سعيدبن عفير
01-07-2004, 10:07 PM
قال ابن القيم رحمه الله :
فصل في حكم النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة المرأة لزوجها
قال ابن حبيب في " الواضحة " :
حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة ، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة ، خدمة البيت ، وحكم على عليٍّ بالخدمة الظاهرة .
ثم قال ابن حبيب :
والخدمة الباطنة : العجين ، والطبخ ، والفرش ، وكنس البيت ، واستقاء الماء ، وعمل البيت كله .
وفي الصحيحين أن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى ، وتسأله خادما فلم تجده ، فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرتْه ، قال علي : فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبنا نقوم ، فقال : مكانكما ، فجاء فقعد حتى وجدت برد قدميه على بطني ، فقال : ألا أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما ؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا الله ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربعا وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم .
قال علي : فما تركتها بعدُ ، قيل : ولا ليلة صفين ؟ قال : ولا ليلة صفين .
وصح عن أسماء أنها قالت كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله ، وكان له فرس ، وكنت أسوسه ، وكنت أحتش له ، وأقوم عليه .
وصح عنها أنها كانت تعلف فرسه ، وتسقي الماء ، وتخرز الدلو ، وتعجن ، وتنقل النوى على رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ .
فاختلف الفقهاء في ذلك :
فأوجب طائفة من السلف والخلف خدمتها له في مصالح البيت .
قال أبو ثور :
عليها أن تخدم زوجها في كل شيء .
ومنعت طائفة وجوب خدمته عليها في شيء :
وممن ذهب إلى ذلك : مالك والشافعي وأبو حنيفة وأهل الظاهر .
قالوا : لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام وبذل المنافع ، والأحاديث المذكورة إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق ، فأين الوجوب منها ؟ .
واحتج من أوجب الخدمة :
بأن هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه ، وأما ترفيه المرأة ، وخدمة الزوج ، وكنسه ، وطحنه ، وعجنه ، وغسيله ، وفرشه ، وقيامه بخدمة البيت : فمِن المنكر ، والله تعالى يقول { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف } البقرة 228 ، وقال : { الرجال قوامون على النساء النساء } النساء 34 ، وإذا لم تخدمه المرأة ، بل يكون هو الخادم : فهي القوامة عليه .
وأيضا فإن المهر في مقابلة البضع ، وكل من الزوجين يقضي وطره من صاحبه ، فإنما أوجب سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها ، وما جرت به عادة الأزواج .
وأيضا : فإن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف ، والعرف : خدمة المرأة ، وقيامها بمصالح البيت الداخلة .
وقولهم : إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعا وإحسانا : يرده أن فاطمة كانت تشتكي ما تلقى من الخدمة ، فلم يقل لعليٍّ : لا خدمة عليها ، وإنما هي عليك ، وهو صلى الله عليه وسلم لا يحابي الحكم أحدا .
ولما رأى أسماء والعلف على رأسها والزبير معه : لم يقل له : لا خدمة عليها ، وأن هذا ظلم لها ، بل أقره على استخدامها ، وأقر سائر أصحابه على استخدام أزواجهم ، مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية ، هذا أمر لا ريب فيه .
ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة ، وفقيرة وغنية ، فهذه أشرف العالمين كانت تخدم زوجها ، وجاءته صلى الله عليه وسلم تشكو إليه الخدمة ، فلم يُشكها .
وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المرأة " عانية " ، فقال : " اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم " ، والعاني : الأسير ، ومرتبة الأسير : خدمة من هو تحت يده .
ولا ريب أن النكاح نوع من الرق ، كما قال بعض السلف : النكاح رق ، فلينظر أحدكم عند من يُرق كريمته .
ولا يخفى على المنصف الراجح من المذهبين ، والأقوى من الدليلين .
زاد المعاد ( 5 / 186 - 189 ) .
فصل في حكم النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة المرأة لزوجها
قال ابن حبيب في " الواضحة " :
حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة ، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة ، خدمة البيت ، وحكم على عليٍّ بالخدمة الظاهرة .
ثم قال ابن حبيب :
والخدمة الباطنة : العجين ، والطبخ ، والفرش ، وكنس البيت ، واستقاء الماء ، وعمل البيت كله .
وفي الصحيحين أن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى ، وتسأله خادما فلم تجده ، فذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرتْه ، قال علي : فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبنا نقوم ، فقال : مكانكما ، فجاء فقعد حتى وجدت برد قدميه على بطني ، فقال : ألا أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما ؟ إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا الله ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربعا وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم .
قال علي : فما تركتها بعدُ ، قيل : ولا ليلة صفين ؟ قال : ولا ليلة صفين .
وصح عن أسماء أنها قالت كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله ، وكان له فرس ، وكنت أسوسه ، وكنت أحتش له ، وأقوم عليه .
وصح عنها أنها كانت تعلف فرسه ، وتسقي الماء ، وتخرز الدلو ، وتعجن ، وتنقل النوى على رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ .
فاختلف الفقهاء في ذلك :
فأوجب طائفة من السلف والخلف خدمتها له في مصالح البيت .
قال أبو ثور :
عليها أن تخدم زوجها في كل شيء .
ومنعت طائفة وجوب خدمته عليها في شيء :
وممن ذهب إلى ذلك : مالك والشافعي وأبو حنيفة وأهل الظاهر .
قالوا : لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام وبذل المنافع ، والأحاديث المذكورة إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق ، فأين الوجوب منها ؟ .
واحتج من أوجب الخدمة :
بأن هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه ، وأما ترفيه المرأة ، وخدمة الزوج ، وكنسه ، وطحنه ، وعجنه ، وغسيله ، وفرشه ، وقيامه بخدمة البيت : فمِن المنكر ، والله تعالى يقول { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف } البقرة 228 ، وقال : { الرجال قوامون على النساء النساء } النساء 34 ، وإذا لم تخدمه المرأة ، بل يكون هو الخادم : فهي القوامة عليه .
وأيضا فإن المهر في مقابلة البضع ، وكل من الزوجين يقضي وطره من صاحبه ، فإنما أوجب سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها ، وما جرت به عادة الأزواج .
وأيضا : فإن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف ، والعرف : خدمة المرأة ، وقيامها بمصالح البيت الداخلة .
وقولهم : إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعا وإحسانا : يرده أن فاطمة كانت تشتكي ما تلقى من الخدمة ، فلم يقل لعليٍّ : لا خدمة عليها ، وإنما هي عليك ، وهو صلى الله عليه وسلم لا يحابي الحكم أحدا .
ولما رأى أسماء والعلف على رأسها والزبير معه : لم يقل له : لا خدمة عليها ، وأن هذا ظلم لها ، بل أقره على استخدامها ، وأقر سائر أصحابه على استخدام أزواجهم ، مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية ، هذا أمر لا ريب فيه .
ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة ، وفقيرة وغنية ، فهذه أشرف العالمين كانت تخدم زوجها ، وجاءته صلى الله عليه وسلم تشكو إليه الخدمة ، فلم يُشكها .
وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المرأة " عانية " ، فقال : " اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم " ، والعاني : الأسير ، ومرتبة الأسير : خدمة من هو تحت يده .
ولا ريب أن النكاح نوع من الرق ، كما قال بعض السلف : النكاح رق ، فلينظر أحدكم عند من يُرق كريمته .
ولا يخفى على المنصف الراجح من المذهبين ، والأقوى من الدليلين .
زاد المعاد ( 5 / 186 - 189 ) .