المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما شاء الله وشئت


كيف حالك ؟

البلوشي
06-30-2010, 03:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه العظيم التوحيد باب قول: ما شاء الله وشئت
عن قتيلة، أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تشركون، تقولون ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: (ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء ثم شئت) رواه النسائي وصححه.
وله أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، فقال: (أ جعلتني لله نداً؟ ما شاء الله وحده).
ولابن ماجه عن الطفيـل أخـي عائشة لأمهـا قال: رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود، فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: عزير ابن الله. قالوا: وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. ثم مررت بنفر من النصارى فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله، قالوا: وإنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته. قال: (هل أخبرت بها أحداً؟) قلت: نعم. قال: فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أما بعد؛ فإن طفيلاً رأى رؤيا، أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها. فلا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله وحده).

قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله


وهذان الحديثان فيهما فوائد عظيمة:
الفائدة الأولى: ما ذكره الشيخ رحمه الله في مسائله قال: "فيه فَهْمُ الإنسان إذا كان له هوى"، فهذا اليهودي مع كونه يهوديًّا مغضوباً عليه فهم أنّ هذا من الشّرك، لأنّه يريد أن يتنقّص هذه الأُمّة، ومع هذا تقبّل الرّسول صلى الله عليه وسلم هذه الملاحظة، وأرشد إلى تصحيحها.
وله- أيضاً- عن ابن عبّاس: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، فقال: "أجعلتني لله نداً؟!، بل ما شاء الله وحده".فهذا فيه فائدة ثانية وهي: قَبول الحقّ ممّن جاء به ولو كان عدوًّا.
وفيه فائدة ثالثة: نبّه عليها الشيخ رحمه الله وهي: أن اليهود على ضلالهم يفهمون الشّرك، وبعض علماء هذه الأُمّة لا يفهمون الشرك، ولذلك يرون جواز عبادة ا لأضرحة والقُبور، ولا يستنكرونها، ويقولون: هذا من التوسُّل بالصالحين، وليس شركاً، أو هذا يدلّ على محبة الصالحين. ويحبِّذون هذا الشيء، ويرون أنّه ليس بشرك، مع أنه شركٌ مخرجٌ من الملّة، والذي ذكره هذا اليهودي شركٌ أصغر لا يُخرِجُ من الملّة، وبعض المنتسبين إلى العلم من هذه الأمة لا يُنكرون الشرك المخرِج من الملّة الذي يَعُجُّ الآن في العالم الإسلامي بعبادة غير الله، ففيه أن بعض اليهود أفهم من بعض العلماء المنتسبين إلى الإسلام، نسأل الله العافية والسلامة.
الفائدة الرابعة: النّهي عن قول: (ما شاء الله وشئت)، والنّهي عن الحلف بالكعبة، وبغيرها من المخلوقات، لأنّ الحلف بغير الله شرك، لأنّه تعظيمٌ لغير الله سبحانه وتعالى، ولا يستحقّ التعظيم على الوجه الأكمل إلاّ الله سبحانه وتعالى، ففيه: أن الحلف بغير الله شرك، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ هذا اليهودي على قوله: "إنكم تُشركون"، فدل على أنّ هذه الألفاظ شرك.
الفائدة الخامسة: التّوجيه أنّ العالِم إذا منع من شيء؛ فإنّه يوجِّهُ إلى البديل الصّالح، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم وجّه إلى أن يُقال: "وربّ الكعبة"، وأن يقال: "ما شاء الله، ثُمَّ شئت"، فمن أفتى بتحريم شيء أو بمنع شيء وهُناك له بديلٌ صالح فإنّه يوجِّه إليه، كما فعل النّبي صلى الله عليه وسلم.
الفائدة السادسة: وفي حديث ابن عبّاس في الرّجل الذي قال للنّبي صلى الله عليه وسلم: "ما شاء الله وشئت، قال له: "أجعلتني لله نِدًّا" فيه: إنكار المنكر، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليه، لاسيّما إذا كان هذا المنكر شركاً يُخِلُّ بالعقيدة فإنّه لا يجوز السُّكوت عليه، بل يجب أن يبيِّن ويُنبِّه، وهذا يشهد لِمَا قاله ابن عبّاس رضي الله عنهما في تفسير الآية التي سبقت، وهي قولُه: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} قال ابن عبّاس هو قولُ الرّجل: "لولا الله وفلان، لو كُلَيْبَة هذا لأتانا اللّصوص، لولا البطّ لأتى اللُّصوص"،

وقال أيضا سماحته حفظ الله

فهذه القصة فيها فوائد عظيمة ودُروس وعِبَر:
الفائدة الأولى: أن الرؤيا حقّ، ولذلك: لا يجوز الكذب في الرؤيا، وجاء في الحديث الوعيد على ذلك.
الفائدة الثّانية: فيه: فهم الإنسان إذا كان له هوى، فهؤلاء اليهود والنصارى لَمّا كان لهم هوى في حق المسلمين؛ لاحظوا هذه المسألة، لا حُبًّا في الخير أو حِرْصاً على التّوحيد، ولكنّهم يريدون بذلك تنقُّص المسلمين، والتماس عيوبهم، وإن كان في اليهود والنصارى عيوب أكثر منها.

الفائدة الثالثة: قَبول الحقّ ممّن جاء به ولو كان عدوًّا، لأنّ الحق ضالّة المؤمن، والرُّجوع إلى الحقّ فضيلة.
الفائدة الرّابعة: في الحديث دليل: على أنّ من نهى عن شيء أو منع من شيء وكان له بديل صالح أن يأتيَ بالبديل، فالنّبي صلى الله عليه وسلم لَمّا منع من هذه الكلمة "ما شاء الله وشاء محمد" أتى بالبديل الصالح الذي ليس فيه محذور وهو أن يقال: "ما شاء الله وحده".
الفائدة الخامسة- وهي التي ساق المصنّف الحديث من أجلها-: أنّ كلمة "ما شاء الله وشاء فلان" ولو كان نبيًّا من الأنبياء؛ شركٌ بالله عزّ وجلّ يجب تركُه، ولكنّه من الشّرك الأصغر، بدليل قوله: "يمنعني كذا وكذا"، فإذا كان الإنسان لم يقصد معناه؛ فإنّه شركٌ في الألفاظ، فيجب تركُه واجتنابُه والابتعاد عنه.
الفائدة السادسة: أنه لا يجوز الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم وإشراكه مع الله في شيء، ودعاؤه، والاستغاثة به من دون الله عزّ وجلّ لأنه نهى أن يقال "ما شاء الله وشاء محمد" فما بالك بما هو أشد من ذلك من أنواع الغلو.

12d8c7a34f47c2e9d3==