المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التفريق بين القضية المعينة والتشريع العام والتفصيل في قضايا الحكم بما أنزل الله


كيف حالك ؟

أبو عبد الكريم الأثري
04-29-2010, 01:19 AM
التفريق بين القضية المعينة والتشريع العام والتفصيل في قضايا الحكم بما أنزل الله
دفاعا عن الشيخ العلامة المجاهد محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة السابق رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم وبعد : - أحسن الله إليكم: بعض الناس يقولون بأن الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة السابق رحمه الله قال بقول الخوارج في رسالته الشهيرة (تحكيم القوانين) في النوع الخامس والسادس من القسم الأول ويطلقون على من قال بقوله وقول غيره من العلماء -ممن قال بنحو قوله- بأنهم خوارج وتكفيرية ... فما صحة هذا أحسن الله إليكم وما هو القول الراجح في هذه المسألة وهل ثَمَّ خلافٌ معتبرٌ فيها بين أهل العلم وهل أخطأ فيها الشيخ المفتي وغيره من العلماء ممن قال بهذا القول رحم الله الجميع ؟ أفيدونا مأجورون إن شاء الله في هذه المسألة الهامة التي كثر فيها القيل والقال في هذا العصر فنرجو تحريرها وبسطها لعل الله ينفع بكلامكم ويهدي به أناسًا حيارى لم يتبين لهم وجه الصواب فيها حتى الآن أو أناسًا أخطؤوا فيها وجانبوا الصواب . والسلام عليكم .
قال حرب الكرماني صاحب أحمد في عقيدته الشهيرة إن من علامات المرجئة أنهم يصفون أهل السنة بأنهم خوارج والإمام محمد بن إبراهيم لا خلاف بينه وبين غيره من العلماء إلا في تحقيق المناط وتطبيق القواعد فقط وهي مسألة التشريع العام لقانون جاهلي مصحوباً بإلزام الناس وتخضيعهم له هل هو دال على ما في القلب من الاستحلال أو لا فالشيخ وأئمة الدعوة قبله وأغلب طلابه ومنهم الفوزان يرون ذلك من الصنف المكفر لوضوح الفعل في الدلالة على ما في القلب وذلك مثل من ترك صف الرسول يوم أحد وانظم لصف المشركين وأخذ يقاتل الرسول وأصحابه فإن هذا الفعل بمجرده يدل على التولي المكفر فكذا هنا فبعض الأفعال فيها من القوة والوضوح ما يجزم من رآها بدلالتها على ما في قلب صاحبها مع انتفاء الموانع كالإكراه ونحوه والشيخ ابن باز فيما اشتهر عنه في هذه الجزئية يرى أن هذا الفعل لا يدل على الاستحلال فالخلاف جزئي في تحقيق مناط قاعدة متفق عليها والله أعلم .اهـ

أقول لتلك المؤسسة السرية الإرجائية الماكرة الخبيثة الخارجية أتباع كل ناعق لقد فضح أمركم وعرف غلمان السلفية شبهكم فضلا عن علمائها الأجلاء وشبابها الأعزاء .
و أقول لإخواني السلفين إن الشيخ العلامة المجاهد محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة السابق رحمه الله من أعلم العلماء وأجلهم ، ولم يخرج قيد شعرة على ما قرره العلماء في هذه النقطة ، ذلك أن العلماء قد أجمعوا على كفر من بدل الشرع وحكم بشريعة غير شريعة الإسلام، قال العلامة ابن كثير -رحمه الله-: "فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟! من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين" (البداية والنهاية 13/128).
ولكن المسألة فيها تفصيل عند ورثة الأنبياء ومنهم فضيلة الشيخ العلامة ابن إبراهيم رحمه الله وإليك أقوالهم وشرحاتهم و فتاويهم :
قول شيخ الإسلام ابن تيمية
فإن الحاكم إذا كان ديناً لكنه حكم بغير علم كان من أهل النار، وإن كان عالماً لكنه حكم بخلاف الحق الذي يعلمه كان من أهل النار، وإذا حكم بلا عدل ولا علم كان أولى أن يكون من أهل النار.
وهذا إذا حكم في قضية معينة لشخص، وأما إذا حكم حكماً عاماً في دين المسلمين، فجعل الحق باطلاً، والباطل حقاً، والسنة بدعة، والبدعة سنة، والمعروف منكراً، والمنكر معروفاً، ونهى عما أمر الله به ورسوله، وأمر بما نهى الله عنه ورسوله فهذا لون آخر يحكم فيه رب العالمين وإله المرسلين مالك يوم الدين" (35/388) ا.هـ.
يقول في المنهاج (5/131): "فمن لم يلتزم بحكم الله ورسوله فيما شجر بينهم فقد أقسم الله بنفسه أنه لا يؤمن، وأما من كان ملتزماً لحكم الله باطناً لكنه عصى واتبع هواه فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة".
يقول في رسالته التسعينية: "والإيجاب والتحريم ليس إلا لله ولرسوله، فمن عاقب على فعل أو ترك بغير أمر الله ورسوله وشرع ذلك ديناً فقد جعل لله نداً ولرسوله نظيراً بمنزلة المشركين الذين جعلوا لله نداً، أو بمنزلة المرتدين الذين آمنوا بمسيلمة الكذاب وهو ممن قيل فيه: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}" أ.هـ (أنظر الفتاوى الكبرى 6/339).
العلامة ابن القيم -رحمه الله- ففي كلامه ما يشير إلى هذا التفريق حيث قال في مدارج السالكين (1/337): "والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة وعدل عنه عصياناً مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد أنه غير واجب وأنه مخير فيه مع تيقنه بأنه حكم الله فهذا كفر أكبر، وإن جهله وأخطأه فهذا مخطئ له حكم المخطئين" ا.هـ.

فضيلة الشيخ العلامة عبدالرزاق عفيفي -رحمه الله- حيث قال في رسالة الحكم بغير ما أنزل الله (شبهات حول السنة ورسالة الحكم بغير ما أنزل الله (63-65)) حالات الحاكمين بغير ما أنزل الله:
الأولى: من لم يبذل جهده في ذلك، ولم يسأل أهل العلم، وعبد الله على غير بصيرة أو حكم بين الناس في خصومة، فهو آثم ضال، مستحق العذاب إن لم يتب ويتغمده الله برحمته، قال الله تعالى: {ولا تقف ما ليس به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنده مسؤولا}.
الثانية: وكذا من علم الحق ورضي بحكم الله، لكن غلبه هواه أحيانا فعمل في نفسه، أو حكم بين الناس -في بعض المسائل أو القضايا- على خلاف ما علمه من الشرع لعصبية أو لرشوة -مثلا- فهو آثم، لكنه غير كافر كفرا يخرج من الإسلام، إذا كان معترفا بأنه أساء، ولم ينتقص شرع الله، ولم يسيء الظن به، بل يحز في نفسه ما صدر منه، ويرى أن الخير والصلاح في العمل بحكم الله تعالى.
روى الحاكم عن بريدة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: [قاضيان في النار، وقاض في الجنة: قاض عرف الحق فقضى به، فهو في الجنة، وقاض عرف الحق فجار متعمدا أو قضى بغير علم، فهما في النار}.
الثالثة: من كان منتسبا للإسلام، عالما بأحكامه، ثم وضع للناس أحكاما، وهيأ لهم نظما، ليعملوا بها ويتحاكموا إليها، وهو يعلم أنها تخالف أحكام الإسلام، فهو كافر، خارج، من ملة الإسلام.
وكذا الحكم فيمن أمر بتشكيل لجنة أو لجان لذلك، ومن أمر الناس بالتحاكم إلى تلك النظم والقوانين أو حملهم على التحاكم إليها وهو يعلم أنها مخالفة لشريعة الإسلام.
وكذا من يتولى الحكم بها، وطبقها في القضايا، ومن أطاعهم في التحاكم إليها باختياره، مع علمه بمخالفتها للإسلام.
فجميع هؤلاء شركاء في الإعراض عن حكم الله.
لكن بعضهم يضع تشريعا يضاهي به تشريع الإسلام ويناقضه على علم منه وبينه.
وبعضهم بالأمر بتطبيقه، أو حمل الأمة على العمل به، أو ولي الحكم به بين الناس أو نفذ الحكم بمقتضاه.
وبعضهم بطاعة الولاة والرضا بما شرعوا لهم ما لم يأذن به الله ولم ينزل به سلطانا.
فكلهم قد اتبع هواه بغير هدى من الله، وصدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه، وكانوا شركاء في الزيغ، والإلحاد، والكفر، والطغيان ولا ينفعهم علمهم بشرع الله، واعتقادهم ما فيه، مع إعراضهم عنه، وتجافيهم لأحكامه، بتشريع من عند أنفسهم، وتطبيقه، والتحاكم إليه، كما لم ينفع إبليس علمه بالحق، واعتقاده اياه، مع إعراضه عنه، وعدم الاستسلام والانقياد إليه".
العلامة ابن أبي العز الحنفي شارح العقيدة الطحاوية، ففي كلامه ما يشير إلى التفريق بين القضية المعينة والتشريع العام، حيث قال: "وهنا أمر يجب التفطن له وهو: أن الحكم بغير ما أنزل الله قد يكون كفراً ينقل عن الملة وقد يكون معصية كبيرة أو صغيرة، ويكون كفراً إما مجازياً وإما كفراً أصغر على القولين المذكورين، وذلك بحسب حال الحاكم فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب وأنه مخير فيه، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله فهذا كفر أكبر، وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله وعلمه في هذه الواقعة وعدل عنه مع اعترافه أنه مستحق للعقوبة فهذا عاص ويسمى كافراً كفراً مجازياً أو كفراً أصغر" (شرح الطحاوية 323-324) ا.هـ.

الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -حفظه الله- وقد نص على التفريق في أكثر من موضع في كتبه وفتاواه، واقتصر على بعضها للاختصار.
قال حفظه الله في فقه العبادات (60) مجيباً على السؤال عن صفة الحكم بغير ما أنزل الله: "الحكم بغير ما أنزل الله ينقسم إلى قسمين:
- القسم الأول: أن يبطل حكم الله ليحل محله حكم آخر طاغوتي، بحيث يلغي الحكم بالشريعة بين الناس، ويجعل بدله حكم آخر من وضع البشر كالذين ينحون الأحكام الشرعية في المعاملة بين الناس، ويحلون محلها القوانين الوضعية، فهذا لا شك أنه استبدال بشريعة الله سبحانه وتعالى غيرها، وهو كفر مخرج عن الملة، لأن هذا جعل نفسه بمنزلة الخالق حيث شرع لعباد الله ما لم يأذن به الله تعالى ذلك شركاً في قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله} (الشورى:21).
- القسم الثاني: أن تبقى أحكام الله عز وجل على ما هي عليه، وتكون السلطة لها، ويكون الحكم منوطاً بها، ولكن يأتي حاكم من الحكام فيحكم بغير ما تقتضيه هذه الأحكام، أي يحكم بغير ما أنزل الله، فهذا له ثلاث حالات.. الخ".
فانظر كيف فصل الشيخ في القسم الثاني ولم يفصل في القسم الأول.
وبمثل هذا الوضوح، وبمثل هذه الصراحة جوابه عن سؤال في هذا الموضوع ونص السؤال:
هل هناك فرق بين المسألة المعينة التي يحكم فيها القاضي وبين المسائل التي تعتبر تشريعاً عاماً؟
فأجاب فضيلته: "نعم هناك فرق، فإن المسائل التي تعتبر تشريعاً عاماً لا يتأتى فيها التقسيم السابق، وإنما هي من القسم الأول فقط، لأن هذا المشرع تشريعاً يخالف الإسلام إنما شرعه لاعتقاده أنه أصلح من الإسلام وأنفع للعباد كما سبقت الإشارة إليه" (مجموع فتاوى ورسائل الشيخ 2/144).
تفصيل العلامة الفوزان في حكم من حكم بغير ما أنزل الله :
فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله حيث قال في كتاب التوحيد (39):
"قال الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، في هذه الآية الكريمة أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر، وهذا الكفر تارة يكون كفراً أكبر ينقل عن الملة، وتارة يكون كفراً أصغر لا يخرج عن الملة، وذلك بحسب حال الحاكم فإنه إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب وأنه مخير فيه، أو استهان بحكم الله واعتقد أن غيره من القوانين والنظم الوضعية أحسن منه وأنه لا يصلح لهذا الزمان وأراد بالحكم بغير ما أنزل الله استرضاء الكفار والمنافقين فهذا كفر أكبر.
وإن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله وعلمه في هذه الواقعة وعدل عنه مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة فهذا عاص ويسمى كافراً كفراً أصغر، وإن جهل حكم الله فيها مع بذل جهده واستفراغ وسعه في معرفة الحكم وأخطأه فهذا مخطئ له أجر على اجتهاده وخطؤه مغفور. وهذا في الحكم في القضية الخاصة، وأما الحكم في القضايا العامة فإنه يختلف.. الخ".
السؤال السادس عشر: أسئلة و أجوبة في مسائل الإيمان فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه
ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ؟
الجواب :
من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل .
أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها .


(قال الشيخ ا- حفظه الله تعالى - في شرحه الماتع على الأصول الثلاثة ص (304 – 306) :

( الخامس : من حكم بغير ما أنزل الله : ودليله قوله تعالى : ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ﴾ ( النساء : 60 ) فالذي يحكم بغير ما أنزل الله مــستحـلاً لذلك يكون طاغوتًا ، والذي يقول : أنه يجــوز أن يتحاكموا إلى القانون أو إلى العوائد في الجاهلية أو عوائد القبائل والبادية ويتركوا الشرع ، يقول : هذا حلال ، أو : هذا يساوي ما أنزل الله ، فإذا قال : إنه أحسن مما أنزل الله ، أو يساوي ما أنزل الله ، أو قال : إنه حلال فقط ، ولم يقل : إنه يساوي ، ولا أفضل ، قال : حلال جائز ، هذا يعتبر طاغوتًا ، بنص القرآن ، قال تعالى : ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ﴾ سمي طاغوتًا لأنه تجاوز حده ، أما من حكم بغير ما أنزل الله وهو يقر أن ما أنزل الله هو الواجب الإتباع والحق ، وأن غيره باطل ، وأنه يحكم بباطل ، فهذا يعتبر كافرا الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة ، لكنه على خطر عظيم، على طريق قد يصل به إلى الكفر المخرج من الملة إذا تساهل في هذا الأمر ( ) .
وأما من حكم بغير ما أنزل الله عن غير تعمد بل عن اجتهاد ، وهو من أهل الاجتهاد من الفقهاء واجتهد ولكن لم يصب حكم الله ، وأخطأ في اجتهاده فهذا مغفور له ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا حكم الحاكم ، فاجتهد ، ثم أصاب ، فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ، ثم أخطأ ، فله أجر ﴾ لأنه لم يتعمد الخطأ هو يريد الحق ويريد موافقة حكم الله عز وجل ؛ لكنه لم يوفق له فهذا يعتبر معذورًا ومأجورًا ؛ ولكن لا يجوز إتباعه على الخطأ ، لا يجوز لنا أن نتبعه على الخطأ ، ومن هذا اجتهادات الفقهاء التي أخطئوا فيها أو اجتهادات القضاة في المحاكم إذا اجتهدوا وبذلوا وسعهم في طلب الوصول إلى الحق ولكن لم يوفقوا فخطؤهم مغفور ) .

وقال - حفظه الله – في شرح نواقض الإسلام ص 95 – 99 :
( ويجب اعتقاد أن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو الحق والصواب وأن ما خالفه هو الباطل هذه عقيدة يعتقدها المسلم فمن اعتقد أن حكم المخلوق أحسن من حكم الله عز وجل أو أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكمه فقد كفر وهذا من نواقض الإسلام ومن زعم أن الوقت قد تغير وأن حكم الكتاب والسنة كان في زمان قد مضى وأن الحال في الوقت الحاضر يقتضي أن يؤتى بحكم يناسب الوقت الحاضر كما يقولون فهذه ردة عن دين الإسلام فالذي يرى أن حكم الشريعة لا يناسب الحكم و العمل به في هذه الوقت وإنما يؤتي بأحكام وأنظمة تناسب الوقت – بزعمهم – فهذا كفر بالله عز وجل لأن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة و يجب أن تعتقد هذا فإن لم يتبين له صلاحيتها فهذا من نقصه ومن نقص إدراكه لا من نقص الشريعة . وهناك من يقول : تطبيق الحدود ورجم الزاني وقطع يد السارق وقتل المرتد إن هذه أحكام قاسية لا تتناسب مع هذا الزمان المتطور الذي تطورت فيه أفكار الناس وعقولهم فلا يناسب أن تطبق الحدود ولا أن يقام على القاتل لأنه وحشية فهذه المقالات لا تصدر من بعض المنافقين ردة واضحة عن دين الإسلام وكذلك من قال :انه مخير بين أن يحكم بالشريعة وأن يحكم القوانين فالذي يقول هذه المقالة مرتد عن دين الإسلام لان حكم الله ليس فيه خيار من شاء أخذه ومن شاء تركه بل حكم الله ملزم ، قال تعالى : ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ... ﴾ ( المائدة : 49 ). فحكم الله ملزم ولا يصلح الناس الإ حكم الله سبحانه وتعالى فليس الأمر بالخيار ، ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ ( الأحزاب : 36 ) .
فحكم بما أنزل الله نوع من أنواع العبادة فيجب على العباد كلهم أن يخضعوا لحكم الله جل وعلا وأن يعتقدوا أن لا شئ يساويه أو أفضل منه فلا يظن أحد أن الأمر بالخيار وأن الناس أحرار كحرية الرأي وحرية التفكير وما أشبه ذلك مما ينادي به بعض الزنادقة و المنافقين والعلمانيين فالذين يقولون هذه المقالة كفروا لأنهم لا يمتثلون حكم الله سبحانه وتعالى و يتكبرون على حكم الله عز وجل وكذلك من يقول : إن حكم الله حق ولكن لا يلزم الالتزام به ويجوز للإنسان أن يحكم بغيره وأن يتمشى مع الزمان إذا رأى المصلحة في ذلك فهذا مرتد عن دين الإسلام لأنه لا يجوز أن يحكم بغير ما انزل الله عز وجل وكل حكم سوى عز وجل فإنه باطل وأيضا ذلك لا يحل المشكلة بين الناس بل يزيد الإشكال إشكالا فإذا قلت : أن هذه حكم الله وجل وعلا فلا يسعه إلا أن يقبل حكم الله :﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ ( النور : 51 ) أي لا خيار في حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن شئت قبلت و إن شئت لم تقبل ولكن إن شئت أن تتنازل عن حقك فهذا شئ آخر أما أن تقول ما اقبل واذهب إلى المحاكم القانونية فهذه ردة عن دين الإسلام وأما من اعتقده انه لا يجوز الحكم بغير ما انزل الله وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن خالفه لهوى في نفسه مع اعتقاد أنه فعل معصية أو محرماً ولكن حملته الشهوة والهوى على أن حكم بغير حكم الله أو حمله الطمع كان دفع إليه رشوة أو مال فحكم بغير ما انزل الله طمعاً بالمال وهو يعتقد أنه عاصٍ ومخالف لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن حكم بغير ما أنزل الله طمعاً في منصبه وهو يرى أنه مخطئ وأن عمله هذا لا يجوز فهذا لا يكفر الكفر المخرج عن ملة وإنما يكفر الكفر الأصغر كفراً دون كفر كما يقول ابن عباس – رضي الله عنهما – فهذا الذي يكون كفره دون كفر من حكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه لا يعتقد أن لا يجوز أو أحسن من حكم الله أو أن هذا مساوٍ لحكم الله لكن حمله هواه على هذا أو أنه طمع في مال أو منصب فحكم بخلاف حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أجل هذا الذي صرفه من غير اعتقاد فهذا يسمى كفرا عملياً وهو من الكفر الأصغر ولكنه كبيرة من كبائر الذنوب وخطير جداً وهذا لا يحكم بأنه خرج من الملة لان عقيدته باقية .
ومن حكم بغير ما أنزل الله نتيجة خطأ في الاجتهاد ولم يعتمد مخالفة الكتاب و السنة فهو يريد الحكم بما أنزل الله ولكنه لم يوفق للصواب فهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران و إذا اجتهد واخطأ فله أجر واحد ) فخطؤه مغفور لأنه لم يتعمد هذا الشئ وهو حريص على أن يحكم بالشريعة واجتهد يطلب الحكم الشرعي ولكنه لم يوفق فهذا يؤجر على اجتهاده ونيته ويغفر له لأنه لم يتعمد هذا الشئ فهذه هي الأمور التفصيلية في هذه المسألة العظيمة التي هي مشكلة العصر الآن ).( )
وقال أيضاً في الكتاب نفسه ص 105 : ( فمسألة الحكم بغير ما أنزل الله مسألة عظيمة وفيها تفصيل كما ذكر أهل التفسير فلا يطلق الكفر على كل من حكم بغير ما أنزل الله بل يفصل في هذا بين من يرى أن حكم غير الله أحسن أو أنه يساوي غيره أو أنه مخير فهذا يحكم عليه بالكفر المخرج من الملة أما من كان يرى أن حكم الله هو اللازم وهو الحق ولكن خالفه لهوى أو رشوة أو لطمع دنيوي فهذا يحكم عليه بأنه كفر دون كفر و أن هذا فسق قال تعالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ فيحكم عليه بالفسق ونقص الإيمان وهذا الناقض الرابع من نواقض الإسلام التي ذكرها الشيخ – رحمه الله – ( ) يتضمن مسألة مهمة وهي مشكلة العصر الآن نسأل الله عز وجل أن يوفق ولاة أمور المسلمين للحكم بما أنزل الله وأن يوفق المخالفين لذلك بأن يرجعوا إلي الحق و الصواب ).

وسـئـل فـضـيـلـتـه زاده الله فـضـلا وتـوفـيـقـا فـقـيـل لـه :

هــــــــل الــــحـــــكـــــم بـــــغـــــيــــر مـــــا أنــــــــزل الله كـــفــــر ؟

فأجاب : الحـكـم بـغـيـر مــا أنـزل الله عــلـى قــســمـــيــــن :
قسم يكون من الكفر الأكبر إذا اعتقد إباحة الحكم بغير ما أنزل الله ، أو أن الحكم بما أنزل الله والحكم بغيره متساويان فمن استباح الحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر الكفر الأكبر ، أما من اعتقد تحريمه واعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله ولكنه حكم بغيره لعذر يراه لنفسه ، أو من باب التشهي والرغبة ، فهذا يعتبر فاعلا كبيرة من كبائر الذنوب لكنه لا يحكم بكفره فيكون من جملة أصحاب الكبائر ، ويكون كفره كفرا أصغر ، وهو ما يعنيه ابن عباس رضي الله عنهما بقوله ( كفر دون كفر وفسق دون فسق وظلم دون ظلم ).(أدلة وجوب الاجتماع وذم الفرقة . وهي مطبوعة ضمن كتابه محاضرات في العقيدة والدعوة ص 75 )

وسئل - حفظه الله تعالى - ( قال السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , فضيلة الشيخ نسمع أن فضيلتكم
لا يُــفَــصِّــل في قوله تعالى : ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ ونرجو الإشارة وجزاكم الله خيراً؟؟

الجـــواب : لا بد إذا سمعتم عني أو عن غيري كلاماً أن لا تقبلوا هذا الكلام حتى تطلعوا على كلام الشخص من كتبه أو تسمعوه من أشرطته أما مجرد النقل والشائعات عن الناس فلا تقبلوه مني أو من غيري لا بد من إثبات من كتاب ألفه أو من شريط سجل من كلامه أو بالمشافهة تسألونه فيجيبكم عن ذلك .
أما الاعتماد على الشائعات فإن الكثير من الناس اليوم خف عليهم الكذب وصاروا يقولون على الناس ما لم يقولوا , من أجل أن ينصروا ما هم عليه , والله تعالى يقول : ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ , والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع ) , فما كل ما سمعت يكون صحيحاً ولا تنسبه إلى أحد حتى تتأكد وتثبت كما قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
وأنا لم أقل إن الحكم بغير ما أنزل الله بأنه كفر أكبر مخرج من الملة مطلقاً, أنا أفصل بما يفصل به العلماء في هذه المسألة مما هو معروف في كتب التفسير وفي كتب العقائد, ليست مسألة مجهولة إنما هي مفصلة في كتب أهل العلم في التفاسير, وأقربها ابن كثير وفي كتب العقائد وأقربها شرح الطحاوية وغيرها ( من محاضرة للشيخ بعنوان التكفير وضوابطه ، وهي مطبوعة ضمن سلسلة وصايا وتوجيهات للشباب ص (120 ) . أحد الإخوة من الموقع (المفرق)

الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم -رحمه الله يفرق بين القضية المعينة والتشريع العام:
الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم -رحمه الله- قال في رسالته المشهورة تحكيم القوانين: "وأما القسم الثاني من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزل الله وهو الذي لا يخرج من الملة فقد تقدم تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقول الله عز وجل {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قد شمل ذلك القسم وذلك في قوله رضي الله عنه في الآية: "كفر دون كفر" وقوله أيضاً: "ليس بالكفر الذي يذهبون إليه"، وذلك أن تحمله شهوته على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أن حكم الله هو الحق واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى، وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملة فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر.." (تحكيم القوانين (7)).
وقال كما في الفتاوى (12/280): "وأما الذي قيل فيه كفر دون كفر إذا حاكم إلى غير الله مع اعتقاد أنه عاص وأن حكم الله هو الحق فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها، أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع فهو كفر وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل، ففرق بين المقرر والمثبت والمرجع، جعلوه هو المرجع فهذا كفر ناقل عن الملة" ا.هـ.
وقال أيضاً: والتي من حكم بها أو حاكم إليها معتقدا صحة ذلك وجوازه فهو كافر الكفر الناقل عن الملة، وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة".
وقال أيضاً: "عبادة الطاعة أقسام: إن أقر على نفسه أنه عاص ومذنب وآثر شهوته فهو كسائر المعاصي في أنه لا يصل إلى الكفر.
أما إن كان لا يدري فهذا فيه تفصيل، إن كان أخلد إلى أرض البطالة فهذا ملوم، الواجب سؤال أهل الذكر إذا لم يعلم، وإذا علم أنه خلاف قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس مذنباً فهذا شرك أكبر مثل القوانين الوضعية المتخذة في المحاكم من هذا الباب، جعلوه مثل الرسول تكتب به الصكوك أن الحق لفلان والحق لفلان، والقانون الذي جاء من فرنسا يجعل مثل رسول الله، فإذا كان هذا لو كان العلماء فكيف الذي جاء من الشياطين وأمريكا وفرنسا؟
وإذا كان من باب الحكم فهو أعظم، ما فيه حكم إلا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فمن اتخذ مطاعاً مع الله فقد أشرك في الرسالة والألوهية، وهذان الواحد منهما كفر، بخلاف المسألة الواحدة فإنها ليست مثل الذي مصمم ومحكم فإن هذا مرتد وهو أغلظ كفراً من اليهودي والنصراني" (الفتاوى 12/280) ا.هـ.
بل قال رحمه الله: "فلعلك أن تقول لو قال من حكم القانون أنا اعتقد أنه باطل فهذا لا أثر له بل هو عزل للشرع كما لو قال الواحد: أنا أعبد الأوثان وأعتقد أنها باطل" (الفتاوى 6/189) ا.هـ.
الحذر من المرجئة الجدد ومكرهم :

و هنا لا يسعنا إلا أن ننقل ما قاله ونقله الشيخ عبد الرحمن الحجي حفظه الله حيث قال :
قال حرب الكرماني صاحب أحمد في عقيدته الشهيرة إن من علامات المرجئة أنهم يصفون أهل السنة بأنهم خوارج والإمام محمد بن إبراهيم لا خلاف بينه وبين غيره من العلماء إلا في تحقيق المناط وتطبيق القواعد فقط وهي مسألة التشريع العام لقانون جاهلي مصحوباً بإلزام الناس وتخضيعهم له هل هو دال على ما في القلب من الاستحلال أو لا فالشيخ وأئمة الدعوة قبله وأغلب طلابه ومنهم الفوزان يرون ذلك من الصنف المكفر لوضوح الفعل في الدلالة على ما في القلب وذلك مثل من ترك صف الرسول يوم أحد وانظم لصف المشركين وأخذ يقاتل الرسول وأصحابه فإن هذا الفعل بمجرده يدل على التولي المكفر فكذا هنا فبعض الأفعال فيها من القوة والوضوح ما يجزم من رآها بدلالتها على ما في قلب صاحبها مع انتفاء الموانع كالإكراه ونحوه والشيخ ابن باز فيما اشتهر عنه في هذه الجزئية يرى أن هذا الفعل لا يدل على الاستحلال فالخلاف جزئي في تحقيق مناط قاعدة متفق عليها والله أعلم
والسلام عليكم

12d8c7a34f47c2e9d3==