المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}


كيف حالك ؟

البلوشي
05-20-2010, 12:13 AM
بسم الرحمن الرحيم

قال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه العظيم التوحيد باب قول الله تعالى: (فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) قال ابن عباس في الآية: الأنداد: هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل؛ وهو أن تقول: والله، وحياتك يا فلان وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتانا اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان. لا تجعل فيها فلاناً هذا كله به شرك) رواه ابن أبي حاتم.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه الترمذي وحسنه، وصححه الحاكم.
وقال ابن مسعود: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقاً.
وعن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان) رواه أبو داود بسند صحيح.
وجاء عن إبراهيم النخعي، أنه يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، ويجوز أن يقول: بالله ثم بك. قال: ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان.

قال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي يرحمه الله
قول الله تعالى : ( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الترجمة السابقة على قوله تعالى :
( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا ) يقصد بها الشرك الأكبر بأن يجعل لله ندا في العبادة والحب والخوف والرجاء وغيرها من العبادات - وهذه الترجمة المراد بها الشرك الأصغر كالشرك في الألفاظ كالحلف بغير الله وكالتشريك بين الله وبين خلقه في الألفاظ كلولا الله وفلان وهذا بالله وبك وكإضافة الأشياء ووقوعها لغير الله كلولا الحارس لأتانا اللصوص , ولولا الدواء الفلاني لهلكت , ولولا حذق فلان في المكسب الفلاني لما حصل , فكل هذا ينافي التوحيد , والواجب أن تضاف الأمور ووقوعها ونفع الأسباب إلى إرادة الله , وإلى الله ابتداء ويذكر مع ذلك مرتبة السبب ونفعه فيقول لولا الله ثم كذا ليعلم أن الأسباب مربوطة بقضاء الله وقدره , فلا يتم توحيد العبد حتى لا يجعل لله ندا في قلبه وقوله وفعله.

قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله

يُستفاد من هاتين الآيتين مع قول ابن عبّاس رضي الله عنهما مسائل كثيرة:
المسألة الأولى: أن التّوحيد هو أعظمُ مأمورٍ به، لأن الله بدأ به في أوّل نداء في المصحف الشريف.
المسألة الثانية: في الآية دليلٌ على أنّ الإقرار بتوحيد الرُّبوبية لا يكفي في التّوحيد، لأن الله أخبر أنّ المشركين يعلمون هذا فقال: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. أنه لا خالق لهذه الأشياء المذكورة وغيرها إلا الله فلماذا تعبدون معه غيره ممن لا يخلق شيئاً.
المسألة الثالثة: في الآيتين الاستدلال بتوحيد الرّبوبيّة على توحيد الإلهيّة، وأنّ توحيد الرّبوبيّة وسيلة وتوحيد الألوهيّة غاية، لأنّه هو المقصود وهو المطلوب من الخلْق، لأنّه لَمَّا أمر بعبادته ذكر توحيد الرّبوبية، ففيه الاستدلال بتوحيد الرّبوبية على توحيد الأُلوهية.
المسألة الرابعة: أنّه لا يكفي الأمر بالتوحيد، بل لابد من النّهي عن الشّرك، لأنّ الله قال في الآية الأولى: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}، وقال في ختام الآية الثانية: "{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً}"، فدلّ على أنّه لابد من الجمع بين الأمرين: الأمر بالتوحيد والنّهي عن الشرك، فالذي يقتصر على الأمر بالتّوحيد ولا ينهى عن الشّرك لم يقم بالمطلوب لأن ذلك لا يحقِّق شيئاً، وهذا في القرآن كثير دائماً بجانب الأمر بالتّوحيد النّهي عن الشّرك، قال تعالى: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} هذا أمر ونهي، {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} هذا فيه: الكفر بالطّاغوت، والإيمان بالله، فالإيمان بالله لا يكفي، بل لابد من الكفر بالطّاغوت، وكلّ رسول يقول لقومه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}، {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، فلابد من الجمع بين الأمر بالتوحيد والنّهي عن الشّرك.
المسألة الخامسة: أنّ هذه الألفاظ التي ذكرها ابن عبّاس تجري على ألسنة
وهذا مما يدل على أنه يجب تعليم النّاس أُمور العقيدة، وما يُخِلُّ بها وما ينقِّصُها، لأنّ أغلب النّاس الآن - إلاّ ما شاء الله- أعرضوا عن تعليم العقيدة وتعلُّمها، ولا يعتنون بها، ولا يدعون إليها إلاّ ما شاء الله، وإلاّ فالأكثر يركِّزون على أمورٍ أخرى جانبيّة لا تُفيد شيئاً إذا اختلّت العقيدة، حتى ولو صحّت هذه الأغلاط الجانبية التي يريدون إصلاحها، لو صلحت وصحّت ما نفعت بدون إصلاح العقيدة، فالعقيدة هي الأساس، يجب أن نتعلّمها أوّلاً، وأن ندعوَ إليها أوّلاً، وأن نصحِّح الأخطاء فيها قبل تصحيح الأخطاء في المعامَلات، وتصحيح الأخطاء في الآداب والأخلاق. وما انتشرت هذه الأُمور في النّاس إلاَّ لَمّا قَلّ تدريس التوحيد وشرح العقيدة والدعوة إليها في المحاضرات والندوات والصُّحف والمجلات فانتشرت هذه الأمور، بسبب شياطين الإنس والجن الذين يريدون إفساد عقائد النّاس، فالاهتمام بأمر العقيدة وتصحيحها هو أمّ المهمّات: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} بدأ بالعلم بمعنى {لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} قبل العمل والاستغفار، لأنّه هو الأساس الذي تنبني عليه أمور الدين كلّها.

12d8c7a34f47c2e9d3==