المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة نعم الله ووجوب المحافظة عليها وشكرها لسماحة العلامة آل الشيخ


كيف حالك ؟

البلوشي
04-06-2011, 02:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة نعم الله ووجوب المحافظة عليها وشكرها لسماحة العلامة عبدالعزيز آل الشيخ

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ، فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل ؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ، وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين. أمَّا بعدُ:

فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

عباد الله، إن لله على عباده نعماً عظيمة لا تحد ولا تعد، نِعمٌ تترى فلا تُحصى ولا تُعد، نعم عظيمة لا تُعد ولا تُحصى، قال تعالى: (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم:34]، ومن هذه النعم ما من الله به على عباده قديماً وحديثاً من هذه المراكب التي يمتطونها فيقطعون بها المسافات البعيدة، والأماكن الشاسعة، ووسائلَ لنقل أمتعتهم وأثقالهم، قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ* وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) [غافر:79-80]، وقال جل وعلا: (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ) [يس:41-42]، وقال جل جلاله: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ) [النحل:8]، وقال جل وعلا: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ* وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ* وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ) [يس:71-73]، وإذا كان الله امتن على عباده بما سخّر لهم من بهيمة الأنعام مع ضُعْفٍ في حملها، وبُطئٍ في سيرها، فما ظنُك بما هيأ الله بهذه الوسائل الحديثة من سيارات مريحة، وطائرات، وسفن وبواخر عملاقة، اختزلت المسافة اختزالاً، وتضاعف حملها للأثقال تضاعفاً كثيراً، فمسافات كانت تُقطع في أيام أصبحت في ساعات ووسائل تحمل تلك الأثقال لا تستطيع مئات البغال والجمال حملَها، ولكنها نعمة من نِعم الله قدّرها وهيأها لعباده.

أيها المسلم، هذه النعم تحتاج منا إلى شكر الله عليها، فإن الله إذا أنعم على العباد بأي نِعم طالبهم بشكرها، وبمقابلتها بالثناء على الله، قال تعالى: (ألم تروا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) [لقمان:20]، فالمسلم يشكر الله على نعمته، ويُحسن استخدام هذه الوسائل، ويرعى لها آدابها المشروعة التي تجعلُها عوناً له على طاعة ربه، وإذا تدبّر المسلم نصوص الكتاب والسنة، رأى أن لهذه الوسائلَ آداباً ينبغي للمسلم أن يتأدب بها، فقبل كل شيء تقواه لله، فالمسلم متقٍ لله في كل أحواله، في استعمال نِعم الله، وتعاطيه نِعم الله، فهو متقٍ لله في أحواله كلها، ففي تقوى الله تفريج الهموم وإزالة الكروب، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) [الطلاق:2]، ومن الآداب أيضاً التوكل على الله والاعتماد عليه وتفويض الأمر إليه، يقول صلى الله عليه وسلم: "إذا خرج العبد من بيته فقال بسم الله بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله"، يناديه المَلَك هُديت ووُقيت، ويتنحى عنه الشيطان ويقول لشيطان آخر كيف لنا برجل قد هُدي وكُفي ووُقي، إذاً فذكرك الله عند خروجك من منزلك وفي ركوب سيارتك، أن تقول بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله يصرف الله عنك السوء ويؤمنك من المخاوف، هذا بخلاف شركات التأمين ووعودها الكاذبة، ووعودها المخلفة، وما تجنيه من أموال وما تبخل به من عطاء، فتوكلك على الله واعتمادك عليه مع الأخذ بالأسباب الواقية هو الخير كله، ومن آدابها أيضاً أن تصحب ذكر الله في أسفارك إذا امتطيت هذه المركوبة، أن تُكثر من ذكر الله معتمداً على الله مفوضاً أمرك إلى الله، وكان صلى الله عليه وسلم إذا ركب راحلته بالسفر قال: "الله أكبرالله أكبرالله أكبر سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوي عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل"، هكذا صلى الله عليه وسلم في الالتجاء إلى ربه، واعترافه بنعم الله، وسؤاله الله أن يعينه على شكر هذه النعم والقيام بحقها، ومن آدابها أيضاً أن تبتعد عن معاصي الله أثناء قيادة السيارة، فمن عباد الله من يستحوذ الشيطان عليه فيقود تلك السيارة وهو في أثر السكر أو تعاطي المخدرات، نسأل الله السلامة والعافية فتراه في سيره كالمجنون لا يبالي ولا يلوي على شيء، وإنما هي سرعة جنونية خارجة عن المعقول، لأن العقل فيه نقصٌ وخللٌ بتعاطي تلك المسكرات والمخدرات، نسأل الله السلامة والعافية، فأي جناية وقع منه فإنه في حكم متعمدها لأنه والعياذ بالله تعاطى تلك الوسائل الخبيثة التي تُفقد العقل وتُخرجه عن إدراكه الواقع الحقيقي، ومنها يا أخي المسلم محافظتك على طاعة الله ففي الحديث: "من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله"، عونٌ لك على الخير، وكفاية للشر، ومنها أخي المسلم أن تكون متواضعاً لله في أثناء ركوبك لهذه الوسائل متواضعاً لربك لأنك ترى أنها نعمة من الله لك فتكون متواضعاً لربك شاكراً له مثنيًا عليه بما منحك من هذه النعم العظيمة، ومنها أخي المسلم الرفق في سيرك، والسير على هون وعدم العجلة، يقول الله جل وعلا: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً) [الفرقان:63]، ومنها الأخذ بالأسباب الواقية، والبحث عن هذه المركوبة، وتفقدها بين الفينة والأخرى، حتى تأخذ بأسباب السلامة، فالأخذ بأسباب السلامة من أسباب الوقاية بتوفيق الله، والتزام آداب المرور وأنظمتها التي جِيء بها لكي تحفظ عليك حياتك وحياة غيرك بتوفيق من الله.

أيها المسلم، إن من عباد الله من قابل نعم الله بشكرها، فاستعان بها على طاعة ربه، وقضى بها حاجاتِه وأغراضه فنال الخير والفضل العظيم، ومن عباد الله من انحرف عن الطريق المستقيم فلم تكن تلك الوسائل سبب شكره لربه ولم يستعن بها على طاعته فنال الوزر والعذاب الأليم.

أخي المسلم، فمن عباد الله من استعان بها على المعاصي، ومن عباد الله من ضايق بها الناس في طرقاتهم، ومن عباد الله من قادها قيادة جنونية متهورة تُنبئ عن ضعف في العقل وقلة في الإيمان والتقوى.

أيها المسلم، أيها الشاب المسلم، إني أحب أن أتحدث معك عن قضية بُلي بها بعض شبابنا يمارسونها بالليل غالباً عند هجوع الناس ونومهم، فيوقضون النائم ويزعجون الناس ويُخلِّون بالطريق، ويسببون حوادث على أنفسهم، وحوادث على غيرهم جهلاً وغروراً وكبرياءً وطغياناً، ما يسمونه بالتفحيط، الذي من تدبره حق التدبر رأى أن قواعد الشرع تقتضي حرمته بما فيه من المفاسد والأضرار العديدة وخلوه من أي منفعة، وإنما هو ضررٌ محضٌ يمارسه بعض أبناءنا هداهم الله، يمارسون هذه المهنة عبثاً بهذه الأموال، وعرضة لها للتلف، ولأجسامهم، ولنفوس غيرهم وكل هذا ضرر عظيم، فإن هذا التفحيط الذي يمارسه بعض أبناءنا يعرضهم أولاً أن يفقدوا أرواحهم التي بها حياتهم، وحواسهم التي تجعلهم يُحسون بوجودهم، وأطرافهم التي يتحركون بها ثم لم يعلموا أن الله يقول: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة:195]، والله تعالى يقول: (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) [النساء:29]، وربما عرضوا لحياة غيرهم فقضوا على حياة أناس، وعطّلوا قوى بعضهم، فمنهم من قُتل، ومنهم من عاش معطل القوى، لأسباب هذه التصرفات الخاطئة الفاسدة، ومنها إتلاف الأموال، فإن إتلاف الأموال حرام، لأن المال يجب المحافظة عليه، والله تعالى يقول: (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) [الإسراء:26-27]، إن الإنفاق في الباطل تبذير، والإنفاق في غير محله، بل الانفاق في المعصية تبذير، وصاحبه أخٌ للشيطان، وعوناً للشيطان على نفسه، ومنها يا إخواني ومنها أن هذه الجريمة تُعينه على الالتقاء بالمنحرفين في أخلاقهم وسلوكهم، مِن أمة انحرفت في أخلاقها وسلوكها، فما يخلُص من شر إلا ويقع في شرٍ أعظم منه، إنهم يدلُونه على سرقة سيارات المسلمين، فيسرقها ويسلبها ثم يلقيها في أي وادٍ كان، من غير حياء ولا خجل، إنهم يدلونه على المسكرات والمخدرات وأنواع الإنحراف السلوكي والأخلاقي، بأسباب هذه المهنة الرذيلة، التي تمكنت في نفوسهم، فأصبحوا يبحثون عن كل وسيلة تمكّنهم من هذا، وهذا والعياذ بالله من الجهل العظيم والتصرف الخاطئ، كم أدخلوا على أسرهم من الحُزن والبلاء فيما أصابهم، إما في أولادهم، أو فيما جنوه على الآخرين، وكم عطّلوا الطريق، وضيّقوا مسالك الناس، وجعلوا الخناق تحصل بأسباب هذا الفعل السيئ، فلنتق الله ولنراقب الله في تصرفاتنا، فإننا مسلمون يجب أن نحترم الدماء والأموال والأعراض ونصونَها طاعة لله.

أيها المسلم، إنما يدعوا لهذه التصرفات الخاطئة أمور، فضعف الإيمان في قلوب أولئك، ضعف إيمانهم يدعوهم إلى التصرفات الخاطئة، لأن المسلم من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، وهؤلاء لا يبالون بالدماء إن سفكوها ولا بالأموال إن سرقوها، لا خجل ولا حياء ولا خوف من الله، فراغ دائم، قتلوا الأوقات ولم يسخروها في طاعة، ولا في السعي في طلب الرزق، وإنما جعلوا أوقاتهم مشغولة بهذه الترّهات، سهر في الليل ونوم في النهار وبطالة وجهل وأخطاء متعددة.

أيها المسلم، ومنها جلساء السوء وأصحاب الفساد الذين يحسّنون تلك المهنة ويرغبون فيها ولا يبالون بأي جناية ارتكبوها، ومنها غفلة الأباء وقلة مراقبة لأبنائهم، فالواجب على الأباء جميعاً ملاحظة هذا الأمر، والأخذ على يدِ من يمارس هذه المهن الرذيلة، وحثهم على العمل والجد والنشاط واكتساب الأموال بالطريق المشروع، ومنها يا إخواني كون هذا الإنسان ليس عنده من الاهتمام لنفسه ولا اهتمام في مجتمعه فإنه لا يشعر بواجب ولا يشعر بأهمية الأمر وهذا من الخطأ كون هذا السائق لا يشعر بمسؤولية ولا يحس بواجب إنما يتصرف تصرفاً خاطئاً، إن مكافحة هذه الجريمة تقع في أمور، أولا: التوعية، توعية شبابنا التوعية الصادقة، وتذكيرهم بحرمة الدماء والأموال، تذكيرهم بحرمة الدماء والأموال، وأن الله حرّم قتل النفس بغير حق، قال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء:93]، ومن الأسباب أيضاً لكف هذا الشر، تعاون الأباء وجميع الإخوة والجيران على محاربة هذه الجريمة، والأخذ على أيدي أولئك، ومنعهم من ممارسة أخطائهم السيئة، ومنها أيضاً أمرٌ يتعلق بالمشجعين والمتجمهرين، الذي يصفقون لهؤلاء، ويؤيدونهم، ويضحكون لهم، ويتفرجون على جريمتهم، وما كأنهم إلا فعلوا أمراً مشروعاً، أو سباقاً مشروعاً، والواقع أنه تصرفٌ خاطئ، وجريمة نكراء، يجب محاربتها والأخذ على أيدي هؤلاء، ومنها أن وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة يجب أن تسخّر برامجها لمحاربة هذا التصرف الخاطئ، ومناقشته دائماً وأبداً، حتى نستطيع بتوفيق الله توعية شبابنا، وتثقيفهم الثقافة السليمة، والتوعية الصالحة، لننقذهم من هذه التصرفات الخاطئة، وعلى رجال التربية والتعليم حث الأبناء والطلاب، وترغيبهم في الخير، وإبعادهم عن هذه الجريمة النكراء، لأن المجتمع متى تعاون أفراده جميعاً صار بخير، وسبب لحصول الخير، ومنها أيضاً أنه يجب على رجال الأمن القيام أيضاً بكل مستطاع في محاصرة هذه الجريمة، والأخذ على أيدي أولئك المفسدين، وأطرهم على الحق، ومنعهم من هذه الممارسات الخاطئة، ليكون الناس على سلامة، فيسلموا في أنفسهم، ويسلم غيرهم من شرورهم، فالتعاون على الخير مطلوب منا جميعاً، والله تعالى يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة:2]، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ: فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.

جاء في حديث المغيرة بن شعبة قال: وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن إضاعة المال، ينهى عن إضاعة المال، ينهى عن إضاعة المال، إن من إضاعة المال التفريط بهذه السيارات، والعبث بها واللعب بها، هذا كله من إضاعة المال، إن هذا العبث يؤدي إلى تلف هذه السيارة وخرابها وعدم صلاحيتها بعد وتباع بأبخس الثمن.

أيها الشاب المسلم، قد يحملك على هذه الجريمة أن تقول أنا واجدٌ للمال، سيارة أتلفتها اليوم آتي غداً بغيرها، الأب قادر ويستطيع أن يوفر لي كل ما أردت، فلو أتلفت كل يوم سيارة لاستطعت أن آتي بغيرها، هذا يا أخي تصرف خاطئ هذا نقص في العقل وقلة في التفكير.

أيها الشاب المسلم، اتق الله في نفسك واحذر هذه التصرفات الخاطئة التي تقضي على نشاطك وفكرك، إنك بهذه الممارسة لا تحقق هدفاً، ولا تقدم مقترحاً، ولا تدل على خبرة مثل العمل وإنما تدل على خبرة بالتهور وسوء التصرف.

أيها الشاب المسلم، إن هذه الممارسات التي يجنيها هؤلاء في ليلهم ثم في نهارهم نوم وكسل وخمول وغفلة وغيرهم ينافس في الأعمال ويشتغل نهاره في تعب وعناء وطلب للمعيشة فإذا جاء الليل رأيته قد تأثر من تعبٍ في نهاره فينام نومة الراحة والعافية، أولئك الذين جنوا تلك الأرباح العظيمة من العمل في الورش وغيرها واستفادوا خيراً كثيراً، وهؤلاء يعيشون بطالة وكسلاً وخمولاً ثم يقولون وينادون بمعالجة البطالة، عالج البطالة بنفسك، لا تجعل علاجها على غيرك عالجها بنفسك وبتصرفاتك، وبما تعمله من عمل، فأنت جزء من مجتمعك متى ما صلح الفرد صلحت الجماعة، ومتى ما عم الفساد في الأفراد دون أن يكون بالجماعة أخذاً على أيدي السفهاء و أطرهم على الحق أطراً، فإن ذلك ضياع للأحوال.

فيا أيها الشاب المسلم، إياك والكسل والخمول والعبث في الباطل انزل إلى ميادين العمل ونافس كما نافس غيرك وخذ عبرة من غيرك الذين تركوا أوطانهم وأهليهم ليحمدوا ويجنوا الخيرات كلها وأنت ما بين عبث وخمول ونوم وسهر ولعب في الباطل.

أيها المسلم، طرقنا صممت على أحدث الطرق وعلى أتمها وأحسنها، ولكن سوء الإستعمال من بعض أبناءنا، وقيادة السيارات الجنونية، تراها تمر كالبرق الخاطف لا يبالي بمن وراءه وأمامه ولا عن يمينه ويساره، وإنما تصرفات خاطئة وسرعة هائلة وجنونية، لا يبالي ثم يلقي اللوم على كذا وكذا، لا بد من وعيٍ في أنفسنا وتصرفاتنا، حتى نضمن السلامة بتوفيق من الله فإن أخذنا بالأسباب أمر مطلوب، وقدر الله نافذ على كل شيء، لكن على المسلم ألا يكون سبباً لهلاك نفسه، يقول صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن ولا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل"، فالأخذ بأسباب السلامة، والسعي في ذلك والاستعانة بالله على ذلك طرق خير، وأقدار الله نافذة على العباد مهما يكن واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، لكن كون الإنسان يأخذ بالأسباب النافعة وأسباب السلامة ومراعاة الأنظمة المعتبرة، لكي يضمن بتوفيق الله سلامته وسلامة غيره هذا هو المطلوب أسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح إنه على كل شيء قدير.

واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على محمد صلى الله عليه وسلم، امتثالاً لأمر ربكم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].

اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين الأئمةِ المَهدِيِّين، أبي بكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابِعين، وتابِعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، يا أرحمَ الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّرْ أعداءَ الدين، وانصُرْ عبادَك المُوَحِّدين، واجعلِ اللَّهُمَّ هذا البلدَ آمنًا مُطمئِنًا، وسائرَ بلاد المسلمين، يا ربَّ العالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتَّنا ووُلاةَ أمرِنا، اللهم وفِّقْهُم لما فيه صلاح الإسلامِ والمُسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمينَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللهم سدده في أقواله وأعماله، وكن له عونًا في كل ما أهمه، اللهم وفق ولي عهده سلطان بن عبد العزيز اللهم أعنه على طاعتك ومتعه بالصحة والسلامة والعافية، اللهم وفق النائب الثاني نايف بن عبد العزيز لكل خير، وأعنه على مسؤوليته إنك على كل شيء قدير، اللهم احفظ بلاد المسلمين من كل سوء اللهم احقن دمائهم واجمع كلمتهم ووحد صفوفهم وارزقهم البصيرة في أمورهم اللهم ارزقهم البصيرة في أمورهم اللهم وحد صفوفهم وأعذهم من مضلات الفتن، اللهم احقن دمائهم وصن أعراضهم واحفظ أموالهم واجعلهم يتعظون ويعتبرون، اللهم وفقهم لإدراك الحق، اللهم وفقهم لإدراك الصواب وأعذهم من نزغات الشيطان إنك على كل شيء قدير، (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10]، (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) [الأعراف:23]، (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) [البقرة:201]. اللهم أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللهم أنت اللهُ لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثتنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

12d8c7a34f47c2e9d3==