المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غفلة بعض أهل الإسلام عن نصوص الشريعة في حق ولي الأمر


كيف حالك ؟

ماجد الدوسري
02-21-2011, 06:28 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد:


فهذه وقفةٌ يسيرةٌ ألفِتُ نظر أخي الكريم لنصوص الشرع المطهر في حق ولي الأمر، ووجوب السمع والطاعة له في غير معصية الله؛ إذ ساءني ما رأيته وقرأته من مقالات وكتابات في بعض وسائل الإعلام تمجِّد وتُؤيد ما وقع أو يقع الآن في بعض الدول الإسلامية من الثورات على الحكَّام، والتظاهر عليهم بالمظاهرات والشعارات والهتافات ونحوها التي لا تعدوا عن كونها خروجًا على وليِّ الأمر، وتمرُّدًا عليه، ونقضًا لبيعته، وانفلاتًا أمنيًّا، وفوضى ودمارًا وفسادًا وهلاكًا للعباد والبلاد في العاجل والآجل، أيًّا كان نوعها وصفتها ومُسمَّياتها، وإن زخرفها المزخرفون بالمسمَّيات المُوهِمة، والمصطلحات المضلِّلة، كالتعبير عنها بحرية الرأي، أو ديمقراطية الشعب، أو التظاهر السلمي، أو التعبير عن الشعور، أو نحو ذلك مما قد يروج على الجاهل وينخدع به المخدوع.

أخي المسلم لقد أوجب الله تعالى للسلطان على رعيته السمعَ والطاعةَ في غير معصية، وحرَّم الخروج عليه ما لم نر كفرًا بواحًا عندنا من الله فيه برهان، كما ثبت في الصحيح.

قال الله سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...) الآية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما عهد إلى أمته في موعظته البليغة التي ذرفت منها عيون الصحابة ووجلت منها قلوبهم في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: ( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فَتَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ...) الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين: ( عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ )، وقال عبادة بن الصامت رضي الله عنه في حديثه عند مسلم: ( بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ فِى اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ )، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس رضي الله عنه عند الشيخين: ( مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ )، وفي لفظٍ لأحمد في المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَخَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ فَمَاتَ فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ )، وفي لفظٍ آخر عند أبي داود من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه: ( فَقَد خْلعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِه )، وفي لفظٍ آخر عند أحمد: ( مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَاسْتَذَلَّ الْإِمَارَةَ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَهُ )، وفي رواية من حديث عرفجة بن شريح رضي الله عنه عند النسائي: ( فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ يَرْكُضُ )، وحديث حذيفة بن اليمان الطويل، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاي وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِم رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ. قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ )، أخرجه مسلمٌ في الصحيح، وترجم له: ( باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، وفي كلِّ حالٍ، وتحريم الخروج من الطاعة ومفارقة الجماعة )، وحديث سلمة بن يزيد الجُعفي رضي الله عنه عند مسلم أيضًا أنه قال: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: (اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ )، وقد ترجم له مسلم في الصحيح: ( باب الأمر في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق )، وأخرج الشيخان من حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَلاَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا؟ فَقَالَ: ( إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْني عَلَى الْحَوْضِ ) قال النووي: وحاصِلُهُ: الصبرُ على ظلمهم، وأنه لا تسقط طاعتهم بظلمهم .

بل: جعل سبحانه طاعة ولي الأمر من طاعته وطاعةِ رسوله لازمةً لهما لا تنفكُّ عنهما بحالٍ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة عند الشيخين: ( مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِى، وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى، وَإِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ ) .

ففيه: أنَّ طاعة الرسول من طاعة الله، وطاعةُ وليِّ الأمر من طاعة الرسول، فتبيَّن بهذا التلازمُ التامُّ بين الطاعتين: طاعة الله ورسوله وطاعة ولي الأمر في غير معصية .

وتبيَّن منه أيضًا أنَّ ولي الأمر جُنَّةُ يُتَّقى به الفتنة والمحنة والفرقة، وتجتمع به الكلمة ويتَّحد به الصفُّ، وبعدمه تحدث الفتن، وينشقُّ العصا، ويفترق الصفُّ، وتختلف الكلمةُ .

قال النووي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: (( الإِمَامُ جُنَّةٌ )): أي: كالسِّتر؛ لأنه يمنع العدو من أذى المسلمين، ويمنع الناس بعضهم من بعضٍ، ويحمي بيضة الإسلام، ويتَّقيه الناس، ويخافون سطوته".

قال الإمام الطحاوي في عقيدته: "ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعوا عليهم، ولا ننزع يدًا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة".

قال ابن أبي العز في شرحه على الكلام المتقدِّم: وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا؛ فلأنه يترتَّب على الخروج عن طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصُل من جَوْرِهم". ا هـ كلامه.

فمن هذه النصوص وغيرها يظهر لنا جليًّا أنَّ هذه المظاهرات والثورات والشعارات ونحوها تمرُّدٌ على وليِّ الأمر، وخروجٌ عن طاعته التي هي طاعة لله ورسوله، فضلاً عن كونها فتنةً ومحنةً يصنعها العدو المتربص كيدًا على أهل الإسلام؛ لتفريق صفِّهم وتشتيت كلمتهم وتأليبهم على قادتهم وزرع العداء بينهم ونشر الفوضى وزعزعة الأمن في بلادهم بهدف السيطرة على بلادهم واستنزاف ثرواتهم وخيراتهم.

ولا أدلَّ على هذا مما وقع ويقع الآن في كثيرٍ من بلاد أهل الإسلام من سيطرة العدو، وانتشار الفوضى والفساد وانفلات الأمن فيها.

أسأل الله بمنه وكرمه أن يدفع عنا وعن المسلمين سوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يُصلح أحوال المسلمين في كلِّ مكان ويولِّي عليهم خيارهم، وأن يوفق قادتنا في هذه البلاد المباركة لما يحب ويرضاه، وأن يحفظهم بحفظه ويكلأهم برعايته وعنايته ويجمع شملنا وشملهم على الحق والهدى، ويدفع عنا وعنهم كيد الأعداء وشرَّ الأشرار .

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

منقول

بو زيد الأثري
02-21-2011, 07:37 PM
جزاك الله خيرا على النقل ولكن من الكاتب يا أخي

12d8c7a34f47c2e9d3==