المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصواعق في الرد على أتباع كل ناعق


كيف حالك ؟

عبدالمالك
01-07-2004, 12:47 PM
ذكر العلاّمة المحقق السلفي ابن القيم رحمه الله في كتابه القيّم ( مفتاح دار السعادة )


الناس ثلاثة : عالم رباني ، ومتعلم ، وهمج رعاع وقوله : الناس ثلاثة : فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل النجاة ، وهمج رعاع ، هذا تقسيم خاص بالناس ، وهو الواقع ، فإن العبد إما أن يكون قد حصل كماله من العلم والعمل ، أو لا ، فالأول : العالم الرباني ، والثاني : إما أن تكون نفسه متحركة في طلب ذلك الكمال ساعية في إدراكه ، أو لا ، والثاني : هو المتعلم على سبيل النجاة . الثالث : وهو الهمج الرعاع ، فالأول هو الواصل ، والثاني هو الطالب ، والثالث هو المحروم .
القسم الثالث : الهمج الرعاع وهم الجهلة والحمقى المحروم المعرض ، فلا عالم ، ولا متعلم ، بل همج رعاع ، والهمج من الناس حمقاؤهم وجهلتهم ، وأصله من الهمج ، جمع همجة ، وهو ذباب صغير كالبعوض ، يسقط على وجوه الغنم والدواب وأعينها ، فشبه همج الناس به . والهمج أيضا مصدر . قال الراجز :
قد هلكت جارتنا من الهمج وإن تجع تأكل عتودا أو ثلج
والهمج هنا مصدر ، ومعناه : سوء التدبير في أمر المعيشة . وقولهم : همج هامج ، مثل : ليل لايل . والرعاع من الناس : الحمقى الذين لا يعتد بهم . وقوله : أتباع كل ناعق ، أي من صاح بهم ودعاهم تبعوه ، سواء دعاهم إلى هدى أو إلى ضلال ، فإنهم لا علم لهم بالذي يدعون إليه ، أحق هو أم باطل ، فهم مستجيبون لدعوته ، وهؤلاء من أضر الخلق على الأديان ، فإنهم الأكثرون عدداً ، الأقلون عند الله قدراً ، وهم حطب كل فتنة ، بهم توقد ، ويشب ضرامها ، فإنها يهتز لها أولو الدين ، ويتولاها الهمج الرعاع ، وسمي داعيهم ناعقاً تشبيهاً لهم بالأنعام التي ينعق بها الراعي ، فتذهب معه أين ذهب . قال تعالى : ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون . وهذا الذي وصفهم به أمير المؤمنين ، هو من عدم علمهم وظلمة قلوبهم ، فليس لهم نور ولا بصيرة يفرقون بها بين الحق والباطل ، بل الكل عندهم سواء . وقوله رضي الله عنه : يميلون مع كل ريح ، وفي رواية : مع كل صائح ، شبه عقولهم الضعيفة بالغصن الضعيف ، وشبه الأهوية والآراء بالرياح ، والغصن يميل مع الريح حيث مالت ، وعقول هؤلاء تميل مع كل هوى وكل داع ، ولو كانت عقولاً كاملة ، كانت كالشجرة الكبيرة التي لا تتلاعب بها الرياح . وهذا بخلاف المثل الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالخامة من الزرع ، تفيئه الريح مرة وتقيمه أخرى ، والمنافق كشجرة الأرز التي لا تقطع حتى تستحصد ، فإن هذا المثل ضرب للمؤمن ، وما يلقاه من عواصف البلاء والأوجاع والأوجال وغيرها ، فلا يزال بين عافية وبلاء ومحنة ومنحة وصحة وسقم وأمن وخوف وغير ذلك ، فيقع مرة ، ويقوم أخرى ، ويميل تارة ، ويعتدل أخرى ، فيكفر عنه بالبلاء ، ويمحص به ، ويخلص من كدره . والكافر كله خبث ، ولا يصلح إلا للوقود ، فليس في إصابته في الدنيا بأنواع البلاء من الحكمة والرحمة ما في إصابة المؤمن ، فهذه حال المؤمن في الابتلاء . وأما مع الأهواء ودعاة الفتن والضلال والبدع فكما قيل : تزول الجبال الراسيات وقلبه على العهد لا يلوي ولا يتغير وقوله رضي الله عنه : لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق بين السبب الذي جعلهم بتلك المثابة ، وهو أنه لم يحصل لهم من العلم نور يفرقون به بين الحق والباطل . كما قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به . وقال تعالى : أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها . وقال تعالى : يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور . وقوله : ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا . فإذا عدم القلب هذا النور ، صار بمنزلة الحيران الذي لا يدري أين يذهب ، فهو لحيرته وجهله بطريق مقصوده يؤم كل صوت يسمعه ، ولم يسكن قلوبهم من العلم ما تمتنع به من دعاة الباطل ، فإن الحق متى استقر في القلب قوي به ، وامتنع مما يضره ، ويهلكه . ولهذا سمي الله الحجة العلمية سلطاناً ، وقد تقدم ذلك ، فالعبد يؤتى من ظلمة بصيرته ، ومن ضعف قلبه ، فإذا استقر فيه العلم النافع ، استنارت بصيرته ، وقوي قلبه . وهذان الأصلان هما قطب السعادة ، أعني العلم والقوة ، وقد وصف بهما سبحانه المعلم الأول جبريل ، صلوات الله وسلامه عليه ، فقال : إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى . وقال تعالى في سورة التكوير : إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين فوصفه بالعلم والقوة ، وفيه معنى أحسن من هذا ، وهو الأشبه بمراد علي رضي الله عنه ، وهو أن هؤلاء ليسوا من أهل البصائر ، الذين استضاؤوا بنور العلم ، ولا لجؤوا إلى عالم مستبصر ، فقلدوه ، ولا متبعين لمستبصر ، فإن الرجل إما أن يكون بصيراً ، أو أعمى متمسكاً ببصير يقوده ، أو أعمى يسير بلا قائد . انتهى كلامه

الكاسر
01-07-2004, 05:41 PM
جزاك الله خير على مثل هذه المواضيع الطيبه

12d8c7a34f47c2e9d3==