المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا


كيف حالك ؟

البلوشي
01-19-2010, 10:00 PM
بسم الرحمن الرحيم

قال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه العظيم التوحيد باب باب قول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا) (97) الآيات. وقوله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) (98) وقوله: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا )(99) الآية. وقوله: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ)(100) الآية.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) قال النووي: حديث صحيح، رويناه في كتاب "الحجة" بإسناد صحيح.
وقال الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل اليهود خصومة؛ فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد ـ لأنه عرف أنه لا يأخذ الرشوة ـ وقال المنافق: نتحاكم إلى اليهود ـ لعلمه أنهم يأخذون الرشوة – فاتفقا أن يأتيا كاهناً في جهينة فيتحاكما إليه، فنزلت: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ) (101) الآية.
وقيل: نزلت في رجلين اختصما، فقال أحدهما: نترافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر: إلى كعببن الأشرف، ثم ترافعا إلى عمر، فذكر له أحدهما القصة. فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسلم: أكذلك؟ قال: نعم، فضربه بالسيف فقتله.

قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله

هذا الباب من جنس الباب الذي قبله كلاهما في تغيير شرع الله، لكن هذا الباب يخص التحاكم في الخصومات خاصة والباب الذي قبله في التحليل والتحريم عموما .

وقول المصنف -رحمه الله تعالى- "باب قول الله تعالى" يعني: ما جاء في تفسير هذه الآيات مما ذكره أهل العلم في تفسيرها؛ مما يدل دلالة واضحة على أن التحاكم إلى ما أنزل الله من التوحيد والعبادة وأن التحاكم إلى غيره شرك بالله عز وجل وكفر به، لأن الحكم لله وحده: الحكم القدري، والحكم الشرعي، والحكم الجزائي كله لله سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ، ( لَهُ الْخَلْقُ ) هو الذي خلق، (وله الأمر)، فهو الذي يأمر وينهى، ويحلل ويحرم، ليس لغيره شرك في ذلك . وقال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .

فالتحاكم إلى ما أنزل الله داخل في التوحيد، والتحاكم إلى غيره من أنواع الشرك، لأن من معنى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ومقتضاها ومدلولها: التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .

ومن تحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله فإنه قد أخل بكلمة التوحيد فأخل بمقتضى (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) .

فمدلول الشهادتين: أن نتحاكم إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أمورنا، ليس المراد: التحاكم في المنازعات فقط، بل التحاكم في المقالات والاجتهادات الفقهية أيضا، فلا بد أن نحكم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقوال المجتهدين، ونأخذ منها ما دل عليه الدليل، ونترك ما لم يدل عليه دليل، ولا نتعصب لرأي فلان أو للإمام فلان، فمن تعصب لم يكن متحاكما إلى ما أنزل الله وإلى الرسول، وإنما تحاكم إلى هذا الشخص الذي تعصب له وجمد على رأيه، مع مخالفته، وهو اجتهاد اجتهد فيه، لكن إذا خالف الدليل فلا يجوز لنا أن نتعصب لرأي إمام أو لرأي عالم أو لرأي مفت من المفتين، ونحن نعلم أنه مخالف للدليل، لكن ذلك العالم معذور لأنه مجتهد، ولكنه لم يصادف الدليل، فهو معذور له أجر على ذلك، لأن هذا منتهى اجتهاده، أما من تبين له أن هذا الاجتهاد غير مطابق للدليل فلا يسعه أن يأخذ بهذا الاجتهاد، ولا يجوز له .

والأئمة ينهون عن ذلك، ينهوننا أن نأخذ بآرائهم دون نظر إلى مستندها من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا كنا - كما سبق في الباب الذي قبل هذا - أطعنا العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله .

وكذلك التحاكم في المناهج التي يسمونها الآن: مناهج الدعوة، ومناهج الجماعات هي من هذا الباب، يجب أن نحكم فيها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما كان منها متمشيا مع الكتاب والسنة فهو منهج صحيح يجب السير عليه، وما كان مخالفا لكتاب الله وسنة رسوله يجب أن نرفضه وأن نبتعد عنه .

ولا نتعصب لجماعة أو لحزب أو لمنهج دعوي ونحن نرى أنه مخالف لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالدعاة منهم من هو داعية ضلال .

فالذي يقصر هذا التحاكم إلى الكتاب والسنة على المحاكم الشرعية فقط غالط، لأن المراد: التحاكم في جميع الأمور وجميع المنازعات: في الخصومات وفي الحقوق المالية، وغيرها، وفي أقوال المجتهدين، وأقوال الفقهاء، وفي المناهج الدعوية، والمناهج الجماعية، لأن الله تعالى يقول: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ و شيء نكرة في سياق الشرط، فتعم كل نزاع وكل خلاف من شيء، سواء في الخصومات، أو في المذاهب، أو في المناهج .

يجب أننا نعرف هذا، لأن بعض الناس وبعض المنتسبين للدعوة يقصر هذا على وجوب التحاكم في المنازعات والخصومات إلى المحاكم الشرعية ويقول: يجب تحكيم الشريعة ونبذ القوانين، نعم، يجب هذا، ولكن لا يجوز الاقتصار عليه، بل لا بد أن يتعدى إلى الأمور الأخرى، إلى تحكيم الشريعة في كل ما فيه نزاع، سواء كان هذا النزاع بين دول، أو كان هذا النزاع بين جماعات، أو كان هذا النزاع بين أفراد، أو كان هذا النزاع بين مذاهب واتجاهات، لا بد من تحكيم الكتاب والسنة . نحن نطالب بهذا في كل هذه الأمور .

أما أن نقصره على ناحية ونسكت عن الناحية الأخرى، فنقول: النواحي الأخرى دعوا الناس إلى رغباتهم، دعوا كلا يختار له مذهبا، و كلا يختار له منهجا . نقول: هذا قصور عظيم، لأنه يجب أن نحكم الشريعة في المحاكم، ونحكمها في المذاهب الفقهية، ونحكمها في المناهج الدعوية، لا بد من هذا، فلا يجوز لنا أن نقصر كلام الله وكلام رسوله على ناحية ونترك النواحي الأخرى، لأن هذا إما جهل وإما هوى .

كثير من الناس اليوم ينادون بتحكيم الشريعة في المحاكم وهذا حق؛ لكن هم متنازعون ومختلفون في مناهجهم وفي مذاهبهم، ولا يريدون أن يحكموا الشريعة في هذه الأمور، بل يقولون: اتركوا الناس على ما هم عليه، لا تتعرضوا لعقائدهم، لا تتعرضوا لمصطلحاتهم، لا تتعرضوا لمناهجهم، اتركوهم على ما هم عليه، وهذا ضلال، بل هذا من الإيمان ببعض الكتاب والكفر بالبعض الآخر، مثل قوله تعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ .

فهذا أمر يجب التنبه له، لأن هذه مسألة عظيمة غفل عنها الآن الأكثرون .

فالذين ينادون بتحكيم الشريعة إنما يريدون تحكيمها في المخاصمات، في الأموال، والأعراض، والخلافات بين الناس، والأمور الدنيوية دون العقائد والمذاهب . ومناسبة عقد هذا الباب في كتاب التوحيد: أن التحاكم إلى ما أنزل الله هو من التوحيد، والتحاكم إلى غيره شرك بالله عز وجل، شرك في الحكم والتشريع .

فدلت هذه النصوص في هذا الباب العظيم على أحكام عظيمة:
أولا: في الآيات والحديث: وجوب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن هذا هو مقتضى الإيمان .

ثانيا: وجوب تحكيم الكتاب والسنة في كل المنازعات، لا في بعضها دون بعض، فيجب تحكيمها في أمر العقيدة، وهذا أهم شيء، وفي المنازعات الحقوقية بين الناس، وفي المنازعات المنهجية والمذاهب والمقالات، وفي المنازعات الفقهية: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ أما الذي يريد أن يأخذ جانبا فقط، ويترك ما هو أهم منه، فهذا ليس تحاكما إلى كتاب الله .

فما يقوله دعاة الحاكمية اليوم ويريدون تحكيم الشريعة في أمور المنازعات الحقوقية، ولا يحكمونها في أمر العقائد، ويقولون: الناس أحرار في عقائدهم، يكفي أنه يقول: أنا مسلم، سواء كان رافضيا أو كان جهميا أو معتزليا، أو . أو . إلى آخره، "نجتمع على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه" هذه القاعد التي وضعوها، ويسمونها: القاعدة الذهبية . وهي في الحقيقة: تحكيم للكتاب في بعض، وترك له فيما هو أهم منه، لأن تحكيم الشريعة في أمر العقيدة أعظم من تحكيمها في شأن المنازعات الحقوقية ، فتحكيمها في أمر العقيدة وهدم الأضرحة ومشاهد الشرك، ومقاتلة المشركين حتى يؤمنوا بالله ورسوله، هذا أهم .

فالذي إنما يأخذ جانب الحاكمية فقط ويهمل أمر العقائد، ويهمل أمر المذاهب والمناهج التي فرقت الناس الآن، ويهمل أمر النزاع في المسائل الفقهية، ويقول: أقوال الفقهاء كلها سواء، نأخذ بأي واحد منها دون نظر إلى مستنده . فهذا قول باطل، لأن الواجب أن نأخذ بما قام عليه الدليل، فيحكم كتاب الله في كل المنازعات العقدية، وهذا هو الأهم، والمنازعات الحقوقية، والمنازعات المنهجية، والمنازعات الفقهية فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ هذا عام وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ هذا عام أيضا .

وهؤلاء الذين جعلوا الحاكمية بدل التوحيد غالطون، حيث أخذوا جانبا وتركوا ما هو أعظم منه، وهو العقيدة، وتركوا ما هو مثله - أو هو أعظم منه - وهو المناهج التي فرقت بين الناس، كل جماعة لها منهج، كل جماعة لها مذهب، لم لا نرجع إلى الكتاب والسنة ونأخذ المنهج والمذهب الذي يوافق الكتاب والسنة ونسير عليه .

والحاصل؛ أن تحكيم الكتاب والسنة يجب أن يكون في كل الأمور، لا في بعضها دون بعض، فمن لم يحكم الشريعة في كل الأمور كان مؤمنا ببعض الكتاب وكافرا ببعض شاء أم أبى، أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ .

المسألة الثالثة: في هذه النصوص تفسير الطاغوت، وأن من معانيه: الحكم بغير ما أنزل الله .

المسألة الرابعة: في هذه النصوص دليل على أن من اختار حكم الطاغوت على حكم الله، أو سوى بين حكم الله وحكم الطاغوت وادعى أنه مخير بينهما أنه كافر بالله خارج من الملة، لأن الله تعالى قال: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا فكذبهم في دعواهم الإيمان ما داموا يتحاكمون إلى الطاغوت، لأنه لا يمكن الجمع بين النقيضين، فمن اختار حكم الطاغوت على حكم الله أو سوى بينهما وقال: هما سواء، إن شئنا أخذنا بهذا، وإن شئنا أخذنا بهذا، أو قال: تحكيم الطاغوت جائز، أو حكم بالشريعة في بعض الأمور دون بعض، فهذا كافر بالله . كالذين يحكمون الشريعة في الأحوال الشخصية فقط . أما من حكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه، وهو يعترف ويعتقد أن حكم الله هو الحق، وحكم غيره باطل، ويعترف أنه مخطئ ومذنب، فهذا يكفر كفرا أصغر لا يخرج من الملة .

المسألة الخامسة: في حديث عبد الله بن عمرو وفي آخر الآيات: ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا دليل على أن علامة الإيمان: أن يقتنع بحكم الله ورسوله، فإن لم يقتنع وكان في نفسه شيء من عدم الاطمئنان فهذا دليل على ضعف إيمانه، أو على عدم إيمانه، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به قال تعالى: ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فمن علامة الإيمان: الاطمئنان لحكم الله ورسوله، سواء كان له أو عليه، فلا يجد في نفسه شيئا من التبرم أو الكراهية حتى ولو كان الحكم عليه .

المسألة السادسة: في سبب نزول الآية: دليل على تحريم الرشوة لأنها من أكل المال بالباطل، ولأنها تسبب تغيير الأحكام عن مجراها الصحيح، وأنها من صفة اليهود، فمن أخذها من هذه الأمة فقد تشبه باليهود، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من تشبه بقوم فهو منهم مع ما فيها من أكل المال بالباطل، مع ما فيها من إفساد الحكم، ونشر الفوضى في الحقوق، وهي شر كلها .

المسألة السابعة: في الحديث دليل على وجوب قتل المنافق إذا ظهر منه ما يعارض الكتاب والسنة، لأنه أصبح مفسدا في الأرض ، فيجب على ولي الأمر قتله إلا إذا ترتب على قتله فساد أكبر .

المسألة الثامنة: في قوله: ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا أنه لا يقبل اعتذار من تحاكم إلى غير الكتاب والسنة، لأن الله أنكر عليهم ذلك، وهم يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا فلا يقبل اعتذار من حكم غير الكتاب والسنة، ولو اعتذر بما اعتذر فإنه لا عذر له، لأن الله لم يقبل منهم هذا الاعتذار .

المسألة التاسعة: في قوله: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ فيه: قبول التوبة من المرتد، فإن الله عرض عليهم التوبة مع ردتهم في تحكيم غير ما أنزل الله أنهم لو تابوا تاب الله عليهم .

والمسألة العاشرة: فيه أن طلب الدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هو في حال حياته، بدليل أن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يأتون إلى قبره صلى الله عليه وسلم يطلبون منه الاستغفار والدعاء، وهم القدوة، وخير القرون، وأعلم الناس بتفسير القرآن ولأنه سبحانه قال: إِذْ ظَلَمُوا وإذ ظرف لما مضى من الزمان . ولم يقل: (إذا ظلموا) لأن إذا ظرف لما يستقبل من الزمان .

وما يذكرونه من قصة الأعرابي الذي جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه الاستغفار بعدما تلا الآية: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فهي قصة مختلقة لا أصل لها، ولو صحت لم يجز الاستدلال بها، لأنها فعل أعرابي جاهل مخالف لما عليه الصحابة، وهم أعلم الأمة بما يشرع وما لا يشرع . وديننا لا يؤخذ من القصص والحكايات، وإنما يؤخذ من الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح .

12d8c7a34f47c2e9d3==