المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا)


كيف حالك ؟

البلوشي
12-25-2010, 03:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه العظيم التوحيد باب قول الله تعالى: (فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا)قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبَّد لغير الله؛ كعبد عمر، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب.
وعن ابن عباس رضي الله عنه في الآية قال: لما تغشـاها آدم حمـلت، فأتاهما إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعاني أو لأجعلن له قرني أيل، فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلن ولأفعلن ـ يخوفهما ـ سِّمياه عبد الحارث، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتاً، ثم حملت، فأتاهما، فقال مثل قوله، فأبيا أن يطيعاه، فخرج ميتاً، ثم حملت، فأتاهما، فذكر لهما فأدركهما حب الولد، فسمياه عبد الحارث فذلك قوله تعالى: (جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا ) رواه ابن أبي حاتم.
وله بسند صحيح عن قتادة قال: شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته. وله بسند صحيح عن مجاهد في قوله: ( لئن آتيتنا صالحاً ) قال: أشفقا ألا يكون إنساناً، وذكر معناه عن الحسن وسعيد وغيرهما.


قال العلامة الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله

قول الله تعالى : ( فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ) [ سورة الأعراف : الآية 190 ]
مقصود الترجمة أن من أنعم الله عليهم بالأولاد , وكمل الله لهم النعمة بهم بأن جعلهم صالحين في أبدانهم , وتمام ذلك أن يصلحوا في دينهم , فعليهم أن يشكروا الله على إنعامه , وألا يعبدوا أولادهم لغير الله , أو يضيفوا النعم لغير الله , فإن ذلك كفران للنعم مناف للتوحيد .

قال العلامة الإمام صالح الفوزان حفظه الله

ويُستفاد من هذه القصة التي ذكرها الله في القرآن عدّة فوائد:
الفائدة الأولى: بيان الحكمة من خلق الزوجات لبني آدم، وأن المقصود من ذلك السَّكَن والاستيلاد، وغير ذلك من الفوائد، والقوامة من الرجل على المرأة: وصيانتُها، إلى غير ذلك، لكن أهمّ شيء هو السَّكَن، كونُ الإنسان يأتي إلى بيتٍ فيه زوجة طيِّبة ملائِمة يسكُن إليها ويرتاح معها.
الفائدة الثانية: أن حصول الأولاد الأسوياء في خِلْقَتِهم، الصالحين في دِينهِم؛ من أكبر النعم: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}، {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
الفائدة الثالثة: في الآية دليل على بيان الحكمة من الزواج، وأنّها السكَن والاستيلاء، ويَتْبَعْ ذلك بقية الأغراض من الصيانة، والقوامَة، والنّفقة، وغير ذلك، فالمرأة بلا رجل تكون معذَّبة، والرجل بلا امرأة يكون معذّباً، أما إذا اجتمع زوجان متناسِبان فهذا من تمام النِّعمة.
الفائدة الرابعة: في الحديث دليلٌ على أن تعبيد الأسماء لغير الله شرك.
الفائدة الخامسة: التحذير من كَيْد إبليس، فإذا كان فعل جمع الأبوين ما فعل فإنّه سيفعل مع الذريّة أشدّ: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً}، {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ(83)}، فهو يهدِّد ويتوعّد.
الفائدة السادسة: أن تعبيد الأسماء لغير الله يُعتبر من الشرك الأصغر، وهو شرك الطّاعة، إذا لم يقصد به معنى العُبودية، فإنْ قصد به معنى العبوديّة والتألُّه صار من الشرك الأكبر، كما عليه عُبّاد القُبور الذين يسمّون أولادهم: (عبد الحسين) أو (عبد الرَّسول) أو غير ذلك، هؤلاء في الغالب يقصدون التألُّه، لا يقصدون مجرّد التّسمية وإنما يقصدون التألُّه بذلك والتعبُّد لهذه الأشياء لأنهم يعبدونها، فهذا يعتبر من الشرك الأكبر.

12d8c7a34f47c2e9d3==