المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسائل في الإيمان وتعريف مصطلح (جنس العمل) الشيخ عبد الله الجربوع حفظه الله


كيف حالك ؟

أبو عبد الله العربي
02-19-2010, 08:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
يا من جهلت أو تجاهلت معنى جنس العمل عند أهل السنة نهديك هذه التحفة الأخرى ؛ لتنضاف إلى أخواتها السابقات لعلك تنتبه و ترجع و تعلم أننا لم نشذَّ عن الجماعة في شيء بل إننا لا ننهل إلا من معين علماء السنة و الجماعة .
فإليك هذا المقطع من كلام الشيخ عبد الله الجربوع رئيس قسم العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية حفظه الله .
قال في شرحه لكتاب أصول السنة للإمام أحمد : (

س- ما قصد العلماء بجنس العمل ؟ هل المراد الإتيان بشيء من أفراد كل عمل كالصلاة والصوم وكذا ، أم المراد جنس أي عمل من المباني الأربعة ؟


ج- لم يقصدوا هذا ولا هذا، لم يقصدوا أنه يجب أن يأتي من كل عمل بشيء؛لا، ولم يقصدوا أنه يأتي بالمباني الأربعة ؛ لا ،وإنما بيّن ذلك شيخ الإسلام بياناً واضحاً،قال:(أن يأتي بعمل واجب عليه بشريعة محمدٍ- صلى الله عليه وسلم -) يعني يعمل عمل ظاهر يعتقد وهو يعمله أنه واجبٌ عليه بشريعة محمد – صلى الله عليه وسلم – بمعني أنه لو أسلم وأقرَّ وبر بوالديه ؛ ولكن برهُ بوالديه لا يفعله وهو يعتقد أنه واجب عليه بشريعة الإسلام ، وإنما كان يبر والديه بدينه الأول ، فلا ينفعه ،حتى يفعل عملا واجباً، ليس مستحباً، وليس شرطا أن يكون من المباني الأربعة ،وليس شرطاً أن يأتي من كل عملٍ بشيء،لكن يأتي بأي عمل ،فقال شيخ الإسلام في بعض المواضع (أن الإنسان الذي يقول أنا آمنت بالله ،ونطقتُ بالشهادتين ،و أعرف أن حق الله عليّ أن أعبـُـدهُ، وأنني إن عبدتُ الله عز وجل فلي الجنة ، وإن لم أعبدهُ فلي النارُ،وهو يُحب الله ويحب الرسول ؛ ثم يبقى لا يعمل شيء أبداً- مع أن الأعمال الواجبة كثيرة وهو غير جاهل ، وليس له مانع يمنعهُ، ويُصر على أن لا يفعل شيء أبدا ،أبدا ،أبدا،وبعض الأعمال الواجبة يسيرة، وبعض الأعمال الواجبة النفس و الفطرة تدفع إليها ، كالبر بالوالدين والكثير من الأعمال، فلا يفعل شيء أبداً-يقول: (هذا دليل على كذبه في إلتزامه ) .
يعني من شرط لا إله إلا الله كما بيّنه الإمام أبو ثور وغيره وذكر فيه الإجماع - حتى مرجئة الفقهاء –أنه إذا قال لا إله إلا الله ، يقول : علمت أن الله هو الإله الحق ، و أنه حقه ُ أن أعبده ، ؛ فيقول :أنه لا يكون مسلما حتى يلتزم حتى يقول و سأعبده ولا أشرك به شيئا ، فإذا التزم دخل في الإسلام ، ولكن لو أقرّ وقال علمت أن الله لا إله إلا هو ، وأنه حقه أن يُعبد و يفرد بالعبادة ، لكن قال لن أعبده ، أو أضمر في قلبه أنه لن يعبد، يقول : لا يكون مسلما ، هذا عمل القلب ، فإن قال سأعبده ولا أشرك به شيئا دخل في الإسلام ،فإن عبد صدّق التزامه وهو مايسمى بالقبول والانقياد ، وإن لم يعمل قال شيخ الإسلام ، هذا نصه : ( دلَّ على كذبه في إلتزامه ) فقال :(الذي عليه أئمة السلف أنه كاذب في إلتزامه ) وفي عبارة أخرى قال ( لم يخرج من الكفر ) إذا أصرَِ على أن لا يفعل شيئا أبداً أبدا.

إذن جنس العمل عند الأئمة أنه يفعل عملاً واجباً ؛ فيكون خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، أي عمل واجب .
وعند القائلين بكفر تارك الصلاة ، أنه لابد أن يأتي بالصلاة ، فإذا جاء بالصلاة ، صلَى مع التوحيد ، أصبح عنده جنس العمل ، وعنده الأركان كلها ، وهذا الذي يرجحه - قد بلغني أن الشيخ ابن باز يرجحه، يقول :(إذا كان جنس العمل شرطاً في صحة الإيمان ؛ فإنه لابد أن يبيَـن لنا مقدار العمل الواجب لصحة الإيمان - يقول - وقد بُـيَن في النصوص أنه الصلاة ، فمن صلَى فأصبح معه جنس العمل وأصبح مسلماً ، ومن تركها فهذا هو الحد ) هذا بلغني ان الشيخ ابن باز قاله ، وأنا ماسمعته .

إذن المقصود بجنس العمل أن يعمل عملاً ظاهراً واجباً عليه بالإسلام ، - بملة الإسلام .)) اهـ


وسئل أيضا في نفس الشريط : (
سؤال – يقول مسألة إخراج "جنس العمل" من الإيمان ؟
الجواب – (( أولاً : جنس العمل ليس عملاً معيناً ، فلا يمكن أن يخرج جنس العمل .لكنَّ الجنس هو أقل ما يتحقق به الشيء ، وبعض الناس يقول أنه لا يوجد شيء اسمه "جنس ٌ " ولكن يُعبَّـرُ به عن الشيء ، لكن شيء معين اسمه جنس فهذا لا يُوجدُ ، وكثيرٌ ممن يتكلمون بـ(جنس العمل) لا يعرفون شيئا اسمه جنس ، ولا يعرفون معنى الجنس .
وسأضربُ لكم أمثلة تبيّن لكم معنى الجنس ِ ، وأنه لا بُدَّ أن يُعبَّر به ولكن لا يُوجد شيء بذاته اسمه جنس ؛ فإذا قلنا – مثلاً - :
"الإنسان لم يزل موجوداً من آدم –عليه السلام – إلى اليوم " فهل هذه العبارة صحيحة أم خطأ ؟ يعني الإنسانُ لا يزال موجوداً على الأرض من آدم إلى اليوم ، فهل هذا خطأ ؟
صحيحة .
ماذا نقصد بقولنا ( الإنسان ) ؟
الجنس ، نقصدُ جنس الناسِ ولسنا نقصد شخصاً بعينهِ .

بمعنى – فمثلاً – ( زيد ) إنسان ، لكن هل يجوز أن تضعه بدل (إنسان ) في هذه العبارة ؟
لا يجوز ؛ لأن المراد –هنا- به الجنس .
فالذي ينكر استخدام الجنس على معنىً صحيح خطأ ، ولكن لا يوجد شيءٌ بعينه اسمه جنس، لكن لو قلت :" جنسُ الإنسان غير موجود في هذه الأرض أو في هذه البلد"؛ يعني : وجدت أرضاً ليس عليها أحدٌ من الناس ، وقلت :"لا يوجد إنسان أو لا يوجد جنس الإنسان " فهنا هذا صحيح ؛ لأنك تقصد أنه لا يوجد أي إنسان ؛ فلو وُجِـدَ الإنسان لأصبحت العبارة غير صحيحة .. أفهمتم معنى الجنس ؟

- أضرب لكم – أيضاً – مثالاً أخر :
فلو أن إنساناً صعد للدور الثاني من المسجد الحرام ، وأخذ ينظر إلى الكعبةِ والمَطافِ، ثُمَّ في آخِرِ اليَوْمِ قال :"الطواف لم يزل منعقداً من الفجر إلى نصف الليل أو إلى الفجر طول اليوم " فماذا يقصد الآن بالطواف ؟؟
جنس الطواف ، ولكن معنى ذلك أنه هنالك من يأتي يطوف وينتهي ، فيطوف وينتهي ؛ لكن جنس الطواف موجود .
- فإذا قلت :" أن جنس الطواف غير موجود" فمعناه كأنك قلت أنه لم يطف أحدٌ أبداً ، ولا يوجد من يطوف .

- فإذاً نعرفُ معنى " الجنس" ، فالجنسُ إن قالوا : " تارك جنس العمل" يعني لا يوجد معه عملٌ أبداً ، أبداً ، أبداً ..يعني هو " تارك ٌ للعملِ بالكليِّة ولا يعمل شيئاً أبداً ، أبداً ".
والمقصود به العمل الظاهر ؛ فالعمل إذا أُطْلِقَ فيُقْـصَدُ بهِ العمل الظاهِر، في اللغة وعند السَّلفِ ، وإذا أريد عملُ القلب فيُقيَّـدُ .
أما من قال بترك جنس العمل فقلنا أنهم المرجئة ، فالمرجئةُ هم الذين صححـّوا الإيمان بدون عملٍ ، بل قالوا أنه كاملٌ بدون عملٍ، ولكن اشتبه على بعض أهل العلم ، وإذا اشتبه على بعض أهل العلم ؛ وقيل -: ( أنه وافق المرجئة ) فلا يعني هذا أنه ( مرجئ ) .

- وأنا اذكر لكم أن الإمام الألباني – رحمه الله – أنه قال: (( أن من قال تارك الصلاة يكفر – يعني كفر بعمل هنا -فقد وافق الخوارج )) ؛ فهل معنى قوله هنا : أنه وافق الخوارج يعني أنهم خوارج !؟؟ الجواب : لا .
فقولُك ( أنه وافق المرجئة ) بيَّن شيخُ الإسلام أن كثيراً من علماء السنةِ قد وافقوا بعض أهل البدع في بعض أقوالهم ، وبعض الآراء ، لأنهم اشتبهت عليهم النصوص ، فلا يمكن أن يُلْحَقُوا بهم ، فقد يكون عند أهلِ السنة من يكونُ قد قال بقول الأشاعرةِ – مثلاً- في مسألة من المسائل ، أو بقول المعتزلة ، أو بقول الجهميَّةِ ، أو بقول الخوارج ، ولا يُمكن أن يُقالَ أنه أصبحَ يُنْسَبُ إليْهم ،ما دامَ أن قوله بناه على اجتهادٍ منه ونظرٍ في الدليلِ.

وسِرُّ هذه المسألةِ وفقهُهَا أنْ كُلَّ ضلالةٍ وكل خطإٍ أنه منَ الكفرِ!!وأنها من الضلال والجاهليةِ ومسائلُ الجاهليةِ ، وكلُّ إنسانٍ قد يقعُ في الخطإ ، فإذا وقع في الخطإ وافق الجاهلية ، سواءٌ من الفرقة الضالة ، أو من الجاهليةِ الصَّحيحة ، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم – لأبي ذرٍ:" إنك امرؤ ٌ فيك جاهلية "؛ فهل نقول أنه جاهلي ؟! – الجواب :- أبداً ؛ لا يُمكنُ .
فمن وافق الجاهلية في مسألةٍ ؛ كمن اجتهد في مسألةٍ فأخطأ ، وقال بقول فرقةٍ ضالةٍ ، فقلنا : (أنه وافق هؤلاء ..) فلا يعني أننا نقول أن هذا منهم ، فهذا فهمٌ ليسَ بصحيحٍ .

والإمام أبو حنيفة –رحمه الله – وافق الخوارج في بعض المسائل ؛ وما قال أحدٌ أنه خارجيٌ ، ما أحدٌ قاله .

وعلى كل حالٍ فهذا ينبغي أن يُنتَبَهَ إليْهِ ومعرفةُ أصول هذه الفتن ، والإمام ابن تيمية –رحمه الله – لمَّا تكلم عن أئمة مرجئة الفقهاء بيّـن أنهم قد اشتبهت عليهم النصوص ، وأن سبب قولهم ليس هو مأخذ المرجئة ، وإنما اشتبه على الاستدلال ببعض هذه النصوص ولهذا قالوا هذه الأقوال .)


وقال أيضا في نفس الشرح : ( الحقيقة الذي يقول أن تارك العمل بالكلية - يعني - لا يكفر ، وأن العمل لا يُؤثِّرُ في أصل الإيمان أبداً ، كل الأعمال ، ليس هنالك عمل يُؤثِّر في أصلِ الإيمان ويُكْـفَرُ به ، هذا لم يوافق مرجئة الفقهاء ؛ هذا وافق المرجئة الخُلّص ، الذين ذكر الإمام إسحاق بن راهويه أنهم زعموا أن تارك الدين كله و الصلاة والزكاة كتارك بعض الفرائض ، وقال أن هؤلاء وافقوا المرجئة .وهؤلاء هم المرجئة الخُلَّص ، وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله أن الذين أعظم السَّلف النكيرَ عليهم والسلف أعظموا النكير على المرجئة الجهميَّة الخُلَّص وليس مرجئة الفقهاء ، فمرجئة الفقهاء – خاصة الإمام أبي حنيفة – ومن قال بقوله – كما قلت لكم – يرى أن تارك العمل بالكلية ولا يعمل شيئا كإنسانٍ بدون ظهرٍ لا يُمكن أن يكون حياً .) اهـ .


و في نفس الشرح .

يقول : ذكرتم في درس العصر أن بعض المتأخرين يطلق عبارة تارك جنس العمل على تارك العمل بالكلية مع أن شيخ الإسلام ذكر في الإيمان الأوسط أن العمل المقصود بكونه ركن الإيمان المراد به جنس العمل ، فما رأيكم بهذه العبارة ؟
الجواب : ليس بينهما خلاف ؛ فنقول تارك جنس العمل : تارك العمل بالكلية . من عنده جنس العمل يكون عنده ركن الإيمان ، فبقاء شيء من العمل معناه بقاء جنس العمل إذا بقي معه شيء من العمل مع التوحيد و الإقرار صار عنده الركن الذي يقصده شيخ الإسلام ، فجنس العمل إما أن يكون عنده فيكون عنده الركن ، شيء من الركن و إما أن يتركه لا يكون عنده جنس العمل فيكون قد ترك العمل بالكلية ، ليس بينهما خلاف .
أما من ينكره اليوم فإنه كما قلت : لم يعرفوا حقيقة معنى هذه الكلمة ، لأن السلف استخدموا عبارات ليست شرعية و لكنها صحيحة ؛ كاستخدامهم عبارة :" بائن من خلقه " ، فـ "بائن من خلقه" قد يقول لك شخص : مبتدَعة ، إذا كان اللفظ معناه صحيحا و لا يحتمل معنى باطلا يجوز بيان العقيدة به و لا يقال ليس شرعيا ، و إلا لو تقيدنا بالألفاظ الشرعية لحذفنا أشياء كثيرة جدا من الفقه و من التوحيد و من النحو أشياء كثيرة . هناك ألفاظ غير شرعية و لكنها صحيحة ، استخدمت بمعنى صحيح . و قالوا : الألفاظ إما أن يكون معناه صحيحا لا يحتمل خطأ فيجوز استخدامه . و بيان العقائد به و إما أن يكون محتملا معنى باطلا أو سيئا فهذا لا نقبله بإطلاق و لا نرده بإطلاق . يعني هذه القاعدة بينها شيخ الإسلام . و جنس العمل ورد على لسان أئمة كبار كالإمام ابن تيمية و غيره ، كون الإمام ابن عثيمين يقول : لا أعرفه . هذا ليس حجة ، ليس حجة ( كلمة غير مسموعة ) حتى لو تركنا جنس العمل و قلنا ترك العمل بالكلية أو لا يعمل شيئا أبدا كما قال ابن تيمية ؛ مرة عبر بجنس العمل و مرة قال : من لم يعمل عملا واجبا ظاهرا عليه بسنة محمد صلى الله عليه و سلم ، و بعضهم قال : تارك العمل بالكلية ؛ تعابير لا يتوقف عليها شيء . هل الخلاف على اللفظ أموالخلاف على المعنى و على العقيدة ؟؟
لا يجوز أن يُحرف الكلام إلى اللفظ : هل هو مبتدع أم غير مبتدع ؟ المهم : المسألة هي : من ترك العمل بالكلية ، من لم يعمل عملا ظاهرا واجبا عليه مع الإقرار ، هذه المسألة . حتى لفظ المجاز شيخ الإسلام قال : إذا أريد به معنى صحيحا قُبل ما فيه شيء .
قالوا : أن الشيخ محمد بن عثيمين لم يعرفها : فهذا صحيح : لم يعرفها ،و لكن لا يعني أنه لا يجوز التعبير بها . التعبير بها صحيح .
(منقول)

12d8c7a34f47c2e9d3==