يجب أن يسجد بعد السلام إذا كان السجود بعد السلام، وقبل السلام إذا كان السجود قبله، يعني لم يجعل هذا على سبيل الأفضلية؛ بل على سبيل الوجوب.

سجد أحد الأئمة بعد السلام لسهو سهاه في صلاته؛ زاد أو شك شكاً مترجحاً فيه وبنى على الراجح ، فسجد بعد السلام، فلما سجد بعد السلام ثار عليه العامة ما هذا الدين الجديد؟ هذا غلط، قال رجلٌ من الناس: فقلت لهم: هذا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، سلم الرسول عليه الصلاة والسلام من ركعتين ثم أخبروه فأكل صلاته ثم سلم ثم سجد للسهو بعد السلام، قالوا: أبدا ، ولا نقبل ، قيل : من ترضون من العلماء؟ قالوا: نرضى فلاناً وفلاناً؟ فلما ذهبوا إليه قال لهم: هذا صحيح ، وهذا هو السنة، فبعض الأئمة يأنف أن يسجد بعد السلام وهو يعلم أن السنة أن السجود بعد السلام خوفاً من ألسنة العامة، وهذا خلاف ما بايع النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه عليه، قم بالحق ولا تخف في الله لومة لائم.

كذلك أيضاً فيما يتعلق الصدق في المعاملة؛ بعض الناس إذا أخبر الإنسان بما عليه الأمر بحسب الواقع، قالوا ، هذه وساوس، وليس بلازم أن أعلم الناس بكل شيء، مثلاً عيب في السلعة، قالوا: هذا سهل والناس يرضونه، والواجب أن الإنسان يتقي الله عزّ وجلّ ويقوم بالعدل ويقوم باللازم، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ولكن كما قلت أولاً : إذا كان عند عامة جفاة ، فالأحسن أن يبلغهم الشرع قبل أن يطبق ، من أجل أن تهدأ نفوسهم ، وإذا طُبق الشرع بعد ذلك إذا هم قد حصل عنده معلم منه ، فلم يحصل منهم نفور.

انتهى كلام الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله تعالى في شرح رياض الصالحين

12d8c7a34f47c2e9d3==