المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه الله فقد اتخذهم أربابا


كيف حالك ؟

البلوشي
12-15-2009, 07:50 PM
بسم الرحمن الرحيم

قال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كتابه العظيم التوحيد باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه الله فقد اتخذهم أربابا وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!
وقال الإمام أحمد: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (95) أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
عن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ) (96) الآية. فقلت له: إنا لسنا نعبدهم قال: (أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟) فقلت: بلى. قال فتلك: عبادتهم) رواه أحمد، والترمذي وحسنه.

قال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي يرحمه الله

ووجه ما ذكره المصنف ظاهر فإن الرب والإله هو الذي له الحكم القدري , والحكم الشرعي , والحكم الجزائي , وهو الذي يؤله ويعبد وحده لا شريك له , ويطاع طاعة مطلقة فلا يعصى بحيث تكون الطاعات كلها تبعا لطاعته , فإذا اتخذ العلماء والأمراء على هذا الوجه وجعل طاعتهم هي الأصل وطاعة الله ورسوله تبعا لها فقد اتخذهم أربابا من دون الله يتألههم ويحاكم إليهم ويقدم حكمهم على حكم الله ورسوله , وهذا هو الكفر بعينه فإن الحكم كله لله كما أن العبادة كلها لله , والواجب على كل أحد أن لا يتخذ غير الله حكما وأن يرد ما تنازع فيه الناس إلى الله ورسوله وبذلك يكون دين العبد كله لله وتوحيده خالصا لوجه الله , وكل من حاكم إلى غير حكم الله ورسوله فقد حاكم إلى الطاغوت وإن زعم أنه مؤمن فهو كاذب , فالإيمان لا يصح ولا يتم إلا بتحكيم الله ورسوله في أصول الدين وفروعه وفي كل الحقوق كما ذكره المصنف في الباب الآخر , فمن حاكم إلى غير الله ورسوله فقد اتخذ ذلك ربا وقد حاكم إلى الطاغوت .

قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله
ما يستفاد من هذه النصوص:

أولا: تحريم طاعة العلماء والأمراء في تحريم الحلال وتحليل الحرام وأنه إن استباح ذلك فهذا هو الشرك الأكبر، وإن لم يستبحه فإنه يعتبر معصية عظيمة من المعاصي، وهو من الشرك الأصغر .

ثانيا: أن طاعة العلماء والأمراء في غير معصية الله واجبة لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وذلك لأنه لا يتم نظام العالم وقيام المصالح إلا بطاعة ولاة الأمور ما لم يأمروا بمعصية الله عز وجل، فإن أمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق في تلك المعصية، ويطاعون فيما ليس بمعصية .

ثالثا: في قول ابن عباس رضي الله عنهما أن قول العالم إذا خالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب الأخذ بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك قول العالم مهما بلغ من الفضل، كأبي بكر وعمر ، وسفيان الثوري . والعالم إذا أخطأ عن اجتهاد فخطؤه مغفور، لكن لا يجوز لنا تقليده على خطأ .

رابعا: يؤخذ من قول الإمام أحمد رحمه الله: أن الذي بلغ رتبة الاجتهاد ومعرفة صحة الإسناد أنه لا يجوز له أن يقلد، بل يجب عليه الاجتهاد للتوصل إلى الحق بنفسه، ولا يسعه إلا ذلك، لأن التقليد لا يجوز إلا عند الحاجة، وهذا غير محتاج للتقليد .

خامسا: يؤخذ من قول الإمام أحمد : أن من لا يعرف الإسناد وصحته يجب عليه التقليد لمن يثق بعلمه وعمله، لئلا يضيع في دينه .

سادسا: أن صحة الإسناد تدل على صحة المتن خلافا لمن قال من العقلانيين: إنه وإن صح الإسناد فهو لا يدل على صحة المتن .

سابعا: يؤخذ من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أن العبادة ليست قاصرة على الركوع والسجود والدعاء والاستغاثة، بل تشمل طاعة الأوامر وترك النواهي .

ثامنا: أن من أطاع العلماء والأمراء أو غيرهم في تحريم الحلال أو تحليل الحرام أنه قد اتخذهم شركاء لله سبحانه وتعالى في عبادته، وهذا محل الشاهد من الآية الكريمة وحديث عدي للترجمة .

والله تعالى أعلم .

12d8c7a34f47c2e9d3==