المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة نعمة الأمـن لسماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله


كيف حالك ؟

البلوشي
02-14-2011, 01:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة نعمة الأمـن لسماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله

الحمد لله، إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ، وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أمَّا بعدُ:

فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

عباد الله، إن لله على عباده نعمًا كثيرة لا تحصى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)، وإن أعظم النعم بعد نعمة الإسلام نعمة العافية والأمن فبالأمن يحافظ المسلم على دينه وبالأمن تحقن الدماء وبالأمن تصان الأعراض وبالأمن تحفظ الأموال وبالأمن تؤدى الحقوق.

والأمن يا عباد الله، أصل من أصول الحياة البشرية فأي قيمة مال بلا أمن ولا عيش بلا أمن ولا نشاط للأمة في أمور دنياها بلا أمن الأمن منة من الله عظمى لعباده متى اختل هذا الأمن أو فقد ساءت وفسدت الحياة وشقيت الأمة وساءت الأحوال وتبدلت النعم بأضدادها فحل الخوف محل الأمن وحل الفقر والفاقة محل الرغد والعيش وحلت الفوضى محل انتظام الكلمة واجتماعها وحل الظلم والعدوان محل العدل والرحمة.

أيها الأمة، إن الله جل وعلا ذكر عباده بنعمة الأمن ليشكره عليها ويعبد الله في ضلالها (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا)، (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)، وعنه صلى الله عليه وسلم قال: "من أصبح آمنًا في سربه معافًا في بدنه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"، ولقد عني الإسلام بأمر استقرار الأمة وأمنها وانتظام حالها فجاءت الأوامر الشرعية ونهى عن الشر والفساد وشرع الحدود والزواجر المانعة للمسلم من الإقدام على الجريمة وحث الجميع على التعاون على البر والتقوى وحذرهم من التعاون على الإثم والعدوان (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، وأخبرهم جل وعلا أن الأمن في الدنيا والآخرة لمن عمل صالح واستقام على الهدى وابتعد عن سبيل الردى (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)، وهذا الأمن الذي من الله علينا في هذه البلاد المباركة حتى أصبحت مضرب المثل بين دول العالم في أمنها واستقرارها وذلك نتيجة تحكيم شريعة الله وأن دستور هذه الأمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفق الله لها قيادة رشيدة تحكم بشريعة الله فانتظمت الأحوال وسار الناس على خير فلله الفضل والمنة أولًا وآخر.

أيها المسلمون، لقد حرص الإسلام على إرساء قواعد الأمن في المجتمع المسلم لأن الأمن ضرورة للمجتمع المسلم فأرسى قواعده ودعائمه فأمر أولًا بطاعة ولاة الأمور في المعروف (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعة على أصحابه بالسمع والطاعة لولاة أموره بالمعروف في أي الأحوال كان قال عبادة بن الصامت بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فيما منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأن لا ننازع الأمر أهله ما لم تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان وقال على المسلم السمع والطاعة بالمعروف ما لم يؤمر بمعصية وأخبر صلى الله عليه وسلم أن المسلم مهما اختلف رأيه أو أمر خالف ما يريد فعليه السمع والطاعة في المعروف في الحديث "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتعلنونهم ويلعنونكم"، قالوا: أفلا ننابذهم؟، قال: "لا لا أقاموا فيكم الصلاة، لا لا أقاموا فيكم الصلاة"، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن طاعته طاعة لله ومعصيته معصية لله فقال صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني"، وأهل السنة والجماعة يرون طاعة ولاة الأمور من أصول عقيدتهم الصحيحة الدالة على وجوب السمع والطاعة في المعروف لما في ذلك من الخير والصلاح.

أيها المسلمون، لما في ذلك من الخير والصلاح للأمة واستقامة حالها وانتظام كلمتها فإن بالسمع والطاعة تحقن الدماء وتحفظ الأموال والأعراض وتنتظم الحياة أيما انتظام.

أيها المسلمون، إن من أسباب الفتن وأسباب الغواية والضلال إثارة الفتن بين الشعوب والحكام إثارة الفتن بين الشعوب والحكام في هذه المظاهرات والمسيرات التي لا هدف لها ولا هدف لها حقيقيًا ولا حقيقة لها إنما هي أمورًا جيئا بها لضرب الأمة بصميمها وتفريق كلمتها وتشتيت شملها وتقسيم بلادها والسيطرة على خيراتها يعلم ذلك من يعلمه ويجهل ذلك من يجهله إن لها نتائج سيئة وعواقب وخيمة بها تسفك الدماء وبها تنتهك الأعراض وتسلب الأموال ويعيش الناس في رعب وخوف وضلال.

شباب الأمة، لنتق الله في أنفسنا ولنتبصر في واقعنا ولنعلم أن عدونا لا يريد لنا خير ولا يقصدنا خير إن هذه الفوضويات التي نسمعها من هنا وهناك إنما جاءت بتدبير من أعداء الإسلام والذين هم مطيعون لهم ويخضعون لهم ويظنون النصح من ورائهم وليس ورائهم نصح فلنتق الله في أنفسنا ولنكن على حذر من مكائد أعداءنا ولا يخدعنا ما نسمعه أو يروج لنا أو يجسد الأحداث إنما المقصود والهدف والغاية منها إضعاف شعوب الأمة إضعاف الشعوب والسيطرة عليها وإشغالها بالترهات عن مصالحها ومقاصدها وغاية أمرها.

أمة الإسلام، إن الإعلام له دوره الفعال في توجيه المجتمع بلا شك ولكن عندما ينحرف الإعلام عن مساره الشرعي وعندما يكون آلة للتدمير والتخريب وعندما يكون وسيلة لتجسيد الشعارات البراقة وتجسيد الأشياء الصغار وعندما يكون وسيلة لنقل الأحداث على غير حقيقتها وتصويرها على حقيقتها وشحن القلوب بلا حقائق وجعل هذا الإعلام يسير الأمة على حسب ما خطط له وعلى حسب ما أحيل إليه لينقل الأمة على هواه ومراده فلنكن على حذر شباب الأمة لنكن على حذر من ذلك الإعلام الجائر لنكن على بصيرة إن القضية ليست قضية معينة أو هدف معين إنما هي غاية بعيدة المدى بضرب الأمة في صميمها إنما هي غاية بعيدة المدى وتخطيط بعيد المدى يسعى له من يسعى بضرب الأمة وتشتيت شملها وضرب اقتصادها وتحويلها من دول قوية إلى دول متخلفة نامت على حسب ما يخططون إنما يجب أن نقف من الأمور موقف الاعتدال إن أولئك الذين يشحنون قلوب الناس ويدعون للفوضى دائمًا وأبدا هم بعيدون عن الساحة لكنهم يشحنون القلوب هم بعيدون عن الساحة لا يرون ولا يعلم حالهم ولكنها مخططات رهيبة إجرامية كاذبة لضرب الأمة في صميمها والقضاء على دينها وقيمها وأخلاقها فلنتق الله في أنفسنا ولنتق الله في مجتمعنا ولنتق الله في أمتنا إن مصاب الأمة جلل عندما يسمع هذه الأحداث تتنقل من مكان إلى مكان نار أوقدت اليوم هنا واليوم هناك ما الغاية منها ما الهدف منها ماذا يراد منها لنكن على بصيرة من أمرنا ولنتمسك بدين ربنا ولا يخدعنا هذا الإعلام بما يجسده من قضايا وينقله من مشاهدات ومقابلات وأمور كثيرة يظن الظان أنهم صادقون وأنه إعلام جريء وأنه إعلام واقعي والواقع أنه إعلام غير واقعي لكنه إعلام مخالف للشيء الصحيح إعلام جائر إعلام يشحن القلوب بغضاء وعداوة ويضرب الأمة بعضها ببعض إن كثير من هذه الأحداث استغلها الحركات الحزبية والحركات المنحرفة لتتخلل صفوف الأمة وتبث سمومها وشرورها فلنتق الله في أنفسنا ولنكن على وعي بما يراد بنا أسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وأن يحفظ علينا ديننا وأمننا واقتصادنا واستقرارنا وأن يقي الأمة شر ما يريد بها الأعداء إنه على كل شيء قدير أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:

فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى والزموا طاعته في كل أحوالكم أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يأتي في آخر الزمان الذي لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل إن مصاب الأمة شديد ومن تأمل حال تاريخ الأمة وجد كثير أن من هذه الأحداث تقع على أيدي بعض أبناء المسلمين الذين غرر بهم وخدعوا وصور الأمر على خلاف واقعه فظن ما قال العدو صحيح فعاثوا في دمائها وفسادها وكم أحداث كثيرة سار على أيدي الغوغويات من عباد الله الذين لا يتذكرون في مآلات الأمور وعواقب هذه الفتن والمصائب وأنهم إن فروا من مظلمة فقد وقعوا في ظلم مظالم كثيرة ومفاسد عظيمة لا تحصى.

فيا أهل الإسلام اتقوا الله في أنفسكم اتقوا الله في بلادكم اتقوا الله في محارمكم اتقوا الله في أعراضكم اتقوا الله في أموالكم اتقوا الله في أموركم كلها لا تكونوا من قادة الشرور ودعاة الفتن والضلال تبصروا في كل من يدعوكم وانظروا حاله وما يريد منكم أما أن تسير الأمة من خارجها على أيدي من لا قيمة له مما لا يبالون بالأمة ولا بشقائها ولا بسعادتها ولكن همهم إشعال الفتن بين الأمة والعداوة والبغضاء بين المجتمعات فنسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة إن أي بلد من بلاد المسلمين عزيز علينا أن نرى فيه شر عزيز علينا أن نرى فيه الشر وبلاء نحب الخير للجميع وندعو الجميع لانتظام الكلمة واجتماع الشمل والتبصر في الواقع فعسى الله أن يجعل فينا خير أسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يحبه ويرضاه إنه على كل شيء قدير.

12d8c7a34f47c2e9d3==