المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لاينبغي معارضة مَن انتصر لله ولكتابه ولا يلتفت إلى زلاته والاعتراض على عباراته..إلخ


كيف حالك ؟

عامي
11-06-2009, 02:13 PM
[رسالة الشيخ محمد بن عجلان ورد الشيخ حمد عليها]

للشيخ الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله

( الدرر السنية في الأجوبة النجدية) مجلد رقم ثمانية صفحة 368- 374

(وله أيضا -رحمه الله- رسالة إلى زيد بن محمد آل سليمان، وسببها: التحذير عما انهمك الناس فيه وشاع عنهم من الخوض والمراء والاضطراب، والإعراض عن منهج السنة والكتاب وَمَيْل الأكثرين إلى موالاة عُبَّاد الأصنام، والفرح بظهور الكفرة الطغام والانحياز إلى حماهم، وتفضيل مَن يتولاهم أيضا، والانتصار للشيخ حمد بن عتيق -رحمه الله- لما اعترض عليه من اعترض فيما كتبه إلى بعض الإخوان، بأن ما كتبه ابن عجلان ردة صريحة فصرح المعترض بجهله، ونال من عرضه، وتعاظم هذه العبارة، وزعم أنه غلا وتجاوز الحد. فبين الشيخ -رحمه الله- ما في كلام ابن عتيق من بعض الخطأ في التعبير، وأن ذلك من الغيرة لله والنكير، فلا ينبغي معارضة مَن انتصر لله ولكتابه وذَبَّ عن دينه، وأغلظ في أمر الشرك والمشركين، ولا يلتفت إلى زلاته، والاعتراض على عباراته، فمحبة الله والغيرة لدينه ونصرة كتابه ورسوله مرتبةٌ علية محبوبةٌ لله مَرْضِيَّةٌ يُغْتَفَرُ فيها العظيم من الذنوب. وقد أَبْلَجَ الشيخ في هذه الرسالة الحق وأوضحه، وأثلج به الصدور، فانكشف عنها الغطاء، فما أنصحه، واستبان الصوابُ لذوي الألباب، فما أصرحه.)

وهذا نص الرسالة:


بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن إلى الأخ المكرم زيد بن محمد آل سليمان -حفظه الله من طوائف الشيطان، وحماه من طوارق المحن والافتتان، وجعله من عسكر السنة والقرآن-. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد فأحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على سَوَابِغ نعمائه، ولطفه عند قدره وقضائه، والخط وصل -وصلك الله ما يرضيه، ووفقك لجهاد من يناويه ويعاديه- وما ذكرتَ من حال الأخ صالح فهو عند الإمام مَكِينٌ يحسن الدخول في الأمر والخروج. وما ذكرت من جهة ما يلقى إليك من الخطوط، فلا بأس بإرسالها إليَّ، وأما ما كتبت في هذه المحنة من الشبه، فقد عرفت أن الفتنة بالمشركين فتنة عظيمة وداهية عمياء ذميمة لا تبقي من الإسلام ولا تذر، لا سيما في هذا الزمان الذي فشا فيه الجهل وقُبِضَ فيه العلم، وتوافرتْ أسباب الفتن وغلب الهوى، وانطمست أعلام السنن، وابتُلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا، وعند ذلك: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} وقد شاع ما الناس فيه من الخوض والمراء والاضطراب، والإعراض عن منهج السنة والكتاب، ومال الأكثرون إلى موالاة عُبَّاد الأصنام، والفرح بظهورهم والانحياز إلى حماهم، وتفضيل من يتولاهم، "وحُبُّك الشيءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ". وقد صدر من الشيخ محمد بن عجلان رسالة، ما ظننتها تصدر من ذي عقل وفهم، فضلا عن ذي الفقه والعلم، وقد نبَّهت على ما فيها من الخطأ الواضح، والجهل الفاضح، وكتمت عن الناس أول نسخة وردت علينا حذرًا من إفشائها وإشاعتها بين العامة والغوغاء. ولكنها فشت في الخرج والفرع، وجاء منها نسخة إلى بلدتنا، وافتُتِنَ بها مَن غلب عليه الهوى، وضل عن سبيل الرشاد والهدى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} وأخبرت من يجالسني أن جميع ما فيها من النقول الصحيحة والآثار حجة على منشيها، تهدم ما بناه مبديها، وأنه وضع النصوص في غير موضعها ولم يُعْطِ القوسَ باريها. وبلغني عن الشيخ حمد أنه أنكر واشتد نكيره، ورأيت له خَطّا أرسله إلى بعض الإخوان بأن ما كتبه ابن عجلان ردة صريحة.

وبلغني أن بعضهم دخل من هذا الباب، واعترض على ابن عتيق، وصرح بجهله، ونال من عرضه، وتعاظم هذه العبارة، وزعم أنه غلا وتجاوز الحد، فحصل بذلك تنفيس لأهل الجفاء وعُبَّاد الهوى. والرجل، وإن صدر منه بعض الخطأ في التعبير، فلا ينبغي معارضة من انتصر لله ولكتابه وَذَبَّ عن دينه، وأغلظ في أمر الشرك والمشركين على من تَهَاون أو رَخَّصَ وأباح بعض شعبه، وفتح باب وسائله وذرائعه القريبة المفضية إلى ظهوره وعلوه، ورفض التوحيد ونكَّس أعلامه ومحا آثاره، وقلع أصوله وفروعه، ومَسَبَّة من جاء به؛ لِقَوْلَةٍ رآها، وعبارة نقلها وما دراها، من إباحة الاستعانة بالمشركين مع الغفلة والذهول عن صورة الأمر والحقيقة؛ وأنه أعظم وأطم من مسألة الاستعانة والانتصار، بل هو تَوْلِيَة وتَخْلِيَة بينهم وبين أهل الإسلام والتوحيد، وقلع قواعده وأصوله وسفك دماء أهله واستباحة حرماتهم وأموالهم.
هذا هو حقيقة الجاري والواقع، وبذلك ظهر في تلك البلاد من الشرك الصريح، والكفر البواح، ما لا يبقي من الإسلام رسماً يرجع إليه، ويعول في النجاة عليه، كيف وقد هدمت قواعد التوحيد والإيمان، وعطلت أحكام السنة والقرآن، وصرح بمسبة السابقين الأولين، من أهل بدر وبيعة الرضوان، وظهر الشرك والرفض جهراً، في تلك الأماكن والبلدان؟
ومن قصر الواقع على الاستعانة بهم، فما فهم القضية،
وما عرف المصيبة والرزية. فيجب حماية عرض من قام لله، وسعى في نصر دينه الذي شرعه وارتضاه، وترك الالتفات إلى زلاته، والاعتراض على عباراته; فمحبة الله والغيرة لدينه، ونصر كتابه ورسوله، مرتبة علية، محبوبة لله مرضية، يغتفر فيها العظيم من الذنوب، ولا ينظر معها إلى تلك الاعتراضات الواهية، والمناقشات التي تفت في عضد الداعي إلى الله، والملتمس لرضاه. وهبه كما قيل، فالأمر سهل في جنب تلك الحسنات، "وما يدريك؟ لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم" 1.


فليصنع الركب ما شاؤوا لأنفسهم ... هم أهل بدر فلا يخشون من حرجِ

ولما قال المتوكل لابن الزيات: يا ابن الفاعلة، وقذف أمه، قال الإمام أحمد، رحمه الله: أرجو الله أن يغفر له، نظراً إلى حسن قصده في نصر السنة وقمع البدعة. ولما قال عمر لحاطب ما قال، ونسبه إلى النفاق، لم يعنفه النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أخبره أن هناك مانعاً. والتساهل في رد الحق وقمع الداعي إليه، يترتب عليه قلع أصول الدين، وتمكين أعداء الله المشركين من الملة والدين.
ثم إن القول قد يكون ردة وكفراً، ويطلق عليه ذلك، وإن كان ثم مانع من إطلاقه على القائل. وصريح عبارة الشيخ حمد التي رأينا، ليست في الاستعانة خاصة، بل في تسليم بلاد المسلمين إلى المشركين، وظهور عبادة الأصنام والأوثان.
ومن المعلوم: أن من تصور هذا الواقع ورضي به، وصوب فاعله وذب عنه، وقال بحله، فهو من أبعد الناس عن الإسلام والإيمان، إذا قام الدليل عليه. وأما من أخطأ في عدم الفرق، ولم يدر الحقيقة، واغتر بمسألة خلافية، فحكمه حكم أمثاله من أهل الخطإ، إذا اتقى الله ما استطاع، ولم يغلب جانب الهوى.
والمقصود: أن الاعتراض والمراء، من الأسباب في منع الحق والهدى، ومن عرف القواعد الشرعية، والمقاصد الدينية، والوسائل الكفرية، عرف ما قلناه. والمعترضون على الشيخ، ليس لهم في الحقيقة أهلية، لإقامة الحجج الشرعية، والبراهين المرضية، على ما يدعون من غلطه وخطئه، إنما هي اعتراضات مشوبة بأغراض فاسدة؛ وما أحسن ما قيل شعراً:


أقلوا عليه لا أبا لأبيكمو ... من اللوم أو سدوا المكان الذي سدّا

وأكثرهم يرى السكوت عن كشف اللبس في هذه المسألة، التي اغتر بها الجاهلون، وضل بها الأكثرون. وطريقة الكتاب والسنة، وعلماء الأمة، تخالف ما استحله هذا الصنف من السكوت، والإعراض في هذه الفتنة العظيمة، وإعمال ألسنتهم في الاعتراض على من غار لله ولكتابه ولدينه.
فليكن لك يا أخي طريقة شرعية، وسيرة مرضية، في رد ما ورد من الشبه، وكشف اللبس، والتحذير من فتنة العساكر، والنصح لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم؛ وهذا لا يحصل مع السكوت، وتسليك الحال على أي حال. فاغتنم الفرصة، وأكثر من القول في ذلك، واغتنم أيام حياتك؛ فعسى الله أن يحشرنا وإياك في زمرة عساكر السنة والقرآن، والسابقين الأولين من أهل الصدق والإيمان.
والشبهة التي تمسك بها من قال بجواز الاستعانة، هي ما ذكرها بعض الفقهاء، من جواز الاستعانة بالمشرك عند الضرورة؛ وهو قول ضعيف مردود، مبني على آثار مرسلة، تردها النصوص القرآنية، والأحاديث الصحيحة الصريحة النبوية. ثم القول بها على ضعفه، مشروط بشروط، نبّه عليها شراح الحديث، ونقل الشوكاني منها طرفاً في شرح المنتقى; منها: أمن الضرورة والمفسدة، وأن لا يكون لهم شوكة وصولة، وأن لا يدخلوا في الرأي والمشورة. وأيضاً، ففرضها في الانتصار بالمشرك على المشرك. وأما الانتصار بالمشرك على الباغي عند الضرورة، فهو قول فاسد لا أثر فيه، ولا دليل عليه، إلا أن يكون محض القياس، وبطلانه أظهر شيء، للفرق بين الأصل والفرع، وعدم الاجتماع في مناط الحكم. شعراً:


وليس كل خلاف جاء معتبراً ... إلا خلاف له حظ من النظرِ

والمقصود: المذاكرة في دين الله، والتواصي بما شرعه من دينه وهداه، والسلام.


تتمة: غلط صاحب الرسالة، في معرفة الضرورة، فظنها عائدة إلى مصلحة ولي الأمر، في رياسته، وسلطانه، وليس الأمر كما زعم ظنه؛ بل هي ضرورة الدين، وحاجته إلى ما يعين عليه، وتحصل به مصلحته، كما صرح به من قال بالجواز، وقد تقدم ما فيه، والله أعلم.

12d8c7a34f47c2e9d3==