المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح اثر علي بن أبي طالب : "حدِّثوا النّاس بما يعرفون"الإمام الفوزان


كيف حالك ؟

البلوشي
11-14-2010, 02:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح اثر علي بن أبي طالب : "حدِّثوا النّاس بما يعرفون"الإمام الفوزان حفظه الله

قال العلامة الإمام صالح الفوزان وفي صحيح البخاري: قال عليّ": علي بن أبي طالب يخاطِب العلماء، ويقول لهم: "حدِّثوا النّاس بما يعرفون" أي: تكلّموا عندهم بما يعرفون، أي: بما لا تستنكِرُه عقولهم، بل حدِّثوهم بما تتحمّله عقولهم، وتُدركه أفهامُهم، ولا تُسمعوهم شيئاً لا يفهمون معناه، أو يجهلونه، فيبادِرون إلى تكذيبه فتوقعونهم في الحَرج.
وكأنّه قال هذه المقالة لَمّا كثُر القُصّاص في وقته، وهم: الوُعّاظ، والوُعّاظ يحرصون على أن يخوِّفوا الناس، فيذكُرون لهم كلّ ما قرأوا أو سمعوا من الأخبار والأحاديث، سواءً كانت صحيحة أو غير صحيحة، وسواء كان النّاس يفهمونها أو لا يفهمونها. وهذا أمرٌ لا يجوز، فالحاضرون يحدِّثون بما تتحمّلُه عقولهم، ربما ينفعُهم، أما ذكر الأشياء التي تشوِّش عليهم- وقد تحمِل بعضَهم على التكذيب- فهذا أمرٌ محرّمِ، فينبغي للقاصّ والواعظ والخطيب والمتحدِّث أن يراعيَ أحوال السّامعين، فيتكلّم معهم بما يُناسِب حالهم: إنْ كان يتكلّم في وسط علماء يتكلّم بالكلام اللاّئق بأهل العلم، وإن كان يتكلّم في وسط عوام فيتكلّم بما يناسبهم وبما تتحملّه عقولهم، ويحرص على ما ينفعهم أيضاً، ويعلِّمهم أُمور دينهم: أمور عقيدتهم وصلاتهم، وأُمور عبادتهم، ويحذّرهم من المعاصي ومن المحرّمات، ولا يدخُل في المواضيع العلميّة البعيدة عن أفهام العوامّ.
وهذه حكمةٌ عظيمة من أمير المؤمنين رضي الله عنه: أنه أمر أن يراعى أحوال الحاضرين وأحوال السّامعين، فيحدّثون بما يتناسب مع مستواهم العلميّ.
ويا ليت المتحدِّثين في وقتنا هذا والخُطباء يمشون على هذا النّظام وهذه القاعدة التي قالها أميرُ المؤمنين عليّ بن أبي طالب.
فهذه قاعدة للمتحدِّثين في كل وقت: أنّ المتحدِّث يراعِي أحوالَ السّامعين: إنْ كان في وسطٍ علمي يتحدّث بما يناسِبه، وإن كان في وسط عامِّي يتحدّث بما يناسبه، وإنْ كان في وسط مختَلِط من العلماء ومن الجُهّال ومن العوام فإنه يلاحظ الواقع، فيتحدّث بحديث يستفيدُ منه الحاضرون ويفهمونه من أُمور دينهم، ويدرِّسون العقائد والعلوم شيئاً فشيئاً حتى تتسع لها عقولهم، وتتقبلها أفهامهم.
ولا يدخل في هذا ذكر نصوص الأسماء والصّفات بدليل قول ابن عباس الآتي لما ذكر حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصّفات. وإنما هذا خاص بأحاديث القصاص التي قد تكون مكذوبة أو لا تتحملها عقول الناس.


منقول من كتاب إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

12d8c7a34f47c2e9d3==