أبو الربيعة
04-29-2010, 10:50 AM
هذا رد علي الحلبي على ربيع المدخلي :
القول العدل الأمين
في مُباحثة (الشيخ ربيع) في (جلسته مع الفلسطينيِّين): (1)
.. (لن أُعادِيَك كما عاداك غيري ... بيني وبينك العِلم) ..
هذه كانت آخرَ كلماتٍ قُلتُها للشيخ ربيع بن هادي -حفظه الله- قبل السلام والوداع- في آخر لقاءٍ لي معه، وذلك في بيتِهِ في مكَّة؛ في منتصف شهر رمضان سنة (1429هـ)، وهو ما أنا حريصٌ عليه إلى هذه الساعةِ -سائلاً الله أن يُعينَني عليه-.
ولقد ذكرتُ في المقال السابق «ارفقوا بالشيخ ربيع -يرحمكم الله-» ما يجبُ علينا -بصفتنا سلفيِّين- نحو الشيخ ربيع -حفظه الله- مِن حقّ، وأنَّ الواجبَ الرِّفقُ به، واللُّطفُ معه -ولو كان ذلك مع رَدِّ شيءٍ ممّا نَراهُ مِن أخطائه -وفَّقَهُ اللهُ-؛ فهو بشرٌ مِن البشر، «يَرُدُّ ويُرَدُّ عليه»...
ولعلَّ هذه هي المرَّةَ الأُولَى (!) التي سأتناولُ فيها -مع بالغ الاحترام والتقدير- بالردِّ والبيان، والدليل والبُرهان -صراحةً- بعضاً ممّا قالَهُ الشيخ ربيع في حقِّي، أو انتقدني فيه؛ وذلك مِن خلال ما وَرَدَ في (جلسة الطلبة الفلسطينيِّين) معه -فقط-؛ مُحاوِلاً -جَهْدِي كُلّه- أنْ أضبطَ قلمِي بأدبِ العِلم، وقوَّة الحُجَّة -معاً-..
وهذا -عند كلِّ ذي نَظَر- حقٌّ شرعيٌّ لي -مُعْتَبَر-...
ومَن توهَّمَ أنَّ قوَّة الحُجَّة وصَولَة الحقّ تُناقضُ أدبَ العِلم أو احترامَ العُلماءِ؛ فَلْيَبْكِ على نفسِهِ؛ كمثلِ ذاك الغويِّ الشنيع الذي وَصَفَنِي بـ(الزِّنديق!) لمجرَّدِ كتابتِي مقالي السَّابِق (ارفقوا بالشيخ ربيع..)!!!
وإنِّي لأظنُّ أنَّ فضيلةَ الشيخ ربيع -وَفَّقَهُ المولَى- سيَفرحُ -جدًّا- بهذه المُباحثةِ الوَدودة؛ لِـمَا ستُثْمِرُهُ -إنْ شاء الله- مِن تصحيح مفاهيم مغلوطات، وتصويب وقائع أو معلومات...
واللهُ -تعالى- يقول: {وفَوْقَ كُلّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم}...
وهأنذا أتناولُ (ألفاظَ) الشيخ ربيع -حفظه الله- (وكلماتِه) التي (قالَها) بشأنِي، أو في حقِّي -لفظةً لفظةً، وكلمةً كلمةً- في ذلك (المجلس)، وأُبَيِّن وجهَ الحقِّ فيها بما تتضمَّنُهُ مِن حقائقَ -سواءٌ لي أو عليَّ- واللهُ وليُّ الصادقين:
1-
قال الشيخُ ربيع: (هذا الكتاب ردٌّ عليَّ أنا)!
قلتُ: يقصدُ -حفظهُ اللهُ- كتابي «منهج السلف الصالح في ترجيح المصالح، وتطويح المفاسد والقبائح؛ في أُصول النقد والنصائح» -وقد صدَرَتْ طبعتُهُ الثانية المنقَّحَة المزيدة -بحمدِ الله-.
ولئن كان ذلك كذلك؛ فهل يعيبُ أيَّ كتابٍ كونُهُ ردًّا على أيِّ أحدٍ مِن أهلِ العلمِ -كائناً ما كان فضلُهُ ومنزلتُهُ-؟!
أم أنَّ الذي يعيبُ الكتابَ -أيَّ كتابٍ- ما قد يتضمَّنُهُ مِن مُخالفةٍ للحقِّ، ومُناقضةٍ للهدى؟!
وهو ما أنا حريصٌ على معرفتِهِ والوقوفِ عليهِ إلى هذه الساعة؛ ممَّا لمْ أرَ شيئاً منه ذا بالٍ فيما طالعتُ مِن رُدود!! وتعقُّبات!!!
وهل هُناك (أحد) مِن أهل العِلم -على درجاتهم كافّة -فوق الردّ؟!
2-
قال الشيخُ ربيع: (أنا صابرٌ عليه عشر سنوات، وهو معهم يُؤيِّدُهُم ويُدافعُ عنهُم وأنا صابرٌ عليه).
قلتُ: يقصدُ -وفَّقَهُ اللهُ- أنّه صابرٌ عليَّ في هذا الذي أشار إليه مِن التأييدِ والدِّفاعِ -فقط-...
أمّا (الصبر)؛ فهو مُتبادَلٌ بينَنا -والحمدُ لله-؛ فكما يَراني هُو مُخطئاً في (موقفِي) مِن هؤلاء [ويقصدُ المغراوي وعرعور وأبا الحسن، ثُمّ -بعد- أبا إسحاق ومحمد حسَّان]، فأنا -أيضاً- أراهُ غيرَ مُصيبٍ في (موقفه) منهُم -بالعلمِ مُتناصِحِين، وبالهدى مُتواصين-؛ فكان ماذا؟!
والصبرُ محتاجٌ إلى رحمةٍ -كما هو قائمٌ على الحقِّ-؛ وليس هو محصوراً في أحد، ولا ممنوعاً مِن أحد! {وتواصَوْا بالصَّبْر وتواصَوْا بالمَرْحَمَة}...
أمّا أنِّي (معهم)؛ فلا؛ بل -واللهِ- لا أكادُ ألتَقِي الواحدَ مِن هؤلاء -أو أُهاتفُهُ- إلا مرَّةً في السَّنَة، أو السَّنَتَيْن، أو لعلَّه أكثر -واللهُ يشهدُ-، بل بعضُهُم لمْ أُكَلِّمْهُ أو أرَهُ مُنذُ عدَّة سَنوات!
فكيفَ أكونُ (معهم)؟!
أمّا إذا أُريدَ بِـ: (معهم) أي: فِكراً وأفكاراً؛ فأنا (معهم) -كما أنا مع غيرِهم ممّن أعتقدُهُ سلفيًّا ولو أخطأ- فيما وافَقُوا فيه الحقَّ الذي أَدينُ اللهَ به -حَسْبُ-؛ دون الحِزبيِّين، أو التكفيريِّين، أو القطبيِّين، أو غير هؤلاء المُنحرِفين...
أمّا أنِّي (أُؤيِّدُهُم) -هكذا بالعُموم؛ فلا -أيضاً-، بل إنِّي أُخالِفُهُم في بعضِ ما يرونَهُ صواباً ممَّا لا أراهُ كذلك، وأُناصحُهم في ذلك، وأُحذِّرُ ممّا أخطؤوا فيه -بلُطْفٍ ورحمةٍ ورِفقٍ-...
وهذا -دون الإسقاطِ والتبديع- تماماً- ما اتَّفَقْنا عليه (تُجاهَهُم) -وأمثالهم- مع الشيخ ربيع -أمامَ مجموعة مِن أهل العِلم- بدارِهِ في (مكّة) -قبل ثماني سنوات-؛ فما الذي تغيَّر؟!
أمّا أنِّي (أُدافعُ عنهُم)؛ فَنَعَم -ولا أزالُ-؛ وذلك فيما أرَى أنَّهم انتُقِدُوا فيه بغيرِ حقّ، أو قيل فيهم بغير صواب؛ مثل: (مُبتدِع)، (ضالّ)، (شيطان)، (مِن أتباع المسيح الدَّجَّال)، (قطبي)، (تكفيري) -وغير ذلك- ممّا لا يحملُ -عندي- أيَّ وجهٍ مِن سَداد...
نَعَم؛ يُوجدُ عندهم أخطاءٌ، وأخطاءٌ -كما عند غيرِهم ممّن أراهُ سلفيًّا -ولو كان كبيراً-؛ لكنْ ليست بذاك الحجم! ولا ما يُقاربُهُ!!
فسبيلُ الخُروج ممّا هم فيه: التواصي والتناصح، لا التقاطع والهُجوم الكاسح!
مع التنبيه -خامساً وتاسعاً...- إلى أنَّ الخِلاف في درجات (النّاس) -جَرحاً وتعديلاً- بين عُلماء الأُمَّة مِن أهل السُّنَّة -قديماً وحديثاً- خلافٌ علميٌّ مُعتبَرٌ...
كخلافِهِم -قديماً- في ابن أبي يحيَى...
وخلافِهم -حديثاً- في ابن جبرين!
... وغيرهما كثير!
3-
قال الشيخُ ربيع: (بكتاب وكتابين، وموقع شرس)!
قلتُ: حتّى لو كان الردُّ بعشَرةِ كُتُب؛ فكان ماذا؟!
هل هذا يُعابُ لذاتِهِ؟!
أمْ أنَّ العيبَ مُوجَّهٌ إلى محتواه ومضمونه فيما إذا خالفَ الحقَّ والصواب؟!
وهل أحدٌ فوق النَّقد والردِّ؟!
أمّا (موقع شرس)؛ فيقصدُ -وفّقه الله-: مُنتدياتنا المُبارَكة (مُنتديات كُلّ السلفيِّين)؛ وهي المنتديات التي لا أسمحُ فيها -ما استطعتُ إلى ذلك سبيلاً- بأيِّ مِساسٍ بالشيخ ربيع انتقاصاً، أو تجريحاً؛ فضلاً عن شراسة شيءٍ مِن ذلك!
وما فاتَنِي (!) مِن ذلك؛ فأنا أطلبُ مِن أيِّ أخٍ مُتابعٍ أن يدُلَّني عليه؛ لأحذفه فوراً.
وهذا طلبٌ مُباشرٌ مِنِّي -هُنا- أُوجِّهُهُ إلى إخوانِي المُشرِفِين -أجمعين-؛ فضلاً عن عُموم الأعضاء والمُشارِكِين..
مع ضرورة التفريق -مُذَكِّراً- بين النقد العلمي النزيه، والطعن غير العلمي القائم على التجريح والتشويه.
والخلط بينهُما -جمعاً وتفريقاً- محضُ التمويه...
4-
قال الشيخُ ربيع: (الآن هو يُجرِّحني، ولا يُثنِي عَلَيَّ -علي حَسَن-)!
قلتُ: أمّا أنِّي (أُجَرِّحُهُ)؛ فلا وألفُ لا، وأُطالبُ بأدنَى بيِّنة على هذا الادِّعاء!
ولنْ تجدُوا!!!
أمّا النقدُ العلميُّ الصِّرْف؛ فذا شيءٌ آخر...
ولِكُلٍّ بابُهُ وأسبابُهُ...
أمّا أنِّي لا أُثنِي عليه؛ فـ:
الثناءُ عليه -حفظهُ الله -حُكماً شرعيًّا- ليس بواجب...
وإنْ تَنزَّلْنا بالقولِ بوجوبه (!)، فهو واجبٌ كِفائيّ (!) لا عينيّ!!!!
ولا أظنُّ أنَّ أحداً عندَهُ مُسكة عقلٍ يقولُ هذا أو يدّعِي ذاك!
بل الصواب -والواقع- أني أُثني عليه وأمدحُهُ -وفَّقه الله- بما أعتقدُهُ فيه مِن حقّ، دونَ غُلُوٍّ ولا إفراط -كما هو شأنِي مع غيره مِن أهل العِلم- سواءً بسواءٍ-.
ومِن آخِر ذلك: أجوبةُ أسئلةٍ وُجِّهَتْ (إليَّ)، نشرها بعضُ سائلِيها على (مُنتدانا) -هذا-؛ فيها الثناءُ عليه، والاعترافُ بفضلِه -حفظه الله-.
لكنَّ الثَّناءَ والفضلَ لا يلزمُ منهُما -ألْبَتَّةَ- إثباتُ شيءٍ مِن العصمةِ؛ ولو في أدنَى صُورِها -ظاهرةً أو خفيَّةً-...
5-
قال الشيخُ ربيع: (علي حسن يُسَلِّطُ أطفال (!) على العُلماء، ويمدحُها.. علي يزكِّيها، ربيع مِن أهل العِلم، ومُحارَب في هذا الموقع)!
أ-
أمّا تسليطُ الأطفال؛ فهذا ممَّا لا أعرفُهُ، ولا أتخيَّلُ وُجودَهُ، وإن وُجد مِن غيري؛ فلا أرتضيه!
فكيف (أُسلِّطُ) -إذن- مَن لا أعرفُ ولا أرتضِي؟!
وكيف (أمدحُ) ما لم يكن ولم يُوجد؟!
ثُمَّ؛ على فرضِ وُجودِ هؤلاء الـ(أطفال!) -فِعلاً- وهو إطلاقٌ مجازيٌّ لتحقيرِهِم!-؛ فهل يمنعُ صِغَرُ سِنِّهم قَبولَ ما معهُم مِن الحقِّ؟!
وهل الحقُّ محصورٌ في الـ(شيوخ) -سِنًّا-؟!
أم قد يكونُ عند (الصغيرِ) ما لا يوجدُ عند الكبير؟! وقد يخطئُ الكبيرُ بما لا يُخطئُ فيه الصغير؟!
... وفي الأنهار الصِّغار ما لا يوجدُ في البحارِ الكِبار!
ومِن الظريفِ اللَّطيف: أنِّي رأيتُ النَّبْزَ بلفظ: (الصبيّ!) في إطلاقات بعض أئمَّة النَّقد الحديثيِّ المتقدِّمين، وقد قيلَتْ -جَرحاً- في بعضِ ثِقات الرُّواة المأمونين!
ب-
أمّا أنَّ الشيخ (ربيع مِن أهل العلم)؛ فهذا ما لا أُخالِفُ فيه، بل أَدينُ اللهَ به -وهذا ثناءٌ؛ فانتبِهُوا-، ولكنِّي أراهُ كغيرِه مِن أهل العِلم؛ يُخطئُ ويُصيب، ويَعلمُ ويَجهل، ويَرُدُّ ويُرَدُّ عليه.
وليس أيُّ قولٍ منه حفظه الله -فضلاً عن غيرِه مِن أهل العِلم -بذاتِهِ- علامةً على الصواب؛ بل لا بُدَّ مِن دليلٍ (مُقنِع)، وحُجَّة (ظاهرة) على كُلِّ قولٍ، أو فتوَى، أو حُكْم...
وليس يخفَى أنَّهُ ليس كُلُّ دليلٍ = مُقنِعاً!
ولو لمْ يكُن الدليلُ المطلوبُ (مُقنِعاً) -حقًّا-: لكانَ حديثُ «هو الطَّهورُ ماؤُهُ..» دليلاً على رُكنيَّة التسليم مِن الصَّلاة!!
فهو (دليلٌ) -عند صاحبِهِ- ولا شكّ؛ لكنَّهُ غيرُ قائمٍ -ثَمَّةَ-؛ بَلْهَ أنْ يكونَ مُقنِعاً، أو مُلْزِماً!!
فلا يَكْفِي صِحَّةُ الدليل إلاّ بصوابِ الاستدلال...
وهذا -مِن حيثُ الأصلُ- لا ينبغي أنْ يختلفَ فيه اثنان (مُنصِفان)...
ج-
أمّا أنَّهُ (مُحارَب في هذا الموقع)؛ فممَّن؟! وكيف؟! وأين؟!
هذه أسئلةٌ مشروعةٌ تحتاجُ إلى أجوبةٍ صريحة، مع إقامة البيِّنة على أيِّ ادِّعاءٍ فيها -مهما قَلَّ-...
وإلا؛ فالدعوَى مردودةٌ....
مع التنبيه -ثالثاً ورابعاً...- إلى فرق ما بين (الردّ) و(المُحاربة)...
6-
قال الشيخُ ربيع: (و[أحمد] بازمول مِن العُلماء.. دُكتور.. دُكتور في السُّنَّة.. و(علي) طالب عِلم)...
قلتُ:
لن أقفَ طويلاً عند هذه النُّقطة!
وحَسْبِي (ظَفَرِي) بوَصْفِ الشيخ ربيع لي -جزاهُ اللهُ خيراً- (هُنا) -بأنِّي: (طالب عِلمٍ) -والحمدُ لله-؛ وهو ما سمعتُ شيخَنا الإمام الألباني -مِراراً- يصفُ به نفسَه -ولا يزيدُ- رحمهُ اللهُ-.
وأمّا المُفاضلَة، والمُقارَنَة، والمُوازنَة -فضلاً عن الترجيح!-؛ فلستُ ساعياً إليها، ولا راغِباً فيها، ولا حريصاً عليها...
وإنَّما أترُكُها للتاريخ.. و.. العُقلاء..
ولا شكَّ أنَّه لا يزالُ منهُم بقيَّةٌ!
وبالمُقابِل؛ فلا إخالُ الشيخ ربيعاً -وفَّقَهُ اللهُ- يُخالِفُنِي في وُجودِ كثيرٍ ممَّن يحملُ لَقَبَ (دُكتور) ولا يستحقُّ منه إلا أحدَ نِصفَيْه -أوَّلِهِما! أو آخِرِهِما!-!!
7-
قال الشيخُ ربيع: (فين شيوخُه؟! فين شيوخه؟!)!
قلتُ: يقصدُنِي -قوّاهُ الله-...
أمَّا شيوخِي في الإسناد والإجازة؛ فكثيرون -والحمدُ لله-؛ مِن أهمِّهم: أُستاذُنا الشيخ حمّاد الأنصاري، وأُستاذُنا الشيخ بديع الدِّين السِّندي، وأُستاذُنا الشيخ عطاء الله حنيف -رحمهم الله- وهذا كُلُّهُ قبل رُبع قرنٍ فأكثر- وغيرُهم-، و(قريباً): الشيخ محمد علي آدم الإثيوبي المكِّي -حفظه الله- وغيرُهُ-...
أمّا شيخِي الفَرْدُ الذي أعتزُّ به، وأُستاذِي الأوحدُ الذي أفتخرُ به -وحُقَّ لي!-؛ فهو الشيخ الإمام المحدِّثُ الفقيهُ العلاَّمةُ أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني، الذي وَصَفَنِي -رحمةُ الله عليه- في عددٍ كبيرٍ مِن كُتُبِهِ بـ(تلميذُنا)، و(صاحبُنا)، و(أخونا)، و(الشيخ) -مُشيراً إليَّ، أو ناقِلاً عَنِّي-.
فما لي ولمن نَفَى ذلك بمجرَّدِ كلمةٍ طائرة! أو بجَرَّةِ قَلَم! وبغيرِ معرفةٍ ولا تحقيقِ عِلم؟!
8-
قال الشيخُ ربيع: (دَرَسَ على الألباني؟! لازَمَهُ في إيش؟! في إيش لازمَهُ؟! لازَمَهُ في (البخاري)؟! لازَمَهُ في (مُسلم)، لازمَهُ في (الطحاويَّة)؟!
قلتُ: نرجو مِن الشيخ ربيع -حفظهُ الله- أن يُبَيِّن لنا الدليلَ (المُقنِع) على ما أشارَ إليه ممّا يُفهَمُ منه (!) أنّ التلمَذَةَ لا تكونُ إلا بالمُلازمَة (!) ودِراسة كُتُبٍ مُعيَّنَة!!!
تذكَّرُوا: (الدليل المُقنِع) -لا غير-!!
ولا ندري -ثَمَّةَ- كيف نفعلُ بالشيوخ والتلاميذ الذين أورَدَهُم الحافظُ المِزِّي -مَثَلاً- في أكثر تراجمِ كِتابِهِ البحر «تهذيب الكَمال»، ومنهم -تلمذَةً- مَن لمْ يَسمع إلا حديثاً واحداً، ومنهم -مشيخةً- مَن لم يُسمِعْ إلا روايةً واحدة!!
بل ما حُكْمُ (المُنفردات)، و(الوُحدان) -في عُلوم الحديث-؟!
بل أعجبُ -جدًّا- ممّن لا يتحاشَى (!) أنْ ينسبَ نفسَهُ بالتلمذة على شيخِنا -مُفتخِراً- لمجرَّد حُضورِهِ مُحاضراتٍ في الجامعة -وهي مهما طالت محدودة!- في الوقت الذي ينفِي فيه تلمذةَ مَن رافَقَ شيخَنا في السَّفَرِ، وجالسَهُ -ما لا يُحصَى- في الحَضَر، وذَكَرَهُ في تآليفِهِ أكثرَ ما ذَكَرَ؟!
مُنَبِّهاً -أخيراً- إلى أنِّي لا أعلمُ عن شيخِنا الألباني -نفسِه!- أنَّه (درس) أيًّا مِن هذه الكُتُب على أحدٍ مِن المشايخ! ولا (لازمَهُ) في شيءٍ مِن ذلك!!
فماذا نقولُ؟!
9-
قال الشيخُ ربيع: (الشيخ الألباني قال: ما عندَه تلاميذ)!!
قلتُ: على فَرَض التسليم بثُبوتِ هذا النَّقل عنه -رحمهُ الله-؛ فبيانُهُ الحقُّ مِن أربعة وُجوه:
أ-
أنَّهُ كَتَبَ (بيدِه) -في مواضعَ أُخَرَ -مُثْبِتاً- أنَّ له تلاميذ! و(المُثبِت مُقدَّم على النّافِي) -كما هو مُقَرَّر-.
ب-
أنَّ شيخَنا لـمّا (قال) هذه الكلمة، قد يكون قالها في وقتٍ لمْ يكُن له فيه تلاميذ -فعلاً-، ثُمَّ حصل له ذلك -بعد-؛ فلا تعارُضَ...
ج-
أنَّ شيخَنا (قال) هذه الكلمة تواضُعاً؛ كمثل ما قال -مِن قَبْل- تواضُعاً -أيضاً-: (أنا علّمت وما ربَّيْت)؛ فاتَّخَذَها بعضُ الحِزبيِّين- ومَرْضَى النُّفوس مِن الخبيثين!- سُلَّماً للطَّعْنِ في أُستاذنا الشَّيخ وطريقتِهِ...
د-
قَبول ونَشْر أنَّهُ (ليس لشيخِنا الألبانيّ تلاميذ): ادِّعاءٌ يحملُ في طَيَّاتِهِ طعناً غير مُباشِر -بل قد يكون مُباشراً!- في شيخِنا؛ فكيف يكونُ حالُ شيخٍ -أيِّ شيخ- قد سَلَخَ أكثر مِن نصف قَرن مِن عُمُره في التعليم، ثُمَّ لا يكونُ له تلاميذ!!؟!
فكيف إذا كان هذا الشيخُ هو (الألباني)؟!
ولا أظنُّ فضيلةَ الشيخ ربيع يُريدُ هذا المعنَى!
فأيُّ معنى يُريدُ -إذن- حفظهُ اللهُ-؟!
10-
قال الشيخُ ربيع: (الألباني بصوتِهِ يقولُ هذا.. ونحنُ نعرفُ هذا الواقع) جواباً على مَن قال له عن الألباني: (كَتَبَ -يا شيخ- كَتَب، كَتَبَ)!
فلا أدرِي ما الأقوَى بيِّنَةً؟!
كلمةٌ في شريطٍ؛ لا تُعرَفُ حيثيَّاتُها، وزمانُها، وظُروفُها، أم جُملةٌ في كتابٍ مُحَرَّر مُعتَبَر؛ عُرِفَ تاريخُه، وعُرفتْ ظُروفُه؟!
أمّا معرفة (الواقع)؛ فممّن؟! وكيف؟! وأين؟!
أليست هذه -أيضاً- أسئلةً مشروعةً؛ لا أظنُّنِي واجداً لها جواباً!
فإنْ وُجِدَ؛ فأين؟! وكيف -مرَّةً أُخرَى-؟!
11-
قال الشيخُ ربيع: (هذا الرجلُ ما هو إلا تلميذٌ لشقرة)!
قلتُ: كذا قال -وفَّقَهُ اللهُ للخيرِ-! وهو يقصِدُني -أيضاً-!
أفلا يحقُّ لي أنْ أسألَ: كيفَ صِرتُ تلميذاً لشَقرَة (هُنا) وأنا لمْ أدرُس عليه شيئاً (!)، وما لازمتُهُ في (البخاري)، ولا (مُسلم)، ولا (الطحاوية)!!
فكيف أُثبِتَ هذا -هُنا- بما نُفِيَ به ذاك -هُناك-؟!
وبمُناسبةِ ذِكر (الطحاوية)؛ فقد كان شقرة -غير المأسوفِ عليه -يسمِّيها -ذمًّا وتعييراً-: (إنجيل السلفيِّين)!!
فما الذي جَعَلَنِي (!) تلميذاً لهذا الرجل! دون التلمذة على ذاك الإمام -والواقع واحدٌ-؟!
علماً أنَّ مَجالسِي ومُجالَسَتِي لشيخِنا الألباني- رحمهُ اللهُ- فضلاً عن الاستفادةِ العلميَّة منه -أضعافُ أضعافِ أضعاف ما كان لي مع شَقرَة -هداهُ الله-.
أمرٌ ثانٍ:
ألَمْ يبلُغْ فضيلةَ الشيخ ربيع أنَّنا خالَفْنَا شَقرَة، ونبذناهُ، ورَدَدْنا عليه، وتعقَّبْناه!
وأنَّهُ -هداهُ الله- آلَ قُطبيًّا، إخوانيًّا، تكفيريًّا، مُتَلَوِّناً!!!
فأيُّ تَلْمَذَة تلك -لو كانت!- قد بقيتْ؟!
أمْرٌ ثالثٌ:
الشيخ ربيع -وفَّقَهُ المولَى- يعتبرُ نفسَهُ تلميذاً لشيخِنا الألباني؛ لكونِهِ دَرَسَ عليه في مُحاضراتِ (الجامعة الإسلاميَّة)...
وهذا حَقُّه -ضِمن وُجوه البيان السَّابِق-!
أَفَلا يَعتبرُ نفسَهُ -أيضاً- تلميذاً لشَقْرَة الذي دَرَسَ عليه -أيضاً- في مُحاضرات (الجامعة الإسلاميَّة) -نفسها- سواءً بسواءٍ-؟! -وهذه ولا بُد مُفاجَأةٌ للكثيرين-!!!
فمَن هو (تلميذ شَقرة) -إذن- على الحقيقة-؟!فإنْ قيل: الشيخ ربيع خالَفَهُ!
فنقولُ: فنحنُ خالَفْناه قَبلَه، وبأصرح وأقوَى منه -وفَّقَهُ اللهُ-.
بل قد سمعتُ مِن الشيخ ربيع -نفسه- قبلَ أكثرَ مِن عشرِ سنواتٍ أنَّهُ ارْتَأَى عدمَ الردِّ على شَقْرَة بعضَ باطلِهِ لكونِهِ -فقط- درَّسه في الجامعة! و(تتلمذَ) عليه -ثَمَّة-!!
فهل هذا -مِن جهةٍ أُخرَى- يمنعُ مِن بيانِ الحقِّ؟!
سُبحانَك اللهم!!!
وفي آخِرِ هذه الحلقة (الأولى) مِن هذه (المُباحثَة) -العلميَّة- الودودة- أُذكِّرُ فضيلةَ الشيخ ربيع -حفظه الله- بما قالَهُ هو -قبلَ سنوات- في «نصيحة لأهل اليمن» -ممّا كنت قد نقلتُهُ عنه في كتابي «منهج السلف الصالح..» (ص423-ط2)- و{الذِّكرَى تنفعُ المُؤمنِين}؛ قال:
«اتَّصَلَ عليَّ الشيخُ مُقبل [بن هادي الوادعيّ] مرَّةً، قال: بلغني أنَّكَ تقولُ: في حلقاتِنا حزبيُّون؟! فقلتُ: أنا ما أذكُرُ أنِّي قُلْتُ هذا! لكنْ؛ أقولُ لك -الآن-: نعم! أؤكِّدُ لك هذا.
فإنَّ أهل الفِتَن يجعلونَ بطانةً لكلِّ شخصيَّة مهمَّة؛ فجَعَلُوا للشيخ الألبانيّ بطانةً، وللشيخ ابن باز بطانةً، وللرجالِ الأُمراءِ بِطانةً، وكُلِّ عالمٍ جعلوا له بطانةً؛ ليتوصَّلُوا إلى أهدافِهِم مِن خلالِ هذه البطانات، فلا نأمن الدَّسَّ...».
قلتُ: فرجائي الشديد -جدًّا- مِن فضيلةِ الشيخِ ربيع -حفظهُ اللهُ-وهو الشخصيَّةُ المهمَّة جدًّا-اليوم- أنْ يحذَرَ البطانةَ السيِّئةَ مِن جهةٍ، وأنْ يُحاذِرَ مِن دسِّها ودسائِسِها -مِن جهةٍ أُخرَى-؛ فلا أرَى -واللـهِ- أكثرَ هذه الملاحظات، ولا جُلَّ تلك المُؤاخذات إلاّ ناشئةً منهُم! أو مُنْبَثِـقَةً عنهُم!! أو راجِعَةً إليهم!!! -بصَّرَهُ اللهُ بهم، وكَشَفَهُم -بمنِّه- له- كما كشفَ له -سبحانَهُ -مَن قَبْلَهُم!- وهو بهم خبيرٌ-!
وليس فضيلتُهُ -اليومَ- بأفضلَ وأجَلَّ مِن الألبانيِّ وابنِ باز - بالأمس-...
رَحِمَ اللهُ الجميعَ -أحياءً وأمواتاً-...
(يُتبع)...
ابكي على نفسك يا ظفيري المسكين شبكة سحاب ساقطة في الجهل !
القول العدل الأمين
في مُباحثة (الشيخ ربيع) في (جلسته مع الفلسطينيِّين): (1)
.. (لن أُعادِيَك كما عاداك غيري ... بيني وبينك العِلم) ..
هذه كانت آخرَ كلماتٍ قُلتُها للشيخ ربيع بن هادي -حفظه الله- قبل السلام والوداع- في آخر لقاءٍ لي معه، وذلك في بيتِهِ في مكَّة؛ في منتصف شهر رمضان سنة (1429هـ)، وهو ما أنا حريصٌ عليه إلى هذه الساعةِ -سائلاً الله أن يُعينَني عليه-.
ولقد ذكرتُ في المقال السابق «ارفقوا بالشيخ ربيع -يرحمكم الله-» ما يجبُ علينا -بصفتنا سلفيِّين- نحو الشيخ ربيع -حفظه الله- مِن حقّ، وأنَّ الواجبَ الرِّفقُ به، واللُّطفُ معه -ولو كان ذلك مع رَدِّ شيءٍ ممّا نَراهُ مِن أخطائه -وفَّقَهُ اللهُ-؛ فهو بشرٌ مِن البشر، «يَرُدُّ ويُرَدُّ عليه»...
ولعلَّ هذه هي المرَّةَ الأُولَى (!) التي سأتناولُ فيها -مع بالغ الاحترام والتقدير- بالردِّ والبيان، والدليل والبُرهان -صراحةً- بعضاً ممّا قالَهُ الشيخ ربيع في حقِّي، أو انتقدني فيه؛ وذلك مِن خلال ما وَرَدَ في (جلسة الطلبة الفلسطينيِّين) معه -فقط-؛ مُحاوِلاً -جَهْدِي كُلّه- أنْ أضبطَ قلمِي بأدبِ العِلم، وقوَّة الحُجَّة -معاً-..
وهذا -عند كلِّ ذي نَظَر- حقٌّ شرعيٌّ لي -مُعْتَبَر-...
ومَن توهَّمَ أنَّ قوَّة الحُجَّة وصَولَة الحقّ تُناقضُ أدبَ العِلم أو احترامَ العُلماءِ؛ فَلْيَبْكِ على نفسِهِ؛ كمثلِ ذاك الغويِّ الشنيع الذي وَصَفَنِي بـ(الزِّنديق!) لمجرَّدِ كتابتِي مقالي السَّابِق (ارفقوا بالشيخ ربيع..)!!!
وإنِّي لأظنُّ أنَّ فضيلةَ الشيخ ربيع -وَفَّقَهُ المولَى- سيَفرحُ -جدًّا- بهذه المُباحثةِ الوَدودة؛ لِـمَا ستُثْمِرُهُ -إنْ شاء الله- مِن تصحيح مفاهيم مغلوطات، وتصويب وقائع أو معلومات...
واللهُ -تعالى- يقول: {وفَوْقَ كُلّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم}...
وهأنذا أتناولُ (ألفاظَ) الشيخ ربيع -حفظه الله- (وكلماتِه) التي (قالَها) بشأنِي، أو في حقِّي -لفظةً لفظةً، وكلمةً كلمةً- في ذلك (المجلس)، وأُبَيِّن وجهَ الحقِّ فيها بما تتضمَّنُهُ مِن حقائقَ -سواءٌ لي أو عليَّ- واللهُ وليُّ الصادقين:
1-
قال الشيخُ ربيع: (هذا الكتاب ردٌّ عليَّ أنا)!
قلتُ: يقصدُ -حفظهُ اللهُ- كتابي «منهج السلف الصالح في ترجيح المصالح، وتطويح المفاسد والقبائح؛ في أُصول النقد والنصائح» -وقد صدَرَتْ طبعتُهُ الثانية المنقَّحَة المزيدة -بحمدِ الله-.
ولئن كان ذلك كذلك؛ فهل يعيبُ أيَّ كتابٍ كونُهُ ردًّا على أيِّ أحدٍ مِن أهلِ العلمِ -كائناً ما كان فضلُهُ ومنزلتُهُ-؟!
أم أنَّ الذي يعيبُ الكتابَ -أيَّ كتابٍ- ما قد يتضمَّنُهُ مِن مُخالفةٍ للحقِّ، ومُناقضةٍ للهدى؟!
وهو ما أنا حريصٌ على معرفتِهِ والوقوفِ عليهِ إلى هذه الساعة؛ ممَّا لمْ أرَ شيئاً منه ذا بالٍ فيما طالعتُ مِن رُدود!! وتعقُّبات!!!
وهل هُناك (أحد) مِن أهل العِلم -على درجاتهم كافّة -فوق الردّ؟!
2-
قال الشيخُ ربيع: (أنا صابرٌ عليه عشر سنوات، وهو معهم يُؤيِّدُهُم ويُدافعُ عنهُم وأنا صابرٌ عليه).
قلتُ: يقصدُ -وفَّقَهُ اللهُ- أنّه صابرٌ عليَّ في هذا الذي أشار إليه مِن التأييدِ والدِّفاعِ -فقط-...
أمّا (الصبر)؛ فهو مُتبادَلٌ بينَنا -والحمدُ لله-؛ فكما يَراني هُو مُخطئاً في (موقفِي) مِن هؤلاء [ويقصدُ المغراوي وعرعور وأبا الحسن، ثُمّ -بعد- أبا إسحاق ومحمد حسَّان]، فأنا -أيضاً- أراهُ غيرَ مُصيبٍ في (موقفه) منهُم -بالعلمِ مُتناصِحِين، وبالهدى مُتواصين-؛ فكان ماذا؟!
والصبرُ محتاجٌ إلى رحمةٍ -كما هو قائمٌ على الحقِّ-؛ وليس هو محصوراً في أحد، ولا ممنوعاً مِن أحد! {وتواصَوْا بالصَّبْر وتواصَوْا بالمَرْحَمَة}...
أمّا أنِّي (معهم)؛ فلا؛ بل -واللهِ- لا أكادُ ألتَقِي الواحدَ مِن هؤلاء -أو أُهاتفُهُ- إلا مرَّةً في السَّنَة، أو السَّنَتَيْن، أو لعلَّه أكثر -واللهُ يشهدُ-، بل بعضُهُم لمْ أُكَلِّمْهُ أو أرَهُ مُنذُ عدَّة سَنوات!
فكيفَ أكونُ (معهم)؟!
أمّا إذا أُريدَ بِـ: (معهم) أي: فِكراً وأفكاراً؛ فأنا (معهم) -كما أنا مع غيرِهم ممّن أعتقدُهُ سلفيًّا ولو أخطأ- فيما وافَقُوا فيه الحقَّ الذي أَدينُ اللهَ به -حَسْبُ-؛ دون الحِزبيِّين، أو التكفيريِّين، أو القطبيِّين، أو غير هؤلاء المُنحرِفين...
أمّا أنِّي (أُؤيِّدُهُم) -هكذا بالعُموم؛ فلا -أيضاً-، بل إنِّي أُخالِفُهُم في بعضِ ما يرونَهُ صواباً ممَّا لا أراهُ كذلك، وأُناصحُهم في ذلك، وأُحذِّرُ ممّا أخطؤوا فيه -بلُطْفٍ ورحمةٍ ورِفقٍ-...
وهذا -دون الإسقاطِ والتبديع- تماماً- ما اتَّفَقْنا عليه (تُجاهَهُم) -وأمثالهم- مع الشيخ ربيع -أمامَ مجموعة مِن أهل العِلم- بدارِهِ في (مكّة) -قبل ثماني سنوات-؛ فما الذي تغيَّر؟!
أمّا أنِّي (أُدافعُ عنهُم)؛ فَنَعَم -ولا أزالُ-؛ وذلك فيما أرَى أنَّهم انتُقِدُوا فيه بغيرِ حقّ، أو قيل فيهم بغير صواب؛ مثل: (مُبتدِع)، (ضالّ)، (شيطان)، (مِن أتباع المسيح الدَّجَّال)، (قطبي)، (تكفيري) -وغير ذلك- ممّا لا يحملُ -عندي- أيَّ وجهٍ مِن سَداد...
نَعَم؛ يُوجدُ عندهم أخطاءٌ، وأخطاءٌ -كما عند غيرِهم ممّن أراهُ سلفيًّا -ولو كان كبيراً-؛ لكنْ ليست بذاك الحجم! ولا ما يُقاربُهُ!!
فسبيلُ الخُروج ممّا هم فيه: التواصي والتناصح، لا التقاطع والهُجوم الكاسح!
مع التنبيه -خامساً وتاسعاً...- إلى أنَّ الخِلاف في درجات (النّاس) -جَرحاً وتعديلاً- بين عُلماء الأُمَّة مِن أهل السُّنَّة -قديماً وحديثاً- خلافٌ علميٌّ مُعتبَرٌ...
كخلافِهِم -قديماً- في ابن أبي يحيَى...
وخلافِهم -حديثاً- في ابن جبرين!
... وغيرهما كثير!
3-
قال الشيخُ ربيع: (بكتاب وكتابين، وموقع شرس)!
قلتُ: حتّى لو كان الردُّ بعشَرةِ كُتُب؛ فكان ماذا؟!
هل هذا يُعابُ لذاتِهِ؟!
أمْ أنَّ العيبَ مُوجَّهٌ إلى محتواه ومضمونه فيما إذا خالفَ الحقَّ والصواب؟!
وهل أحدٌ فوق النَّقد والردِّ؟!
أمّا (موقع شرس)؛ فيقصدُ -وفّقه الله-: مُنتدياتنا المُبارَكة (مُنتديات كُلّ السلفيِّين)؛ وهي المنتديات التي لا أسمحُ فيها -ما استطعتُ إلى ذلك سبيلاً- بأيِّ مِساسٍ بالشيخ ربيع انتقاصاً، أو تجريحاً؛ فضلاً عن شراسة شيءٍ مِن ذلك!
وما فاتَنِي (!) مِن ذلك؛ فأنا أطلبُ مِن أيِّ أخٍ مُتابعٍ أن يدُلَّني عليه؛ لأحذفه فوراً.
وهذا طلبٌ مُباشرٌ مِنِّي -هُنا- أُوجِّهُهُ إلى إخوانِي المُشرِفِين -أجمعين-؛ فضلاً عن عُموم الأعضاء والمُشارِكِين..
مع ضرورة التفريق -مُذَكِّراً- بين النقد العلمي النزيه، والطعن غير العلمي القائم على التجريح والتشويه.
والخلط بينهُما -جمعاً وتفريقاً- محضُ التمويه...
4-
قال الشيخُ ربيع: (الآن هو يُجرِّحني، ولا يُثنِي عَلَيَّ -علي حَسَن-)!
قلتُ: أمّا أنِّي (أُجَرِّحُهُ)؛ فلا وألفُ لا، وأُطالبُ بأدنَى بيِّنة على هذا الادِّعاء!
ولنْ تجدُوا!!!
أمّا النقدُ العلميُّ الصِّرْف؛ فذا شيءٌ آخر...
ولِكُلٍّ بابُهُ وأسبابُهُ...
أمّا أنِّي لا أُثنِي عليه؛ فـ:
الثناءُ عليه -حفظهُ الله -حُكماً شرعيًّا- ليس بواجب...
وإنْ تَنزَّلْنا بالقولِ بوجوبه (!)، فهو واجبٌ كِفائيّ (!) لا عينيّ!!!!
ولا أظنُّ أنَّ أحداً عندَهُ مُسكة عقلٍ يقولُ هذا أو يدّعِي ذاك!
بل الصواب -والواقع- أني أُثني عليه وأمدحُهُ -وفَّقه الله- بما أعتقدُهُ فيه مِن حقّ، دونَ غُلُوٍّ ولا إفراط -كما هو شأنِي مع غيره مِن أهل العِلم- سواءً بسواءٍ-.
ومِن آخِر ذلك: أجوبةُ أسئلةٍ وُجِّهَتْ (إليَّ)، نشرها بعضُ سائلِيها على (مُنتدانا) -هذا-؛ فيها الثناءُ عليه، والاعترافُ بفضلِه -حفظه الله-.
لكنَّ الثَّناءَ والفضلَ لا يلزمُ منهُما -ألْبَتَّةَ- إثباتُ شيءٍ مِن العصمةِ؛ ولو في أدنَى صُورِها -ظاهرةً أو خفيَّةً-...
5-
قال الشيخُ ربيع: (علي حسن يُسَلِّطُ أطفال (!) على العُلماء، ويمدحُها.. علي يزكِّيها، ربيع مِن أهل العِلم، ومُحارَب في هذا الموقع)!
أ-
أمّا تسليطُ الأطفال؛ فهذا ممَّا لا أعرفُهُ، ولا أتخيَّلُ وُجودَهُ، وإن وُجد مِن غيري؛ فلا أرتضيه!
فكيف (أُسلِّطُ) -إذن- مَن لا أعرفُ ولا أرتضِي؟!
وكيف (أمدحُ) ما لم يكن ولم يُوجد؟!
ثُمَّ؛ على فرضِ وُجودِ هؤلاء الـ(أطفال!) -فِعلاً- وهو إطلاقٌ مجازيٌّ لتحقيرِهِم!-؛ فهل يمنعُ صِغَرُ سِنِّهم قَبولَ ما معهُم مِن الحقِّ؟!
وهل الحقُّ محصورٌ في الـ(شيوخ) -سِنًّا-؟!
أم قد يكونُ عند (الصغيرِ) ما لا يوجدُ عند الكبير؟! وقد يخطئُ الكبيرُ بما لا يُخطئُ فيه الصغير؟!
... وفي الأنهار الصِّغار ما لا يوجدُ في البحارِ الكِبار!
ومِن الظريفِ اللَّطيف: أنِّي رأيتُ النَّبْزَ بلفظ: (الصبيّ!) في إطلاقات بعض أئمَّة النَّقد الحديثيِّ المتقدِّمين، وقد قيلَتْ -جَرحاً- في بعضِ ثِقات الرُّواة المأمونين!
ب-
أمّا أنَّ الشيخ (ربيع مِن أهل العلم)؛ فهذا ما لا أُخالِفُ فيه، بل أَدينُ اللهَ به -وهذا ثناءٌ؛ فانتبِهُوا-، ولكنِّي أراهُ كغيرِه مِن أهل العِلم؛ يُخطئُ ويُصيب، ويَعلمُ ويَجهل، ويَرُدُّ ويُرَدُّ عليه.
وليس أيُّ قولٍ منه حفظه الله -فضلاً عن غيرِه مِن أهل العِلم -بذاتِهِ- علامةً على الصواب؛ بل لا بُدَّ مِن دليلٍ (مُقنِع)، وحُجَّة (ظاهرة) على كُلِّ قولٍ، أو فتوَى، أو حُكْم...
وليس يخفَى أنَّهُ ليس كُلُّ دليلٍ = مُقنِعاً!
ولو لمْ يكُن الدليلُ المطلوبُ (مُقنِعاً) -حقًّا-: لكانَ حديثُ «هو الطَّهورُ ماؤُهُ..» دليلاً على رُكنيَّة التسليم مِن الصَّلاة!!
فهو (دليلٌ) -عند صاحبِهِ- ولا شكّ؛ لكنَّهُ غيرُ قائمٍ -ثَمَّةَ-؛ بَلْهَ أنْ يكونَ مُقنِعاً، أو مُلْزِماً!!
فلا يَكْفِي صِحَّةُ الدليل إلاّ بصوابِ الاستدلال...
وهذا -مِن حيثُ الأصلُ- لا ينبغي أنْ يختلفَ فيه اثنان (مُنصِفان)...
ج-
أمّا أنَّهُ (مُحارَب في هذا الموقع)؛ فممَّن؟! وكيف؟! وأين؟!
هذه أسئلةٌ مشروعةٌ تحتاجُ إلى أجوبةٍ صريحة، مع إقامة البيِّنة على أيِّ ادِّعاءٍ فيها -مهما قَلَّ-...
وإلا؛ فالدعوَى مردودةٌ....
مع التنبيه -ثالثاً ورابعاً...- إلى فرق ما بين (الردّ) و(المُحاربة)...
6-
قال الشيخُ ربيع: (و[أحمد] بازمول مِن العُلماء.. دُكتور.. دُكتور في السُّنَّة.. و(علي) طالب عِلم)...
قلتُ:
لن أقفَ طويلاً عند هذه النُّقطة!
وحَسْبِي (ظَفَرِي) بوَصْفِ الشيخ ربيع لي -جزاهُ اللهُ خيراً- (هُنا) -بأنِّي: (طالب عِلمٍ) -والحمدُ لله-؛ وهو ما سمعتُ شيخَنا الإمام الألباني -مِراراً- يصفُ به نفسَه -ولا يزيدُ- رحمهُ اللهُ-.
وأمّا المُفاضلَة، والمُقارَنَة، والمُوازنَة -فضلاً عن الترجيح!-؛ فلستُ ساعياً إليها، ولا راغِباً فيها، ولا حريصاً عليها...
وإنَّما أترُكُها للتاريخ.. و.. العُقلاء..
ولا شكَّ أنَّه لا يزالُ منهُم بقيَّةٌ!
وبالمُقابِل؛ فلا إخالُ الشيخ ربيعاً -وفَّقَهُ اللهُ- يُخالِفُنِي في وُجودِ كثيرٍ ممَّن يحملُ لَقَبَ (دُكتور) ولا يستحقُّ منه إلا أحدَ نِصفَيْه -أوَّلِهِما! أو آخِرِهِما!-!!
7-
قال الشيخُ ربيع: (فين شيوخُه؟! فين شيوخه؟!)!
قلتُ: يقصدُنِي -قوّاهُ الله-...
أمَّا شيوخِي في الإسناد والإجازة؛ فكثيرون -والحمدُ لله-؛ مِن أهمِّهم: أُستاذُنا الشيخ حمّاد الأنصاري، وأُستاذُنا الشيخ بديع الدِّين السِّندي، وأُستاذُنا الشيخ عطاء الله حنيف -رحمهم الله- وهذا كُلُّهُ قبل رُبع قرنٍ فأكثر- وغيرُهم-، و(قريباً): الشيخ محمد علي آدم الإثيوبي المكِّي -حفظه الله- وغيرُهُ-...
أمّا شيخِي الفَرْدُ الذي أعتزُّ به، وأُستاذِي الأوحدُ الذي أفتخرُ به -وحُقَّ لي!-؛ فهو الشيخ الإمام المحدِّثُ الفقيهُ العلاَّمةُ أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني، الذي وَصَفَنِي -رحمةُ الله عليه- في عددٍ كبيرٍ مِن كُتُبِهِ بـ(تلميذُنا)، و(صاحبُنا)، و(أخونا)، و(الشيخ) -مُشيراً إليَّ، أو ناقِلاً عَنِّي-.
فما لي ولمن نَفَى ذلك بمجرَّدِ كلمةٍ طائرة! أو بجَرَّةِ قَلَم! وبغيرِ معرفةٍ ولا تحقيقِ عِلم؟!
8-
قال الشيخُ ربيع: (دَرَسَ على الألباني؟! لازَمَهُ في إيش؟! في إيش لازمَهُ؟! لازَمَهُ في (البخاري)؟! لازَمَهُ في (مُسلم)، لازمَهُ في (الطحاويَّة)؟!
قلتُ: نرجو مِن الشيخ ربيع -حفظهُ الله- أن يُبَيِّن لنا الدليلَ (المُقنِع) على ما أشارَ إليه ممّا يُفهَمُ منه (!) أنّ التلمَذَةَ لا تكونُ إلا بالمُلازمَة (!) ودِراسة كُتُبٍ مُعيَّنَة!!!
تذكَّرُوا: (الدليل المُقنِع) -لا غير-!!
ولا ندري -ثَمَّةَ- كيف نفعلُ بالشيوخ والتلاميذ الذين أورَدَهُم الحافظُ المِزِّي -مَثَلاً- في أكثر تراجمِ كِتابِهِ البحر «تهذيب الكَمال»، ومنهم -تلمذَةً- مَن لمْ يَسمع إلا حديثاً واحداً، ومنهم -مشيخةً- مَن لم يُسمِعْ إلا روايةً واحدة!!
بل ما حُكْمُ (المُنفردات)، و(الوُحدان) -في عُلوم الحديث-؟!
بل أعجبُ -جدًّا- ممّن لا يتحاشَى (!) أنْ ينسبَ نفسَهُ بالتلمذة على شيخِنا -مُفتخِراً- لمجرَّد حُضورِهِ مُحاضراتٍ في الجامعة -وهي مهما طالت محدودة!- في الوقت الذي ينفِي فيه تلمذةَ مَن رافَقَ شيخَنا في السَّفَرِ، وجالسَهُ -ما لا يُحصَى- في الحَضَر، وذَكَرَهُ في تآليفِهِ أكثرَ ما ذَكَرَ؟!
مُنَبِّهاً -أخيراً- إلى أنِّي لا أعلمُ عن شيخِنا الألباني -نفسِه!- أنَّه (درس) أيًّا مِن هذه الكُتُب على أحدٍ مِن المشايخ! ولا (لازمَهُ) في شيءٍ مِن ذلك!!
فماذا نقولُ؟!
9-
قال الشيخُ ربيع: (الشيخ الألباني قال: ما عندَه تلاميذ)!!
قلتُ: على فَرَض التسليم بثُبوتِ هذا النَّقل عنه -رحمهُ الله-؛ فبيانُهُ الحقُّ مِن أربعة وُجوه:
أ-
أنَّهُ كَتَبَ (بيدِه) -في مواضعَ أُخَرَ -مُثْبِتاً- أنَّ له تلاميذ! و(المُثبِت مُقدَّم على النّافِي) -كما هو مُقَرَّر-.
ب-
أنَّ شيخَنا لـمّا (قال) هذه الكلمة، قد يكون قالها في وقتٍ لمْ يكُن له فيه تلاميذ -فعلاً-، ثُمَّ حصل له ذلك -بعد-؛ فلا تعارُضَ...
ج-
أنَّ شيخَنا (قال) هذه الكلمة تواضُعاً؛ كمثل ما قال -مِن قَبْل- تواضُعاً -أيضاً-: (أنا علّمت وما ربَّيْت)؛ فاتَّخَذَها بعضُ الحِزبيِّين- ومَرْضَى النُّفوس مِن الخبيثين!- سُلَّماً للطَّعْنِ في أُستاذنا الشَّيخ وطريقتِهِ...
د-
قَبول ونَشْر أنَّهُ (ليس لشيخِنا الألبانيّ تلاميذ): ادِّعاءٌ يحملُ في طَيَّاتِهِ طعناً غير مُباشِر -بل قد يكون مُباشراً!- في شيخِنا؛ فكيف يكونُ حالُ شيخٍ -أيِّ شيخ- قد سَلَخَ أكثر مِن نصف قَرن مِن عُمُره في التعليم، ثُمَّ لا يكونُ له تلاميذ!!؟!
فكيف إذا كان هذا الشيخُ هو (الألباني)؟!
ولا أظنُّ فضيلةَ الشيخ ربيع يُريدُ هذا المعنَى!
فأيُّ معنى يُريدُ -إذن- حفظهُ اللهُ-؟!
10-
قال الشيخُ ربيع: (الألباني بصوتِهِ يقولُ هذا.. ونحنُ نعرفُ هذا الواقع) جواباً على مَن قال له عن الألباني: (كَتَبَ -يا شيخ- كَتَب، كَتَبَ)!
فلا أدرِي ما الأقوَى بيِّنَةً؟!
كلمةٌ في شريطٍ؛ لا تُعرَفُ حيثيَّاتُها، وزمانُها، وظُروفُها، أم جُملةٌ في كتابٍ مُحَرَّر مُعتَبَر؛ عُرِفَ تاريخُه، وعُرفتْ ظُروفُه؟!
أمّا معرفة (الواقع)؛ فممّن؟! وكيف؟! وأين؟!
أليست هذه -أيضاً- أسئلةً مشروعةً؛ لا أظنُّنِي واجداً لها جواباً!
فإنْ وُجِدَ؛ فأين؟! وكيف -مرَّةً أُخرَى-؟!
11-
قال الشيخُ ربيع: (هذا الرجلُ ما هو إلا تلميذٌ لشقرة)!
قلتُ: كذا قال -وفَّقَهُ اللهُ للخيرِ-! وهو يقصِدُني -أيضاً-!
أفلا يحقُّ لي أنْ أسألَ: كيفَ صِرتُ تلميذاً لشَقرَة (هُنا) وأنا لمْ أدرُس عليه شيئاً (!)، وما لازمتُهُ في (البخاري)، ولا (مُسلم)، ولا (الطحاوية)!!
فكيف أُثبِتَ هذا -هُنا- بما نُفِيَ به ذاك -هُناك-؟!
وبمُناسبةِ ذِكر (الطحاوية)؛ فقد كان شقرة -غير المأسوفِ عليه -يسمِّيها -ذمًّا وتعييراً-: (إنجيل السلفيِّين)!!
فما الذي جَعَلَنِي (!) تلميذاً لهذا الرجل! دون التلمذة على ذاك الإمام -والواقع واحدٌ-؟!
علماً أنَّ مَجالسِي ومُجالَسَتِي لشيخِنا الألباني- رحمهُ اللهُ- فضلاً عن الاستفادةِ العلميَّة منه -أضعافُ أضعافِ أضعاف ما كان لي مع شَقرَة -هداهُ الله-.
أمرٌ ثانٍ:
ألَمْ يبلُغْ فضيلةَ الشيخ ربيع أنَّنا خالَفْنَا شَقرَة، ونبذناهُ، ورَدَدْنا عليه، وتعقَّبْناه!
وأنَّهُ -هداهُ الله- آلَ قُطبيًّا، إخوانيًّا، تكفيريًّا، مُتَلَوِّناً!!!
فأيُّ تَلْمَذَة تلك -لو كانت!- قد بقيتْ؟!
أمْرٌ ثالثٌ:
الشيخ ربيع -وفَّقَهُ المولَى- يعتبرُ نفسَهُ تلميذاً لشيخِنا الألباني؛ لكونِهِ دَرَسَ عليه في مُحاضراتِ (الجامعة الإسلاميَّة)...
وهذا حَقُّه -ضِمن وُجوه البيان السَّابِق-!
أَفَلا يَعتبرُ نفسَهُ -أيضاً- تلميذاً لشَقْرَة الذي دَرَسَ عليه -أيضاً- في مُحاضرات (الجامعة الإسلاميَّة) -نفسها- سواءً بسواءٍ-؟! -وهذه ولا بُد مُفاجَأةٌ للكثيرين-!!!
فمَن هو (تلميذ شَقرة) -إذن- على الحقيقة-؟!فإنْ قيل: الشيخ ربيع خالَفَهُ!
فنقولُ: فنحنُ خالَفْناه قَبلَه، وبأصرح وأقوَى منه -وفَّقَهُ اللهُ-.
بل قد سمعتُ مِن الشيخ ربيع -نفسه- قبلَ أكثرَ مِن عشرِ سنواتٍ أنَّهُ ارْتَأَى عدمَ الردِّ على شَقْرَة بعضَ باطلِهِ لكونِهِ -فقط- درَّسه في الجامعة! و(تتلمذَ) عليه -ثَمَّة-!!
فهل هذا -مِن جهةٍ أُخرَى- يمنعُ مِن بيانِ الحقِّ؟!
سُبحانَك اللهم!!!
وفي آخِرِ هذه الحلقة (الأولى) مِن هذه (المُباحثَة) -العلميَّة- الودودة- أُذكِّرُ فضيلةَ الشيخ ربيع -حفظه الله- بما قالَهُ هو -قبلَ سنوات- في «نصيحة لأهل اليمن» -ممّا كنت قد نقلتُهُ عنه في كتابي «منهج السلف الصالح..» (ص423-ط2)- و{الذِّكرَى تنفعُ المُؤمنِين}؛ قال:
«اتَّصَلَ عليَّ الشيخُ مُقبل [بن هادي الوادعيّ] مرَّةً، قال: بلغني أنَّكَ تقولُ: في حلقاتِنا حزبيُّون؟! فقلتُ: أنا ما أذكُرُ أنِّي قُلْتُ هذا! لكنْ؛ أقولُ لك -الآن-: نعم! أؤكِّدُ لك هذا.
فإنَّ أهل الفِتَن يجعلونَ بطانةً لكلِّ شخصيَّة مهمَّة؛ فجَعَلُوا للشيخ الألبانيّ بطانةً، وللشيخ ابن باز بطانةً، وللرجالِ الأُمراءِ بِطانةً، وكُلِّ عالمٍ جعلوا له بطانةً؛ ليتوصَّلُوا إلى أهدافِهِم مِن خلالِ هذه البطانات، فلا نأمن الدَّسَّ...».
قلتُ: فرجائي الشديد -جدًّا- مِن فضيلةِ الشيخِ ربيع -حفظهُ اللهُ-وهو الشخصيَّةُ المهمَّة جدًّا-اليوم- أنْ يحذَرَ البطانةَ السيِّئةَ مِن جهةٍ، وأنْ يُحاذِرَ مِن دسِّها ودسائِسِها -مِن جهةٍ أُخرَى-؛ فلا أرَى -واللـهِ- أكثرَ هذه الملاحظات، ولا جُلَّ تلك المُؤاخذات إلاّ ناشئةً منهُم! أو مُنْبَثِـقَةً عنهُم!! أو راجِعَةً إليهم!!! -بصَّرَهُ اللهُ بهم، وكَشَفَهُم -بمنِّه- له- كما كشفَ له -سبحانَهُ -مَن قَبْلَهُم!- وهو بهم خبيرٌ-!
وليس فضيلتُهُ -اليومَ- بأفضلَ وأجَلَّ مِن الألبانيِّ وابنِ باز - بالأمس-...
رَحِمَ اللهُ الجميعَ -أحياءً وأمواتاً-...
(يُتبع)...
ابكي على نفسك يا ظفيري المسكين شبكة سحاب ساقطة في الجهل !