المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة الأسباب المعيقة عن الطاعة لسماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ


كيف حالك ؟

البلوشي
12-28-2010, 04:27 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


خطبة الجمعة الأسباب المعيقة عن الطاعة لسماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله

الأسباب المعيقة عن الطاعة



فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

عباد الله، أمر الله عباده بالمسارعة إلى الطاعة والمسابقة إلى الأعمال الصالحة قال تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقال في وصف عباده المؤمنين: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ* أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ).

أيها المسلم، البعض من الناس قد يتكاسل عن الطاعة وعن المنافسة بالأعمال الصالحة فتضعف علاقته بربه فكلما قصر الإنسان في الطاعة وتكاسل عنها يوشك أن تنقطع علاقته بربه وتضعف صلته بربه والعبد هو الخاسر أولًا وآخر.

أخي المسلم، ليقف الإنسان مع نفسه يحاسبها ما أسباب تقصيره وتكاسله عن الطاعة وما هي الأسباب وما العلاج للتخلص من هذا الداء العظيم إن الكسل عن الطاعة خطر على المسلم في حياته إنه خطر على المسلم في حياته فهو يضعف سيره إلى ربه جل وعلا والكسل حقيقته ترك الطاعة مع عدم الرغبة فيها مع قدرته على أداءها ولهذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الكسل فقال في دعاءه: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وقهر الرجال"، والكسل عن فعل الطاعة من أخلاق المنافقين الذين ضعف الإيمان أو انعدم في نفوسهم قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً)، وقال جل وعلا عنهم: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ).

أخي المسلم، إن للكسل عن الطاعة وضعف أداءها أسباب كثيرة فمن أسباب الكسل عن الطاعة وعدم الرغبة فيها المعاصي والمخالفات الشرعية فإنما معاصيك لله تضعف سير قلبك إلى الله ومحقرات الذنوب التي لا تعدها شيئا تجتمع عليك فتضعف سير قلبك إلى الله فتفقد نفسك الإيمان وحلاوة الطاعة تفقد لذة الإيمان وحلاوة الطاعة فإن السيئة من عقوباتها فعل السيئة بعدها كما أن من ثمار الطاعة فعل الطاعة بعدها، ومن أسباب الكسل عن الطاعة وعدم الرغبة فيها أن يفقد العبد ثمرة هذه العبادة ولا يتصورها على الحقيقة ويظن أنها مجرد عبادات ليس لها شأن عظيم ولا يعلم هذا أن هذه العبادات العظيمة متى ما حافظت عليها وقمت بها خير قيام منحك الله التوفيق والسداد في أقوالك وأعمالك وتزودت من حياتك لآخرتك.

أخي المسلم، تأمل فيما وعد الله المؤمنين بالأجر العظيم (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)، إذا فلتنظر إلى الأدلة الشرعية التي ترغبك بالطاعة وتعظم لك ثواب الطاعة وأن الأعمال الصالحة مدخرة لك أحوج ما تكون إليه (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ).

أيها المسلم، ومن أسباب التكاسل عن الطاعة أكل الحرام والمعاملات الربوية فإن أكل الحرام يقسي القلب ويضعف سيره إلى الله قال الله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً)، إن الله جعل العمل الصالح بعد أكل الطيبات إذا أكل الحرام يضعف القلب ويضعف القوة على الطاعة ويجعل العبد كسلانًا عاجزًا عن القيام بالأعمال الصالحة فالحرام مصيبة عظيمة يضعف قلبك ويقلل رغبة الخير في نفسك ومن أسباب الكسل عن الطاعة مرافقة أصحاب السوء ومن لا ورع ولا خير عندهم فمجالستهم ومخالطتهم على ما هم عليه من الجرائم والفساد يجعلك يقسو قلبك وتبتعد عن الخير وما يزالون بك حتى يقضوا على غيرتك وحتى يشركوك فيما هم فيه من الفساد والضلال.

أيها المسلم، فأتق الله في نفسك وأخلص لله العبادة فالإخلاص لله من أسباب قوة الرغبة في العبادة وإياك وأن يطول عليك الزمن فيضعف رغبتك في الطاعة فقد ذم الله قومًا بقوله: (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ).

أيها المؤمن، أخلص لله قولك وعملك فالإخلاص يعينك على مواصلة الخير والرغبة فيما عند الله ثم اعلم أن الاغترار بالدنيا والانخداع بها والسعي ورائها بكل سبيل وتناسي الآخرة من أسباب الكسل عن الطاعة (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)، تأمل أن هذه الدنيا قصيرة قليلة بالنسبة إلى الآخرة فتذكر ذلك لعله أن يعينك على الطاعة.

أيها المسلم، ومن أسباب الكسل عن الطاعة الغفلة عن الموت وما بعده فيلهو في هذه الدنيا وكأنه سيعمر فيها القرون الطويلة ولا يدري المسكين متى ينزل فيه الأجل.

أيها المسلم، تذكر الموت وما بعده فعسى أن يكون حاديًا لك إلى إقبالك على طاعة الله يقول صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة"، فمن تأمل الموت وسكراته ولحظاته وتأمل القبر وسكناه وتأمل ما بعد ذلك من مواقف يوم القيامة حق التأمل دعاه للتزود في هذه الدنيا من صالح العمل (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).

أخي المسلم، إن الخلاص من هذا الكسل بإخلاص الدين لله وتصور الموقف بين يدي الله ومما يخلصك من الكسل المبادرة بالأعمال الصالحة وعدم التواني فيها يقول صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم يصبح العبد فيها مؤمنًا ويمسي كافر ويمسي مؤمنًا ويصبح كافر يبيع دينه بعرض من الدنيا"، وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال سبعاً هل تنتظرون إلا غنى مطغياً ، أو فقراً منسياً ، أو مرضاً مفسداً ، أو هرماً مفنداً ، أو موتاً مجهزاً ، أو الدجال فشر غائب منتظر ، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر"، فاغتنم حياتك وتزود بالعمل الصالح قبل أن تندم على فوات الأوان يقول صلى الله عليه وسلم لرجل: "اغتنم خمسا قبل خمس اغتنم حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك"، واغتنم حياتك أخي المسلم وتزود عملًا صالح ليكون أنيس لك في لحدك وشافعًا لك يوم قدومك على الله (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ* إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)، أعمالك الصالحة محفوظة لك (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)، فسارع إلى الخيرات يقول الله جل وعلا: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، إن حياتك الحقيقية هي الحياة التي عمرتها بأعمال صالحة حافظت فيها على الفرائض حافظت فيها على النوافل ابتعدت فيها عن الحرام أخلصت لله قولك وعملك تصورت موقفك بين يدي الله ومحاسبة الله لك فازددت عملًا صالح وملأت سجلك بأعمال صالحة ستجدها أحوج ما تكون إليه (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:

فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.

عباد الله، حياتنا مقدرة، مقدرة بأيام وشهور وسنين يقضي فيها العبد ثم ينتقل إلى ربه ويواجه أعماله يقول صلى الله عليه وسلم: "يتبع الميت ثلاث أهله وماله وعمله فيرجع المال والأهل ويبقى العمل"، فعملك هو زادك إلى الآخرة هو أنيسك في لحدك هو الشافع لك يوم قدومك على الله فأتق الله في نفسك وسارع إلى فعل الخيرات.

أخي المسلم، أدي فرائض الإسلام بقوة ونشاط ورغبة فيها وحب لها أدي الصلوات الخمس بقوة ونشاط وحب لها ورغبة فيها واستعانة بها على كل ما يهمك يقول نبيك صلى الله عليه وسلم: "أرحنا يا بلال بالصلاة "، ويقول: "وجعلت قرة عيني في الصلاة"، فأدها كما أمرك الله في أوقاتها في المساجد جماعة لعلك أن تكون من المفلحين سارع إلى الزكاة والصوم والحج أدي واجبات الإسلام صل الرحم وبر بالوالدين وأحسن الجوار وأصدق بالتعامل وأخلص لله في كل أحوالك وطهر مكاسبك من المكاسب الخبيثة من الربويات والأمور المحرمة والأموال التي دخلت عليك بغير طريق شرعي فتخلص منها اليوم قبل أن تحملها يوم القيامة وتندم ولا ينفعك الندم، سارع إلى الخيرات قدر المستطاع تقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض تنال محبة الله لك يقول الله في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه)، احرص على نوافل العبادات والرواتب قبل الصلاة وبعدها احرص على صوم النوافل احرص على الصدقة وبذل المعروف احرص على بذل جاهك فيما ينفع إخوانك كن متقرب من الله بكل عمل صالح ترجوه فإن الله جل وعلا لا يضيع أجر من أحسن عملا فالأعمال محفوظة لك مدخرة إليك أحوج ما تكون فتقرب إلى الله وسارع إلى فعل الخيرات واسأل الله الثبات والاستقامة وأن يعيذك من وساوس الشيطان وأباطيله اسأل ربك الثبات والتوفيق واعمل عملًا صالح (وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).

12d8c7a34f47c2e9d3==