المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( من فضائح المفرقين بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين ))


كيف حالك ؟

علي رضا
01-14-2004, 10:33 PM
(( من فضائح المفرقين بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين ))


قرأت لبعض من كتب ونقل في الساحات مجموعة أبحاث طرحها كبار

القائلين بالتفريق بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين : منهم الشيخ

عبد الله السعد الذي تابع المليباري على ضلاله في ابتداع هذا التفريق

بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين !

وقد عنّ لي بحمد الله تعالى كثير من الملحوظات على كلامه وكلام غيره

- ممن سيأتي ذكرهم في حينه - فأردت تقييدها ثم نشرها في




كثير من المواقع السلفية فلعل الله تعالى أن يُلهم هؤلاء القوم





الصواب والرشد فيعودوا من بدعة التفريق المزعومة التي لا



يخفى فسادها ؛ بل وخطرها العظيم على السنة النبوية 0



وسوف أبدأ بحديث صحيح جداً في ( البخاري ) برقم 614 من



رواية شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن



عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :




( من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة




القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاماً محموداً الذي


وعته ، حلت له شفاعتي ) 0



هذا الحديث معلول عند الشيخ السعد ؛ بل هو منكر جداً لأن ابن أبي


فروة متروك ؛ فهل يلتزم هذا السعد فيقول بأن الحديث ضعيف بله

منكر !!؟؟

سبحان الله !!

قال : لأن مداره على : إسحاق بن أبي فروة الذي روى عنه شعيب ؛

وليس هو من حديثه عن ابن المنكدر ؛ لأن شعيباً كان يجمع بين ابن

المنكدر وبين ابن أبي فروة في الرواية عن شعيب !!

وأيد السعد رأيه بإعلال أبي حاتم الرازي للحديث بذلك ، وموافقة

ابن رجب الحنبلي له في ذلك ، وأن اللفظ إنما هو لابن أبي فروة 0 انظر


( شرح علل الحديث ) لابن رجب 2 / 760 – 762 0

قلت : هذا مصير من يقلد تقليداً أعمى !!

فالصحيح الذي لا مرية فيه هو أن :

هذه العلة مردودة غير مقبولة ؛ لأنها قائمة على مجرد الظن والاحتمال

؛ فكون شعيب كان يجمع بين ذينك الرجلين عند روايته لحديث ما

( ذكروا أنه حديث دعاء الاستفتاح ) لا يكفي للطعن في جميع مرويات

شعيب عن ابن المنكدر !!

بل لا أدل على كون هذا الإعلال خطأ محضاً كلام الحافظ ابن حجر في

رده عليه في ( الفتح ) 2 / 94 :

( وقد توبع ابن المنكدر عليه عن جابر : أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق أبي الزبير عن جابر نحوه ) 0

بل أصرح من هذا إخراج البخاري وهو أمير المؤمنين في الحديث

للرواية في ( صحيحه ) وتغافله بل إعراضه عن العلة المزعومة!!

كيف وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان باعتراف السعد !؟

أما رواية الطبراني للحديث فهي في ( المعجم الأوسط ) 5 / 331

برقم 4651 ، لكن الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى وهم أو حدث له

سبق قلم أو نظر فقال : من طريق أبي الزبير عن جابر !!

والصواب : أنه عند الطبراني في ( الأوسط ) ، وفي ( الصغير ) ا / 240

من طريق شعيب عن ابن المنكدر عن جابر مرفوعاً بلفظ :

( من قال حين يسمع النداء : بحق هذه الدعوة التامة 000 ) !


أما الذي رواه أبو الزبير متابعاً ابن المنكدر عليه عن جابر :

فهو أحمد في ( المسند ) 3 / 337 0


ثم رأيته في ( عمل اليوم والليلة ) لابن السني برقم 96 لكن لفظه

مخالف لرواية البخاري وغيره !

فلفظه : ( من قال حين ينادي المنادي : اللهم رب هذه الدعوة التامة

والصلاة النافعة – وعند ابن السني : القائمة - صل على محمد

وارض عنه رضاً لا تسخط بعده أبداً : استجاب الله دعوته ) .

فلا يسلم للحافظ ابن حجر هذه المتابعة من جهتين :

أولا ً : أن مدارها على ابن لهيعة وهو ضعيف لاختلاطه ؛ وليست

الرواية عنه من طريق العبادلة أو الذين سمعوا منه قبل اختلاطه .

ثانياً : أن لفظه مخالف للرواية الصحيحة مخالفة ظاهرة .

لكن وجدت له شاهداً عند الطبراني في ( الدعاء ) برقم 431

من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً :

( إذا قال الرجل حين يؤذن المؤذن : اللهم رب هذه الدعوة التامة

والصلاة القائمة أعط محمداً سؤله يوم القيامة ، نالته شفاعة محمد صلى

الله عليه وآله وسلم ) .

وإسناده لا بأس به في الشواهد من أجل اختلاط أبي إسحاق السبيعي

وعنعنته فهو مدلس 0

ورواه البيهقي في ( الكبرى ) 1/ 410 من طريق محمد بن عوف

ثنا علي بن عياش ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر

به مرفوعاً بلفظ :

( من قال حين يسمع النداء : اللهم إني أسالك بحق هذه الدعوة التامة

والصلاة القائمة آت محمداً 0000 إنك لا تخلف الميعاد : حلت له

شفاعتي ) 0

قلت : ورجال السند لا مطعن فيهم ؛ ولكن إعراض البخاري عن

تلك الزيادة ، وموافقة جميع من رووا الحديث له بدون تلك الزيادة

تكفي للجزم بكونها شاذة 0


ولهذا حكم بشذوذها الألباني في ( الإرواء ) 1 / 260-261 0


وكذا حكم بشذوذ زيادة ( بحق ) عند البيهقي ؛ قال : ولم ترد عند غيره

، والصواب أنها وردت عند الطبراني أيضاً ، ولكن الحكم فيها كالحكم

في سابقتها لما تقدم بيانه 0

وكأنه لم يلتفت لذلك شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز رحمه

الله تعالى فقوى زيادة : ( إنك لا تخلف الميعاد ) في بعض أجوبته 0

وزيادة : ( بحق ) لا إشكال فيها بحمد الله تعالى من جهة المعنى على

فرض ثبوتها ؛ فهي من بابة حديث :

( اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك 000 ) على فرض صحته كما

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( الفتاوى ) 1 /339 - 340 ؛ فإن


الصحيح أنه لا يثبت كما بين ذلك شيخنا في ( الضعيفة ) برقم 24

وراجع رقم 25 أيضاً لتعلم أن الألباني يذهب فيه إلى مذهب شيخ

الإسلام على فرض ثبوت الحديث ؛ وهو أن السؤال بحق السائلين

ليس سؤالاً بمخلوق بل هو سؤال بأفعاله تعالى كما في قوله :


( أعوذ برضاك من سخطك 000 ) 0


فحق السائلين : أن يجيبهم وحق الماشين أن يثيبهم 000 ( الفتاوى )
1 / 340

والخلاصة هي أن الحديث صحيح رواه البخاري ؛ وإعلال من أعله

بما سبق ذكره ليس بصحيح 0

ثم نقل صاحب المقال كلاماً لأحدهم ، وهو الدكتور : تركي الغميز

ذهب فيه إلى مذهب المليباري في التفريق بين منهج المتقدمين ومنهج

المتأخرين ، وقد سلك في الرد مسلك المليباري ومن لف لفه فأساء إلى

المتأخرين جداً حينما زعم أنهم يقوون النصوص المعلولة بعضها

ببعض !!

بل زاد ضغثاً على إبالة فقال :

وقد أسرف بعض المعاصرين في هذا جداً فقوى الخطأ بالخطأ !!

قلت : لا شك أن شيخ مشايخ المعاصرين من المتأخرين هو المحدث

العلامة شيخنا محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ؛ فإن كنت

تقصده أو تقصد من سار على طريقته : فتعساً لك ثم تعساً لك !!

ثم لبس هذا الدكتور على قرائه بنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية


رحمه الله تعالى فيه بيان أن بعض الأحاديث صححت من قبل قوم

حكم عليها الأولون بأنها خطأ ؛ فنتج عن ذلك ما نتج من الأوجه

المستنكرة في الجمع بين هذه النصوص !

قلت : لم يوثق لنا الدكتور نقله عن شيخ الإسلام ؛ وهذا أمر لا يحمد

عليه !

ذلك لأن شيخ الإسلام له كلام على حديث : ( خلق الله التربة يوم

السبت 000 ) الذي في ( صحيح مسلم ) أورده في ( الفتاوى ) 17 / 235 – 237 يميل فيه إلى ضعف الحديث ، وإعلال الحذاق له ، وأنه

مما أنكر على مسلم 0

ونحن وإن كنا لا نوافقه على ذلك ؛ لأن له وجهاً من التأويل يمنع

القول بأنه يصادم قوله تعالى : ( في ستة أيام ) كما جنح إليه المحققون

ومنهم شيخنا الألباني رحمه الله تعالى ، فنقول : قد بين ابن تيمية رحمه

الله تعالى أن هذا وغيره قليل كما سيأتي 0

ثم ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية لذلك نظائر مثل حديث : أنه أراد أبو سفيان أن يزوج النبي

عليه الصلاة والسلام أم حبيبة ، ولا خلاف أنه تزوجها قبل إسلام أبي

سفيان 0

قال شيخ الإسلام : لكن هذا قليل جداً !!

وقد ذكر مثالاً للشذوذ في ( الفتاوى ) 21 / 590 – 591 وهو

حديث : ( سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المني يصيب الثوب

؟ فقال : إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق 000 ) 0


فهذا الحديث من زيادة إسحاق الأزرق وهو أحد الأئمة ؛ لكنها زيادة

باطلة مرفوعاً كما قال شيخ الإسلام ؛ والصحيح أنها موقوفة من فتيا

ابن عباس رضي الله عنه 0


ومن إنصاف شيخ الإسلام أنه لم يعصب الجناية برأس الأزرق في

إعلال الحديث بل قال بأن شريكاً وابن أبي ليلى ( اللذان في الإسناد )

ليسا في الحفظ بذاك 0


قلت : على قاعدتكم المحدثة في أن ما حكم عليه الأولون بحكم فلا

يمكن للمتأخرين أن يستدركوا عليهم شيئاً ؛ فضعفوا حديث تحريم

إتيان النساء في أدبارهن ؛ فقد أطبق على أنه لا يثبت فيه شيء كل من


البخاري ، والذهلي ، والبزار ، والنسائي ، وأبو علي النيسابوري ، بل

قد اعترف بذلك الحافظ ابن حجر ضمناً فقال :


( لكن طرقه كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به 000 ) 0


( فتح الباري ) 8/ 191 0

والصحيح أن الحديث حسن صالح للاحتجاج ؛ فله طرق وشواهد كثيرة جداً تجعل المنصف يقطع بأن له أصلا ً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم 0

هذا ما كنت ذهبت إليه في تحقيقي لـ ( المحلى ) لابن حزم ص 463

، وبينته بشيء من التفصيل في ( الصناعة الحديثية عند ابن حزم ) ص

109 -110 0

ثم جزمت بصحة الحديث في بحث لي مستقل عن

الأحاديث التي رويت في هذه المسألة ؛ فلله الحمد من قبل ومن بعد 0

ولهذا قال الذهبي في ( سير النبلاء ) 14 / 128 :

( قد تيقنا بطرق لا محيد عنها نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن

أدبار النساء ، وجزمنا بتحريمه ، ولي في ذلك مصنف كبير ) 0



أما ثالث هؤلاء الذين اعتمدوا هذا التفريق المبتدع المحدث فهو :

الدكتور اللاحم الذي قال في مقدمة بحثه :

( فيلاحظ كثرة ما صُحح من أحاديث قد حكم عليها الأولون بالنكارة

والضعف ، وربما صرحوا ببطلانها ، أو بكونها موضوعة ، وقد يقول

المتقدم : هذا الباب – أي هذا الموضوع – لا يثبت ، أو لا يصح فيه

حديث ، فيأتي المتأخر فيقول : بل صح فيه الحديث الفلاني ، أو

الأحاديث الفلانية ، وهكذا في التصحيح ، ربما يصحح المتقدم حديثاً

فيأبى ذلك المتأخر ، وربما – في الحالين – توارد الأولون وتتابعت

كلماتهم على شيء ، ومع هذا لا يلتفت المتأخر على هذا الإجماع ، أو شبه

الإجماع ) !!

ثم ذكر بعض القواعد التي اعتمدها المتقدمون – في نظره – وأغفلها

المتأخرون ، أو هُذبت حتى لم يبق فيها روح ( !! ) وحل محلها قواعد

جديدة ( !! ) 0

ثم قال هذا الدكتور في ( سادساً ) :

( كثرة الطرق قد لا تفيد الحديث شيئاً ، وهذه قاعدة أساسية عند

المتقدم ( !! ) فبعد دراسته لها يتبين له أنها خطأ ، أو مناكير ، وهذه عنده

لا يشد بعضها بعضاً ، في حين أن المتأخر أضرب عن هذا صفحاً ،

فمتى توافر عنده اسنادان أو ثلاثة ، أو وجد شاهداً رأى أنها

اعتضدت ورفعت الحديث إلى درجة القبول ) !!



قلت : لم يقع للمحقيقين الأجاود ، ولا للعلماء الأفاضل من أمثال

شيخنا :

الألباني رحمه الله تعالى شيء من إهمال العلل والنظر فيها مع تتبع

الأسانيد والطرق والشواهد لرفع الحديث إلى مصاف الأحاديث

الصحيحة أو الحسنة ؛ بل هو في ذلك على طريقة المتقدمين والمتأخرين

من أهل الصناعة الحديثية ؛ لكنه رحمه الله تعالى امتاز عن غيره بدقة

الحكم ، وقوة الحجة ، وظهور المحجة ، واتباع الدليل : دون تقليد

أعمى ، أو إهمال لما عليه سبيل المؤمنين في هذا الباب ؛ فأتت أحكامه في


غالبها على الصواب بحمد الله تعالى 0

هذا وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمن على هؤلاء القوم

بالرجوع إلى الصواب ، وترك المكابرة ، والعودة إلى سبيل المؤمنين ،

وترك المشاقة لهم ، فكثيراً ما كان يردد شيخنا في الرد على هؤلاء قوله

تعالى :

( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ، ويتبع غير سبيل

المؤمنين ، نوله ما تولى ، ونصله جهنم ، وساءت مصيراً ) 0


اللهم اجعلنا هداة مهتدين 0


وكتب / علي رضا بن عبد الله بن علي رضا

12d8c7a34f47c2e9d3==