المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفات مع ربيع المدخلي[1]:ربيع جاهل بأقوال أئمة الدعوة في قيام الحجة وفهم الحجة


كيف حالك ؟

العربي
01-05-2010, 04:57 AM
الرد [1] على
شرح ربيع المدخلي
لكتاب الإمام الصابوني
" عقيدة السلف أصحاب الحديث "


إنَّ الحَمدَ لله نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ ونعوذُ باللهِ تعالى من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل لهُ ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدُهُ ورسوله.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ".
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً".
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً".
أمَّا بَعْد ،
فَإنَّ أصْدَقَ الحَدِيثِ كتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الهَدْي هَدْيُ مـُحـَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٍ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٍ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّار.

منذ سنوات ونحن نلاحظ على ربيع المدخلي التغير ففي العلانية له كلام في بعض المشايخ والفضلاء ، وفي السر والمجالس الخاصة له كلام آخر ،ولكننا تفاجئنا منذ خمس سنوات تزيد أو تنقص بنصيحة وجهها ربيع إلى الشيخ فالح الحربي وظن ربيع أنه بجرة قلم وبكلمة منه يسقط الشيخ فالح ، ولما قرأ الناس النصيحة تبين أنها فضيحة وأنها نقوم على الباطل وعلى هتك عرض رجل مسلم وشيخ سلفي لم نعرفه إلا بالسلفية الناصعة ، وربيع هو من يشهد بهذا قبل غيره .
فرُد على ربيع قوله وفضحت نصيحته ، ولما رأى ربيع ذلك وأنه ليس بمقدوره البوح بما يجول في خاطرة انزل مقال باسم مستعار : " الناصح الصادق " فكان ربيع " الخائن الكاذب".
والقصة تطول وليس هذا مكانها .
وبعد كل تلك السنوات كشف ربيع عن وجهه الحقيقي في شرح له مكتوب سود ربيع فيه الصفحات ، تجنى فيه ربيع على كتاب من كتب السلف ألا وهو " عقيدة السلف أصحاب الحديث " للإمام الصابوني رحمه الله تعالى ، فشوه الكتاب السلفي بتعليقات وهذيان خلفي ينم على عقيدة ربيع التي دسها على الناس منذ زمان ولكن الله فضحة بكتابه هذا .

وقد تتبعت كلام ربيع ولكني لم أكمل القراءة في الكتاب إلى آخره ، وقد وقفت على أخطاء كثيرة تدل دلالة واضحة على أن ربيع أجهل من حمار أهله وأنه حشى هذا الشرح وجعله ( حاوي للبلاوي ) وتبين لي من خلاله أنه من أشد الناس خصومة للمنهج السلفي حاله حال أهل الضلال لا يختلف عنهم .

لا أطيل عليكم فبين أيدكم كلام ربيع وقارنوه بكلام أئمة الدعوة وسترون أن المدخلي في وادي مظلم يخبط خبط عشواء وكلام الأئمة واضح بين نور على نور .

يقول ربيع المدخلي في شرحه الذي جنا فيه على عقيدة أهل السنة ( صفحة 16 ) : " وهنا شبهة ينبغي الإجابة عنها ، يقول بعض الناس : لا يشترط فهم الحجة وإنما يشترط البلاغ فقط . يعني : يصل القرآن إلى الشخص أو النص من الحديث فبمجرد سماعه للنص تقوم عليه الحجة .



[ انظروا إلى قوله " شبهة " يعني من لا يشترط فهم الحجة فقد رمى الشبه على الناس !! فهل الأئمة الكبار يا ربيع يأتون بالشبهات يرمونها في قلوب الناس؟! لكن أنت تفعل ذلك لكي تقرر مذهبك الإرجائي . العربي]


أقول – الكلام لربيع المدخلي - : ليس الأمر كذلك ؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا " الرسول يبلغ الحجة " رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا " يعني جاءتكم النذر بالحجج الواضحة فكذبتم !! ويقول تعالى : " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا " قال : " مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى " فلا تقول الحجة عليه إلا من بعد ما يتبيّن له الهدى فيعاند ، فهذا يكفر ، " وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِين " لم يقل " البلاغ فقط " بل قال " الْبَلاَغُ الْمُبِين " الذي يتضمن البيان للناس لتقوم عليهم حجة الله – تبارك وتعالى - ."اهـ



ويلاحظ من كلام ربيع التالي :

1- أنه يجهل ما عليه أئمة الدعوة من عقيدة ومنهج ، أقول هذا لأن ربيعا قبل أن يلقي هذه الشبة جعل يلصق نفسه بأئمة الدعوة وهم منه براء !! والأدهى من ذلك أنه يجعل من نفسه شارحا لكلامهم قاضيا فيه ، وكلامهم رحمهم اله تعالى بين واضح وضوح الشمس وسيأتي النقل عنهم بما يشفي صدور أهل السنة والجماعة ويرد كيد ربيع وحزبه الخائب.

2- أنه لم يفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة حاله حال كثير من الجهال.

3- أنه ارتقى مرتقا صعبا وتجشم أمرا لا يحسنه فلو أنه سأل وتعلم قبل أن يقول ما قال وتواضع للحق وأزال عن نفسه هذا الغرور والكبر لوجد الحق واضحا لكنه معاند جاهل مغرور.


أما الرد على هذيان ربيع ، فأقول :

قال اله تعالى : " أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً "

وقال تعالى : " وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً ".

وقال عز وجل : " وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا " .

وقال رب العزة : " رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ".

وقال تعالى : " {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيد "

هذا الأدلة وغيرها مما استدل به علماء الإسلام يدل دلالة واضحة على خطأ ربيع المدخلي ومخالفته لنصوص الكتاب والسنة ولعلماء الإسلام .

تنبيه : كل تعليق لي وضعته بين معكوفتين وختمته باسمي هكذا : [ .العربي ]

أقول وبالله التوفيق :

إن إمام الدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى قد بين هذه المسألة أوضح بيان و فرق رحمه الله بين قيام الحجة وفهم الحجة وأنه لا يشترط لقيام الحجة أن يفهم الحجة حيث قال رحمه الله تعالى : "

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الإخوان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد: ما ذكرتم من قول الشيخ [ أي شيخ الإسلام ابن تيمية.العربي ]: كل من جحد كذا وكذا، وقامت عليه الحجة، وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم، هل قامت عليهم الحجة؟

فهذا من العجب، كيف تشكون في هذا وقد أوضحته لكم مرارا؟!

فإن الذي لم تقم عليه الحجة، هو الذي حديث عهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف، فلا يكفر حتى يعرف.

وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة؛ ولكن أصل الإشكال، أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وبين فهم الحجة [ كحال ربيع .العربي ] ، فإن أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين، لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: " أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ".

وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع [ لكن ربيع لا يفهم .العربي ] ، وقد قامت عليهم، وفهمهم إياها نوع آخر ; وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها. إن أشكل عليكم ذلك، فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم" ،وقوله: "شر قتلى تحت أديم السماء" ، مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلو والاجتهاد؛ وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها.

وكذلك قتل علي رضي الله عنه الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم تلاميذ الصحابة، ومع عبادتهم وصلاتهم وصيامهم، وهم يظنون أنهم على حق.

وكذلك إجماع السلف: على تكفير غلاة القدرية وغيرهم، مع علمهم وشدة عبادتهم، وكونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؛ ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم لأجل كونهم لم يفهموا، فإن هؤلاء كلهم لم يفهموا.إذا علمتم ذلك،فإن هذا الذي أنتم فيه كفر" اهـ .


[ بعد هذه الأدلة ماذا يبقى لربيع إلا التعلق بخيوط القمر وتبين لنا أيضا أن ربيعا يجهل عقيدة السلف ويجهل عقيدة أئمة الدعوة .العربي ]

وقال الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في موضع آخر: " وأما أصول الدين التي وضحها الله، وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هي القرآن، فمن بلغه فقد بلغته الحجة; ولكن أصل الإشكال: أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وفهم الحجة؛ فإن الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: " أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً " ، وقال تعالى: " وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً " . فقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمها نوع آخر، وكفرهم الله ببلوغها إياهم، مع كونهم لم يفهموها " [ الدرر 10 /434 ].


وقد نقل كلامه هذا تلميذه البار الإمام الحجة الألمعي حمد بن ناصر آل معمر رحمه الله تعالى في كتابه [ النبذة الشريفة النفيسة في الرد على القبوريين ] صفحة 117 وما بعدها وقد نقل كلام شيخه وشرحه بحيث أنه لم يدع مجالا لهذيان ربيع وتفصيلات ربيع ، قال رحمه الله :

" إن الله تعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، فكل من بلغه القرآن ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قامت عليه الحجة قال الله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} ، وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}.

[ انظر إلى استدلالات أئمة الدعوة وانظر لكلام ربيع وهذيانه .العربي ]

وقد أجمع العلماء على أن من بلغته دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أن حجة الله قائمة عليه. ومعلوم بالاضطرار من الدين: أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب ليعبد وحده ولا يشرك معه غيره، فلا يدعى إلا هو، ولا يذبح إلا له، ولا ينذر إلا له، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يخاف خوف السر إلا منه.

والقرآن مملوء من هذا، قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} ، وقال: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ } ، وقال: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ} ، وقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ، وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، وقال: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} ، وقال: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}، وقال: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ، وقال: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} ، والآيات الواردة في هذا المعنى كثيرة والله تعالى: لا يعذب خلقه إلا بعد الإعذار إليهم، فأرسل رسله وأنزل كتبه، لئلا يقولوا: {لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، وقال: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى}.

وكل من بلغه القرآن فليس بمعذور؛ فإن الأصول الكبار، التي هي أصل دين الإسلام، قد بينها الله تعالى في كتابه، وأوضحها وأقام بها حجته على عباده. وليس المراد بقيام الحجة أن يفهمها الإنسان فهما جليا، كما يفهمها من هداه الله ووفقه، وانقاد لأمره; فإن الكفار قد قامت عليهم الحجة من الله تعالى، مع إخباره بأنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوا كلامه، فقال: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً}.

[ لكن ربيع مخالف لما عليه هؤلاء الأفاضل والسلف الصالح .العربي]

وقال: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً}، وقال تعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}، وقال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} والآيات في هذا المعنى كثيرة؛ يخبر سبحانه أنهم لم يفهموا القرآن ولم يفقهوه، وأنه عاقبهم بالأكنة على قلوبهم، والوقر في آذانهم، وأنه ختم على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم؛ فلم يعذرهم مع هذا كله؛ بل حكم بكفرهم وأمر بقتالهم، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم بكفرهم ; فهذا يبين لك أن بلوغ الحجة نوع، وفهمها نوع آخر.

[ لكن ربيع يقول : ليس الأمر كذلك .العربي ]

وقد سئل شيخنا [ أي الشيخ محمد بن عبدالوهاب ] رحمه الله تعالى، عن هذه المسألة، فأجاب السائل بقوله: من العجب العجاب، كيف تشكون في هذا، وقد وضحته لكم مرارا؟! فإن الذي لم تقم عليه الحجة، هو الذي حديث عهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف، فلا يُكَفَّر حتى يُعرَّف; وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هي القرآن؛ فمن بلغه فقد بلغته الحجة. ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وفهم الحجة ،

[ لكن ربيع يقول : ليس الأمر كذلك .العربي ]

; فإن أكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}.

وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم إياها نوع آخر; وكفّرهم الله ببلوغها إياهم، مع كونهم لم يفهموها. وإن أشكل عليكم ذلك، فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج "أينما لقيتموهم فاقتلوهم" مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر معهم الإنسان عمل الصحابة، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين، هو التشديد والغلو والاجتهاد، وهم يظنون أنهم مطيعون لله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها.

وكذلك: قتل علي رضي الله عنه الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم تلاميذ الصحابة، ومع عبادتهم وصلاحهم؛ وهم أيضا يظنون أنهم على حق، وكذلك إجماع السلف على تكفير أناس من غلاة القدرية، وغيرهم، مع كثرة علمهم، وشدة عبادتهم، وكونهم يظنون أنهم يحسنون صنعا; ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم; لأجل أنهم لم يفهموا، فإن هؤلاء كلهم لم يفهموا، انتهى كلامه.

إذا تقرر هذا، فنقول: إن هؤلاء الذين ماتوا قبل ظهور هذه الدعوة الإسلامية، وظاهر حالهم الشرك، لا نتعرض لهم، ولا نحكم بكفرهم ولا بإسلامهم؛ بل نقول: من بلغته هذه الدعوة المحمدية، وانقاد لها، ووحد الله، وعبده وحده لا شريك له، والتزم شرائع الإسلام، وعمل بما أمره الله به، وتجنب ما نهاه عنه، فهذا من المسلمين الموعودين بالجنة، في كل زمان وفي كل مكان.

وأما من كانت اله حال أهل الجاهلية، لا يعرف التوحيد الذي بعث الله رسوله يدعو إليه، ولا الشرك الذي بعث الله رسوله ينهى عنه، ويقاتل عليه، فهذا لا يقال إنه مسلم لجهله؛ بل من كان ظاهر عمله الشرك بالله، فظاهره الكفر، فلا يستغفر له ولا يتصدق عنه، ونكل حاله إلى الله الذي يبلو السرائر، ويعلم ما تخفي الصدور.

ولا نقول: فلان مات كافرا، لأنا نفرق بين المعيّن وغيره، فلا نحكم على معين بكفر، لأنا لا نعلم حقيقة حاله وباطن أمره؛ بل نكل ذلك إلى الله. ولا نسب الأموات؛ بل نقول: أفضوا إلى ما قدموا. وليس هذا من الدين الذي أمرنا الله به؛ بل الذي أمرنا به أن نعبد الله وحده ولا نشرك به، ونقاتل من أبى عن ذلك، بعد ما ندعوه إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا أصر وعاند كفّرناه وقاتلناه.

فينبغي للطالب أن يعهم الفرق بين المعين وغيره؛ فنكفر من دان بغير الإسلام جملة، ولا نحكم على معين بالنار،ونلعن الظالمين جملة، ولا نخص معينا بلعنة، كما قد ورد في الأحاديث من لعن السارق، وشارب الخمر؛ فنلعن من لعنه الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم جملة، ولا نخص شخصا بلعنة؛ يبين ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن شارب الخمر جملة. ولم اجلد رجلا قد شرب، قال رجل من ا لقوم: اللهم اللعنه، ما أكثر ما يؤتى به النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله ?".اهـ.

وقد وقفت على كلام طويل واضح بين في [ الدرر السنية 10 /368 - 375 ] للعلامة المحقق الفقيه عبدالله أبا بطين رحمه الله انقله لكم بتمامه لعظيم فائدته قال رحمه الله :
" فقول الشيخ تقي الدين [ابن تيمية ] رحمه الله: إن التكفير والقتل موقوف على بلوغ الحجة، يدل من كلامه على أن هذين الأمرين :

وهما: التكفير، والقتل، ليسا موقوفين على فهم الحجة مطلقا ، بل على بلوغها، ففهمها شيء، وبلوغها شيء آخر.

[ لكن ربيع يقول : ليس الأمر كذلك .العربي ]

فلو كان هذا الحكم موقوفا على فهم الحجة، لم نكفر ونقتل إلا من علمنا أنه معاند خاصة، وهذا بين البطلان؛ بل آخر كلامه رحمه الله، يدل على أنه يعتبر فهم الحجة، في الأمور التي تخفى على كثير من الناس، وليس فيها مناقضة للتوحيد والرسالة، كالجهل ببعض الصفات.

وأما الأمور التي هي مناقضة للتوحيد، والإيمان بالرسالة، فقد صرح رحمه الله في مواضع كثيرة بكفر أصحابها، وقتلهم بعد الاستتابة، ولم يعذرهم بالجهل، مع أنا نتحقق أن سبب وقوعهم في تلك الأمور، إنما هو الجهل بحقيقتها؛ فلو علموا أنها كفر تخرج من الإسلام، لم يفعلوها.

وهذا في كلام الشيخ رحمه الله كثير، كقوله في بعض كتبه: " فكل من غلا في نبي، أو رجل صالح، وجعل فيه نوعا من الإلهية، مثل أن يدعوه من دون الله، نحو أن يقول: يا فلان أغثني، أو اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو اجبرني، أو توكلت عليك، أو أنا في حسبك، أو أنت حسبي، ونحو هذه الأقوال، التي هي من خصائص الربوبية، التي لا تصلح إلا لله؛ فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل" .

وقال أيضا: " فمن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم، كفر إجماعا; وقال: من اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله، فهو مرتد؛ وإن جهل أن ذلك محرم عرف ذلك، فإن أصر صار مرتدا ".

وقال: " من سب الصحابة أو أحدا منهم، أو اقترن بسبه دعوى أن عليا إله، أو نبي، أو أن جبرائيل غلط، فلا شك في كفر هذا؛ بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره ".

وقال أيضا: " من زعم أن الصحابة ارتدوا، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا، لا يبلغون بضعة عشر، أو أنهم فسقوا، فلا ريب في كفر قائل ذلك؛ بل من شك في كفره، فهو كافر " انتهى.

فانظر كيف كفر الشاك، والشاك جاهل؛ فلم ير الجهل عذرا في مثل هذه الأمور.

وقال رحمه الله في أثناء كلام له ، قال: " ولهذا قالوا: من عصى مستكبرا كإبليس، كفر بالاتفاق، ومن عصى مشتهيا لم يكفر عند أهل السنة، ومن فعل المحارم مستحلا، فهو كافر بالاتفاق".
وقال: " والاستحلال: اعتقاد أنها حلال، وذلك يكون تارة باعتقاد أن الله لم يحرمها، وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها؛ وهذا يكون لخلل في الإيمان بالربوبية أو الرسالة، ويكون جحدا محضا غير مبني على مقدمة، وتارة يعلم: أن الله حرمها، ثم يمتنع من التزام هذا التحريم ويعاند، فهذا أشد كفرا ممن قبله" ، انتهى.

وكلامه رحمه الله في مثل هذا كثير، فلم يخص التكفير بالمعاند

[ لكن ربيع يقول : "فلا تقول الحجة عليه إلا من بعد ما يتبيّن له الهدى فيعاند ، فهذا يكفر" ألا يدل هذا دلالة واضحة أن ربيع مخالف لما عليه أئمة الإسلام .العربي ]

، مع القطع بأن أكثر هؤلاء جهال لم يعلموا أن ما قالوه أو فعلوه كفر؛ فلم يعذروا بالجهل في مثل هذه الأشياء، لأن منها ما هو مناقض للتوحيد، الذي هو أعظم الواجبات، ومنها ما هو متضمن معارضة الرسالة، ورد نصوص الكتاب والسنة الظاهرة المجمع عليها بين علماء المسلمين.

وقد نص السلف والأئمة على تكفير أناس بأقوال صدرت منهم، مع العلم أنهم غير معاندين;

ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله تعالى: من جحد وجوب عبادة من العبادات الخمس، أو جحد حل الخبز ونحوه، أو جحد تحريم الخمر ونحوه، أو شك في ذلك ومثله لا يجهله،كفر، وإن كان مثله يجهله عرّف ذلك، فإن أصر بعد التعريف، كفر، وقتل؛ ولم يخصوا الحكم بالمعاند، وذكروا في باب حكم المرتد أشياء كثيرة، أقوالا وأفعالا، يكون صاحبها بها مرتدا، ولم يقيدوا الحكم بالمعاند.

وقال الشيخ أيضا: لما استحل طائفة من الصحابة الخمر، كقدامة وأصحابه، وظنوا أنها تباح لمن آمن بالله وعمل صالحا، على ما فهموه من آية المائدة، اتفق علماء الصحابة كعمر وعلي وغيرهما، على أنهم يستتابون، فإن أصروا على الاستحلال كفروا، وإن أقروا به جلدوا؛ فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداء لأجل الشبهة، حتى يبين لهم الحق، فإن أصروا كفروا.

وقال أيضا: ونحن نعلم بالضرورة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحدا من الأموات، لا من الأنبياء ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة، ولا بلفظ الاستعانة، ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لهم السجود لميت، ولا إلى ميت ونحو ذلك؛ بل نعلم أنه نهى عن ذلك كله، وأنه من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، لكن لغلبة الجهل، وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين، لم يمكن تكفيرهم بذلك، حتى يبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم انتهى.

فانظر إلى قوله: لم يمكن تكفيرهم بذلك، حتى يبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يقل:حتى يتبين لهم،ونتحقق منهم المعاندة بعد المعرفة.

وقال أيضا: لما انجر كلامه في ذكر ما عليه كثير من الناس، من الكفر، والخروج عن الإسلام، قال: وهذا كثير غالب في الأعصار والأمصار، التي تغلب فيها الجاهلية والكفر والنفاق؛ فلهؤلاء من عجائب الجهل، والظلم والكذب، والنفاق والكفر والضلال، ما لا يتسع لذكره المقال. وإذا كان في المقالات الخفية، فقد يقال إنه فيها مخطئ ضال، لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، لكن ذلك يقع في طوائف منهم، في الأمور الظاهرة، التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين، أنها من دين الإسلام، بل اليهود والنصارى والمشركون، يعلمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث بها، وكفر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه، من الملائكة والنبيين أو غيرهم، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام،

ومثل معاداة اليهود والنصارى والمشركين، ومثل تحريم الفواحش، والربا والخمر والميسر، ونحو ذلك، ثم تجد كثيرا من رؤوسهم وقعوا في هذه الأنواع، فكانوا مرتدين، وإن كانوا قد يتوبون من ذلك، أو يعودون إلى أن قال: وأبلغ من ذلك: أن منهم من يصنف في دين المشركين، والردة عن الإسلام، كما صنف الرازي كتابه في عبادة الكواكب، وأقام الأدلة على حسن ذلك ومنفعته، ورغب فيه؛ وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين، وإن كان قد يكون عاد إلى الإسلام، انتهى.

فانظر إلى تفريقه بين المقالات الخفية، والأمور الظاهرة، فقال في المقالات الخفية، التي هي كفر: قد يقال إنه فيها مخطئ ضال، لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها، ولم يقل ذلك في الأمور الظاهرة؛ فكلامه ظاهر في الفرق بين الأمور الظاهرة والخفية، فيكفر بالأمور الظاهر حكمها مطلقا، وبما يصدر منها من مسلم جهلا، كاستحلال محرم أو فعل أو قول شركي بعد التعريف،
ولا يكفر بالأمور الخفية جهلا، كالجهل ببعض الصفات، فلا يكفر الجاهل بها مطلقا، وإن كان داعية، كقوله للجهمية: أنتم عندي لا تكفرون، لأنكم جهال; وقوله عندي يبين أن عدم تكفيرهم، ليس أمرا مجمعا عليه، لكنه اختياره؛ وقوله في هذه المسألة خلاف المشهور في المذهب، فإن الصحيح من المذهب تكفير المجتهد الداعي إلى القول بخلق القرآن، أو نفي الرؤية، أو الرفض ونحو ذلك، وتفسيق المقلد.

قال المجد رحمه الله: الصحيح: أن كل بدعة كفرنا فيها الداعية، فإنا نفسق المقلد فيها، كمن يقول بخلق القرآن، أو أن علم الله مخلوق، أو أن أسماءه مخلوقة، أو أنه لا يُرى في الآخرة، أو يسب الصحابة تدينا، أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد، وما أشبه ذلك؛ فمن كان عالما في شيء من هذه البدع، يدعو إليه ويناظر عليه، فهو محكوم بكفره، نص أحمد على ذلك في مواضع، انتهى.
فانظر كيف حكموا بكفرهم مع جهلهم، والشيخ رحمه الله يختار عدم كفرهم، ويفسقون عنده; ونحوه قول ابن القيم رحمه الله، فإنه قال: وفسق الاعتقاد، كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويحرمون ما حرم الله، ويوجبون ما أوجب الله، ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله، جهلا وتأويلا وتقليدا للشيوخ، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك؛ وهؤلاء كالخوارج المارقة، وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة، وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم.

وأما غلاة الجهمية، فكغلاة الرافضة، ليس للطائفتين في الإسلام نصيب، ولذلك أخرجهم جماعة من السلف، من الثنتين والسبعين فرقة، وقالوا هم مباينون للملة، انتهى.

وبالجملة: فيجب على من نصح نفسه، ألا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله؛ وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه واستحسان عقله، فإن إخراج رجل من الإسلام أو إدخاله فيه، أعظم أمور الدين; وقدكفينا بيان هذه المسألة كغيرها، بل حكمها في الجملة أظهر أحكام الدين؛ فالواجب علينا: الاتباع وترك الابتداع، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم". اهـ.


وهنا أود أن أضيف شيئا عن صفة قيام الحجة ، قال الشيخ أبو العلاء بن راشد الراشد في كتاب القيم [ عارض الجهل وأثره في أحكام الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة ، ص 139 ] : " صفة قيام الحجة في المسائل الظاهرة هي : بلوغ الدليل من القرآن والسنة فمن بلغه الدليل أو سمع به فقد قامت عليه الحجة ، ولا يشترط التعريف من عالم أو غيره ، فالحجة التي يرتفع بها الجهل ينقطع العذر بها في المسائل الظاهرة هي كتاب الله وسنة رسوله ـ والعبرة ببلوغ الحجة والسماع بها وليس بفهم الحجة .

وأما المسائل التي تخفى فيها طرق الأدلة ـ ويقع فيها التأويل بحيث يصعب على المكلف تحصيلها بنفسه ٍ، فصفة قيام الحجة فيها : بلوغ الدليل وشرحه وتفهيم المراد منه ، ورد الشبهات التي تعلق به ممن يحسن أن ذلك من أهل العلم ".اهـ

هذا عن السلف أما عن علماء العصر الذين يحيطون بربيع وهم أعلم منه وأفقه في دين الله منه يقول أيضا خلاف قول ربيع الجاهل بعقيدة أهل السنة والجماعة :

قال العلامة المحقق محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى : "إن الذين توقفوا في تكفير المعين هو في الأشياء التي يخفى دليلها فلا يكفّر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية من حيث الثبوت والدلالة فإذا أوضحت له الحجة بالبيان الكافي كُفّر سواء فهم أو قال ما فهمت أو فهم وأنكر، ليس كفر الكفار كله عن عناد.

وأما ما عُلم بالضرورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء به ثم خالفه فهذا يكفر بمجرد ذلك ولا يحتاج إلى تعريف سواء في الأصول أو الفروع ما لم يكن حديث عهد بالإسلام". (فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم طبعة الحكومة السعودية 1/74)

[ لكن المدخلي يقول بخلاف هذا الكلام وله وجهة نظر .العربي ]

وقال أيضا رحمه الله :
"س: يقول بعضهم إن كان مراده كذا فهو كافر؟

قال: مراد هؤلاء أنه لا يكفر إلا المعاند فقط وهذا من أعظم الغلط فإن أقسام المرتدين معروفة؛منهم من ردته عناد وبعضهم لا وفي القرآن يقول الله عز وجل " ويحسبون أنهم مهتدون" (الأعراف 30) وحسبانهم أنهم على شيء لا ينفعهم وهذه شبهة كالشبهة الأخرى وهي عدم تكفير المنتسب إلى الإسلام وتلك الشبهة عدم تكفير المعين وصريح الكتاب والسنة يرد هذا وهذا". (فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم 12/1991 طبعة الحكومة السعودية)

[ لكن ربيع يقول : " فلا تقول الحجة عليه إلا من بعد ما يتبيّن له الهدى فيعاند ، فهذا يكفر " .العربي ]



من فتاوى اللجنة الدائمة

السؤال الثاني والسابع من الفتوى رقم (4246):
س 2: ما حكم من نشأ في بلده ولم يدرك شيئا إلا الصلاة، بل أركان الإسلام الخمسة ويعمل بكل، ولكنه يذبح للجن ويدعوهم عند حاجته، ولكنه لا يعرف أن الشريعة تمنع ذلك هل هو معذور لجهله أم لا؟ وهل يقال له: أنت مشرك، قبل البيان؟
ج 2: يجب على من عرف منه ذلك من أهل العلم بالتوحيد أن يبين له أن الذبح لغير الله من الجن أو غيرهم؛ كالأنبياء والملائكة والأصنام شرك أكبر يخرج من الإسلام، وكذا دعاؤهم لقضاء الحاجات شرك أكبر يخرج من الإسلام أيضا؛ لأن كلا منهما عبادة يجب الإخلاص فيها لله وحده، فصرفها لغير الله شرك أكبر.
قال الله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء الآية.
وقال: ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله الآية، وقال: فصل لربك وانحر وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله من ذبح لغير الله الحديث.
وإن أصر على الذبح للجن ودعائهم لقضاء الحاجة فهو مشرك شركا أكبر ولا عذر له؛ لقيام الحجة عليه بالكتاب والسنة ويقال له: كافر مشرك شركا أكبر.
[ وماذا عسى ربيع أن يقول ؟! .العربي ]



من فتاوى شيخ الإسلام ابن باز رحمه الله عند شرحه لكتاب [ كشف الشبهات ] :


س : الاختلاف في مسائل العذر بالجهل هل من المسائل الخلافية ؟ [ ممكن أن يأتي ربيع ويقول مسألة خلافية ؟! أنه القائل : ليس الأمر كذلك .العربي ]

ج : مسألة عظيمة ، والأصل فيها أنه لا يعذر من كان بين المسلمين من بلغه القرآن والسنة ، ما يعذر. الله جل وعلا قال :" وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ "، من بلغه القرآن والسنة غير معذور ، إنما أوتي من تساهله وعدم مبالاته .

س : لكن هل يقال هذه مسألة خلافية ؟

ج : ليست خلافية إلا في الدقائق التي قد تخفى مثل قصة الذي قال لأهله حرقوني.
...

س: يا شيخ العامي يمنع من التكفير ؟

ج : العامي لا يكفِّر إلا بالدليل ، العامي ما عنده علم هذا المشكل ، لكن الذي عنده علم بشيء معين مثل من جحد تحريم الزنا هذا يكفر عند العامة والخاصة ، هذا ما فيه شبهة ، ولو قال واحد : إن الزنا حلال ، كفر عند الجميع هذا ما يحتاج أدلة ، أو قال : إن الشرك جائز يجيز للناس أن يعبدوا غير الله هل أحد يشك في هذا ؟! هذا ما يحتاج أدلة ، لو قال : إن الشرك جائز يجوز للناس أن يعبدوا الأصنام والنجوم والجن كفر .
التوقف يكون في الأشياء المشكلة التي قد تخفى على العامي
...

س : ما يعرف أن الذبح عبادة والنذر عبادة ؟

ج : يعلَّم ، الذي لا يعرف يعلَّم ، والجاهل يعلَّم .

س : هل يحكم عليه بالشرك ؟

ج : يحكم عليه بالشرك ، ويعلَّم أما سمعت الله يقول :"أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا" قال جل وعلا :" ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " ما وراء هذا تنديدا لهم ،نسأل الله العافية . [ لكن ربيع يخالف الكبار بجهل وكبر في نفسه وغلا فإن الأدلة واضحة لكل ذي عين .العربي ]

س : يذكر العلماء في أهل البادية أن الأعرابي قد يعذر فما هي المسائل التي قد يعذر فيها صاحب البادية ؟ وهل هذا خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم عند بداية الإسلام ؟.

ج : يعذر الأعرابي وغير الأعرابي بالشيء الذي يمكن جهله مثل بعض أركان الصلاة ، بعض أركان الزكاة ، بعض المفطرات،أما إذا جحد الصلاة رأساً وقال :لا أصلي ، أو جحد الصيام رأساً وقال لا أصوم رمضان ما يعذر؛ لأن هذا الشيء معلوم من الدين بالضرورة كل مسلم يعرف هذا، أو جحد شروط الحج أو أن عرفة من واجبات الحج ومن أعمال الحج لأنه قد يخفى عليه ، لكن يقر بالحج أنه فرض مثل هذه قد تخفى على العامي .

س : يُذكر يا شيخ – أحسن الله إليك – عن بعضهم أنه ما يعرف الجنابة ، وأنه ما يغتسل منها ؟

ج : يعلَّم ، العامي قد لا يفهم خصوصا بعض النساء ، يعلَّم ولا يكفر .
...
س : لو قال لا بد أن تتوفر شروط فيمن أًريد تكفيره بعينه وتنتفي الموانع ؟

ج : مثل هذه الأمور الظاهرة ما يحتاج فيها شيء ، يكفر بمجرد وجودها ، لأن وجودها لا يخفى على المسلمين ، معلوم بالضرورة من الدين بخلاف الذي قد يخفى مثل شرط من شروط الصلاة ، بعض الأموال التي تجب فيها الزكاة ، تجب أو لا تجب ، بعض شؤون الحج ، بعض شؤون الصيام ، بعض شؤون المعاملات ، بعض مسائل الربا . .

س : بعض الناس يقول : المعين لا يكفر .

ج : هذا من الجهل ، إذا أتى بمكفر يكفر
...

س : يا شيخ جملة من المعاصرين ذكروا أن الكافر ممن قال الكفر أو عمل بالكفر لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ، وأدرجوا عباد القبور في هذا ؟

ج : هذا من جهلهم عباد القبور كفار ، واليهود كفار والنصارى كفار ولكن عند القتل يستتابون ، فإن تابوا وإلا قتلوا.

س : يا شيخ مسألة قيام الحجة ؟ هل قامت عليهم؟

ج : بلغهم القرآن ،هذا بلاغ للناس ، القرآن بلغهم وبين المسلمين "وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ "" هذا بلاغ للناس " ، " يا أيها الرسول بلغ" قد بلغ الرسول ، وجاء القرآن وهم بين أيدينا يسمعونه في الإذاعات ويسمعون في غيرها ، ولا يبالون ولا يلتفتون ، وإذا جاء أحد ينذرهم ينهاهم آذوه ، نسأل الله العافية .

فهل بعد هذا يأتي ربيع ويقول أنه الأمر خلاف هذا ويخرج لنا من كيسه فتوى تخالف هؤلاء الأئمة الكبار رحمهم الله تعالى

[ نقلتها بتصرف وذلك بحذف بعض الأسئلة . تم مقل الموضوع من شبكة الأثري على هذا الرابط http://www.alathary.net/vb2/showthread.php?t=14854]


من فتاوى العلامة الراجحي حفظه الله

السؤال :
هل يشترط في إقامة الحجة فهم الحجة فهما واضحا جليا أم يكفي مجرد إقامتها ؛ نرجو التفصيل في ذلك مع ذكر الدليل ؟

الجواب :

الواجب إقامة الحجة على من كان عنده شبهة وكذلك المشرك إذا أقيمت عليه الحجة فقد زال عذره بمعنى أن يبلغه الدليل ويعلم أن هذا الأمر فيه دليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يشترط فهم الحجة فإن الله أخبر أن المشركين قامت عليهم الحجة ومع ذلك لم يفهموها فهما واضحا ولكنهم قامت عليهم الحجة ببلوغها ؛ نزل القرآن وسمعوه وجاءهم النذير صلى الله عليه وسلم وأنذرهم واستمروا على كفرهم فلم يعذرهم ولهذا قال الله تعالى : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } وقد بعث الرسول ، وقال تعالى : { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } فاشترط في إقامة الحجة البلاغ ، وقال صلى الله عليه وسلم: « والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار » وقال تعالى في وصف الكفار : { وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } ومع ذلك قامت عليهم الحجة فأخبر أن مثلهم مثلُ من يسمع الصوت ولا يفهم المعنى كمثل الغنم التي ينعق لها الراعي فتسمع الصوت ومع ذلك قامت عليهم الحجة ، وقال تعالى : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ } ولم يقل حتى يتبين ؛ بل قال : { حَتَّى يُبَيِّنَ } وهذا هو قيام الحجة ، فإذا فهم الحق وعرف هذا الدليل وعرف الحجة فقد قامت عليه الحجة ولو لم يفهمها ؛ فلا يشترط فهمها وهذا الذي تدل عليه النصوص وهو الذي قرره أهل العلم .

[فجواب الشيخ حفظه الله مخالف لجواب ربيع .العربي]


السؤال:

ما حكم من يدعو غير الله وهو يعيش بين المسلمين وبلغة القرآن ، فهل هذا مسلم تلبس بشرك أم هو مشرك ؟

الجواب :
هذا الشخص مشرك ؛ لأنه غير معذور إذا كان يعيش بين المسلمين لقول الله -عز وجل- : { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } فمن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة ، وقال تعالى : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } فمن بلغه القرآن وبلغته الدعوة وفعل الشرك وهو يعيش بين المسلمين فإنه مشرك . وقال بعض أهل العلم : إن الشخص إذا كان يخفى عليه ما وقع فيه من الشرك بسبب دعاة الضلال والإشراك وبسبب كثرة المضلين حوله وخفي عليه الأمر فإنه في هذه الحالة يكون أمره إلى الله - عز وجل - فيكون حكمه حكم أهل الفترة إذا لم يعلم ولكنه إذا مات يعامل معاملة المشركين فلا يُغسَّل ولا يُصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين في مقابرهم .

فالمقصود أن الأصل أنه لا يعذر لكن لو وجد بعض الناس خفي عليه بسبب دعاة الشرك والضلال ولم يعلم قد يقال إنه معذور في هذه الحالة وأمره إلى الله تعالى ، وبكل حال يجب عليه أن يطلب الحق ويتعرف عليه ويسعى له كما أنه يسعى في معيشته ويسأل عن طرق الكسب فيجب عليه أن يسأل عن دينه ويسأل عن الأمر الذي أشكل عليه وكونه لم يسمع الحق ولم يقبل الحق وتصامم عن سماع الحق فليس هذا عذرا له ؛ هذا هو الأصل .


انتهى النقل عن الكبار .


فإذا عرفت هذا وتبين لك الحق عرفت قدر ربيع ومنهجه المردي الذي يريد أن يزج الشباب السلفي إلى حمئة البدعة والضلال وتبين ما عليه علماء الدعوة من الحق ومن الصواب ، فنسأل الله أن يبين للشباب السلفي الذي غررت بهم الحق وأن ينصر دينه ويهلك الظالمين .
وتبين لك كذلك أن المدخلي رجل يتقول على السلف ويجتهد في أمور الأئمة الكبار فصلوا فيها
وفي الختام أقول أنه ليس هذا آخر المطاف مع ربيع في شرحه فشرحه مليء بالضلال ، وسأستمر في دحر افتراء ربيع وأتباعه والذب عن منهج السلف الصالح رضوان الله عليهما ، وسأضع بين أيديكم اخواني بين الفترة والأخرى ردا على المدخلي حتى نأتي على كل ما الكتاب .

وفي الأخير فإني أنصح ربيع بما نصحت به اللجنة الدائمة صاحبه علي الحلبي حيث قالوا : " وننصح كاتبهما أن يتقي الله في نفسه وفي المسلمين ، وبخاصة شبابهم .
وأن يجتهد في تحصيل العلم الشرعي على أيدي العلماء الموثوق بعلمهم وحُسن معتقدهم . وأن العلم أمانة لا يجوز نشره إلا على وفق الكتاب والسنة . وأن يقلع عن مثل هذه الآراء والمسلك المزري في تحريف كلام أهل العلم ، ومعلوم أن الرجوع إلى الحق فضيلة وشرف للمسلم . والله الموفق . "اهـ


وآخر دعوانا أن الحمد لله ربي العالمين .

بو زيد الأثري
01-11-2010, 12:29 PM
بارك الله فيك يا أخي على جهودك

12d8c7a34f47c2e9d3==