المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الجمعة العدل لسماحة العلامة عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله


كيف حالك ؟

البلوشي
11-08-2010, 10:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة العدل لسماحة العلامة عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله

عبادَ الله، العدل الغاية من إرسال الرسل وانزال الكتب ليقيموا عدل الله في الأرض قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)، والعدل مطلب ينشده الجميع أفراد وجماعة ويضعون لأجله النظم التي تحميه ولكن من عباد الله من قد يظلم وهو يرى أنه عدل ويجور وهو يرى أنه مقصر وذلك لفساد قلبه وتجرده من الهوى والشخصية التي أعمته عن طريق الصواب، إن العدل لا يكمل ولا يتحقق إلا في ظل الشريعة الإسلامية فالشريعة هي العدل كله والإحسان كله والرحمة كلها والمصالح جميعها هذا العدل إنما يتحقق في ظل الشريعة الإسلامية.

أيها المسلم، وإن الله جل وعلا يعلم حال العباد ولا يخفى عليه شيء من أحوالهم وهو حكيم يضع الأشياء موضعها فشرعه والخير والشرع يضعه جل وعلا موضعه فإنه الحكيم العليم.

أيها المسلم، وإن الله أوجد العدل في كتابه العزيز فقال: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى)، وأمر بالعدل في الحكم فقال: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)، وهذا العدل لا يخضع لقرابة قريب ولا لعرف بين الناس وإنما يخضع لحكم الله (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا).

أيها الأخوة، وللعدل في الشرع فضائل عظيمة فمن فضائل العدل أن العادل ينال بعدله محبة الله له وما أعظمها من نعمة (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، ومن فضائل العدل علو منزلة العادل يوم القيامة يقول صلى الله عليه وسلم: "المقسطون على منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين"، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ومن فضائل العدل أن العدل سبب لدخول الجنة يقول صلى الله عليه وسلم: "أهل الجنة ثلاثة ذو سلطان موفق مقسط ورجل رحيم رفيق لكل ذي قربى ومسلم عفيف متعفف ذو عيال"، ومن فضائل العدل أنه مقرون بالتوحيد فأصل العدل توحيد الله وإخلاص الدين له وأصل الظلم الشرك بالله وعبادة غيره ومن فضائل العدل أن أي مجتمع أقيم فيه العدل فإنه سبب لاستقامة أهله ودوام نعم الله عليهم فبالعدل تحفظ النعم وتستقر الأمور.

أيها المسلم، والعدل له في الإسلام مجالات واسعة وأنواع عديدة فمنها أولًا أن توحيد الله وإخلاص الدين له وإفراده بجميع أنواع العبادة هو العدل الحق وهو غاية العدل فأعدل الخلق من عبد الله وحده لا شريك له فيدعوا الله وحده ويرجوه وحده ويذبح له وحده وينذر له وحده ويتعلق قلبه بربه حبًا وخوفًا ورجاءا فهذا العدل الحقيقي لأنه علم أن الله خالقة ورازقه والمتصرف فيه مالك النفع والضر فلا يليق به أن يدعوا ملكًا أو نبيًا أو صالحًا أو جنيًا أو أي مدعو من دون الله فالعدل الحق توحيد الله وإخلاص الدين له ولهذا قال الله عن المشركين: (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)، لأن أعظم الظلم أن تعبد غير الله وأن تدعوا غير الله وأن تتوسل بغير الله وأن تخضع لغير الله أو تعتقد النفع والضر في شخص كائنًا ما كان فإن ذلك لا يملكه إلا الله (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ)، ومن أنواع العدل العدل في النفس فتلك النفس تعدل فيها بأن تؤدي ما أوجب الله عليك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً)، واسمع ما يقول الله: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ* أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ* أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ)، ومن العدل في النفس ألا تحملها فوق الطاقة لا في العبادة ولا في سائر الأعمال والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لنفسك عليك حقا"، ومن العدل مع النفس ألا تعرضها لما فيه هلاكها وضعفها والله يقول: (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)، وحرم الانتحار وجعله من كبائر الذنوب وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً)، وفي الحديث "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا"، ومن العدل العدل في تعاملك مع عباد الله وإعطائهم الحقوق الواجبة لهم سواء كان حقًا ماليا تعطيه إياهم أو بدنيًا تعهدت بالعمل أو قوليًا شهادة تحملتها فتؤدي الشهادة كما سمعتها وتؤدي الحقوق المالية وتنفذ ما تعهدت بتنفيذه فهذا من العدل والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"، ومن العدل العدل مع الخدم والعمال والمستأجرين بأن تعطيهم حقوقهم كاملة دون أن تبخس منها شيئا ودون أن تكلفهم فوق ما اتفقت معهم أو ما فوق طاقتهم وفي الحديث يقول الله: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته وذكر منهم رجلًا استأجر أجراء فأستوفى حقهم واستوفى حقه ولم يعطهم أجرهم)، وفي الحديث يروى "أعطي العامل أجره قبل أن يجف عرقه".

أيها المسلم، ومن أنواع العدل عدلك فيما وكل إليك من مسؤولية وفيما أورد إليك من وظيفة أن تقوم بها بصدق وإخلاص وأمانة بعيد عن المحاباة بعيد عن التحايل عن الأموال العامة بعيدًا أن تسلك طريق المرتشين وتسول نفوسهم أكل الأموال العامة بأي ذريعة مهما كانت تلك الذرائع فمن العدل في العمل أداءه كاملًا بصدق وأمانة وإخلاص والمحافظة على الأموال العامة وعدم الإخلال بشيء منها، ومن أنواع العدل عدل الراعي في رعيته وعدل كل مسؤول في مسؤوليته فيعدل الراعي في رعيته فلا ظلم ولا جور ولا عدوان ولا تقريب لهذا وإبعاد لهذا وإنما ينظر إلى المصلحة العامة التي تحفظ بها الأمور وتحفظ بها الحقوق وتساس بها الأحوال ومن العدل المطلوب عدل القاضي في قضاءه فعدل القاضي في قضاءه مطلوب فإن الله إذا وفقه فعدل في قضاءه وأحكم بالعدل وأقام العدل في الخصوم فإنه سبب لرضا الله عنه ورضا الناس أجمعين عنه والقاضي إذا حكم بالحق الذي يعرفه واتق الله فيه فإنه ينال المرتبة العالية وفي الحديث: "إن الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار في حكمه تخلى الله عنه ولزمه الشيطان"، ومن العدل المطلوب عدل المحقق في تحقيقه فأي محقق في قضية سواء قضية مرورية أو قضية حقوقية في أي الأحوال فيجب على المحقق تقوى الله وألا يهين من يحقق معه ولا يذله ولا يحاول إستحصال إقرار منه رغم أنفه تحت أي تهديد كان بل يتق الله ويسمع ويسجل ويكتب ما حصل دون إضرار بمن يحقق معه. ومن أنواع العدل المطلوب عدلك حتى مع عدوك فعدوك مهما كانت تلك العداوة فلا بد من عدل معه فلا تحمل نفسك عنه باطل والله يقول: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)، فالعدل مطلوب مع المؤمن والفاسق مع المؤمن والكافر فلا بد من العدل فلا تجاوز الحد في ذلك، ومن أنواع العدل العدل في الأقوال فكما طلب العدل في الأفعال فكذلك العدل في الأقوال يقول الله جل وعلا: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا)، كيف يعدل في قوله يعدل في أن يقول الحق من غير مجازفة سواء قال حقًا في مدح إنسان فيمدحه ويثني عليه بما يعلمه من غير مبالغة وزيادة ولا يذمه ويحط من قدره ويعين كرامته بأن ينسب له ما هو بريء منه فلا بد أن تعامل بالعدل لا بد من العدل في أقوالك فلا تقل كذبًا تمدح إنسانًا بأوصاف هو خالٍ منها لأجل أن يقبله من خطب منه أو لأجل أن يقبل في عمل من الأعمال وأنت تعلم أن تلك الصفات غير موجودة فيه ولكنك تبالغ بالأوصاف والمدح والثناء لمصلحة ما ولا تنظر إلى المصالح العامة أو تذمه ذمًا شديد فتنسى حسناته وأعماله الصالحة وتسجد تلك الأخطاء والسيئات من باب إذلاله وكل هذا في الشرع ممنوع ومن العدل أيها الأخوة العدل في إصلاح الأخطاء كلنا خطاء وخير الخطاءين التوابون وما أحد معصوم من الخطأ إلا رسول الله فيما يبلغ عن الله جل وعلا فهو المعصوم بعصمة الله له لكن نحن جنس بني آدم الخطأ واقع منا بأقوالنا وأعمالنا كيف نعالج الأخطاء هل نعالج الأخطاء بأن نتجاهل الحسنات والفضائل ونبرز جانب النقص والخطأ ونغض أبصارنا عن الحسنات والفضائل هذا كله غير لائق يخطي أخوك في مقال ما فتناقشه في هذا المقال فيجب أن تكون وسطًا فيما تقول تعرف الخطأ وتناقشه بالصواب دون أن تحط من شخصيته ودون أن تسيء إليه ودون أن تنسبه للجهل أحيانا ولقصور النظر أحيانا ولقلة الإدراك أحيانا كل هذا من الخطأ نحن لا يدعي الكمال أحد فلا بد عند نقاش الخطأ أن نكون أهل عدل في مناقشة الأخطاء حتى لا نقع بالزلل فنبين الخطأ ونجيب عليه دون أن نتعرض لأمور أخرى نسيء بها للآخرين، ومن أنواع العدل أيها الأخوة العدل في إقامة حدود الله فتقام حدود الله على من تعداها مهما كان حاله لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بقطع يد سرقت أرادت قريش أن يتشفعوا على النبي أن يخفف ذلك فقال: "وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها إنما أهلك من كان قبلكم أنه إذا سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا الحد عليه".

أيها المسلم، ومن العدل المطلوب عدلك في أبناءك عدلك بين أبناءك فلا تفضل بعضهم على بعض بالعطاء لا تفضل بعضهم على بعض في العطاء ولا تفضل بعضهم على بعض بالاستئناس مع هذا وانشراح الصدر مع هذا وإبعاد هذا بلا دليل ولا حق لا بد أن تشعرهم بأنك معهم جميعا وأنك أبوهم جميعا وأنهم بمنزلة واحد منك وإن يكن في قلبك ميول لبعضهم لأمور وصفات لكن يجب ألا تبرزها ويجب أن تظهر معهم مظهر المحب لهم جميعا والساعي لمصلحتهم جميعا والحريص على نفعهم جميعا ولهذا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضيل بعضهم على بعض وتخصيص بعضهم بالعطية دون بعض فجاءه البشير بن سعد يستأذنه أو يستشهده على أنه أعطى ابنه غلاما أي النعمان قال: "أكل ولدك أعطيتهم مثله"، قال لا قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، وقال له: "إني لا أشهد على جور"، وقال له: "أشهد على هذا غيري"، كل هذا حرص منه صلى الله عليه وسلم على إغلاق هذا الباب لأن الشيطان عدوا ابن آدم قد يملأ قلبك حقدًا على بعضهم وتعظيم لبعضهم بالهوى أو ميول للزوجة ونحو ذلك فالواجب تقوى الله والعدل في هذه الأمور كلها حتى تكون من المتقين بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:

الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضا، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:

فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.

عباد الله، من أنواع العدل العدل بين الزوجات عدل الرجل إذا عدد الزواج وكان معه أكثر من واحدة فلا بد من العدل بينهن في القسم والنفقة والكسوة لا بد من هذا ولا بد أن تشعر كل زوجة بأن حقها موفر لها وأنها لا تشكوا ظلمًا من الزوج ولا جور منه الله جل وعلا حكيم عليم لما أباح تعدد الزوجات قال: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا)، أي ألا تجوروا فأباح التعدد ولكن بشرط أن يغلب على الظن العدل والقيام بالواجب من الخطأ أيها المسلم أن بعض من هؤلاء قد يأخذ امرأة أخرى مع زوجته الأولى وهذا أمر لا أحد يمنعه ولكن يرتكب في حق الأولى الحماقة الزائدة من أي ناحية يهجرها يعرض عنها ربما سبها ربما شتمها واستثقلها وسأم منها ومل منها وأعرض عنها وساومها على يومها وليلتها وحاول التخلص منها بأي سبيل يحاول التخلص بأي سبيل ويا ليتها تسلم من سباب وشتام ومواجهة في الأقوال السيئة والأخلاق القبيحة إن هذا خلق الحمقى والمغفلين خلق من لا وفاء عنده ولا تقدير له ولا احترام للصحبة القديمة إن محمدًا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم على الإطلاق أباح الله له التعدد إلى تسع زوجات ولكن مع هذا كله كان أعدل الخلق وأرفق الخلق بزوجاته صلى الله عليه وسلم كان يمر بهن ويسألهن عن حاجتهن ولكن بقاء يومه وليلته عند من قسمها إلا أنه كان يمر بالجميع فيفتش أحوالهم ويسألهم عن أحوالهم وبقاءه ونومه عند من لا تلك الليلة وذلك اليوم وكان صلى الله عليه وسلم يذكر زوجته خديجة الماضية الأولى أول امرأة أخذها يذكرها بخير والإحسان ويدعوا لها ويكرم صديقاتها ويظهر الولاء لها بذلك تذكر عائشة أنه صلى الله عليه وسلم استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة قالت فارتاع أو قالت فأرتاح لصوتها وقال: "اللهم خديجة بنت خويلد اللهم خديجة بنت خويلد"، ذكر لها مواقفها بأول النبوة وصبرها وثباتها وأنها سبب تثبيته وإعانته على كل ما تحمله من مشاق وواسته بنفسها ومالها فلم ينسى لها فضلها تقول عائشة كان يذبح الشاة ويقول: "ابعثوا بها لصديقات خديجة"، تذكر عائشة أنها قالت يا رسول الله من خديجة عجوز مضت قال: "كانت وكانت وكان لي منها ولد"، فجميع أولاده كلهم منها إلا إبراهيم من مارية وإلا كل بناته منها رضي الله عنها فلم ينسى لها فضلها ولا سابقتها ولم ينسى لصديقاتها حقهن بل كان يظهر ذلك علانية ويعلن ذلك لأنه أعدل الخلق صلى الله عليه وسلم والله يقول: (وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، بعض الرجال هدانا الله وإياهم عندما يأخذ امرأة أخرى لكبر سن الأولى أو نحو ذلك ما موقف الأولى نبذها طردها احتقارها تكبر عليها تجاهل لحقها ما كأنه أمضى معها شهور وشهور وسنين وأيام وليالي وما كأنه عاشرها وما كأنه خدمته وما عرف لولده حقا كل هذه الحماقات والجهالات إنما تصدر من اللئماء أما الكرام فلا تزوج وخذ لا مانع لكن الزم العدل والزم الوفاء وكن ذا خلق عظيم فاضل اقتداء بسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم فهو أعدل الخلق وأرحم الخلق بالخلق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، فصلوات الله وسلامه عليه أبد دائمًا إلى يوم الدين.

12d8c7a34f47c2e9d3==