المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لفرق بين عقيدة المرجئة وعقيدة الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله


كيف حالك ؟

عامي
12-13-2009, 04:53 PM
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه و من والاه إلى يوم الدين,

أما بعد,

فقد قرأت مقالة في موقع من مواقع المرجئة وقد سموه ب(الأمر الأول نت) وأصل التسمية كما أشرنا هو ليضللوا من يريد الدخول على موقع الشيخ عبد الرحمن الحجي وفقه الله واسم موقعه هو (الأمر الأول), فعنون المرجئة لمقالتهم: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة الذين صرحوا بالخلاف في مسألة العذر بالجهل), والعنوان إنما هو تضليل لمن يقرأ ما كتب فيه.

فنصيحة لله و لرسوله و للمسلمين كتبت هذه الرسالة البسيطة التي أدون فيها ما أدين الله به من معرفتي لمواقف أهل العلم السلفيين في مسألة العذر بالجهل, ومن بين هؤلاء الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله.

في الأول أود أن أنبه على أن مسألة العذر بالجهل في أحكام الدنيا مسألة عظيمة لا خلاف فيها بين أهل العلم الراسخين المجددين,كما قال الإمام المجدد عبد العزيز بن باز رحمه الله, جاء في شرحه لكشف الشبهات:

س : الاختلاف في مسائل العذر بالجهل هل من المسائل الخلافية ؟

ج : مسألة عظيمة ، والأصل فيها أنه لا يعذر من كان بين المسلمين من بلغه القرآن والسنة ، ما يعذر.
الله جل وعلا قال :" وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ "، من بلغه القرآن والسنة غير معذور ، إنما أوتي من تساهله وعدم مبالاته .
س : لكن هل يقال هذه مسألة خلافية ؟
ج : ليست خلافية إلا في الدقائق التي قد تخفى مثل قصة الذي قال لأهله حرقوني .

فها هو إمام العصر الذي أخذ العقيدة عالما عن عالم,ينفي أن يكون هناك خلافا في مسألة العذر بالجهل في أحكام الدنيا في الأمور المعلومة من الدين بالضرورة وليست من الدقائق الخفية!

الشيء الثاني و الأهم هو أن يدرك المسلم ما معنى الخلاف في المسائل؟

فالخلاف في المسائل هو من رحمة الله على عباده المؤمنين,يكون الخلاف في فهم النصوص التي قد يكون لها أكثر من معنى , فيختلف العلماء في فهمها وكل له رأي يسير إليه بنية صادقة و لا نسيء الظن في نوايا العلماء,

ومما أختلف فيه أهل العلم و الأئمة الراسخين حكم أهل الفترة واختلفوا حتى في تحديد من هم أهل الفترة واختلف العلماء في حكم من لم تبلغه الحجة في الآخرة أي أنهم اختلفوا في مسألة العذر بالجهل في أحكام الآخرة ,واختلافهم هو تبعا لاختلاف الأئمة في فهم الآية الكريمة (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) :

قال الإمام القرطبي في تفسيره:

(قوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) أي لم نترك الخلق سدى بل أرسلنا الرسل وفي هذا دليل على أن الأحكام لا تثبت إلا بالشرع خلافا للمعتزلة القائلين بأن العقل يقبح ويحسن ويبيح ويحظر وقد تقدم في البقرة القول فيه والجمهور على أن هذا في حكم الدنيا أي ان الله لا يهلك أمة بعذاب إلا بعد الرسالة إليهم والإنذار وقالت فرقة : هذا عام في الدنيا والآخرة لقوله تعالى : كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا قال بن عطية : والذي يعطيه النظر أن بعثه آدم عليه السلام بالتوحيد وبث المعتقدات في بنيه مع نصب الأدلة الدالة على الصانع مع سلامة الفطر توجب على كل أحد من العالم الإيمان وإتباع شريعة الله ثم تجدد ذلك في زمن نوح عليه السلام بعد غرق الكفار وهذه الآية أيضا يعطي احتمال ألفاظها نحو هذا في الذين لم تصلهم رسالة وهم أهل الفترات الذين قد قدر وجودهم بعض أهل العلم وأما ما روي من أن الله تعالى يبعث إليهم يوم القيامة وإلى المجانين والأطفال فحديث لم يصح ولا يقتضي ما تعطيه الشريعة من أن الآخرة ليست دار تكليف قال المهدوي : وروي عن أبي هريرة أن الله عز وجل يبعث يوم القيامة رسولا إلى أهل الفترة والأبكم والأخرس والأصم فيطيعه منهم من كان يريد أن يطيعه في الدنيا وتلا الآية رواه معمر عن بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة ذكره النحاس قلت : هذا موقوف وسيأتي مرفوعا في آخر سورة طه إن شاء الله تعالى ولا يصح).

وقال العلامة الشنقيطي في كتابه (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب), في سورة بني إسرائيل:

(اعلم أولا: أن من يأته نذير في دار الدنيا وكان كافرا حتى مات اختلف العلماء فيه هل هو من أهل النار لكفره أو هو معذور لأنه لم يأته نذير؟ كما أشار له في مراقي السعود بقوله:

ذو فترة بالفرع لا يراع وفي الأصول بينهم نزاع

وقال الشنقيطي أيضا:

قد قال قوم: إن الكافر في النار ولو مات في زمن الفترة وممن جزم بهذا القول النووي في شرح مسلم؛ لدلالة الأحاديث على تعذيب بعض أهل الفترة, وحكى القرافي في (شرح التنقيح) الإجماع على أن موتى أهل الجاهلية في النار لكفرهم كما حكاه عنه صاحب (نشر البنود)

وقال أيضا في نقله للوجه الثاني من إجابة بعض العلماء عن قوله تعالى (وما كنا معذبين…):

الثاني: أن محل العذر بالفترة المنصوص في قوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} الآية وأمثالها في غير الواضح الذي لا يلتبس على عاقل, أما الواضح الذي لا يخفى على من عنده عقل كعبادة الأوثان فلا يعذر فيه أحد؛ لأن جميع الكفار يقرّون بأن الله هو ربهم وهو خالقهم ورازقهم, و يتحققون أن الأوثان لا تقدر على جلب نفع ولا على دفع ضر, لكنهم غالطوا أنفسهم فزعموا أنها تقربهم إلى الله زلفى, وأنها شفعاؤهم عند الله مع أن العقل يقطع بنفي ذلك.)



أنقل هذه الأقوال من باب الجزم بأن العلماء اختلفوا في مسألة العذر بالجهل في أحكام الآخرة, ويكفينا أن نقول أن أمر الكفار في الآخرة إلى الله جل في علاه , و نقول جازمين بأن فعلهم يستحق من أجله العذاب وأمرهم إلى الله فخير الكلام ما قل و دل.

و كلام الله جل في علاه واضح و جلي في أن أهل الكفر يفترون على الله الكذب و هم لا يعلمون فقال جل في علاه: (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)) وقال أيضا: (وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) فالله سبحانه و تعالى توعد الكفرة الذين يفترون على الله الكذب بالعذاب الشديد ولم يستثني الجهلة منهم, و ولا يوجد من يعبد غير الله إلا من افترى على الله الكذب. وأيضا من المؤكد أن أهل الشرك في عصرنا من أصحاب القبور لا خير فيهم فهم لم يبحثوا عن الحق بنية صادقة وإلا فإن الخالق عز و جل سيوفقهم في معرفة الحق ووجوده على هذه الحالة دليل على أنهم لم يحسنوا النية في البحث عن الحق, فهم يتجاهلون و لا يبالون وتراهم في أمور الدنيا يجتهدون ويبحثون, فما هي حجتهم إذا؟؟؟ الله جل في علاه أرسل الرسل وأخبار الرسالات السماوية في كل مكان! فما هي حجتهم؟

و لكن يبقى لدينا مسألة العذر بالجهل في أحكام الدنيا وهي الأهم:

فقد نقلنا لكم في بداية المقالة قول الإمام ابن باز رحمه الله و نفيه أن يكون العذر بالجهل في الأشياء المعلومة من الدين بالضرورة أمرا خلافيا, و هذا يعني أنه ينقل إجماعا لعلماء أهل السنة و الجماعة عن ذلك, فنفي الخلاف يثبت الإجماع! ومن أخطأ في فتواه من أهل العلم فقد خالف الإجماع, نسأل الله أن يتجاوز عنه و يغفر له.

ثم نبدأ في نقاش المرجئة الذين يقولون بأن المسألة خلافية, ونتمنى منهم أن يردوا علينا ردا علميا موثقا:

أولا: لم نجد قولا واحدا في كتاب الله و لا في سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا في أقوال أهل القرون الأولى ما يدل على أن من وقع في الشرك الأكبر المخرج من الملة لا يحكم عليه بالكفر إذا كان جاهلا.

ثانيا: دعواهم أن هذه المسألة خلافية يعني أن العلماء الراسخين المشهود لهم بالعقيدة السليمة إختلفوا في فهم النصوص المتعلقة بهذه المسألة, فمن هنا نسألهم أين النصوص التي إختلف العلماء في فهمها؟.

ثالثا: كلام الله جل في علاه واضح و جلي لمن أراد معرفة الحق فقد قال جل في علاه:

)لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة. رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة( لةألة

ونعرف من قول البارئ عز و جل بأن من أهل الكتاب من لم تأته البينه وهو كافر,ولم يقل بأن جهلة أهل الكتاب(الذين لم تأتهم البينه) معذورون و ليسوا كفارأ! وكذلك من لم تأته البينه من المشركين فهو مشرك و لم يقل بأنهم جهلة , قال العلامة ابن سعدي في تفسيره الماتع: (يقول تعالى: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } أي: [من] اليهود والنصارى { وَالْمُشْرِكِينَ } من سائر أصناف الأمم.
{ مُنْفَكِّينَ } عن كفرهم وضلالهم الذي هم عليه، أي: لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين إلا كفرًا.
{ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } الواضحة، والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ })

ونجد في كتاب الله ما يدل على أن من الكافرين من كان جاهلا لم يعقل الحجة فلم يعذرهم الله جل في علاه بجهلهم,فقال سبحانه و تعالى: (وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) وقال جل في علاه: ( أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ). فالآيات السابقة رد وافي شافي على من يشترط فهم الحجة لتكفير من وقع في الشرك الأكبر المخرج من الملة فالله سبحانه وتعالى يعلم أنهم لم يفهموا و لم يعقلوا ووصفهم بأنهم كافرين.

رابعا: ثم نسأل المرجئة كيف يعرفون التوحيد؟

أهل السنة يعرفون التوحيد بأن نفرد الله بالخلق و الملك و التدبير وبجميع أنواع العبادة,وأن تؤمن بأنه ليس كمثله شيء,

ونحن هنا سنتكلم عن العبادة, قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب: (أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت), فمن هنا نسألكم:

إن الجاهل الذي لا يبحث عن الحق ولم يكفر بالطاغوث و يدعي بأنه مسلم و يقول ما لا يفعل,ماذا تسمونه؟ هل هو موحد عندكم؟ أم مشرك؟

إن المنصف الذي يريد الحق لن يتردد في القول بأنه مشرك و ليس موحدا ولا أخوة معه في الدين حتى يتبرأ من الشرك بالله ويعبد الله وحده , إذ أن من التعريف بالتوحيد أن تضطر لتصنيف الناس بين موحد و مشرك من خلال عبادتهم لله أو لغير الله, و إلا فالذي يقول بأن من عبد مع الله يعذر بجهله و لا يكفر فقد أخل بتعريف أهل السنة للتوحيد, و هذه هي عاقبة المرجئة إن أصروا على منهجهم الفاسد.



ولكن نرجع لموضوعنا الرئيسي في هذه المقالة وهو الفرق بين عقيدة المرجئة وعقيدة الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله, فالشيخ رحمه الله لا يعذر من وقع في الكفر بجهله في أحكام الدنيا, بل يكفره و يحكم عليه بعمله وهذه الفتوى أنقلها لكم من كتاب ( تحفة المجيب – أسئلة أصحاب لودر للشيخ مقبل):

(السؤال104: هل يشترط إقامة الحجة على مرتكب الكفر أو البدعة مع أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حكم على ذو الخويصرة، فقال: ((يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدّين)). وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الخوارج كلاب النّار))، وقوله: ((القدريّة مجوس هذه الأمّة))؟
الجواب: يحكم عليه بظاهر فعله، والعذر بالجهل بينه وبين الله سبحانه وتعالى، فنحن نؤمن ونعتقد أن الجاهلين يعذرون وربما يختبرون في عرصات القيامة، كما جاء في حديث أبي هريرة وفي حديث الأسود بن سريع.)

فالشيخ يعذر بالجهل في أحكام الآخرة وليس في أحكام الدنيا كما يعتقد هؤلاء المرجئة, وهذا للتنبيه لا غير! ولم يقل بأن الحكم عليهم في الدنيا خلافيا.

والله أعلم و هو ولي التوفيق,

وصلى اللهم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.


منقول

12d8c7a34f47c2e9d3==