البلوشي
10-24-2010, 02:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المسلم، ونبينا صلى الله عليه وسلم حذرنا من جلساء السوء وقرناء الفساد والإجرام وبين ما ينتج من مجالستهم من شر قليل أو كثير فيقول صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السود كبائع المسك ونافخ الكير كبائع المسك إما أيبيع لك أو تشتري منه أو تجد منه ريح طيب، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه رائحة كريها".
أخي المسلم، اعلم أن مصاحبتك لمن تصاحب لا بد أن تقتبس شيئًا من سيرته قلت أو كثرت لابد أن تتأثر من أحوالك قل الاجتماع أو كثر فأحرص أخي المسلم على صحبة من فيه خير وصلاح.
أخي المسلم، الجليس الصالح فوائد عظيمة كثيرة لا تحصى فمن ذلك أن جليسك الصالح يحثك على الخير يرغبك في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم يحثك على الصلاة ويرغبك في المحافظة عليها لكونه محافظ عليها في أوقاتها جماعة في المسجد فهو يحثك على ذلك وتقتدي به في المحافظة على الفرائض والواجبات يحثك على نوافل الطاعة والتزود من هذه الطاعات في حياتك يحثك على البر بالوالدين والإحسان إليهما والرفق بهما وخدمتهما لأنه يفعل ذلك ويعامل والديه بالبر والإحسان فهو يدعوك لذلك الخلق الكريم يدعوك لصلة الرحم والإحسان إليهم وإن أساؤوا والحلم عليهم وإن جهلوا اقتداء بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم يحثك على الصدق وأداء الأمانة والعدل بالأقوال والأعمال جليس صالح يحمي عرضك ويدافع عنك في حضورك وغيابك جليس صالح ينصحك نصيحة لله كلما رأى فيك عيبًا أو تقصيرًا فإنه يسيئه ذلك حتى يهمس في أذنيك نصيحة صالحة تدلك على الخير وتبعدك عن الشر إنه يحمي عرضك وإنه يدافع عن عرضك حضرت أم غبت لكونه يحبك في الله ويواليك في الله جليس صالح تسمع منه الكلمات الطيبة والألفاظ الحسنة فهو مهذب في أقواله ليس بفاحش ولا بذيء ليس بسباب ولا بلعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء جليس صالح لا ينتهك عندك عرض مسلم ولا يسعى لك بالنميمة ولا يغتاب عندك مسلم ولا يعيب عليك جليس صالح يرغبك بالتعاون مع أبناءك بأحسن التعامل ومع زوجتك كذلك جليس صالح يأمرك بالصدق ويأمرك بالوفاء بالعهود والتزام العقود جليس صالح يسره أن يراك على طاعة لله يسيئه أن يرى فيك المعصية جليس صالح تفرج عليه همومك وتفضي إليه بحاجاتك فترى الرأي السديد والفكر الصالح والدعوة إلى الخير جليس صالح دائمًا أنت ومعه على علاقة حسنة ليست العلاقة مادية ولكنها أخوة إسلامية صادقة أحبك في الله ووالاك في الله تلك المحبة الباقية صداقة لا تنفصل عراها ولا تنقطع بل هي دائمة إلى يوم والقيامة (الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ)، جليس صالح ذو تقى وصلاح تكون معه للخير في الدنيا والآخرة سأل النبي صلى الله عليه وسلم المرء يحب القوم ولما يلحق بهم قال: "من أحب قوم فهو منهم"، فإن أحببته لدينه وأخلاقه واستقامته على الدين كنت معه في الدنيا والآخرة.
أخي المسلم، وإذا علمنا ذلك فلنعلم أن لوساوس السوء آثار سيئة ونتائج قبيحة جليس السوء الذي إن جالسته أفسدك أخلاقك وأفسد معتقدك وقضى على كل الفضائل والمحاسن.
أخي المسلم، فأحذر أخي أن تجالس أرباب المخدرات أرباب المسكرات الذين انخلسوا بالباطل ولجوا بالضلال إياك ومصاحبتهم فإن صحبتهم تجر عليك الويلات تلو الويلات قوم انغمسوا في الملذات واستحصدوا المحرمات فلا خير في مصاحبتهم إلا أن تكون داعيًا لله فأسعى لاستصلاحهم وإنقاذهم مما هم فيه من هذا البلاء العظيم وإلا فالفرار عنهم أولى كم من إنسان تقي خالط أولئك فجروه على المحرمات وسهلوا عليه ارتكابها حتى أصبح عاجزًا عن التخلص منها والعياذ بالله.
أخي المسلم، إياك أن تجالس الأشرار اللئماء الذين لا خير فيهم هم فاسدين في أنفسهم يريدون إفسادك يريدون إضلالك يريدون أن يحرفوك عن كل طريق سليم فإن هذا السوء لا يرضيهم إلا أن يكون جليسهم مشارك لهم فيما هم فيه من العدوان والضلال والفساد هكذا جلساء السوء لا يرضون للجليس إلا أن يسبغوه بسبغتهم السيئة حتى يكون مثلهم في الأعمال والانحراف عن الطريق المستقيم.
أخي المسلم، احذر مجالسة من ساء فكره وقل دينه وتلونت أفكاره بالشبهات والضلالات إلا أن تكون داعيًا إلى الله تريد إنقاذه مما هو فيه من الضلال والانحراف وإلا فالبعد عن ذا أسلم لدينك.
أخي المسلم، إياك أن تجالس من طبعه التخلف عن الصلاة وعدم المحافظة عليها وعدم الاهتمام بها حتى لا تجرك مجالسته إلى أن تتأثر به في ترك الصلاة والتهاون بها إياك أخي أن تجالس دعاة الرذائل دعاة الفساد الذين يرتكبون الفواحش ويبررون موقفهم بما يبررونه به فأتق الله واحذر مصاحبتهم خوفًا على دينك من أن تزل بك القدم من حيث لا تشعر احذر أخي مجالسة الضالة الذي انحرفت أفكارهم فأصبحوا مشغولين بتكفير الناس وتبديعهم وتضليلهم احذر أولئك واعلم أنهم لا يريدون بك خير وإنما يريدون الفساد والإضلال.
أخي المسلم، احذر صحبة من إذا صحبتهم وجدتهم مقبلين على الأفلام الهابطة والمسلسلات الإجرامية التي تحارب القيم والفضائل من بعض القنوات الفاسدة التي للأسف الشديد قد يشرف عليها من ينتسب إلى الإسلام وهي في الحقيقة تحارب الإسلام عقيدة وأخلاق تحارب عقيدة الإسلام بما تنشره من ترويج للبدع ودعم للضلالات وإتيان ببرامج تؤيد على البدع الضالين عن سبيل الله المستقيم تبين مذهبهم وتنشر باطلهم حتى ينخدع الناس بهم وما بين دعوات إلى الانحلال من القيم والفضائل بما يحدث من تلك المسلسلات الهابطة والبرامج الضالة فأحذر مشاهدة تلك الجرائم وابتعد كل البعد عنها فلا خير فيها فهي سبب للضلال عن الطريق المستقيم.
أخي المسلم، اسمع الله جل وعلا وهو يحذرك من جلساء السوء لتعلم الحق من الباطل يقول جل وعلا: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، تأمل أخي هذه الآية (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ)، أعرض عن مصاحبتهم وعن مجالستهم (حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)، حتى ينصرفوا عن ذلك الحديث الذي فيه سب الله ورسوله والانتقاص من دينه والاستهزاء بأهل الخير والصلاح (وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، احذرهم ومجالستهم فلا خير فيها ويقول جل وعلا: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً).
فيا أيها المسلم، أي مجلس تجلس فيه وترى فيه أو تسمع فيه من يسب الله ورسوله أو يسب دينه أو ينتقص أهل الإسلام أو يعيب أهل الإسلام فأحذر من هذه المجالس السيئة إلا في حق تخذل به الباطل وتعلي به الحق فنعم وإن كنت عاجزًا فأعرض عن هؤلاء وابتعد عن مصاحبة هؤلاء (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)، فلنتق الله فيمن نصاحب يا شباب الإسلام كم من شباب صالح مستقيم لكنه خالط أولئك المنحرفين الضالين فأفسدوا طريقه وغيروا فطرته وحملوه على الضلال من حيث لا يشعر.
أخي المسلم، فلنتق الله في اختيار الأصحاب والجلساء ولنراقب الله في أمورنا كلها ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والعون على كل خير، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.
عباد الله، يقول الله جل وعلا: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً)، تأمل أخي هذه الآية تأملًا حقا لتعلم ضرر مجالسة السوء وأصحاب الفساد الذين كله على الإجرام والفساد وقلة الحياء فمن حضرهم تأثر بهم إلا من عصم الله (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً)، يعض الظالم يوم القيامة على يديه يقول (يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً)، يا ليتني اتبعت الرسول في هديه يا ليتني تمسكت في شريعته يا ليتني لم أتخذ فلانًا خليل هذا الخليل السيء (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي)، أغواني وأضلني عن الحق بعد إذ جاءني (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً)، فهكذا يتبرأ أولئك بعضهم من بعض يوم القيامة فلنتق الله فيمن نجالس.
أخي المسلم، إياك أن تجالس من يتساهل بالمحرمات ويستبيح الربا ويتعامل بالربا ويدافع عن المعاملات الربوية إياك ومجالسة من طريقه الاحتيال والخداع وجذب المال بأي طريق كان من حل أو حرام احذر أن تجالس من يتعامل بالرشوة أو يرغبك في العامة ويطمعك فيها تحت أي وسيلة كانت احذر أن تصاحب أولئك احذر من تصاحب من يدعوك للغش في بيعك ويقول الغش لا بد منه اربح على كل سبيل احذر أولئك احذر صحبة أولئك واختر لصحبتك من ترى فيه الخير والصلاح والتقى ومن رأيت فيه خلاف ذلك فأبدي له النصيحة وحذره من سوء أفعاله فإن تاب فالحمدلله وإلا فالبعد عن أولئك أسلم لدينك وأحفظ لإسلامك نسأل الله لنا ولكم الثبات على الحق لما حضرت أبا طالب الوفاة عم النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله"، وكان عند أبي طالب أبو جهل وأمية بن خلف فقالا له أترغب عن ملة عبدالمطلب فأعاد النبي "يا عم قل لا إله إلا الله"، فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب فقال أبو طالب هو على ملة عبدالمطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فأنظر إلى جلساء السوء ودعاة الفساد لم يرحموا ذلك الإنسان حتى أوقعوه بالباطل وخرج من الدنيا على غير الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم يريد أن ينقذ عمه الذي طالما نصره وأيده ودافع عنه يريد أن يخلصه من النار يريده أن ينطق بلا إله إلا الله لأن كفار قريش يأبون عن التكلم بها لكونه يعرفون معناها وما دلت عليه وأنها توجب البراءة من كل معبود سوى الله وتخلص العبادة لله وحده فقال: "يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله"، وأشفع لك لأن من لقي الله على غير الإسلام (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)، لأن الله لم يقل شفاعة إذا أن الشفاعة تقبل إلا بإذن الله للشافع ورضا الله عن المشفوع له وأبو طالب لم ينطق بالإسلام سخره الله لحماية نبيه ولكنه أبى عن التكلم بالتوحيد فلقي الله على غير الإسلام لكن النبي قال: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنه"، فأنزل الله: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى)، فجعل في ضحضاح من نار في قدميه نعلتين من نار يغلي منهما دماغه ومات على غير الإسلام قال العلماء ففي هذا التنبيه على ضرر مصاحبة أهل السوء والفساد فإنه لا يبال لك بأي وادي وقعت فيه نسأل الله لنا ولكم الثبات على الحق والاستقامة على الهدى إنه على كل شيء قدير.
أيها المسلم، ونبينا صلى الله عليه وسلم حذرنا من جلساء السوء وقرناء الفساد والإجرام وبين ما ينتج من مجالستهم من شر قليل أو كثير فيقول صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السود كبائع المسك ونافخ الكير كبائع المسك إما أيبيع لك أو تشتري منه أو تجد منه ريح طيب، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه رائحة كريها".
أخي المسلم، اعلم أن مصاحبتك لمن تصاحب لا بد أن تقتبس شيئًا من سيرته قلت أو كثرت لابد أن تتأثر من أحوالك قل الاجتماع أو كثر فأحرص أخي المسلم على صحبة من فيه خير وصلاح.
أخي المسلم، الجليس الصالح فوائد عظيمة كثيرة لا تحصى فمن ذلك أن جليسك الصالح يحثك على الخير يرغبك في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم يحثك على الصلاة ويرغبك في المحافظة عليها لكونه محافظ عليها في أوقاتها جماعة في المسجد فهو يحثك على ذلك وتقتدي به في المحافظة على الفرائض والواجبات يحثك على نوافل الطاعة والتزود من هذه الطاعات في حياتك يحثك على البر بالوالدين والإحسان إليهما والرفق بهما وخدمتهما لأنه يفعل ذلك ويعامل والديه بالبر والإحسان فهو يدعوك لذلك الخلق الكريم يدعوك لصلة الرحم والإحسان إليهم وإن أساؤوا والحلم عليهم وإن جهلوا اقتداء بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم يحثك على الصدق وأداء الأمانة والعدل بالأقوال والأعمال جليس صالح يحمي عرضك ويدافع عنك في حضورك وغيابك جليس صالح ينصحك نصيحة لله كلما رأى فيك عيبًا أو تقصيرًا فإنه يسيئه ذلك حتى يهمس في أذنيك نصيحة صالحة تدلك على الخير وتبعدك عن الشر إنه يحمي عرضك وإنه يدافع عن عرضك حضرت أم غبت لكونه يحبك في الله ويواليك في الله جليس صالح تسمع منه الكلمات الطيبة والألفاظ الحسنة فهو مهذب في أقواله ليس بفاحش ولا بذيء ليس بسباب ولا بلعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء جليس صالح لا ينتهك عندك عرض مسلم ولا يسعى لك بالنميمة ولا يغتاب عندك مسلم ولا يعيب عليك جليس صالح يرغبك بالتعاون مع أبناءك بأحسن التعامل ومع زوجتك كذلك جليس صالح يأمرك بالصدق ويأمرك بالوفاء بالعهود والتزام العقود جليس صالح يسره أن يراك على طاعة لله يسيئه أن يرى فيك المعصية جليس صالح تفرج عليه همومك وتفضي إليه بحاجاتك فترى الرأي السديد والفكر الصالح والدعوة إلى الخير جليس صالح دائمًا أنت ومعه على علاقة حسنة ليست العلاقة مادية ولكنها أخوة إسلامية صادقة أحبك في الله ووالاك في الله تلك المحبة الباقية صداقة لا تنفصل عراها ولا تنقطع بل هي دائمة إلى يوم والقيامة (الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ)، جليس صالح ذو تقى وصلاح تكون معه للخير في الدنيا والآخرة سأل النبي صلى الله عليه وسلم المرء يحب القوم ولما يلحق بهم قال: "من أحب قوم فهو منهم"، فإن أحببته لدينه وأخلاقه واستقامته على الدين كنت معه في الدنيا والآخرة.
أخي المسلم، وإذا علمنا ذلك فلنعلم أن لوساوس السوء آثار سيئة ونتائج قبيحة جليس السوء الذي إن جالسته أفسدك أخلاقك وأفسد معتقدك وقضى على كل الفضائل والمحاسن.
أخي المسلم، فأحذر أخي أن تجالس أرباب المخدرات أرباب المسكرات الذين انخلسوا بالباطل ولجوا بالضلال إياك ومصاحبتهم فإن صحبتهم تجر عليك الويلات تلو الويلات قوم انغمسوا في الملذات واستحصدوا المحرمات فلا خير في مصاحبتهم إلا أن تكون داعيًا لله فأسعى لاستصلاحهم وإنقاذهم مما هم فيه من هذا البلاء العظيم وإلا فالفرار عنهم أولى كم من إنسان تقي خالط أولئك فجروه على المحرمات وسهلوا عليه ارتكابها حتى أصبح عاجزًا عن التخلص منها والعياذ بالله.
أخي المسلم، إياك أن تجالس الأشرار اللئماء الذين لا خير فيهم هم فاسدين في أنفسهم يريدون إفسادك يريدون إضلالك يريدون أن يحرفوك عن كل طريق سليم فإن هذا السوء لا يرضيهم إلا أن يكون جليسهم مشارك لهم فيما هم فيه من العدوان والضلال والفساد هكذا جلساء السوء لا يرضون للجليس إلا أن يسبغوه بسبغتهم السيئة حتى يكون مثلهم في الأعمال والانحراف عن الطريق المستقيم.
أخي المسلم، احذر مجالسة من ساء فكره وقل دينه وتلونت أفكاره بالشبهات والضلالات إلا أن تكون داعيًا إلى الله تريد إنقاذه مما هو فيه من الضلال والانحراف وإلا فالبعد عن ذا أسلم لدينك.
أخي المسلم، إياك أن تجالس من طبعه التخلف عن الصلاة وعدم المحافظة عليها وعدم الاهتمام بها حتى لا تجرك مجالسته إلى أن تتأثر به في ترك الصلاة والتهاون بها إياك أخي أن تجالس دعاة الرذائل دعاة الفساد الذين يرتكبون الفواحش ويبررون موقفهم بما يبررونه به فأتق الله واحذر مصاحبتهم خوفًا على دينك من أن تزل بك القدم من حيث لا تشعر احذر أخي مجالسة الضالة الذي انحرفت أفكارهم فأصبحوا مشغولين بتكفير الناس وتبديعهم وتضليلهم احذر أولئك واعلم أنهم لا يريدون بك خير وإنما يريدون الفساد والإضلال.
أخي المسلم، احذر صحبة من إذا صحبتهم وجدتهم مقبلين على الأفلام الهابطة والمسلسلات الإجرامية التي تحارب القيم والفضائل من بعض القنوات الفاسدة التي للأسف الشديد قد يشرف عليها من ينتسب إلى الإسلام وهي في الحقيقة تحارب الإسلام عقيدة وأخلاق تحارب عقيدة الإسلام بما تنشره من ترويج للبدع ودعم للضلالات وإتيان ببرامج تؤيد على البدع الضالين عن سبيل الله المستقيم تبين مذهبهم وتنشر باطلهم حتى ينخدع الناس بهم وما بين دعوات إلى الانحلال من القيم والفضائل بما يحدث من تلك المسلسلات الهابطة والبرامج الضالة فأحذر مشاهدة تلك الجرائم وابتعد كل البعد عنها فلا خير فيها فهي سبب للضلال عن الطريق المستقيم.
أخي المسلم، اسمع الله جل وعلا وهو يحذرك من جلساء السوء لتعلم الحق من الباطل يقول جل وعلا: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، تأمل أخي هذه الآية (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ)، أعرض عن مصاحبتهم وعن مجالستهم (حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)، حتى ينصرفوا عن ذلك الحديث الذي فيه سب الله ورسوله والانتقاص من دينه والاستهزاء بأهل الخير والصلاح (وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)، احذرهم ومجالستهم فلا خير فيها ويقول جل وعلا: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً).
فيا أيها المسلم، أي مجلس تجلس فيه وترى فيه أو تسمع فيه من يسب الله ورسوله أو يسب دينه أو ينتقص أهل الإسلام أو يعيب أهل الإسلام فأحذر من هذه المجالس السيئة إلا في حق تخذل به الباطل وتعلي به الحق فنعم وإن كنت عاجزًا فأعرض عن هؤلاء وابتعد عن مصاحبة هؤلاء (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)، فلنتق الله فيمن نصاحب يا شباب الإسلام كم من شباب صالح مستقيم لكنه خالط أولئك المنحرفين الضالين فأفسدوا طريقه وغيروا فطرته وحملوه على الضلال من حيث لا يشعر.
أخي المسلم، فلنتق الله في اختيار الأصحاب والجلساء ولنراقب الله في أمورنا كلها ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والعون على كل خير، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبِه، وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعدُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.
عباد الله، يقول الله جل وعلا: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً)، تأمل أخي هذه الآية تأملًا حقا لتعلم ضرر مجالسة السوء وأصحاب الفساد الذين كله على الإجرام والفساد وقلة الحياء فمن حضرهم تأثر بهم إلا من عصم الله (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً)، يعض الظالم يوم القيامة على يديه يقول (يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً)، يا ليتني اتبعت الرسول في هديه يا ليتني تمسكت في شريعته يا ليتني لم أتخذ فلانًا خليل هذا الخليل السيء (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي)، أغواني وأضلني عن الحق بعد إذ جاءني (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً)، فهكذا يتبرأ أولئك بعضهم من بعض يوم القيامة فلنتق الله فيمن نجالس.
أخي المسلم، إياك أن تجالس من يتساهل بالمحرمات ويستبيح الربا ويتعامل بالربا ويدافع عن المعاملات الربوية إياك ومجالسة من طريقه الاحتيال والخداع وجذب المال بأي طريق كان من حل أو حرام احذر أن تجالس من يتعامل بالرشوة أو يرغبك في العامة ويطمعك فيها تحت أي وسيلة كانت احذر أن تصاحب أولئك احذر من تصاحب من يدعوك للغش في بيعك ويقول الغش لا بد منه اربح على كل سبيل احذر أولئك احذر صحبة أولئك واختر لصحبتك من ترى فيه الخير والصلاح والتقى ومن رأيت فيه خلاف ذلك فأبدي له النصيحة وحذره من سوء أفعاله فإن تاب فالحمدلله وإلا فالبعد عن أولئك أسلم لدينك وأحفظ لإسلامك نسأل الله لنا ولكم الثبات على الحق لما حضرت أبا طالب الوفاة عم النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله"، وكان عند أبي طالب أبو جهل وأمية بن خلف فقالا له أترغب عن ملة عبدالمطلب فأعاد النبي "يا عم قل لا إله إلا الله"، فقالا له أترغب عن ملة عبد المطلب فقال أبو طالب هو على ملة عبدالمطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فأنظر إلى جلساء السوء ودعاة الفساد لم يرحموا ذلك الإنسان حتى أوقعوه بالباطل وخرج من الدنيا على غير الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم يريد أن ينقذ عمه الذي طالما نصره وأيده ودافع عنه يريد أن يخلصه من النار يريده أن ينطق بلا إله إلا الله لأن كفار قريش يأبون عن التكلم بها لكونه يعرفون معناها وما دلت عليه وأنها توجب البراءة من كل معبود سوى الله وتخلص العبادة لله وحده فقال: "يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله"، وأشفع لك لأن من لقي الله على غير الإسلام (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)، لأن الله لم يقل شفاعة إذا أن الشفاعة تقبل إلا بإذن الله للشافع ورضا الله عن المشفوع له وأبو طالب لم ينطق بالإسلام سخره الله لحماية نبيه ولكنه أبى عن التكلم بالتوحيد فلقي الله على غير الإسلام لكن النبي قال: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنه"، فأنزل الله: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى)، فجعل في ضحضاح من نار في قدميه نعلتين من نار يغلي منهما دماغه ومات على غير الإسلام قال العلماء ففي هذا التنبيه على ضرر مصاحبة أهل السوء والفساد فإنه لا يبال لك بأي وادي وقعت فيه نسأل الله لنا ولكم الثبات على الحق والاستقامة على الهدى إنه على كل شيء قدير.