المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفصيل العلامة الفوزان في حكم من حكم بغير ما أنزل الرحمن


كيف حالك ؟

المفرق
12-30-2009, 12:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
وبعــــــد :
فهذا تفصيل وتأصيل بديع للعلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - في حكم من حكم بغير ما أنزل الرحمن...

قال الشيخ ا- حفظه الله تعالى - في شرحه الماتع على الأصول الثلاثة ص (304 – 306) :

( الخامس : من حكم بغير ما أنزل الله : ودليله قوله تعالى : ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ﴾ ( النساء : 60 ) فالذي يحكم بغير ما أنزل الله مــستحـلاً لذلك يكون طاغوتًا ، والذي يقول : أنه يجــوز أن يتحاكموا إلى القانون أو إلى العوائد في الجاهلية أو عوائد القبائل والبادية ويتركوا الشرع ، يقول : هذا حلال ، أو : هذا يساوي ما أنزل الله ، فإذا قال : إنه أحسن مما أنزل الله ، أو يساوي ما أنزل الله ، أو قال : إنه حلال فقط ، ولم يقل : إنه يساوي ، ولا أفضل ، قال : حلال جائز ، هذا يعتبر طاغوتًا ، بنص القرآن ، قال تعالى : ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ﴾ سمي طاغوتًا لأنه تجاوز حده ، أما من حكم بغير ما أنزل الله وهو يقر أن ما أنزل الله هو الواجب الإتباع والحق ، وأن غيره باطل ، وأنه يحكم بباطل ، فهذا يعتبر كافرا الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة ، لكنه على خطر عظيم، على طريق قد يصل به إلى الكفر المخرج من الملة إذا تساهل في هذا الأمر ( ) .
وأما من حكم بغير ما أنزل الله عن غير تعمد بل عن اجتهاد ، وهو من أهل الاجتهاد من الفقهاء واجتهد ولكن لم يصب حكم الله ، وأخطأ في اجتهاده فهذا مغفور له ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا حكم الحاكم ، فاجتهد ، ثم أصاب ، فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ، ثم أخطأ ، فله أجر ﴾ لأنه لم يتعمد الخطأ هو يريد الحق ويريد موافقة حكم الله عز وجل ؛ لكنه لم يوفق له فهذا يعتبر معذورًا ومأجورًا ؛ ولكن لا يجوز إتباعه على الخطأ ، لا يجوز لنا أن نتبعه على الخطأ ، ومن هذا اجتهادات الفقهاء التي أخطئوا فيها أو اجتهادات القضاة في المحاكم إذا اجتهدوا وبذلوا وسعهم في طلب الوصول إلى الحق ولكن لم يوفقوا فخطؤهم مغفور ) .

وقال - حفظه الله – في شرح نواقض الإسلام ص 95 – 99 :
( ويجب اعتقاد أن حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو الحق والصواب وأن ما خالفه هو الباطل هذه عقيدة يعتقدها المسلم فمن اعتقد أن حكم المخلوق أحسن من حكم الله عز وجل أو أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكمه فقد كفر وهذا من نواقض الإسلام ومن زعم أن الوقت قد تغير وأن حكم الكتاب والسنة كان في زمان قد مضى وأن الحال في الوقت الحاضر يقتضي أن يؤتى بحكم يناسب الوقت الحاضر كما يقولون فهذه ردة عن دين الإسلام فالذي يرى أن حكم الشريعة لا يناسب الحكم و العمل به في هذه الوقت وإنما يؤتي بأحكام وأنظمة تناسب الوقت – بزعمهم – فهذا كفر بالله عز وجل لأن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة و يجب أن تعتقد هذا فإن لم يتبين له صلاحيتها فهذا من نقصه ومن نقص إدراكه لا من نقص الشريعة . وهناك من يقول : تطبيق الحدود ورجم الزاني وقطع يد السارق وقتل المرتد إن هذه أحكام قاسية لا تتناسب مع هذا الزمان المتطور الذي تطورت فيه أفكار الناس وعقولهم فلا يناسب أن تطبق الحدود ولا أن يقام على القاتل لأنه وحشية فهذه المقالات لا تصدر من بعض المنافقين ردة واضحة عن دين الإسلام وكذلك من قال :انه مخير بين أن يحكم بالشريعة وأن يحكم القوانين فالذي يقول هذه المقالة مرتد عن دين الإسلام لان حكم الله ليس فيه خيار من شاء أخذه ومن شاء تركه بل حكم الله ملزم ، قال تعالى : ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ... ﴾ ( المائدة : 49 ). فحكم الله ملزم ولا يصلح الناس الإ حكم الله سبحانه وتعالى فليس الأمر بالخيار ، ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ ( الأحزاب : 36 ) .
فحكم بما أنزل الله نوع من أنواع العبادة فيجب على العباد كلهم أن يخضعوا لحكم الله جل وعلا وأن يعتقدوا أن لا شئ يساويه أو أفضل منه فلا يظن أحد أن الأمر بالخيار وأن الناس أحرار كحرية الرأي وحرية التفكير وما أشبه ذلك مما ينادي به بعض الزنادقة و المنافقين والعلمانيين فالذين يقولون هذه المقالة كفروا لأنهم لا يمتثلون حكم الله سبحانه وتعالى و يتكبرون على حكم الله عز وجل وكذلك من يقول : إن حكم الله حق ولكن لا يلزم الالتزام به ويجوز للإنسان أن يحكم بغيره وأن يتمشى مع الزمان إذا رأى المصلحة في ذلك فهذا مرتد عن دين الإسلام لأنه لا يجوز أن يحكم بغير ما انزل الله عز وجل وكل حكم سوى عز وجل فإنه باطل وأيضا ذلك لا يحل المشكلة بين الناس بل يزيد الإشكال إشكالا فإذا قلت : أن هذه حكم الله وجل وعلا فلا يسعه إلا أن يقبل حكم الله :﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ ( النور : 51 ) أي لا خيار في حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن شئت قبلت و إن شئت لم تقبل ولكن إن شئت أن تتنازل عن حقك فهذا شئ آخر أما أن تقول ما اقبل واذهب إلى المحاكم القانونية فهذه ردة عن دين الإسلام وأما من اعتقده انه لا يجوز الحكم بغير ما انزل الله وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن خالفه لهوى في نفسه مع اعتقاد أنه فعل معصية أو محرماً ولكن حملته الشهوة والهوى على أن حكم بغير حكم الله أو حمله الطمع كان دفع إليه رشوة أو مال فحكم بغير ما انزل الله طمعاً بالمال وهو يعتقد أنه عاصٍ ومخالف لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن حكم بغير ما أنزل الله طمعاً في منصبه وهو يرى أنه مخطئ وأن عمله هذا لا يجوز فهذا لا يكفر الكفر المخرج عن ملة وإنما يكفر الكفر الأصغر كفراً دون كفر كما يقول ابن عباس – رضي الله عنهما – فهذا الذي يكون كفره دون كفر من حكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه لا يعتقد أن لا يجوز أو أحسن من حكم الله أو أن هذا مساوٍ لحكم الله لكن حمله هواه على هذا أو أنه طمع في مال أو منصب فحكم بخلاف حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من أجل هذا الذي صرفه من غير اعتقاد فهذا يسمى كفرا عملياً وهو من الكفر الأصغر ولكنه كبيرة من كبائر الذنوب وخطير جداً وهذا لا يحكم بأنه خرج من الملة لان عقيدته باقية .
ومن حكم بغير ما أنزل الله نتيجة خطأ في الاجتهاد ولم يعتمد مخالفة الكتاب و السنة فهو يريد الحكم بما أنزل الله ولكنه لم يوفق للصواب فهذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران و إذا اجتهد واخطأ فله أجر واحد ) فخطؤه مغفور لأنه لم يتعمد هذا الشئ وهو حريص على أن يحكم بالشريعة واجتهد يطلب الحكم الشرعي ولكنه لم يوفق فهذا يؤجر على اجتهاده ونيته ويغفر له لأنه لم يتعمد هذا الشئ فهذه هي الأمور التفصيلية في هذه المسألة العظيمة التي هي مشكلة العصر الآن ).( )
وقال أيضاً في الكتاب نفسه ص 105 : ( فمسألة الحكم بغير ما أنزل الله مسألة عظيمة وفيها تفصيل كما ذكر أهل التفسير فلا يطلق الكفر على كل من حكم بغير ما أنزل الله بل يفصل في هذا بين من يرى أن حكم غير الله أحسن أو أنه يساوي غيره أو أنه مخير فهذا يحكم عليه بالكفر المخرج من الملة أما من كان يرى أن حكم الله هو اللازم وهو الحق ولكن خالفه لهوى أو رشوة أو لطمع دنيوي فهذا يحكم عليه بأنه كفر دون كفر و أن هذا فسق قال تعالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ فيحكم عليه بالفسق ونقص الإيمان وهذا الناقض الرابع من نواقض الإسلام التي ذكرها الشيخ – رحمه الله – ( ) يتضمن مسألة مهمة وهي مشكلة العصر الآن نسأل الله عز وجل أن يوفق ولاة أمور المسلمين للحكم بما أنزل الله وأن يوفق المخالفين لذلك بأن يرجعوا إلي الحق و الصواب ).

وسـئـل فـضـيـلـتـه زاده الله فـضـلا وتـوفـيـقـا فـقـيـل لـه :

هــــــــل الــــحـــــكـــــم بـــــغـــــيــــر مـــــا أنــــــــزل الله كـــفــــر ؟

فأجاب : الحـكـم بـغـيـر مــا أنـزل الله عــلـى قــســمـــيــــن :
قسم يكون من الكفر الأكبر إذا اعتقد إباحة الحكم بغير ما أنزل الله ، أو أن الحكم بما أنزل الله والحكم بغيره متساويان فمن استباح الحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر الكفر الأكبر ، أما من اعتقد تحريمه واعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله ولكنه حكم بغيره لعذر يراه لنفسه ، أو من باب التشهي والرغبة ، فهذا يعتبر فاعلا كبيرة من كبائر الذنوب لكنه لا يحكم بكفره فيكون من جملة أصحاب الكبائر ، ويكون كفره كفرا أصغر ، وهو ما يعنيه ابن عباس رضي الله عنهما بقوله ( كفر دون كفر وفسق دون فسق وظلم دون ظلم ).(أدلة وجوب الاجتماع وذم الفرقة . وهي مطبوعة ضمن كتابه محاضرات في العقيدة والدعوة ص 75 )

وسئل - حفظه الله تعالى - ( قال السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , فضيلة الشيخ نسمع أن فضيلتكم
لا يُــفَــصِّــل في قوله تعالى : ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ ونرجو الإشارة وجزاكم الله خيراً؟؟

الجـــواب : لا بد إذا سمعتم عني أو عن غيري كلاماً أن لا تقبلوا هذا الكلام حتى تطلعوا على كلام الشخص من كتبه أو تسمعوه من أشرطته أما مجرد النقل والشائعات عن الناس فلا تقبلوه مني أو من غيري لا بد من إثبات من كتاب ألفه أو من شريط سجل من كلامه أو بالمشافهة تسألونه فيجيبكم عن ذلك .
أما الاعتماد على الشائعات فإن الكثير من الناس اليوم خف عليهم الكذب وصاروا يقولون على الناس ما لم يقولوا , من أجل أن ينصروا ما هم عليه , والله تعالى يقول : ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ , والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع ) , فما كل ما سمعت يكون صحيحاً ولا تنسبه إلى أحد حتى تتأكد وتثبت كما قال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
وأنا لم أقل إن الحكم بغير ما أنزل الله بأنه كفر أكبر مخرج من الملة مطلقاً, أنا أفصل بما يفصل به العلماء في هذه المسألة مما هو معروف في كتب التفسير وفي كتب العقائد, ليست مسألة مجهولة إنما هي مفصلة في كتب أهل العلم في التفاسير, وأقربها ابن كثير وفي كتب العقائد وأقربها شرح الطحاوية وغيرها ( من محاضرة للشيخ بعنوان التكفير وضوابطه ، وهي مطبوعة ضمن سلسلة وصايا وتوجيهات للشباب ص (120 ) .

12d8c7a34f47c2e9d3==