المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما حكم قراءة الفاتحة عند عقد المعاملة، من بيع وإجارة للشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله


كيف حالك ؟

رياض عبدالقادر
05-12-2010, 02:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال: ما حكم قراءة الفاتحة عند عقد المعاملة، من بيع وإجارة ونحوه، كما يفعله أهل الحجاز وغيرهم، يقولون عند ذلك: الفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: هذا من البدع المخالفة ـ بلا شك ـ لهدي الصحابة ومن بعدهم من سلف الأمة، فهو من البدع التي أقل أحوالها الكراهة الشديدة، أو التحريم، لما فيها من البدعة واعتقاد أنها سنة، وفيها ترك توقير النبي صلى الله عليه وسلم فإن توسيط اسمه عند لمعاملات الدنيوية يشمئز منه القلب، فإنه لا يذكر إلا في مقام التعظيم والاحترام، وكذلك قراءة الفاتحة في هذه الأشياء، ينبغي تنزيه كلام الله عن ذلك، ومن تهاونهم بها أن كثيرا منهم يقرؤون البسملة ثم يقول ولا الضالين آمين ( ) وفي هذا من ترك تعظيم كلام الله ما يوجب تحريم ذلك.
مع أن إهداء القرب للنبي صلى الله عليه وسلم بقطع النظر عن هذه الحالة؛ الأصح فيها أنها غير مشروعة، والله أعلم.
وأما البيع المستعمل عندكم المسمى بيع خيار؛ يبيع داره بمائتين مدة سنتين وينتفع هذا بالدراهم وهذا بسكنى الدار، ومتى شاء رد عليه داره وأخذ درهمه؟.
فهذا هو القرض الذي يجر نفعا بلا شك، وليس بيعا حقيقة، فحقيقية

أنه أقرض المائتين وشرط عليه سكنى داره مدة القرض، وهذ ربا صريح، لأنه بيع دارهم بدارهم إلى أجل، والربح فيها سكنى الدار، فنصوص الربا تتناول هذه الصورة بلا شك.
وأما قولهم إن البلوى قد عمت بها وإن أبطلت صار فيها ضيق على الناس!
فليعلم أولا أن الشيء إذا ثبت تحريمه ودلت النصوص على منعه، صار الواجب المتعين العمل بم دلت عليه النصوص، كئنا في ذلك من الضيق ما كن، فإن هذا الضيق الذي يقوله المتعاملون بهذه المعاملة، ليس من باب الاضطرار الذي يضطر إليه الإنسان ولابد له منه، فقد قامت أسباب أكثر الخلق بدون هذه المعاملة الفاسدة، والضيق الذي يتوهمون حيث جروا على عادة ويروا أن مخالفتها تغلق عنهم هذا السبب المعين، فلو اعتادوا تركه لم يجدوا هذا الضيق، وللرزق أبواب كثيرة من الأسباب التي أباحها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في غيرها، بل وفيها، فإذا كان الإنسان صاحب الدر محتاجا إلى دراهم يتوسع بها إلى أجل مسمى واشترى من إنسان سلعة بثمن إلى أجل ورهن داره على ذلك الثمن، ثم استأجر منه بأجرة حالة أو مؤجلة، لكان فيها فسحة عن الأمر المحرم، وإذا كان صاحب الدراهم يظن أن رهنه للدار لا يكفي في حصول حقه، فإنما ذلك لأن كثيرا من الرهون لا يجري فيها المجرى الشرعي، حيث لا تباع لوفاء الدين، فلو كانت العقارات المرهونة يبادر ببيعها عند تعذر الوفاء من غيرها، لكان هو الواجب الشرعي الذي لا يختلف فيه أهل العلم، وهو مصلحة للطرفين.

وأيضا لو فرضنا أن هذه المعاملة منعت، لكان في بقية الأسباب فسحة في الخروج عن المحرمات.
وأما من عرف بعيره وسلعته في بلد، وأقام البينة على ذلك؟
ملك انتزاعه ممن هو بيده، وليس عليه أن يوافق من هو بيده على قوله أنه اشتراه من بلد آخر، فأريد أن تذهب معي إلى ذلك البلد لأقيم البينة على من اشتريته منه، فإن الذي عرف بعيره وأقام البينة عليه يقول قد أقمت البينة الشرعية التي علي أن أقيمها، وقد ثبت لي الشارع لحق، فلا يلزمني الذهاب معك، إنما أنت بحاجتك لا تلم بسعيك لاسترداد حقك ممن اشتريته منه، فتشهد على عين البعير مثل الذي أخذته منك بالبينة الشرعية وعلى صفاته، لتتمكن من مخاصمة من تزعم أنك اشتريته منه، فإن كان له أو لغيره حجة شرعية فأنا مستعد لذلك، هذا لسان حال هذا الذي عرف بعيره وهو الحقيقة الواقعة.
وإذا كان المدعي على غائب، إذا أقام البينة الشرعية حكم له بما ادعاه، والغائب على حجته؛ فكيف بمثل هذا الحال، والله أعلم.

12d8c7a34f47c2e9d3==