المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بدعة المسيرات المسماه "البراءة " فى موسم الحج لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله


كيف حالك ؟

الموحد
01-16-2004, 02:23 PM
الحمد لله و صلـى الله و سلم عـلى رسوله محمد بن عبد الله و عـلى آله و صحابته و من اهتدى بهداه أما بعد :

فإن الله أوجب عــلى عـباده المـؤمنين البراءة من المشركـين في كل وقت و أنزل في ذلك قوله تعالى : { قد كانت لكم أُسوةٌ حسنةٌ في إبراهيمَ و الذين معه قالوا لقومِهِم إنَّا بُرءَؤا منكم و مما تعبدون من دون الله كَفَرنَا بكم و بدا بيننا و بينكم العداوةُ و البغضاءُ أبداً حتى تُؤمنوا بالله وحدَهُ }[الممتحنة :4].

و أنزل في ذلك سبحانه في آخر حياة النبي صلى الله عليه و سلم قوله عز و جل :{ بَرَآءةٌ منَ اللهِ و رَسُولِهِ إلى الذين عاهدتُّم من المشركين }[التوبة: 1] الآيات.

و صحت الأحـاديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه بعث الصديق رضي اله عنه تسع من الهجرة يقيم للناس حجهم و يعلن البراءة من المشركين ثم اتبعه بعلي رضي الله عنه ليبلغ الناس ذلك ، و بعث الصديق رضي الله عنه مؤذنين مع علي رضي الله عنه ينادون في الناس بكلمات أربع لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة و لا يحج بعد هذا العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان و من كان له عند رسول الله عهد فأجله إلى مدته و من لم يكن له عهد فاه أربعة أشهر يسيح في الأرض كما قال عز و جل :{ فسيحوا في الأرض أربعةَ أشهُرٍ } [التوبة :2] الآية ، و بعدها أمر النبي صلى الله عليه و سلم بقتال المشركين إذا لم يسلموا كما قال الله عز و جل في سورة التوبة :{ فإذا انسلخ الأشهر الحُرُم } [التوبة : 5] يعني الأربعة التي أجلها لهم عليه الصلاة و السلام في أصح قولي أهل العلم في تفسير الأشهر المذكورة في هذه الآية { فاقتلوا المشركين حيث وجدتُّمُوهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كلَّ مَرصد فإن تابوا و أقاموا الصلاة و أتوا الزكاة فخَلُّوا سبيلهم إن الله غفور رحيم } [التوبة :5]

هذا هو المشروع في أمر البراءة و هو الذي أوضحته الأحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم و بيَّنه عُلماء التفسير في أول تفسير سورة براءة [ التوبة ] . أما القيام بالمسيرات و المظاهرات في موسم الحج في مكة المكرمة أو غيرها لإعلان البراءة من المشركين فذلك بدعة لا أصل لها و يترتب عليه فساد كبير و شر عظيم .

فالواجب على كل من كان يفعله تركه و الواجب على الدولة وفقها الله منعه لكونه بدعة لا أساس لها في الشرع المطهر و لما يترتب على ذلك من أنواع الفساد و الشر و الأذى للحجيج و غيرهم و الله سبحانه يقول في كتابه الكريم :{ قل إن كنتم تحبون اللهَ فاتبعوني يُحببكم اللهُ }[آل عمران:31].

و لم يكن هذا العمل من سيرته عليه الصلاة و السلام و لا من سيرة أصحابه رضي الله عنهم و لو كان خيرا لسبقونا إليه . و قال سبحانه :{ أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله }[الشورى:21] و قال عز و جل :{و ما أتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا }[الحشر :7] و قال الرسول صلى الله عليه و سلم :[ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ] متفق على صحته.

و قال عليه الصلاة و السلام في حديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه في خطبة الجمعة [ أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ]أخرجه مسلم في صحيحه.

و قال عليه الصلاة و السلام :[ من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ] أخرجه مسلم أيضا و قال صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع :[ خذوا عني مناسككم ] [مسلم ] و لم يفعل صلى الله عليه و سلم مسيرات و لا مظاهرات في حجة الوداع و هكذا أصحابه بعده رضي الله عنهم .

فيكون أحداث ذلك في موسم الحج من البدع في الدين التي حذر منها النبي صلى الله عليه و سلم و إنما فعله عليه الصلاة و السلام بعد نزول سورة التوبة و هو بعث المنادين في عام تسع من الهجرة ليبلغوا الناس أنه لا يحج بعد هذا العام ، يعني عام تسع ، مشرك و لا يطوف بالبيت عريان ، و إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة مع نبذ العهود التي للمشركين بعد أربعة أشهر إلا من كان له عهد أكثر من ذلك فهو إلى مدته.
و لم يفعل صلى الله عليه و سلم هذا التأذين في حجة الوداع لحصول المقصود بما أمر به من التأذين في عام تسع .

و الخير كله و السعادة في الدنيا و الآخرة في اتباع النبي صلى الله عليه و سلم و السير على سنته و سلوك مسلك أصحابه رضي الله عنهم لأنهم الفرقة الناجية ز الطائفة المنصورة هم و أتباعهم بإحسان كما قال الله عز و جل :{و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و أعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم }[التوبة :100]

و الله المسؤول أن يوفقنا و جميع المسلمين للعلم النافع و العمل الصالح و الفقه في الدين و السير على منهج سيد المرسلين و أصحابه المرضيين و اتباعهم بإحسان إلى يوم الدين و أن يعيذنا و جميع المسلمين من مضلات الفتن و نزغات الشيطـان و من البدع في الدين ، إنه و لي ذلك و القادر عليه و صلى الله عليه و سلم على عبده و رسوله محمد و آله و صحبه .

قاله سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
المصدر : مجلة الدعوة عدد 1539 ص13

قاسم علي
12-28-2005, 03:46 PM
جزاك الله خيرا

12d8c7a34f47c2e9d3==