المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إصلاح التعليم/للعلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله


كيف حالك ؟

قاسم علي
09-20-2010, 01:32 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


أن العلم هو الأساس الذي يستقيم عليه البنيان ، وبه الصلاح والفساد والكمال والنقصان ، فليكن تأسيسكم على علوم نافعة صحيحة ، ومعارف قوية صادقة رجيحة ، فالعلوم النافعة كلها تنقسم إلى مقاصد ووسائل ، فالمقاصد هي الأصول المصلحة للعقائد والأخلاق لمضائل ، وهي العلوم الدينية التي بينها الرسول وحث عليها ، وهي التي لا تنفع العلوم كلها إلا إذا أسست أو بنيت عليها ، فوجهوا- رحمكم الله- وجوهكم ووجوه المتعلمين إلى علوم الدين ، واغرسوا هذا الغراس الجميل الباقي في أذهان الناشئين ، فبذلك تصلح الأحوال ، وتزكو الأعمال ، وبذلك يتم النجاح في الحال والمآل ، وبذلك تصلح العقائد والأخلاق ، وبه يسير التعليم إلى كل خير وينساق ، ولا يتم ذلك إلا بتخير الأساتذة الفضلاء الناصحين ، وملاحظتهم التامة لأخلاق المتعلمين ، وأن يعلق النجاح والشهادات الراقية لمن جمع بين العلم والدين ، فإن العلم الخالي من الدين لا يزكي صاحبه ، وإنما هو صنعة من الصناعات ، ولابد أن يهبط بأصحابه إلى أسفل الدركات ، أما رأيتم حالة المدارس المنحرفة حين أهمل

فيها تعليم الدين ، كيف انساق أهلها إلى الشر والإلحاد؟ وكيف كان الكبر ملأ قلوب أهلها ، وأعرضوا عن رب العباد ، فالعلوم العصرية إذا لم تبن على الدين شرها طويل ، وإذا بنيت على الدين أينعت بكل ثمرة جميلة وعمل جليل ، لقد افترى من زعم أن العلوم تقوم بغير الدين ، ولقد خاب من توسل بعلوم المادة المحضة وخسر الخسران المبين ، أما ترون الماديين كيف انحلت منهم الأخلاق الجميلة؟ وحصلوا على كل خصلة رذيلة ، أما ترونهم يسعون خلف أغراض النفوس وخسيس الشهوات؟! أما تشاهدون أحوالهم فوضى قد مرجت فيهم المعنويات والصفات ؟! أما ترونهم حين عرفوا شيئا من علوم الطبيعة أعجبوا بأنفسهم فهم مستكبرون ! وحين جاءتهم علوم الرسل احتقروها وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون . فنعوذ بالله من علم لا ينفع ، ونفس لا تشبع ، ودعاء لا يجاب ويشفع ، قال تعالى: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ } الآية ، { وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ } ، لقد أرشدنا ربنا إلى الطريقة المثلى في تعليم المتعلمين ، وأن نسلك أقرب طريق يوصل المعارف إلى أذهان المشتغلين ، فلا نزحمها

بكثرة الفنون فإن الأذهان لا تتحملها ، ولا تلقي عليها من المسائل ما لا تطيقها ولا تحفظها . بل تلقي على كل أحد ما يتحمله ذهنه وما يشتاق إليه . ونتعاهد بالدرس والإعادة وكثرة المرور عليه ، فالقليل الثابت الراسخ البنيان ، خير من الكثير الذي هو عرضة للزوال والنسيان ، فتزاحم العلوم يضيع بعضها بعضا وتوجب الكسل والملل ، وذلك من أعظم الأضرار والإخلال وشدة الخلل ، فكم من تلميذ على هذا الوصف مكث المدة الطويلة بغير معرفة صحيحة ونجاح ، وكم من تلميذ سلك الطريق النافعة ، ففاز بكل خير وفلاح . فكما أن القوى لا تكلف من الأعمال والأشغال إلا ما تطيق وتستطيع ، فكيف بالأذهان الصغيرة إذا زحمت بما لا طاقة لها به وذلك عبء ثقيل مريع . { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا } الآية . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم

الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على المناسبات

12d8c7a34f47c2e9d3==