المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله و اتباع الرسول للشيخ حافظ حكمي


كيف حالك ؟

عبد الرحمن .
09-22-2010, 10:53 AM
منظومة
سلم الوصول إلى علم الأصول
في
توحيد الله و اتباع الرسول
صلى الله عليه وسلم
للشيخ : حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله-
(1342-1377 هـ)

بسم الله الرحمن الرحيم

أبْدَأُ باسْمِ الله مُسْتَعِينا ... [1] ... رَاضٍ بِهِ مُدَبِّرا مُعِينَا
والْحَمْدُ لله كَمَاهَدَانَا ... [2] ... إلى سَبِيلِ الْحَقِّ و اجْتَبَانا
أحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ و أشْكُرُهْ ... [3] ... ومِن مَسَاوِي عَمَلي أسْتَغفِرُهْ
و أسْتَعِِينُهُ عَلى نيْلِ الرِّضَا ... [4] ... وأسْتَمِدُّ لُطفَهُ في مَا قَضَى
وبعدُ: إِني بِالْيقِينِ أشْهَد ... [5] ... شَهادَةَ الإخلاصِ أنْ لا يُعْبَدْ
بالْحَقِّ مأْلُوهٌ سِوَى الرَّحْمن ... [6] ... مَنْ جَلَّ عَن عَيْبٍ و عَنْ نُقْصَانِ
و أن خيْرَ خَلْقِهِ محمَّدا ... [7] ... مَنْ جاءنَا بالْبَيِّنَات و الْهُدَى
رسوله إلى جَمِيعِ الْخَلْق ... [8] ... بالنُّورِ و الْهُدَى ودِينِ الْحَقِّ
صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّنَا وَمجَّدا ... [9] ... واْلآلُ وَالْصَّحْبُ دَوَاماً سَرْمَدَا
وَبَعْدُ: هَذَا النَّظمُ في الأُصولِ ... [10] ... لِمَنْ أرَادَ مَنْهجَ الرَّسُول
سأَلَنِي إيَّاهُ مَنْ لا بُدَّ لِي ... [11] ... منِ امْتِثَالِ سُؤلْهِ الْمُمْتَثَل
فَقُلْتُ مَع عَجْزي و مَع إِشفَاقِي ... [12] ... مُعْتَمِداً على الْقَدِيرِ الْبَاقِي

مقدمة: تعرف العبد بما خلق له ,
وبأول ما فرض الله تعالى عليه ,
و بما أخذ الله عليه به الميثاق في ظهر أبيه آدم,
و بما هو صائر إليه

إعْلَمْ بأَنَّ الله جَل وَعَلاَ ... [13] ... لَمْ يَتْرُكِ الْخَلْقَ سُدَى وَهَمَلاَ
بَلْ خَلَقَ الْخَلْقَ لِيعْبُدُوهُ ... [14] ... وَبِالإلهِيَّةِ يُفردُوهُ
أخْرَجَ فيمَا قد مَضَى مِن ظَهْر ... [15] ... آدم ذُرِّيَّتَهُ كَالذَّرِّ
وأخَذَ العَهْدَ عَلَيْهِمْ أنَّهُ ... [16] ... لاَ رَبَّ مَعْبُودٌ بحقٍّ غَيْرَهُ
وَبَعْدَ هَذَا رُسْلَهُ قَدْ أرْسَلاَ ... [17] ... لَهُمْ وَبالْحَقِّ الْكِتَابَ أنْزَلاَ
لِكَيْ بِذَا الْعَهدَ يُذَكِّرُوهُمْ ... [18] ... وَيُنذِرُوهُمُ وَيُبَشِّرُوهُم
كِيْ لاَ يَكُونَ حُجة للنَّاسِ بَلْ ... [19] ... لله أعْلَى حُجَّة عَزَّ وَجَلْ
فَمَنْ يُصَدِّقْهُمْ بِلاَ شِقَاقِ ... [20] ... فَقَدْ وَفَى بِذَلِكَ الْمِيثَاقِ
وَذَاكَ نَاجٍ مِن عَذَابِ النَّارِ ... [21] ... وَذَلِكَ الْوَارِثُ عُقبَى الدَّارِ
وَمَنْ بِهِمْ وَبالْكِتَابِ كَذِّبَا ... [22] ... وَلاَزَمَ الإعْرَاضَ عَنهُ والإبَا
فَذَاكَ نَاقِضٌ كِلاَالعَهْدَيْنِ ... [23] ... مُسْتَوجِبٌ لِلخِزي في الدَّارَيْن

فصل في كون التوحيد ينقسم إلى نوعين ,
وبيان النوع الأول وهو توحيد المعرفة والإثبات

أوَّلُ وَاجِبٍ عَلى الْعَبِيد ... [24] ... مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ بِالتَّوْحِيدِ
إذْ هُوَ مِن كُلِّ الأَوَامِر أعْظَمُ ... [25] ... وَهُوَ نَوْعَانِ أيَا مَن يَفْهَمُ
إثْبَاتُ ذَاتِ الرَّبِّ جَلَّ وعَلاَ ... [26] ... أسْمَائِهِ الْحُسْنَى صِفَاتِهِ العُلَى
وَأنَّهُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ الأكْبَرُ ... [27] ... الْخَالِقُ الْبَارِىءُوَالْمُصَوِّرُ
بَاري الْبَرَايَا مُنْشِىءُ الْخَلائِقِ ... [28] ... مُبْدِعُهُمْ بِلاَ مِثالٍ سَابِقِ
الأوَّلُ الْمُبدِي بِلاَ ابْتِدَاءِ ... [29] ... والآخِرُ الْبَاقِي بِلاَ انْتِهَاءِ
الأحَدُ الفَرْدُ الْقَدِيرُ الأزَليّ ... [30] ... الصَّمَدُ الْبَرُّ الْمُهَيْمِنُ العَلِيّ
عُلُوَّ قَهرٍ وَعُلُوَّ الشَّانِ ... [31] ... جَلَّ عَنِ الأضْدَادِ وَالأعْوَانِ
كَذَا لَهُ الْعُلُوُّ والفَوْقِيَّهْ ... [32] ... عَلَى عِبَادِهِ بِلاَ كَيْفِيَّهْ
وَمَعَ ذَا مُطَّلِعٌ إلَيْهِمُ ... [33] ... بعلْمِهِ مُهَيْمنٌ عَلَيْهِمُ
وَذِكرُهُ لِلقُرْبِ وَالْمَعِيَّةْ ... [34] ... لَمْ يَنْفِ لِلْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيهْ
فَإِنَّهُ الْعليُّ في دُنُوِّهِ ... [35] ... وَهُوَ الْقَريِبُ جَلَّ في عُلُوِّهِ
حَيٌّ وَقَيُّومٌ فَلاَ يَنَامُ ... [36] ... وَجَلَّ أَنْ يُشْبِههُ الأنَامُ
لاَ تَبْلُغُ الأوْهَامُ كُنْهَ ذَاتِهِ ... [37] ... وَلاَ يُكَيِّفُ الْحِجَا صِفَاتِهِ
باقٍ فَلاَ يَفْنَى وَلاَ يَبِيدُ ... [38] ... وَلاَ يَكُونُ غَيْرَ مَا ُيرِيدُ
مُنفَرِدٌ بِالْخَلْقِ وَالإرَادَهْ ... [39] ... وَحَاكِمٌ – جَلَّ- بِمَا أرَادَهْ
فَمَنْ يَشَأْ وَفَّقَهُ بِفَضْلِهِ ... [40] ... وَمن يَشَأْ أضَلَّهُ بِعَدْلِهِ
فَمِنْهُمُ الشَّقِيُّ والسَّعِيدُ ... [41] ... وَذَا مُقَرَّبٌ وَذَا طَريدُ
لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ قَضَاهََا ... [42] ... يَسْتَوْجبُ الْحَمْدَ عَلَى اقتِضَاهَا
وهُوَ الَّذِي يَرَى دَبِيبَ الذَرّ ... [43] ... في الظُّلُمَاتِ فَوْقَ صُمِّ الصَّخْرِ
وَسَامِعٌ لِلْجَهْرِ وَالإِخفَاتِ ... [44] ... بِسَمْعِهِ الْوَاسِعِ لِلأَصْوَاتِ
وَعِلْمُهُ بِمَا بَدَا وَمَا خَفِي ... [45] ... أحَاطَ عِلْما بالْجَليِّ وَالْخَفِي
وَهُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ ... [46] ... جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَعَالى شَأنُهُ
وكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ عَليْهِ ... [47] ... وَكُلُّنَا مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ
كَلَّمَ مُوسَى عَبْدَهُ تَكْليِمَا ... [48] ... وَلَمْ يَزَلْ بِخَلْقِهِ عَلِيمَا
كَلاَمُهُ جَلَّ عَنِ الإِحْصَاءِ ... [49] ... وَالحَصْرِ وَالنَّفَادِ وَالْفَنَاءِ
لَوْ صَارَ أَقلاَماً جَميعُ الشَّجَرِ ... [50] ... وَالبَحْرُ تُلقَى فِيهِ سَبْعُ أبْحُرِ
وَالْخَلْقُ تَكتُبْهُ بِكُلِّ آنِ ... [51] ... فَنَتْ وَلَيْسَ القَوْلُ مِنهُ فَانِ
وَالْقَوْلُ في كِتَابِهِ المُفَصَّلْ ... [52] ... بِأنَّهُ كَلامُهُ الْمُنَزَّلْ
عَلَى الرَسُولِ المُصْطَفَى خَيْرِ الوَرَى ... [53] ... لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ولا بِمُفْتَرَى
:يُحْفَظُ بِالقَلْبِ , وَبِاللَّسَانِ ... [54] ... يُتْلَى , كَمَا يُسْمَعُ بالآذَانِ,
كَذَا بِالأَبْصَارِ إِلَيْهِ يُنْظَرُ , ... [55] ... وَبِالأيَادِي خَطُّهُ يُسَطَّرُ,
وَكُلُّ ذِي مَخلُوقَة حَقِيقَهْ ... [56] ... دُونَ كَلامِ بَارِيءِ الْخَلِيقَه
جَلَّتْ صِفَاتُ رَبِّنَا الرَّحْمنِ ... [57] ... عَنْ وَصْفِهَا بِالْخَلْقِ وَالْحَدثَانِ
فَالصوْتُ والأَلْحَانُ صَوتُ الْقَارِي ... [58] ... لكنَّمَا الْمَتلُوُّ قَوْلُ الْبَارِي
مَا قَاَلهُ لاَ يَقبَلُ التَّبْدِيلاَ ... [59] ... كَلاَّ وَلاَ أصْدَقُ مِنهُ قِيلا
وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ عَن خَيْرِ المَلاَ ... [60] ... بِأنَّهُ عّزَّ وَجَلَّ وَعَلا
في ثُلُثِ اللِّيْلِ الأخِيرِ يَنْزِلُ ... [61] ... يَقُولُ: هَلْ مِن تَائِب فَيُقبِِلُ؟
هَلْ مَنْ مُسِيءٍ طالِبٍ للْمَغْفِرَهْ؟ ... [62] ... يَجِدْ كَرِيماً قَابِلاً لِلْمَعْذِرَهْ
يَمُنُّ بِالْخَيْرَاتِ وَالْفَضَائِلْ ... [63] ... وَيَسْتُرُ العَيْبَ ويُعْطِي السَّائِلْ
وَأنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الفَصْل ... [64] ... كَمَا يَشَاءُ لِلْقَضاءِ الْعَدْلِ
وأنَّهُ يرَى بِلاَ إنْكَارِ ... [65] ... في جَنَّةِ الفِرْدَوْسٍ بِالأبصَارِ
كلٌّ يَرَاهُ رُؤيَةَ العِيَانِ ... [66] ... كَمَا أتَى في مُحْكَمِ القُرآنِ
وَفي حَديثِ سَيِّدِ الأنَامِ ... [67] ... مِنْ غَيْرِ مَا شَكٍّ وَلا إِبْهَامِ
رُؤْيَةَ حَقٍّ لَيْسَ يَمْتَرُونَهَا ... [68] ... كَالشَّمْسِ صَحْواً لاَ سَحَابَ دُونَهَا
وَخُصَّ بالرُّؤيَةِأوْلِياؤُهُ ... [69] ... فَضِيلَة وَحُجِبُوا أَعْدَاؤُهُ
وَكلُّ مَا لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ ... [70] ... أثْبَتَهَا في مُحْكَمِ الآيَاتِ
أوْ صَحَّ فيمَا قَالَهُ الرَّسُولُ ... [71] ... فَحَقُّهُ التَّسلِيمُ وَالقَبُولُ
نمِرُّهَا صَرِيحَةً كَمَا أتَتْ ... [72] ... مَعَ اعْتِقَادِنَا لمَا لَهُ اقْتَضَتْ
مِنْ غَيْرِ تَحْرِيف وَلاَ تَعْطِيلِ ... [73] ... وغَيْرِ َتكْيِيف وَلاَ تَمْثيلِ
بَلْ قَوْلُنَا قَوْل أئمةِ الهدَى ... [74] ... طُوبَى لِمَنْ بهَدْيِهِِمْ قَد اهْتدَى
وَسَمِّ ذَا النَّوْعِ مِنَ التَّوحِيد ... [75] ... تَوْحِيدَ إثْبَاتٍ بِلا تَرْدِيدِ
قَدْ أفْصَحَ الوَحيُ المُبين عَنْهُ ... [76] ... فَاْلتَمِسِ الْهُدَى الْمُنِيَر منهُ
لاَ تَتَّبِعْ أقوَالَ كلِّ مَارِدِ ... [77] ... غَاوٍ مُضِلٍّ مَارِق مُعانِدِ
فَلَيْسَ بَعْدَ رَدِّ ذَا التِّبْيَانِ ... [78] ... مِثْقَالُ ذَرَّة مِنَ الإيمَان

فصل في بيان النوع الثاني من أنواع التوحيد وهو توحيد الطلب والقصد
وأنه هو معنى لاإله إلا الله

هذا وَثَانِي نَوعَي التوْحِيدِ ... [79] ... إفْرادُ رَبِّ الْعرْشِ عنْ نَديدِ
أنْ تَعْبُدَ الله إلهاً وَاحِدَا ... [80] ... مُعْتَرِفاً بِحَقِّهِ لاَ جَاحِدَا
وَهوَ الَّذي به الإله أرْسَلا ... [81] ... رُسْلَهُ يَدْعُونَ إلَيْهِ أولا
وأنْزَلَ الْكِتَابَ و التِّبْيَانَاً ... [82] ... مِن أجْلِهِ وَفَرَقَ الْفُرْقَانَا
وكَلفَ الله الرَّسُولَ الْمُجْتَبَى ... [83] ... قِتَالَ مَن عَنْهُ تَوَلَّى وَ أبَى
حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ خَالِصا له ... [84] ... سِرّاً وَجَهْرَاً دِقَّه وَجِلَّهُ
وَ هَكَذَا أمَّتُهُ قَدْ كُلِّفُوا ... [85] ... بذَا وَفي نصِّ الْكِتَابِ وُصِفُوا
وَقَدْ حَوَتْهُ لَفْظَةُ الشَّهَادَهْ ... [86] ... فَهِيَ سَبِيلُ الْفَوْزِ وَالسَّعَادَهْ
مَن قَالَهَا مُعْتَقِداً مَعْنَاها ... [87] ... وَكَانَ عَامِلاً بِمُقْتَضَاهَا
في القَوْلِ والفِعْلِ ومَاتَ مُؤمِناً ... [88] ... يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشرِ نَاجٍ آمِنَا
فَإِن مَعْنَاهَا الَّذِي عَلَيْهِ ... [89] ... دَلتْ يَقِينا وَهَدَتْ إِلَيْهِ
أن لَيْسَ بِالْحَقِّ إِلهٌ يُعْبَدُ ... [90] ... إلاَّ الإلهُ الوَاحِدُ المُنْفَرِدُ
بِالْخَلقِ وَالرِّزْقِ وَبالتَّدْبِيرِ ... [91] ... جَلَّ عَنِ الشَّريِكِ وَالنَّظِيرِ
وَبِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ قَدْ قُيِّدَتْ ... [92] ... وَفي نُصُوصِ الوَحْيِ حَقاً وَرَدَتْ
فَإنَّهُ لَمْ يَنتَفِعْ قَائِلُهَا ... [93] ... بِالنُّطْقِ إلاَّ حَيْثُ يَسْتَكْمِلُهَا
الْعِلمُ وَالْيَقِينُ وَالقَبُولُ ... [94] ... وَالانْقِيَادُ فَادْرِ مَا أقُولُ
وَالصِّدْقُ وَالإِخْلاَص وَالْمَحَبَّه ... [95] ... وَفَّقَكَ الله لِمَا أحَبَّه

فصل في تعريف العبادة , وذكر بعض أنواعها , و أن من
صرف منها شيئا لغير الله فقد أشرك

ثُمَّ الْعِبَادَةُ هيَ اسْمٌ جَامِعُ ... [96] ... لِكُلِّ مَا يَرضَى الإلهُ السَّامِع
وَفِي الْحَدِيثِ مُخُّهَا الدُعَاءُ ... [97] ... خَوْفٌ تَوَكُّلٌ كَذَا الرَّجَاءُ
وَرَغْبَةوَرَهْبَةٌ خشوعُ ... [98] ... وَخَشيَةٌ إنَابَة خضُوع
وَالاسْتِعَاذَةُ والاسْتِعَانَهْ ... [99] ... كَذَا اسْتِغَاثةٌ بهِ سُبْحَانَهْ
وَالذَّبْحُ وَالنَّذْرُ وَغَيْرُ ذَلِك ... [100] ... فَافْهَمْ هُدِيْتَ أوْضَحَ الْمَسَالِك
وَصَرْفُ بَعْضِهَا لغَيْرِ الله ... [101] ... شِرْكٌ وَذَاكَ أقْبَحُ الْمَنَاهِي

فصل في بيان ضد التوحيد وهو الشرك ,
وأنه ينقسم إلى قسمين: أصغر وأكبر, وبيان كل منهما

وَالشِّرْكُ نَوْعَانِ: فَشِرْكٌ أَكْبَرُ ... [102] ... بهِ خُلودُ النَّارِ إذْ لاَ يُغْفَرُ
وَهُوَ اتِّخَاذُ الْعَبْدِ غَيْرَ اللهِ ... [103] ... نِدّاً بهِ مُسَوِّياً مُضَاهِي
يَقْصُدُهُ عِنْدَ نَزَولِ الضُّرِّ ... [104] ... لِجَلْبِ خَيْرٍ أوْ لِدَفْعِ الشرِّ
أوْ عِنْدَ أيِّ غَرَضٍ لاَ يَقدِرُ ... [105] ... عَلَيْهِ إلاَّ الْمَالِكُ الْمُقتَدِرُ
مَعْ جَعْلِهِ لِذَلِكَ الْمَدَعُوِّ ... [106] ... أوِ المُعَظَّمِ أوِ المرْجُوِّ
في الْغَيْبِ سُلْطَاناً بهِ يَطَّلعُ ... [107] ... عَلَى ضَمِيرِ مَنْ إلَيْهِ يَفْزَعُ
وَالثَّانِ شِركٌ أصْغَرُ وَهُوَ الرِّيَا ... [108] ... فَسَّرَهُ بِهِ خِتَامُ الأنْبِيَا
وَمِنهُ إقسَامٌ بِغَيْرِ البَاري ... [109] ... كَمَا أتَى في مُحْكَمِ الأخْبَارِ

فصل في بيان أمور يفعلها العامة
منها ما هو شرك ومنها ما هو قريب منه ,
وبيان حكم الرقى و التمائم

وَمَنْ يَثِقْ بوَدْعَةٍ أوْ نَابِ ... [110] ... أوْ حَلْقَةٍ أوْ أعْيُنِ الذِّئَابِ
أوْ خيْط أوْ عُضْوٍ منَ النُّسُورِ ... [111] ... أوْ وَتَرٍ أو ترْبَةِ القُبُورِ
لأيِّ أمْرٍ كائِنٍ تَعَلّقَهْ ... [112] ... وَكَلَهُ الله إلى ما عَلَّقَهْ
ثُم الرُّقَى منْ حُمَةٍ أوْ عَيْنٍ ... [113] ... فَإنْ تكُنْ مِنْ خَالِصِ الوَحْيَيْنِ
فَذَاكَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ وشِرْعَتِهِ ... [114] ... وَذَاكَ لاَ اخْتِلافَ في سُنِّيَتِهِ
أمَّا الرُّقَى الْمَجْهُولَةُ الْمَعانِي ... [115] ... فَذَاكَ وِسْوَاسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
وَفِيهِ قَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ أنَّه ... [116] ... شِرْكٌ بِلا مِرْيَةٍ فَاحْذَرْنَّهْ
إذْ كُلُّ مَنْ يَقولُهُ لا يَدْرِي ... [117] ... لَعَلهُ يَكُونُ مَحْضَ الكُفْرِ
أوْ هُو مِنْ سحْرِ الْيَهُودِ مُقْتَبَسْ ... [118] ... عَلَى العَوامِ لبَّسُوهُ فَالْتَبَسْ
فَحذراً ثم حَذَارِ مِنْهُ ... [119] ... لا تَعْرِف الْحَقَّ وَتَنْأى عَنْهُ
وفي التَّمَائِمِ الْمُعَلَّقَاتِ ... [120] ... إن تَكُ آياتٍ مُبَيِّناتِ
فَالاخْتِلاَفُ وَاقِعٌ بَيْنَ السَّلَفْ ... [121] ... فَبَعْضُهُمْ أجَازَها والْبَعْضُ كَفْ
وإنْ تَكُنْ مِمَّا سوَى الوَحْيَيْنِ ... [122] ... فإنَّهَا شِرْكٌ بِغَيْرِ مَيْنِ
بَلْ إنَّهَا قَسيْمَةُ الأزْلاَمِ ... [123] ... في الْبُعدِ عَن سِيمَا أُولي الإِسْلاَمِ

فصل من الشرك: فعل من يتبرك بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر أو نحوها
يتخذ ذلك المكان عيدا ,
وبيان أن الزيارة تنقسم إلى: (سنية وبدعية وشركية)
هَذَا ومِنْ أعْمَالِ أهْلِ الشِّرْكِ ... [124] ... مِنْ غَيْرِ مَا تَرَدُّدٍ أوْ شَكِّ
مَا يَقْصُدُ الجُهَّالُ مِنْ تَعْظِيمِ مَا ... [125] ... لَمْ يَأذَنِ الله بِأنْ يَعَظَّمَا
كَمَنْ يَلُذْ بِبقعَةٍ أوْ حَجَرِ ... [126] ... أوْ قَبْرِ مَيْت أوْ بِبَعْض الشَّجَرِ
مُتَّخِذَاً لِذَلِكَ المَكَانِ ... [127] ... عِيداً كَفِعْلِ عَابِدِي الأوْثَانِ
ثُمَّ الزِّيارَةُ عَلَى أقْسَامٍ ... [128] ... ثَلاثَةٍ يَا أُمَّةَ الإسْلامِ
فإنْ نَوَى الزَّائِرُ فيمَا أضمَرَه ... [129] ... في نَفْسِهِ تَذْكِرَةً بالآخِرَهْ
ثُمَّ الدُّعَا لَهُ ولِلأَمْوَاتِ ... [130] ... بِالعَفْوِ والصفْحِ عَنِ الزَّلاَّتِ
وَلَمْ يَكُنْ شَدَّ الرِّحَالِ نَحْوَها ... [131] ... وَلَمْ يقُلْ هَجْراً كَقَوْلِ السُّفَهَا
فَتِلْكَ سُنَّةٌ أتَتْ صَرِيحَهْ ... [132] ... في السُّنَنِ المُثْبَتَة الصَّحِيحَهْ
أوْ قَصَدَ الدُّعَاءَ وَالتَّوَسّلاَ ... [133] ... بِهِمْ إلى الرَّحْمَنِ جَلَّ وَعَلاَ
فَبِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ ضَلاَله ... [134] ... بَعيْدَةٌ عَنْ هَدْيِ ذِي الرِّسَالَهْ
وإنْ دَعا الْمَقبُورُ نَفْسَهُ فَقَدْ ... [135] ... أشْرَكَ بِالله الْعَظِيْمِ وَجَحَدْ
لَنْ يَقْبَلَ الله تَعَالى مِنْهُ ... [136] ... صَرْفاً وَلا عَدْلاً فَيَعْفُوا عَنْهُ
إذْ كُلُّ ذَنْبٍ مُوشكُ الغُفْرَانِ ... [137] ... إلاَّ اتِّخَاذ النِّدِّ للرحْمنِ

فصل في بيان ما وقع فيه العامة اليوم مما يفعلونه عند القبور
وما يرتكبونه من الشرك الصريح والغلو المفرط في الأموات
ومَنْ عَلَى القَبْرِ سِراجاً أوقَدَا ... [138] ... أوِ ابْتَنى عَلَى الضَّرِيحِ مَسْجِداً
فإنّه مُجَدِّدٌ جِهَارا ... [139] ... لِسُنَنِ الْيَهُودِ والنصَارَى
كَمْ حَذَّرَ الْمُخْتَارُ عَنْ ذَا وَلَعَنْ ... [140] ... فَاعِلهُ كَمَا رَوَى أهْلُ السُّنَنْ
بلْ قَدْ نَهَى عَن ارْتِفَاعِ الْقَبْرِ ... [141] ... وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ فَوْقَ الشِّبْر
وَكلُّ قَبْرٍ مُشرِفٍ فَقَدْ أمَرْ ... [142] ... بِأَنْ يُسَوَّى هَكَذَا صَحَّ الْخَبَرْ
وحذرَ الأُمَّةَ عَنْ إطْرَائِهِ ... [143] ... فَغَرَّهُمْ إبْلِيسُ باسْتِجْرائِهِ
فَخَالَفوهُ جَهْرَةً وارْتَكَبُوا ... [144] ... ما قدْ نَهَى عَنْهُ ولَمْ يَجْتَنِبُوا
فَانْظُرْ إليْهِمْ قَدْ غَلوْا وَزَادُوا ... [145] ... وَرَفَعُوا بنَاءََهَا وَشَادُوا
بالشِّيدِ والآجُرِّ وَالأحْجَارِ ... [146] ... لا سيَّمَا في هَذِه الأعْصَارِ
وَلِلْقَنَادِيلِ عَلَيْهَا أوْقَدُوا ... [147] ... وَكَمْ لِوَاءٍ فَوْقَهَا قَدْ عَقَدُوا
وَنَصَبُوا الأعْلاَمَ وَالرَّايَات ... [148] ... وَافْتَتَنُوا بِالأعْظمِ الرُّفَاتِ
بَلْ نَحَروا في سَواحِهَا النَّحَائِرْ ... [149] ... فِعْلَ أُولي التَّسْيِيبِ و الْبَحَائِر
والْتَمَسُوا الْحَاجَاتِ مِنْ مَوْتَاهُم ... [150] ... وَاتَّخَذُوا إلَهَهُمْ هَوَاهُمْ
قَدْ صَادَهُمْ إبْليِسُ في فِخَاخه ... [151] ... بَلْ بَعْضُهُمْ قَدْ صَارَ منْ أفْرَاخِه
يَدْعوا إلى عِبَادَةِ الأوْثَانِ ... [152] ... بِالْمَالِ والنَّفْسِ وبِاللِّسَانِ
فَلَيْتَ شِعْري مَنْ أبَاحَ ذَلِكْ ... [153] ... وَأوْرَطَ الأُمَّةَ في المَهَالِكْ
فَيَا شَدِيدَ الطُّولِ والإِنْعَامِ ... [154] ... إلَيْكَ نَشْكُوا مِحْنَةَ الإسْلاَمِ
فصل في بيان حقيقة السحر , وحد الساحر ,
و أن منه علم التنجيم , وذكر عقوبة من صدق كاهنا

وَالسحْرُ حَقٌّ وَلَهُ تَأْثِيرُ ... [155] ... لكِنْ بِما قَدَّرَهُ الْقَدِير
أعْنِي بِذَا التَّقْدِيرِ مَا قَدْ قَدَّرَه ... [156] ... في الْكَوْنِ لا في الشِّرعَةِ الْمُطَهَّرَهْ
واحْكُمْ عَلَى السَّاحِرِ بِالتكْفِيرِ ... [157] ... وَحَدُّهُ القَتْلُ بِلا نَكِيرِ
كَمَا أتَى في السُّنَّةِ المُصَرَّحَةْ ... [158] ... مِمَّا رَوَاهُ التِّرْمِذِي وَصَحَّحَهْ
عَنْ جُنْدُبٍ وَهَكَذَا في أثَر ... [159] ... أمرٌ بِقَتْلِهِمْ رُوِي عَنْ عُمَر
وَصَحَّ عَنْ حَفْصَةََ عِندَ مَالِكِ ... [160] ... مَا فِيهِ أقْوَى مُرْشِدٍ للسالِكِ
هَذَا وَمِنْ أنْوَاعِهِ وَشُعَبِه ... [161] ... عِلْمُ النُّجُومِ فَادْرِ هَذَا وَانْتَبِهْ
وَحِلُّهُ بِالْوَحْي نَصّاً يُشْرَعُ ... [162] ... أمَّا بِسحْرٍ مِثْله فَيُمْنَعُ
وَمَنْ يُصَدِّقْ كَاهناً فَقَدْ كَفَرْ ... [163] ... بِمَا أتَى بِهِ الرَّسُولُ المُعْتَبَرْ

فصل يجمع معنى حديث جبريل المشهور في تعليمنا الدين ,
و أنه ينقسم إلى ثلاث مراتب: الإسلام, والإيمان, والإحسان,
و بيان أركان كل منها

إعْلَمْ بِأَنَّ الدينَ قوْلٌ وعَمَلْ ... [164] ... فَاحْفَظْهُ وَافْهَمْ مَا عَلَيْهِ ذَا اشْتَمَلْ
كَفَاكَ مَا قَدْ قَالَهُ الرَّسُولُ ... [165] ... إذْ جَاءَهُ يَسْأَلُهُ جِبْرِيلُ
عَلَى مَرَاتِبٍ ثَلاَثٍ فَصَّلَهْ ... [166] ... جَاءَتْ عَلَى جَمِيعِه مُشتَمِلَهْ
الإسْلاَمُ والإيمَانُ والإحْسَانِ ... [167] ... والكُلُّ مَبْنِيٌّ عَلَى أرْكَانِ
فَقَدْ أتَى:الإسْلاَمُ مَبْنِيٌّ عَلَى ... [168] ... خَمْسٍ، فَحَقِّقْ وَادْرِ مَا قَدْ نُقِلا
أوَّلُهَا الرُّكْنُ الأسَاسُ الأعْظَمُ ... [169] ... وَهُوَ الصِّراطُ المُسْتَقِيمُ الأقوَمُ
رُكن الشَّهَادَتَيْنِ فَاثْبُتْ وَاعْتَصِمْ ... [170] ... بالْعُرْوة الْوُثْقَى الَّتي لا تَنْفَصِمْ
وثَانِياً إقَامَةُ الصَّلاَةِ ... [171] ... وَثَالِثاً تَأْدِيَةُ الزَّكَاةِ
وَالرَّابِعُ الصِّيَامُ فَاسْمَعْ وَاتَّبعْ ... [172] ... وَالْخَامِسُ الحَجُّ عَلَى مَنْ يَسْتَطعْ
فَتِلْكَ خَمْسَةٌ. وللإيمَانِ ... [173] ... سِتَّةُ أرْكَانٍ بِلاَ نُكْرَانِ
إيمَانُنَا بِالله ذِي الْجَلاَل ... [174] ... وَمَا لَهُ مِنْ صِفَةِ الْكَمَال
وَبالْمَلائِكةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَه ... [175] ... وَكُتْبهِ الْمُنْزَلَةِ الْمُطَهَّرَهْ
ورُسْلِهِ الهُدَاةِ لِلأَنَامِ ... [176] ... مِن غَيْرِ تَفْرِيقٍ ولا إيهَامِ
أوَّلُهُمْ نُوحٌ بِلا شِكٍّ كَمَا ... [177] ... أنَّ مُحَمَّداً لَهُمْ قَدْ خَتَمَا
وَخَمْسَةٌ مِنْهُمْ أُوُلُو الْعَزْمِ الأُلَى ... [178] ... في سُورَةِ الأحْزَاب والشُّورَى تَلا
وَبالْمَعَادِ أيْقَنَ بلاَ تَرَدُّدِ ... [179] ... ولا ادّعَا عِلْمٍ بِوَقْتِ الْمَوْعِدِ
لكِنَّنَا نُؤْمِنْ مِنْ غَيْرِ امْتِرَا ... [180] ... بِكُلِّ مَا قَدْ صَحَّ عَنْ خَيْرِ الْوَرَى
مِنْ ذِكْرِ آيَاتٍ تَكُونُ قَبْلَهَا ... [181] ... وَهِي عَلامَاتٌ وَأشْرَاطٌ لَها
وَيَدْخُلُ الإيمَانُ باِلْمَوْتِ وَمَا ... [182] ... مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْعِبَادِ حُتِمَا
وَأَنَّ كُلاٍّ مُقْعَدٌ مَسْؤُولُ : ... [183] ... مَا الرَّبُّ مَا الدِّينُ وَمَا الرَّسُولُ؟
َعِنْدَ ذَا يُثَبِّتُ الْمُهَيْمِنُ ... [184] ... بِثَابِتِ الْقَولِ الَّذينَ آمَنُوا
وَيُوقِنُ الْمُرْتَابُ عِنْدَ ذَلِك ... [185] ... بِأنَّ مَا مَوْرِدُهُ الْمَهَالِك
وَبِاللِّقَا والْبَعْثُ والنُّشُورِ ... [186] ... وَبِقِيَامِنَا مِنَ القُبُورِ
غُرْلاً حُفَاةً كَجَرادٍ مُنْتَشِرْ ... [187] ... يَقُولُ ذُو الكُفْرَانِ: ذَا يَوْمٌ عَسِرْ
وَيُجْمَعُ الْخَلْقُ لِيَوْمِ الْفَصْلِ ... [188] ... جَمِيعُهُمْ عُلْوِيُّهُمْ والسُّفْلِي
في مَوْقِف يَجِلُّ فِيهِ الْخَطْبُ ... [189] ... وَيَعْظُمُ الْهَوْلُ بِهِ والْكَرْبُ
وأُحْضِرُوا للْعَرْضِ والْحِسَابِ ... [190] ... وَانْقَطَعَتْ عَلائِقُ الأَنْسَابِ
وارْتَكَمَتْ سَجَائِبُ الأهْوَالِ ... [191] ... وانْعَجَمَ الْبَلِيغُ في الْمَقَالِ
وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْقَيُّومِ ... [192] ... وَاقْتصَّ مِنْ ذِي الظُّلْمِ لِلْمَظْلُومِ
وَسَاوَت الْمُلُوكِ لِلأَجْنَادِ ... [193] ... وَجِيءَ بِالكِتَابِ والأَشْهَادِ
وَشَهِدَت الأَعْضَاءُ وَالْجَوَارِحُ ... [194] ... وَبَدَتِ السَّوْءَاتُ والْفَضَائِحُ
وَابْتُلِيَتْ هُنَالِكَ السَّرَائِرْ ... [195] ... وانكَشَفَ الْمَخْفِيُّ في الضَّمَائِرْ
ونُشِرَتْ صَحَائِفُ الأَعْمَالِ ... [196] ... تُؤْخَذُ باليَمِينِ والشِّمَالِ
طُوْبَى لِمَنْ يَأْخُذُ بِالْيمِينِ ... [197] ... كِتَابَهُ بشرَى بِحُورٍ عِينِ
وَالْوَيْلُ لِلآخِذِ بالشِّمَالِ ... [198] ... وَرَاءَ ظهْرٍ لِلْجَحِيمِ صَالِي
وَالْوَزْنُ بِالقِسْطِ فَلاَ ظُلْمَ وَلا ... [199] ... يُؤْخَذُ عَبْدٌ بِسِوَى مَا عَمِلاَ
فَبَيْنَ نَاجٍ رَاجِح مِيْزَانُهُ ... [200] ... وَمُقْرفٍ أوْبَقَهُ عُدْوَانُهُ
وَيَنْصِبُ الْجِسْرُ بِلاَ امْتِرَاءِ ... [201] ... كَمَا أتَى في مُحْكَمِ الأنْبَاءِ
يَجُوزُهُ النَّاسُ عَلَى أحْوَالِ ... [202] ... بِقَدْرِ كَسْبِهِمْ مِنْ الأعْمَالِ
فَبَيْنَ مُجْتَازٍ إلى الجِنَانِ ... [203] ... وَمُسْرِفٍ يُكَبُّ في النيرَانِ
والنَّارُ والْجَنَّةُ حَقٌ وَهُمَا ... [204] ... مَوْجُودَتَانِ لا فَنَاء لَهُمَا
وَحَوْضُ خَيْرِ الْخَلْقِ حَقٌّ وبِهِ ... [205] ... يَشْرَبُ في الأُخْرَى جَمِيعُ حِزْبه
كَذَا لَه لِوَاءُ حَمْد يُنْشَرُ ... [206] ... وَتَحْتَهُ الرُّسْلُ جَمِيعَاً تُحْشَرُ
كَذَا لَهُ الشَّفَاعَةُ العُظْمَى كَمَا ... [207] ... قَدْ خصَّهُ الله بِهَا تَكَرُّمَا
مِنْ بَعْد إذن الله لا كَمَا يَرَى ... [208] ... كُلُّ قُبُوريٍّ عَلَى الله افْتَرَى
يَشْفَعُ أوَّلاً إلى الرَّحْمَنِ في ... [209] ... فَصْل القَضَاءِ بَيْنَ أهْل الْمَوْقِفِ
مِن بَعْدِ أنْ يِطْلُبهَا النَّاسُ إلى ... [210] ... كُلِّ أُولِي العَزْمِ الهُدَاةِ الفُضَلا
وثَانِياً يَشْفَعُ في اسْتِفْتَاحِ ... [211] ... دَارِ النَّعِيمِ لأُوليِ الْفَلاحِ
هذَا وَهَاتَانِ الشَّفَاعَتَان ... [212] ... قَدْ خصَّتَا بِهِ بِلا نُكرَان
وثَالِثاً يَشْفَعُ في أقْوَام ... [213] ... مَاتُوا عَلَى دينِ الهُدَى الإسْلامِ
وأوْبَقَتْهُمْ كَثْرَةُ الآثَامِ ... [214] ... فَأُدْخِلُوا النَّارَ بِذَا الإجْرَامِ
أنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا إلى الْجِنَانِ ... [215] ... بِفَضلِ رَبِّ العَرْضِ ذِي الإحْسَانِ
وَبَعْدَهُ يَشْفَعُ كُلُّ مُرْسَل ... [216] ... وَكُلُّ عَبْد ذِي صَلاحٍ وَوَلي
وَيُخْرِجُ الله مِنَ النِّيْرَانِ ... [217] ... جَمِيعَ مَنْ مَاتَ عَلَى الإيمَانِ
في نَهْرِ الْحَيَاةِ يُطْرَحُونَا ... [218] ... فَحْمَاً فَيَحْيَوْنَ وَيَنْبِتُونَا
كَأنَّمَا يَنْبُتُ في هَيْئَاتِهِ ... [219] ... حَبُّ حَمِيل السّيْلِ في حَافَاتِهِ
والسَّادِسُ الإيمَانُ بِالأقْدَارِ ... [220] ... فَأيْقِنَنْ بِهَا ولا تُمَارِ
فَكُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءٍ وَقَدَرْ ... [221] ... والكُلُّ في أُمِّ الكِتَابِ مُسْتَطَرْ
لا نَوْءَ لا عَدْوَى ولا طِيَرَ وَلا ... [222] ... عَمَّا قَضَى الله تَعَالى حِوَلاَ
لاَ غَوْلَ لاَ هَامَةَ لاَ ولاصَفَرْ ... [223] ... كَمَا بذَا أخْبَرَ سَيِّدُ الْبَشَرْ
وثَالِثٌ مَرْتَبَةُ الإحْسَانِ ... [224] ... وَتِلكَ أعْلاَهَا لَدَى الرَّحْمَنِ
وَهُوَ رُسُوخُ الْقَلْبِ في الْعِرْفَانِ ... [225] ... حَتَّى يَكُونَ الْغَيْبُ كَالْعَيان

فصل في كون الإيمان يزيد بالطاعة , وينقص بالمعصية ,
وأن فاسق أهل الملة لايكفر بذنب دون الشرك إلا إذا استحله ,
وأنه تحت المشيئة, وأن التوبة مقبولة ما لم يغرغر

إيْمَاننَا يَزِيدُ بِالطَّاعَاتِ ... [226] ... وَنَقْصُهُ يَكُونُ بَالزلاَّتِ
وَأهْلُهُ فيهِ عَلَى تَفَاضُلِ ... [227] ... هَلْ أنْتَ كَالأمْلاكِ أوْ كَالرُّسُل
وَالْفَاسِقُ الْمَلِّيُّ ذُو الْعِصْيَانِ ... [228] ... لَمْ يُنْفَ عَنهُ مُطلَقُ الإيمَانِ
لَكنْ بقَدْر الْفِسْقِ والْمعَاصِي ... [229] ... إيْمَانهُ مَا زالَ في انْتِقَاصِ
ولاَ نَقُولُ إنَّهُ في النَّارِ ... [230] ... مُخَلَّدٌ، بَلْ أمْرُهُ للْبَارِي
تَحْتَ مَشِيئَةِ الإلهِ النَّافِذَهْ ... [231] ... إنْ شَا عَفَا عَنْهُ وإنْ شَا آخَذَهْ
بِقَدْرِ ذَنْبِهِ ، وإلى الجِنَانِ ... [232] ... يُخْرَجُ إنْ مَاتَ عَلَى الإيْمَانِ
والْعَرضُ تَيْسِيرُ الْحِسَابِ في النَّبَا ... [233] ... وَمَنْ يُنَاقَشِ الْحِسَابَ عُذِّبَا
ولا نُكَفِّرْ بِالْمَعَاصِي مُؤْمِنَاً ... [234] ... إلا مَعَ اسْتِحْلاَلِهِ لماَ جَنَى
وَتُقْبَلُ التَّوْبَة قَبْلَ الغَرْغَرَه ... [235] ... كَمَا أتَى في الشَّرْعَةِ الْمُطَهَّرَه
أمَّا مَتَى تُغلَقُ عَنْ طَالِبِهَا؟ ... [236] ... فَبطلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

فصل في معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, وتبليغه الرسالة,
وإكمال الله لنا به الدين,وأنه خاتم النبيين وسيد ولد آدم أجمعين,
وأن من ادعى النبوة بعده فهو كاذب

نَبُّينَا مُحَمَّدٌ مِنْ هَاشِمٍ ... [237] ... إلى الذَّبِيحِ دُونَ شَكِّ يَنْتَمِي
أرْسَلَهُ الله إليْنَا مُرْشِدَا ... [238] ... وَرَحْمَةً للعَالَمِينَ وَهُدَى
مَوْلِدُهُ بَمَكَّةَ الْمُطَهَّرَهْ ... [239] ... هجْرَتُهُ لطَيْبَةَ الْمُنَوَّرَهْ
بَعْدَ أرْبَعِينَ بَدَأَ الْوحيُ بِهِ ... [240] ... ثُمَّ دَعَا إلى سَبِيِلِ رَبِّهِ
عَشرَ سِنِينَ أيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا ... [241] ... رَبّاً تَعَالى شَأْنُهُ ووحِّدُوا
وَكَانَ قَبْلَ ذَاكَ في غَارِ حِرَا ... [242] ... يَخْلُو بِذِكْرِ رَبِّهِ عَنِ الوَرَى
وَبَعْدَ خَمْسِينَ مِنَ الأعْوَامِ ... [243] ... مَضَتْ لعُمْرِ سَيِّدِ الأنَامِ
أسْرَى بِهِ الله إليِهِ في الظُّلَمْ ... [244] ... وَفَرَضَ الخَمْسَ عَلَيْهِ وَحَتَمْ
وَبَعْدَ أعْوَامٍ ثَلاثَةٍ مَضَتْ ... [245] ... مِنْ بَعْدِ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ وانقَضَتْ
أُوذِنَ بِالْهِجْرَةِ نَحْوَ يَثْرِبَا ... [246] ... مَعَ كُلِّ مُسْلِمٍ لَهُ قَدْ صَحِبَا
وَبَعْدَهَا كُلِّفَ بِالقِتَالِ ... [247] ... لِشيعَة الْكُفْرَانِ والضَّلاَلِ
حتى أتَوْا للدِّينِ مُنْقَادِينَا ... [248] ... وَدَخَلُوا في السّلْمِ مُذْعِنِينَا
وَبَعْدَ أنْ قَدْ بَلَّغَ الرِسَالَهْ ... [249] ... وَاسْتَنقَذَ الْخَلْقَ مِنَ الْجَهَالَهْ
وأكْمَلَ الله بِهِ الإسْلاَمَا ... [250] ... وقَام دِينُ الْحَقِّ وَاسْتَقَامَا
قَبَضَهُ الله العَليُّ الأعْلَى ... [251] ... سُبْحَانَهُ إلى الرَّفِيقِ الأعْلَى
نَشْهَدُ بِالْحَقِّ بِلاَ ارْتِيَابِ ... [252] ... بِأنَّهُ الْمُرْسَلُ بِالِكِتَابِ
وأنَّهُ بَلَّغَ مَا قَدْ أُرْسِلاَ ... [253] ... بِهِ وَكُلُّ مَا إليْهِ أُنْزِلاَ
وكُلُّ مَنْ مِن بَعْدِهِ قَدِ ادَّعى ... [254] ... نُبُوَّةً فَكَاَذِبٌ فِيمَا ادَّعَى
فَهْوَ خِتَامُ الرُّسْل بِاتِّفَاقِ ... [255] ... وأفضَلُ الْخَلْقِ عَلى الإطلاَقِ

فصل فيمن هو أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ,
وذكر الصحابة بمحاسنهم ,والكف عن مساويهم وماشجر بينهم

وَبَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ الشَّفِيقُ ... [256] ... نِعْمَ نَقِيبُ الأُمَّةِ الصِّدِّيقُ
ذَاكَ رَفِيقُ المُصْطَفَى في الْغَارِ ... [257] ... شَيْخُ الْمُهاجرينَ والأنْصَارِ
وهُوَ الَّذِي بِنَفْسِهِ تَوَلَّى ... [258] ... جِهَادَ مَنْ عَنِ الْهُدَى تَولَّى
ثَاِنيه في الفَضْلِ بِلاَ ارْتياب ... [259] ... الصَّادِعُ النَّاطِقُ بِالصَّوَابِ
أعني بِهِ الشَّهْمَ أبَا حَفْص عُمَرْ ... [260] ... مَنْ ظَاهَرَ الدِّينَ الْقَويمَ ونصَرْ
الصَارِمُ الْمنكِي عَلَى الكُفَّار ... [261] ... وَمُوسِعُ الْفُتُوحَ في الأمْصَارِ
ثَالِثُهُمْ عُثمانُ ذُو النُّورَيْنِ ... [262] ... ذو الْحِلمِ والْحَيَا بِغَيْرِ مَيْنِ
بَحْرُ الْعلُومِ جَامِعُ الْقُرْآنِ ... [263] ... مِنْهُ اسْتَحَتْ مَلائِكُ الرَّحْمَنِ
بَايَعَ عَنْهُ سَيِّدُ الأَكوَانِ ... [264] ... بِكَفِّهِ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ
والرَّابِعُ ابْنُ عَمِّ خَيْرِ الرُّسُلِ ... [265] ... أعْنِي الإماَمَ الْحَقَّ ذا الْقَدْرِ الْعَلي
مُبِيدُ كُلِّ خَارِجيٍّ مَاِرقِ ... [266] ... وَكُلِّ خِبٍّ رافِضِي فَاسِقِ
مَن كَانَ للرَّسُولِ في مَكَانِ ... [267] ... هَارُونَ مِنْ مُوسَى بِلاَ نُكْرَان
لاَ في نُبوَّةٍ فَقَدْ قَدمْتَ مَا ... [268] ... يَكْفَي لِمَنْ مِنْ سُوْءِ ظَنٍّ سَلِمَا
فَالسِّتةُ الْمَكَمِّلُونَ الْعَشرَهْ ... [269] ... وَسَائِرُ الصَّحْبِ الكِرَامِ الْبَرَرَهْ
وأهْلُ بَيْتِ الْمُصْطَفَى الأطْهَاِر ... [270] ... وَتَابِعُوهُ السَّادَةُ الأَخيَار
فَكُلُّهُمْ في مُحْكَمِ القُرْآنِ ... [271] ... أَثنَى عَلَيْهمْ خَالِقُ الأكْوَانِ
في الفْتَحِ والْحَدِيدِ والْقِتَالِ ... [272] ... وَغَيْرَهَا بِأكْمَلِ الْخِصَالِ
كَذَاكَ في التَّوْرَاةِ والإنْجِيلِ ... [273] ... صِفَاتُهُمْ معلومةُ التفصيل
وذكرُهم في سنَّة المختارِ ... [274] ... قَدْ سَارَ سَيْرَ الشَّمس في الأقْطَارِ
ثم السُّكُوتُ واجِبٌ عَما جَرَى ... [275] ... بَيْنَهُمْ مِنْ فِعْلِ مَا قَدْ قُدِّرَا
فَكُلُّهُمْ مُجْتَهِدٌ مُثَابُ ... [276] ... وَخَطَؤُهُمْ يَغْفِرُهُ الوَهَّابُ

خاتمة في وجوب التمسك بالكتاب و السنة , و الرجوع عند
الاختلاف إليهما , فما خالفهما فهو رد

شَرْط قُبُولِ السَّعْي أنْ يَجْتَمِعَا ... [277] ... فِيهِ إصَابَةٌ وإخْلاَصٌ مَعَا
لله رَبَّ العَرْشِ لا سِوَاهُ ... [278] ... مُوَافِقَ الشَّرْعَ الَّذِي ارْتَضَاهُ
وَكُلُّ مَا خَالَفَ لِلوَحْيَيْنَ ... [279] ... فَإنَّهُ رَدٌّ بِغَيْرِ مَيْنِ
وكُلُّ مَا فِيهِ الخِلاَفُ نَصَبَا ... [280] ... فَرَدُّهُ إليْهِمَا قَدْ وَجَبَا
فَالدِّينُ إنَّمَا أتَى بِالنَّقْلِ ... [281] ... ليْسَ بِالأوْهَامِ وَحَدْسِ الْعَقْل
ثُمَّ إلى هُنَا قَدْ انْتَهَيْتُ ... [282] ... وَتَمَّ مَا بِجَمْعِهِ عُنِيتُ
سَمَّيْتُهُ بِسُلمِ الوُصُولِ ... [283] ... إلى سَمَا مَبَاحِثِ الأصُوُلِ
والْحَمْدُ لله عَلَى انتِهَائِي ... [284] ... كَمَا حَمِدْتُ الله في ابْتِدَائي
أسْأَلُهُ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ ... [285] ... جَمِيعِهَا وَالسِّتْرَ لِلعُيُوبِ
ثُمَّ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أبَدَا ... [286] ... تَغْشَى الرَّسُولَ الْمُصْطَفَى مُحَمَّداً
ثُمَّ جَمِيع صَحْبِهِ والآلِ ... [287] ... السَّادَةِ الأئِمَّةِ الأبْدَالِ
تَدُومُ سَرمَدَا بِلا نَفَادِ ... [288] ... مَا جَرَتْ الأقْلاَمُ بِالْمِدَادِ
ثُمَّ الدُّعَا وَصيَّةُ القُرَّاءِ ... [289] ... جَمِيعهمْ مِنْ غَيْرِ مَا اسْتثْنَاءِ
أبْيَاتُهَا (يُسْر) بِعَدِّ الْجُمَلِ ... [290] ... تَأْرِيخُهَا(الْغفْرَانُ) فَافْهَمْ وَادْعُ لي

وللفائدة فيوجد شرح لنفس الناظم لهذه المنظومة واسم الشرح
(( معارج القبول, شرح سلم الوصول ))
والحمد لله رب العالمين

12d8c7a34f47c2e9d3==