أبي التياح الضبعي
05-01-2009, 03:10 AM
ذكر الحافظ بن كثير في تاريخه ترجمة ملك الأرمن فقال في معرض ذلك:
هو النقفور الملقب بالدمستق ملك الارمن كان قد أرسل قصيده إلى الخليفة المطيع لله، نظمها له بعض كتابه ممن كان قد خذله الله وأذله، وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، وصرفه عن الاسلام وأصله.
يفتخر فيها بهذا اللعين، ويتعرض لسب الاسلام والمسلمين، ويتوعد فيها أهل حوزة الاسلام بأنه سيملكها كلها حتى الحرمين الشريفين، عما قريب من الاعوام، وهو أقل وأذل وأخس وأضل من الانعام، ويزعم أنه ينتصر لدين المسيح عليه السلام ابن البتول.
وربما يعرض فيها بجناب الرسول عليه من ربه التحية والاكرام، ودوام الصلاة مدى الايام.
ولم يبلغني عن أحد من أهل ذلك العصر أنه رد عليه جوابه، إما لانها لم تشتهر، وإما لانه أقل من أن يردوا خطابه لانه كالمعاند الجاحد.
ونفس نظمها تدل على أنه شيطان مارد وقد انتخى للجواب عنها بعد ذلك أبو محمد بن حزم الظاهري: فأفاد وأجاد، وأجاب عن كل فصل باطل بالصواب والسداد، فبل الله بالرحمة ثراه.وجعل الجنة متقلبه ومثواه.
ثم ذكر رحمه الله القصيدة الارمنية المخذولة الملعونة، إلى أن قال:
وهذا جوابها لابي محمد بن حزم الفقيه الظاهري الاندلسي قالها ارتجالا حين بلغته هذه الملعونة عضبا لله ولرسوله ولدينه كما ذكر ذلك من رآه، فرحمه الله وأكرم مثواه وغفر له خطاياه.
من المحتمي بالله رب العوالم *** ودين رسول الله من آل هاشم
محمد الهادي إلى الله بالتقى *** وبالرشد والاسلام أفضل قائم
عليه من الله السلام مرددا *** إلى أن يوافي الحشر كل العوالم
إلى قائل بالافك جهلا وضلة *** عن النقفور المفتري في الاعاجم
دعوت إماما ليس من أمرائه *** بكفيه إلا كالرسوم الطواسم
دهته الدواهي في خلافته كما *** دهت قبله الاملاك دهم الدواهم
ولا عجب من نكبة أو ملمة *** تصيب الكريم الجدود الاكارم
ولو أنه في حال ماضي جدوده *** لجرعتم منه سموم الاراقم
عسى عطفة لله في أهل دينه *** تجدد منه دارسات المعالم
فخرتم بما لو كان فيكم حقيقة *** لكان بفضل الله أحكم حاكم
إذن لا عترتكم خجلة عند ذكره *** وأخرس منكم كل فاه مخاصم
سلبناكم كرا ففزتم بغرة *** من الكر أفعال الضعاف العزائم
فطرتم سرورا عند ذاك ونشوة *** كفعل المهين الناقص المتعالم
وما ذاك إلا في تضاعيف عقله *** عريقا وصرف الدهر جم الملاحم
ولما تنازعنا الامور تخاذلا *** ودانت لاهل الجهل دولة ظالم
وقد شعلت فينا الخلائف فتنة *** لعبدانهم مع تركهم والدلائم
بكفر أياديهم وجحد حقوقهم *** بمن رفعوه من حضيض البهائم
وثبتم على أطرافنا عند ذاكم *** وثوب لصوص عند غفلة نائم
ألم تنتزع منك بأعظم قوة *** جميع بلاد الشام ضربة لازم
ومصرا وأرض القيروان بأسرها *** وأندلسا قسرا بضرب الجماجم
ألم ننتزع منكم على ضعف حالنا *** صقلية في بحرها المتلاطم
مشاهد تقد يساتكم وبيوتها *** لنا وبأيدينا على رغم راغم
أما بيت لحم والقمامة بعدها *** بأيدي رجال المسلمين الاعاظم
وسركيسكم في أرض اسكندرية *** وكرسيكم في القدس في أدرثاكم
ضممناكم قسرا برغم أنوفكم *** وكرسي قسطنطينية في المعادم
ولا بد من عود الجميع بأسره *** إلينا بعز قاهر متعاظم
أليس يزيد حل وسط دياركم *** على باب قسطنطينية بالصوارم
ومسلمة قد داسها بعد ذاكم *** بجيش تهام قد دوى بالضراغم
وأخدمكم بالذل مسجدنا الذي *** بنى فيكم في عصره المتقادم
إلى جنب قصر الملك من دار ملككم *** ألا هذه حق صرامة صارم
وأدى لهارون الرشيد مليككم *** رفادة مغلوب وجزية غارم
سلبناكم مصر شهود بقوة *** حبانا بها الرحمن أرحم راحم
إلى بيت يعقوب وأرباب دومة *** إلى لجة البحر المحيط المحاوم
فهل سرتم في أرضنا قط جمعة *** أبى لله ذا كم يا بقايا الهزائم
فما لكم إلا الاماني وحدها *** بضائع نوكي تلك أحلام نائم
رويدا بعد نحو الخلافة نورها *** وسفر مغير وجوه الهواشم
وحينئذ تدرون كيف قراركم *** إذا صدمتكم خيل جيش مصادم
على سالف العادات منا ومنكم *** ليالي بهم في عداد الغنائم
سبيتم سبايا يحصر العد دونها *** وسبيكم فينا كقطر الغمائم
فلو رام خلق عدها رام معجزا *** وأني بتعداد لريش الحمائم
بأبناء بني حمدان وكافور صلتم *** أراذل أنجاس قصار المعاصم
دعي وحجام سطوتم عليهما *** وما قدر مصاص دماء المحاجم
فهلا على دميانة قبل ذاك أو *** على محل أربا رماة الضراغم
ليالي قادوكم كما اقتادكم *** أقيال جرجان بحز الحلاقم
وساقوا على رسل بنات ملوككم *** سبايا كما سيقت ظباء الصرائم
ولكن سلوا عنا هرقلا ومن خلى *** لكم من ملوك مكرمين قماقم
يخبركم عنا التنوخ وقيصر *** وكم قد سبينا من نساء كرائم
وعما فتحنا من منيع بلادكم *** وعما أقمنا فيكم من مآتم
ودع كل نذل مفتر لا تعده *** إماما ولا الدعوى له بالتقادم
فهيهات سامرا وتكريت منكم *** إلى جبل تلكم أماني هائم
منى يتمناها الضعيف ودونها *** نظائرها..وحز الغلاصم
تريدون بغداد سوقا جديدة *** مسيرة شهر للفنيق القواصم
محلة أهل الزهد والعلم والتقى *** ومنزلة يختارها كل عالم
دعوا الرملة الصهباء عنكم فدونها *** من المسلمين الغر كل مقاوم
ودون دمشق جمع جيش كأنه *** سحائب طير ينتحي بالقوادم
وضرب يلقي الكفر كل مذلة *** كما ضرب السكي بيض الدراهم
ومن دون أكناف الحجاز جحافل *** كقطر الغيوم الهلائلات السواحم
بها من بني عدنان كل سميدع *** ومن حي قحطان كرام العمائم
ولو قد لقيتم من قضاعة كبة *** لقيتم ضراما في يبيس الهشائم
إذا أصبحوكم ذكروكم بما خلا *** لهم معكم من صادق متلاحم
زمان يقودون الصوافن نحوكم *** فجئتم ضمانا أنكم في الغنائم
سيأتيكم منهم قريبا عصائب *** تنسيكم تذكار أخذ العواصم
وأموالكم حل لهم ودماؤكم *** بها يشتفي حر الصدور الحوايم
وأرضيكم حقا سيقتسمونها *** كما فعلوا دهرا بعدل المقاسم
ولو طرقتكم من خراسان عصبة *** وشيراز والري الملاح القوائم
لما كان منكم عند ذلك غير ما *** عهدنا لكم: ذل وعض الاباهم
فقد طالما زاروكم في دياركم *** مسيرة عام بالخيول الصوادم
فأما سجستان وكرمان بال *** أولى وكابل حلوان بلاد المراهم
وفي فارس والسوس جمع عرمرم *** وفي أصبهان كل أروع عارم
فلو قد أتاكم جمعهم لغدوتم *** فرائس كالاساد فوق البهائم
وبالبصرة الغراء والكوفة التي *** سمت وبآدي واسط بالعظائم
جموع تسامي الرمل عدا وكثرة *** فما أحد عادوه منه بسالم
ومن دون بيت الله في مكة التي *** حباها بمجد للبرايا مراحم
محل جميع الارض منها تيقنا *** محلة سفل الخف من فص خاتم
دفاع من الرحمن عنها بحقها *** فما هو عنها رد طرف برائم
بها وقع الاحبوش هلكى وفيلهم *** بحصباء طير في ذرى الجو حائم
وجمع كجمع البحر ماض عرمرم *** حمى بنية البطحاء ذات المحارم
ومن دون قبر المصطفى وسط طيبة *** جموع كمسود من الليل فاحم
يقودهم جيش الملائكة العلى *** دفاعا ودفعا عن مصل وصائم
فلو قد لقيناكم لعدتم رمائما *** كما فرق الاعصار عظم البهائم
وباليمن الممنوع فتيان غارة *** إذا ما لقوكم كنتم كالمطاعم
وفي جانبي أرض اليمامة عصبة *** معاذر أمجاد طوال البراجم
نستفينكم والقرمطيين دولة *** تقووا بميمون التقية حازم
خليفة حق ينصر الدين حكمه *** ولا يتقي في الله لومة لائم
إلى ولد العباس تنمي جدوده *** بفخر عميم مزبد الموج فاعم
ملوك جرى بالنصر طائر سعدهم *** فأهلا بماض منهم وبقادم
محلهم في مسجد القدس أو لدى *** منازل بغداد محل المكارم
وإن كان من عليا عدي وتيمها *** ومن أسد هذا الصلاح الحضارم
فأهلا وسهلا ثم نعمى ومرحبا *** بهم من خيار سالفين أقادم
هم نصروا الاسلام نصرا مؤزرا *** وهم فتحوا البلدان فتح المراغم
رويدا فوعد الله بالصدق وارد *** بتجريع أهل الكفر طعم العلاقم
سنفتح قسطنطينية وذواتها *** ونجعلكم فوق النسور القعاشم
ونفتح أرض الصين والهند عنوة *** بجيش الارض الترك والخزر حاطم
مواعيد للرحمن فينا صحيحة *** وليست كآمال العقول السواقم
ونملك أقصى أرضكم وبلادكم *** ونلزمكم ذل الحر أو الغارم
إلى أن ترى الاسلام قد عم حكمه *** جميع الاراضي بالجيوش الصوارم
أتقرن يا مخذول دينا مثلثا *** بعيدا عن المعقول بادي المآثم
تدين لمخلوق يدين لغيره *** فيا لك سحقا ليس يخفى لعالم
أنا جيلكم مصنوعة قد تشابهت *** كلام الاولى فيها أتوا بالعظائم
وعود صليب ما تزالون سجدا *** له يا عقول الهاملات السوائم
تدينون تضلالا بصلب إلهكم *** بأيدي يهود أذلين لآئم
إلى ملة الاسلام توحيد ربنا *** فما دين ذي دين لها بمقاوم
وصدق رسالات الذي جاء بالهدى *** محمد الآتي برفع المظالم
وأذعنت الاملاك طوعا لدينه *** ببرهان صدق طاهر في المواسم
كما دان في صنعاء مالك دولة *** وأهل عمان حيث رهط الجهاضم
وسائر أملاك اليمانين أسلموا *** ومن بلد البحرين قوم اللهازم
أجابوا لدين الله لا من مخافة *** ولا رغبة يحضى بها كف عادم
فحلوا عرى التيجان طوعا ورغبة *** بحق يقين بالبراهين فاحم
وحاباه بالنصر المكين إلهه *** وصير من عاداه تحت المناسم
فقير وحيد لم تعنه عشيرة *** ولا دفعوا عنه شتيمة شاتم
ولا عنده ما عتيد لناصر *** ولا دفع مرهوب ولا لمسالم
ولا وعد الانصار مالا يخصهم *** بلى كان معصوما لاقدر عاصم
ولم تنهنهه قط قوة آسر *** ولا مكنت من جسمه يد ظالم
كما يفترى إفكا وزورا وضلة *** على وجه عيسى منكم كل لاطم
على أنكم قد قلتموا هو ربكم *** فيا لضلال في القيامة عائم
أبى لله أن يدعى له ابن وصاحب *** ستلقى دعاة الكفر حالة نادم
ولكنه عبد نبي رسول مكرم *** من الناس مخلوق ولا قول زاعم
أيلطم وجه الرب ؟ تبا لدينكم *** لقد فقتم في قولكم كل ظالم
وكم آية أبدى النبي محمد *** وكم علم أبداه للشرك حاطم
تساوى جميع الناس في نصر حقه *** بل لكل في إعطائه حال خادم
معرب واحبوش وفرس وبربر *** وكرديهم قد فاز قدح المراحم
وقبط وأنباط وخزر وديلم *** وروم رموكم دونه بالقواصم
أبو كفر أسلاف لهم فتمنعوا *** فآبوا بحظ في السعادة لازم
به دخلوا في ملة الحق كلهم *** ودانوا لاحكام الاله اللوازم
به صح تفسير المنام الذي أتى *** به دانيال قبله حتم حاتم
وهند وسند أسلموا وتدينوا *** بدين الهدى رفض لدين الاعاجم
وشق له بدر السموات آية *** وأشبع من صاع له كل طاعم
وسالت عيون الماء في وسط كفه *** فأروى به جيشا كثيرا هماهم
وجاء بما تقضى العقول بصدقه *** ولا كدعاء غير ذات قوائم
عليه سلام الله ما ذر شارق *** تعقبه ظلماء أسحم قاتم
براهينه كالشمس لا مثل قولكم *** وتخليطكم في جوهر وأقانم
لنا كل علم من قديم ومحدث *** وأنتم حمير داميات المحازم
أتيتم بشعر بارد متخاذل *** ضعيف معاني النظم جم البلاعم
فدونكها كالعقد فيه زمرد *** ودر وياقوت بأحكام حاكم
رحمه الله وغفر له.
هو النقفور الملقب بالدمستق ملك الارمن كان قد أرسل قصيده إلى الخليفة المطيع لله، نظمها له بعض كتابه ممن كان قد خذله الله وأذله، وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، وصرفه عن الاسلام وأصله.
يفتخر فيها بهذا اللعين، ويتعرض لسب الاسلام والمسلمين، ويتوعد فيها أهل حوزة الاسلام بأنه سيملكها كلها حتى الحرمين الشريفين، عما قريب من الاعوام، وهو أقل وأذل وأخس وأضل من الانعام، ويزعم أنه ينتصر لدين المسيح عليه السلام ابن البتول.
وربما يعرض فيها بجناب الرسول عليه من ربه التحية والاكرام، ودوام الصلاة مدى الايام.
ولم يبلغني عن أحد من أهل ذلك العصر أنه رد عليه جوابه، إما لانها لم تشتهر، وإما لانه أقل من أن يردوا خطابه لانه كالمعاند الجاحد.
ونفس نظمها تدل على أنه شيطان مارد وقد انتخى للجواب عنها بعد ذلك أبو محمد بن حزم الظاهري: فأفاد وأجاد، وأجاب عن كل فصل باطل بالصواب والسداد، فبل الله بالرحمة ثراه.وجعل الجنة متقلبه ومثواه.
ثم ذكر رحمه الله القصيدة الارمنية المخذولة الملعونة، إلى أن قال:
وهذا جوابها لابي محمد بن حزم الفقيه الظاهري الاندلسي قالها ارتجالا حين بلغته هذه الملعونة عضبا لله ولرسوله ولدينه كما ذكر ذلك من رآه، فرحمه الله وأكرم مثواه وغفر له خطاياه.
من المحتمي بالله رب العوالم *** ودين رسول الله من آل هاشم
محمد الهادي إلى الله بالتقى *** وبالرشد والاسلام أفضل قائم
عليه من الله السلام مرددا *** إلى أن يوافي الحشر كل العوالم
إلى قائل بالافك جهلا وضلة *** عن النقفور المفتري في الاعاجم
دعوت إماما ليس من أمرائه *** بكفيه إلا كالرسوم الطواسم
دهته الدواهي في خلافته كما *** دهت قبله الاملاك دهم الدواهم
ولا عجب من نكبة أو ملمة *** تصيب الكريم الجدود الاكارم
ولو أنه في حال ماضي جدوده *** لجرعتم منه سموم الاراقم
عسى عطفة لله في أهل دينه *** تجدد منه دارسات المعالم
فخرتم بما لو كان فيكم حقيقة *** لكان بفضل الله أحكم حاكم
إذن لا عترتكم خجلة عند ذكره *** وأخرس منكم كل فاه مخاصم
سلبناكم كرا ففزتم بغرة *** من الكر أفعال الضعاف العزائم
فطرتم سرورا عند ذاك ونشوة *** كفعل المهين الناقص المتعالم
وما ذاك إلا في تضاعيف عقله *** عريقا وصرف الدهر جم الملاحم
ولما تنازعنا الامور تخاذلا *** ودانت لاهل الجهل دولة ظالم
وقد شعلت فينا الخلائف فتنة *** لعبدانهم مع تركهم والدلائم
بكفر أياديهم وجحد حقوقهم *** بمن رفعوه من حضيض البهائم
وثبتم على أطرافنا عند ذاكم *** وثوب لصوص عند غفلة نائم
ألم تنتزع منك بأعظم قوة *** جميع بلاد الشام ضربة لازم
ومصرا وأرض القيروان بأسرها *** وأندلسا قسرا بضرب الجماجم
ألم ننتزع منكم على ضعف حالنا *** صقلية في بحرها المتلاطم
مشاهد تقد يساتكم وبيوتها *** لنا وبأيدينا على رغم راغم
أما بيت لحم والقمامة بعدها *** بأيدي رجال المسلمين الاعاظم
وسركيسكم في أرض اسكندرية *** وكرسيكم في القدس في أدرثاكم
ضممناكم قسرا برغم أنوفكم *** وكرسي قسطنطينية في المعادم
ولا بد من عود الجميع بأسره *** إلينا بعز قاهر متعاظم
أليس يزيد حل وسط دياركم *** على باب قسطنطينية بالصوارم
ومسلمة قد داسها بعد ذاكم *** بجيش تهام قد دوى بالضراغم
وأخدمكم بالذل مسجدنا الذي *** بنى فيكم في عصره المتقادم
إلى جنب قصر الملك من دار ملككم *** ألا هذه حق صرامة صارم
وأدى لهارون الرشيد مليككم *** رفادة مغلوب وجزية غارم
سلبناكم مصر شهود بقوة *** حبانا بها الرحمن أرحم راحم
إلى بيت يعقوب وأرباب دومة *** إلى لجة البحر المحيط المحاوم
فهل سرتم في أرضنا قط جمعة *** أبى لله ذا كم يا بقايا الهزائم
فما لكم إلا الاماني وحدها *** بضائع نوكي تلك أحلام نائم
رويدا بعد نحو الخلافة نورها *** وسفر مغير وجوه الهواشم
وحينئذ تدرون كيف قراركم *** إذا صدمتكم خيل جيش مصادم
على سالف العادات منا ومنكم *** ليالي بهم في عداد الغنائم
سبيتم سبايا يحصر العد دونها *** وسبيكم فينا كقطر الغمائم
فلو رام خلق عدها رام معجزا *** وأني بتعداد لريش الحمائم
بأبناء بني حمدان وكافور صلتم *** أراذل أنجاس قصار المعاصم
دعي وحجام سطوتم عليهما *** وما قدر مصاص دماء المحاجم
فهلا على دميانة قبل ذاك أو *** على محل أربا رماة الضراغم
ليالي قادوكم كما اقتادكم *** أقيال جرجان بحز الحلاقم
وساقوا على رسل بنات ملوككم *** سبايا كما سيقت ظباء الصرائم
ولكن سلوا عنا هرقلا ومن خلى *** لكم من ملوك مكرمين قماقم
يخبركم عنا التنوخ وقيصر *** وكم قد سبينا من نساء كرائم
وعما فتحنا من منيع بلادكم *** وعما أقمنا فيكم من مآتم
ودع كل نذل مفتر لا تعده *** إماما ولا الدعوى له بالتقادم
فهيهات سامرا وتكريت منكم *** إلى جبل تلكم أماني هائم
منى يتمناها الضعيف ودونها *** نظائرها..وحز الغلاصم
تريدون بغداد سوقا جديدة *** مسيرة شهر للفنيق القواصم
محلة أهل الزهد والعلم والتقى *** ومنزلة يختارها كل عالم
دعوا الرملة الصهباء عنكم فدونها *** من المسلمين الغر كل مقاوم
ودون دمشق جمع جيش كأنه *** سحائب طير ينتحي بالقوادم
وضرب يلقي الكفر كل مذلة *** كما ضرب السكي بيض الدراهم
ومن دون أكناف الحجاز جحافل *** كقطر الغيوم الهلائلات السواحم
بها من بني عدنان كل سميدع *** ومن حي قحطان كرام العمائم
ولو قد لقيتم من قضاعة كبة *** لقيتم ضراما في يبيس الهشائم
إذا أصبحوكم ذكروكم بما خلا *** لهم معكم من صادق متلاحم
زمان يقودون الصوافن نحوكم *** فجئتم ضمانا أنكم في الغنائم
سيأتيكم منهم قريبا عصائب *** تنسيكم تذكار أخذ العواصم
وأموالكم حل لهم ودماؤكم *** بها يشتفي حر الصدور الحوايم
وأرضيكم حقا سيقتسمونها *** كما فعلوا دهرا بعدل المقاسم
ولو طرقتكم من خراسان عصبة *** وشيراز والري الملاح القوائم
لما كان منكم عند ذلك غير ما *** عهدنا لكم: ذل وعض الاباهم
فقد طالما زاروكم في دياركم *** مسيرة عام بالخيول الصوادم
فأما سجستان وكرمان بال *** أولى وكابل حلوان بلاد المراهم
وفي فارس والسوس جمع عرمرم *** وفي أصبهان كل أروع عارم
فلو قد أتاكم جمعهم لغدوتم *** فرائس كالاساد فوق البهائم
وبالبصرة الغراء والكوفة التي *** سمت وبآدي واسط بالعظائم
جموع تسامي الرمل عدا وكثرة *** فما أحد عادوه منه بسالم
ومن دون بيت الله في مكة التي *** حباها بمجد للبرايا مراحم
محل جميع الارض منها تيقنا *** محلة سفل الخف من فص خاتم
دفاع من الرحمن عنها بحقها *** فما هو عنها رد طرف برائم
بها وقع الاحبوش هلكى وفيلهم *** بحصباء طير في ذرى الجو حائم
وجمع كجمع البحر ماض عرمرم *** حمى بنية البطحاء ذات المحارم
ومن دون قبر المصطفى وسط طيبة *** جموع كمسود من الليل فاحم
يقودهم جيش الملائكة العلى *** دفاعا ودفعا عن مصل وصائم
فلو قد لقيناكم لعدتم رمائما *** كما فرق الاعصار عظم البهائم
وباليمن الممنوع فتيان غارة *** إذا ما لقوكم كنتم كالمطاعم
وفي جانبي أرض اليمامة عصبة *** معاذر أمجاد طوال البراجم
نستفينكم والقرمطيين دولة *** تقووا بميمون التقية حازم
خليفة حق ينصر الدين حكمه *** ولا يتقي في الله لومة لائم
إلى ولد العباس تنمي جدوده *** بفخر عميم مزبد الموج فاعم
ملوك جرى بالنصر طائر سعدهم *** فأهلا بماض منهم وبقادم
محلهم في مسجد القدس أو لدى *** منازل بغداد محل المكارم
وإن كان من عليا عدي وتيمها *** ومن أسد هذا الصلاح الحضارم
فأهلا وسهلا ثم نعمى ومرحبا *** بهم من خيار سالفين أقادم
هم نصروا الاسلام نصرا مؤزرا *** وهم فتحوا البلدان فتح المراغم
رويدا فوعد الله بالصدق وارد *** بتجريع أهل الكفر طعم العلاقم
سنفتح قسطنطينية وذواتها *** ونجعلكم فوق النسور القعاشم
ونفتح أرض الصين والهند عنوة *** بجيش الارض الترك والخزر حاطم
مواعيد للرحمن فينا صحيحة *** وليست كآمال العقول السواقم
ونملك أقصى أرضكم وبلادكم *** ونلزمكم ذل الحر أو الغارم
إلى أن ترى الاسلام قد عم حكمه *** جميع الاراضي بالجيوش الصوارم
أتقرن يا مخذول دينا مثلثا *** بعيدا عن المعقول بادي المآثم
تدين لمخلوق يدين لغيره *** فيا لك سحقا ليس يخفى لعالم
أنا جيلكم مصنوعة قد تشابهت *** كلام الاولى فيها أتوا بالعظائم
وعود صليب ما تزالون سجدا *** له يا عقول الهاملات السوائم
تدينون تضلالا بصلب إلهكم *** بأيدي يهود أذلين لآئم
إلى ملة الاسلام توحيد ربنا *** فما دين ذي دين لها بمقاوم
وصدق رسالات الذي جاء بالهدى *** محمد الآتي برفع المظالم
وأذعنت الاملاك طوعا لدينه *** ببرهان صدق طاهر في المواسم
كما دان في صنعاء مالك دولة *** وأهل عمان حيث رهط الجهاضم
وسائر أملاك اليمانين أسلموا *** ومن بلد البحرين قوم اللهازم
أجابوا لدين الله لا من مخافة *** ولا رغبة يحضى بها كف عادم
فحلوا عرى التيجان طوعا ورغبة *** بحق يقين بالبراهين فاحم
وحاباه بالنصر المكين إلهه *** وصير من عاداه تحت المناسم
فقير وحيد لم تعنه عشيرة *** ولا دفعوا عنه شتيمة شاتم
ولا عنده ما عتيد لناصر *** ولا دفع مرهوب ولا لمسالم
ولا وعد الانصار مالا يخصهم *** بلى كان معصوما لاقدر عاصم
ولم تنهنهه قط قوة آسر *** ولا مكنت من جسمه يد ظالم
كما يفترى إفكا وزورا وضلة *** على وجه عيسى منكم كل لاطم
على أنكم قد قلتموا هو ربكم *** فيا لضلال في القيامة عائم
أبى لله أن يدعى له ابن وصاحب *** ستلقى دعاة الكفر حالة نادم
ولكنه عبد نبي رسول مكرم *** من الناس مخلوق ولا قول زاعم
أيلطم وجه الرب ؟ تبا لدينكم *** لقد فقتم في قولكم كل ظالم
وكم آية أبدى النبي محمد *** وكم علم أبداه للشرك حاطم
تساوى جميع الناس في نصر حقه *** بل لكل في إعطائه حال خادم
معرب واحبوش وفرس وبربر *** وكرديهم قد فاز قدح المراحم
وقبط وأنباط وخزر وديلم *** وروم رموكم دونه بالقواصم
أبو كفر أسلاف لهم فتمنعوا *** فآبوا بحظ في السعادة لازم
به دخلوا في ملة الحق كلهم *** ودانوا لاحكام الاله اللوازم
به صح تفسير المنام الذي أتى *** به دانيال قبله حتم حاتم
وهند وسند أسلموا وتدينوا *** بدين الهدى رفض لدين الاعاجم
وشق له بدر السموات آية *** وأشبع من صاع له كل طاعم
وسالت عيون الماء في وسط كفه *** فأروى به جيشا كثيرا هماهم
وجاء بما تقضى العقول بصدقه *** ولا كدعاء غير ذات قوائم
عليه سلام الله ما ذر شارق *** تعقبه ظلماء أسحم قاتم
براهينه كالشمس لا مثل قولكم *** وتخليطكم في جوهر وأقانم
لنا كل علم من قديم ومحدث *** وأنتم حمير داميات المحازم
أتيتم بشعر بارد متخاذل *** ضعيف معاني النظم جم البلاعم
فدونكها كالعقد فيه زمرد *** ودر وياقوت بأحكام حاكم
رحمه الله وغفر له.