المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة محبة الله لسماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله


كيف حالك ؟

البلوشي
01-11-2011, 03:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة محبة الله لسماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله

محبة الله

الحمد لله، إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ، وصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أمَّا بعدُ:

فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

عباد الله، محبة المؤمن لربه من أفضل الطاعات وأجل القربات وأرفع مقامات المؤمنين وأفضل درجات العابدين أفضل عمل صالح في الدنيا وهو أحسن عمل يثاب عليه يوم القيامة وقد شهد الله بذلك بأوليائه المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

أيها المسلم، محبة الله ومحبة رسوله واجبة على كل مسلم بل هي أصل الدين فبكاملها يكمل الدين وبنقص تلك المحبة ينقص الإيمان وأعلى الناس درجة في إيمانه من كان محب لله ورسوله قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ)، فأهل الإيمان يحبون الله أشد من محبة أصنام والأوثان لأوثانهم يحبون الله فلا يزاحم شيء محبة الله في قلوبهم بل حب الله مسيطر على قلوبهم متمكنًا في نفوسهم وقال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، فتأمل أخي هذه الآية وأن كل ما ذكر إن كان معارضًا لمحبة الله أو أن تحب أولادك أو آباءك أو إخوانك أو عشيرتك أو زوجتك أو تجارتك أو مساكنك أحب إليك من الله ورسوله فإنك من الخاسرين لأن محبة الله يجب ألا يزاحمها شيء ولا ينافسها شيء في قلب المؤمن يقول صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود بالكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"، قال رجل يا رسول الله متى الساعة؟، قال: "ما أعددت لها"، قال: أعد لها كثرة صلاة ولا صدقة ولكن أحب الله ورسوله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مع من أحببت"، قال أنس رضي الله عنه فما فرح المسلمون فرحهم بمثل هذا وإني لأحب رسول الله وأبا بكر وعمر وأرجو الله أن يحشرني معهم قال عمر يا رسول الله إني لأحبك وإنك أحب إلي من كل شيء إلا نفسي قال: "لا يا عمر"، قال يا رسول الله وأنت الآن أحب إلي من نفسي قال: "الآن يا عمر".

أيها المسلم، وإن على قدرة محبتك لربك تعظم محبة الله لك وهذه المحبة لله لها فضائلها فمن فضائل محبتك لله محبة الله لك وما أعظمها من نعمة ومغفرته لذنوبك (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، ومن فضائل محبتك لله محبة الله لك ومحبة ملائكته لك والصالحين من عباد الله جاء بالحديث أن الله إذا أحب عبد نادى جبريل (يا جبريل إني أحب فلان فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في الملائكة أن الله يحب فلان فيحبوه ثم يوضع له القبول في الأرض)، ومن آثار محبتك لربك توفيق الله لك في كل أحوالك على طاعته والقيام بما أوجب عليك.

أيها المسلم، وإن كل عمل صالح له أسباب تعين عليه وتقرب إليه وتجعل المسلم يصل إلى هذه الغاية فقد ذكر العلماء رحمهم الله أسباب للمسلم تعينه على حبه لربه فمن ذلكم تلاوة القرآن فالقرآن العظيم كتاب الله معجزة محمد صلى الله عليه وسلم آخر كتب الله نزولا جمع الله فيه معاني ما سبقه من الكتب وجعله مهيمنًا عليها يحب الحق ويبطل الباطل يقرأه المسلم بتدبر وتعقل فيرى الخير الكثير والعلم النافع والعمل الصالح (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)، (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)، أوامر ونواهي وأخلاق وآداب وعبر وعظات وتوجيهات عظيمة وتذكير العباد بنعمة الله بإرسال الرسل وإنزال الكتب بيان طريق أهل الإيمان ومآلهم وبيان سبل أهل الضلال ومآلهم إنه يعظ القلوب إن خير ما توعظ به القلوب كتاب الله (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ)، فالقارئ له والمتدبر له والمتأمل له يجب فيه الخير الكثير وخيركم من تعلم القرآن وعلمه المعلم له والمتعلم له والمعلم له والمعين على تعليمه والساعي في نشره والمهيء الأسباب بذلك أعمال صالحة يوفق الله لها من يشاء من عباده ويسوق ذلك الخير إليهم (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، ومن أسباب محبتك لربك إكثارك من نوافل الطاعات من نوافل الصدقات والصيام فكل نافلة من نوافل العبادة تؤديها فإنها من أسباب محبتك لله فمحافظتك على الرواتب قبل الصلاة وبعدها ركعتي الضحى صلاتك آخر الليل نوافل الصيام بذلك المعروف صلتك للرحم أدائك المطلوب عليك من أسباب محبتك لربك ومن أسباب ذلك أيضا الإكثار من ذكر الله فإن من أحب شيئا أكثر من ذكره وقد أمر الله عباده بذكره وأخبر أن ذكرهم له سبب لذكره إياهم (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)، ووصف الذكر بالكثرة (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً).

أيها المسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم لما سأله رجال إن شرائع الإسلام كثرت علي فدلني على عمل أتشبث به قال: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله"، وفي الحديث: "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"، ومحمد صلى الله عليه وسلم أكمل الناس محبة لله وأكملهم تعظيمًا لله وأكملهم خوفًا من الله كانوا يعدون له بالمجلس الواحد ربي اغفر لي وتب علي مئة مرة فهو المغفور له ما تقدم من ذنبه صلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائما إلى يوم الدين وفي الحديث: "من قال في اليوم سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر"، وفيه من قال: "لا إله إلا لله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مئة مرة كان كعتق عشر رقاب وكتبت له مئة حسنة ورفع مئة درجة وحطت عنه مئة خطيئة".

فيا أخواني، لنكثر من ذكر الله في مجالسنا وأماكننا لعل الله أن يقبلنا بها حسنات نلقاه بها يوم القيامة ومن أسباب محبتك لله ألا تعارض أوامر الله وأن تكون محبتك بما يحب الله قال الله جل وعلا: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به"، ومن أسباب حبك لله نظرك في أسماء الله وتأملك في أسماء الله وصفاته بإيمانك بها واعتقادك حقيقتها على ما يليق بجلال الله وفي الحديث إن لله تسعة وتسعين اسم من أحصاها دخل الجنة ومن أسباب محبتك لله تأملك حق التأمل في كمال رحمة الله بك وكمال إحسانه إليك وكمال فضله وعظيم نعمه عليك التي لا تستطيع إحصاءها (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)، (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ)، فكم من نعمة لك وكم لطفك بمصيبة وكم دفعك عن المكاره وكم متعك بحواسك (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، إن أقبلت إليه رحمك إن عصيت وأخطأت فتبت وقبل توبتك وقبل ندمك وغفر لك وبدل سيئاتك حسنات تعصيه وهو يحلم عليك ويستر عليك فأغتنم ذلك بالرجوع إليه إن من أسباب حبك لله خضوعك واستكانتك لربك وتواضعك الجم لربك قال تعالى عن أنبياءه: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)، ومن أسباب حبك لله قيامك الليل وخلوتك لربك في وقت لا يراك إلا ربك تقوم من فراشك طاعة لربك ورجاء لثوابه ويقينًا بأنه يراك ويسمعك وهو يقول بآخر الليل: (هل من داع فيستجاب له هل من تائب فيتاب عليه هل من سائل فيعطى سؤله)، فقيامك في تلك اللحظات وإنابتك إلى ربك من أسباب حبك لربك ومن أسباب حبك لربك بعدك عن وساوس السوء ودعاة الرذيلة والانحلال من القيم والفضائل بعدك عن هذا النوع الفاسد الذين يفسدون من جالسهم ويمسخون أخلاقه ويدمرون كيانه ويغذونه بكل شر ويملؤون قلبه حقدًا وبلاء على الإسلام وأهله فأنظر من تجالس فكم من جليس أفسد صاحبه وأغواه وضره وصار شيطانًا أعظم من شر الجن عليه يأمره بالشر ويحسنه له ويثبطه عن الطاعة ويثقله عليه يحثه على الفجور والعصيان ويعرفه من أبواب الفجور ما هو خاف عليه كل ذلك من جلساء السوء الذين لا يرضيهم إلا أن يكون جليسهم على شاكلتهم من الخبث والبلاء لأن القلوب التقت على غير طاعة الله فهي قلوب متنافرة متعادية (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ).

أيها المسلم، ولكل أمر حقيقة قال بعض السلف ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال فمن علامات حبك لربك إخلاصك لله في أقوالك وأعمالك وأن أعمالك التي تعملها تريد بها وجه الله والدار الآخرة لا تريد بها ثناء الناس ولا مديحهم ولكن تريد بها محبة الله والتقرب إليه (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، ومن علامات حبك لله موالاتك لأولياء الله وحبك للمطيعين لله المستقيمين على طاعة الله وبغضك لمن خالف أمر الله على قدر مخالفته فالولاء والولاء والبراء والعداء إنما هو لله وفي سبيل الله "من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله في ذلك ولن يجد أحد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك"، ومن علامات حبك لله مسارعتك لأداء الفرائض وعدم التواني بذلك فالمؤمن إذا سمع نادي الله حي على الصلاة حي على الفلاح أجاب واستجاب وترك ما بيده (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ* لِيَجْزِيَهُمْ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، فيؤدي الصلاة في وقتها والزكاة عند تمام الحول ويبادر بكل عمل صالح ومن علامات محبتك لربك أيها المسلم أن تقبل أوامره التي أمرك بها وتقبل نواهيه التي نهاك عنها وتقف عند حدوده ولا تعارض شرعه برأيك وهواك (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ).

أيها المسلم، ومن علامة حبك لله أداء الحقوق الواجبة عليك للناس من زوجة وأولاد وأبوين ورحم وجيران والمتعاملين معك تعاملهم بالصدق والوفاء والأمانة والإخلاص والبعد عن الغش والضرر ومن علامة محبتك لله محبتك لإخوانك المؤمنين تحب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكرهه لنفسك لا تغشهم ولا تخونهم ولا تخدعهم ولا تسعى بينهم بفساد ولا باطل ولا بنميمة وغيبة ولا بما يسبب فرقة القلوب واختلاف الكلمة ومن علامة محبتك لله حرصك على مكسب الحلال وبعدك عن المكاسب الخبيثة من الربا والغش والخيانة بالأموال العامة وعدم التورع عن حقوق الخلق ومن علامة محبتك لله محبتك لدينه وسنة نبيه وجهادك في ذلك ونشر هذه السنة والدفاع عنها ورد أباطيل المبطلين ومن علامة محبتك لله حبك لوطن الإسلام ودفاعك عن وطن الإسلام وحرصك على أمن وطن الإسلام ودحرك أكاذيب الكذابين وإرجاف المرجفين وألا تصغي إلى إشاعاتهم وأراجيفهم فثقتك بالله ثم المسلم ثقة لا تزحزحها تلك الضلالات فأنت سد منيع أمام المرجفين والمفسدين والشائعات الباطلة من علامة محبتك لله حبك لولاة أمرك من المسلمين وموالاتك إياهم ودعوتك الناس للالتفاف حولهم وكراهيتك لكل ما يقولوه المفترون والضالون هكذا أيها المؤمن حقيقة الإيمان الصادق فلنكن على بصيرة من ديننا ولنحب ربنا جل وعلا فله الفضل والمنة علينا في كل أحوالنا أو جدنا من العدم وربانا بالنعم ووهب لنا الحواس وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنه فنتقلب في نعمه آناء الليل وأطراف النهار لو أن مخلوق أحسن إليك بحسنة ما لوجدت في قلبك حب له وموالاة له وإكثار من ذكره كيف وربك وهو المنعم على الحقيقة والعباد إن أحسنوا إليك فبأمر الله لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع (مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:

فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.

عباد الله، وإن سمعنا فضل محبة الله وأسباب ذلك والعلامات الدالة عليه فأعلم أخي المسلم أن هناك ما يناقض محبتك لله الإخلاص لله من علامة محبة الله هل يكون محب لله من صرف عبادته لغير الله ودعا غير الله دعا الأوثان وأهل القبور دعا سكان القبور ودعاهم وهتف بأسمائهم وذبح الذبائح لهم وطاف بقبورهم وعظمهم وأقسم بهم لكن ليس هذا محب لله إذ لو كان محب لله لأفرد الله بجميع أنواع العبادة وجعل دعائه ورجاءه وتعلقه بربه لا بالأموات والغائبين (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ* وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ).

أيها المسلم، هل تكون محب لله وأنت موالي أعداء الإسلام يدك وقلبك مع أعداء الإسلام وفكرك إنما هو نشر مبادئ أعداء الإسلام وتصوراتهم الخاطئة وطعنهم في الإسلام وعيبهم له.

أيها المسلم، ليس محب لله من بنى مكاسبه على الربا والغش والخيانة وجعل أمواله من طرق ملتوية من غسيل الأموال وغيرها أموال محرمة وتجارة خاسرة فذاك والعياذ بالله ليس من المحبين الحقيقين لله.

أيها المسلم، هل تكون محب لله وأنت تأوي المفسدين والمجرمين وتسترت على إرهابيين ودعاة الفساد والباطل وتسعى في إلحاق الضرر بأمتك بأي سبيل كنت فذاك ليس محب لله يخالف محبتك لله محبتك لله يخالفها خيانتك لأمانتك وإلحاق الضرر بالمسلمين والسعي بتفريق كلمتهم وتشتيت صفهم ونشر البلاء محبتك لله تنافي دعوتك للرذائل محبتك لله تنافي أن تسخر قلمك في كل دعاية باطلة ورد لكل الحقيقة وطعن في الإسلام ومبادئه وثوابته والسخرية من الإسلام وأهله محبتك لله تبعدك عن هذه الأمور كلها فلنتق الله في أنفسنا ولتكن محبتنا لله محبة صادقة على محبة خالصة يظهر منها أثر الخير ويبدو منها الصلاح والاستقامة ليس دعاوي مجردة لكن حقائق يمثلها العلم والعمل الصالح أسأل الله للجميع التوفيق والسداد والعون على كل خير.

12d8c7a34f47c2e9d3==